انشغلت الأوساط السياسية والشعبية في الكويت، الأسبوع الماضي، على مدى 24 ساعة، باستقالة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد الجابر من جميع مناصبه، اثر خلاف نشب في جلسة مجلس الوزراء على السياسة الخارجية مع الدول التي ساندت العراق أثناء غزوه واحتلاله للبلاد، وبالتحديد العلاقات الكويتية - الأردنية. وكان الخلاف قد بدأ في جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية 16 الشهر الجاري عندما انتقد ولي العهد رئيس الحكومة الشيخ سعد العبدالله الصباح قرار وزير المواصلات والكهرباء والماء جاسم العون بإعادة الاتصالات الهاتفية والبريدية المباشرة مع الأردن، والذي تم بناءً على توصيات من وزير الخارجية، الأمر الذي اعتبره الشيخ صباح الأحمد بمثابة انتقاد مباشر له، فغادر الاجتماع على الفور وقدم استقالته الى الشيخ جابر الأحمد وأرسل نسخة منها لرئيس الحكومة. وعلى رغم عدول الشيخ صباح عن استقالته بعد لقائه أمير البلاد، والمساعي التي بذلت من أطراف حكومية وبرلمانية لاحتواء الأزمة فإن اختلاف وجهات النظر في شأن السياسة الخارجية مع "دول الضد" لم يطوق، وما زال هناك تياران في الحكومة أحدهما يؤيد تطبيع العلاقات مع "دول الضد" التي أدانت لاحقاً العدوان العراقي، في سبيل خدمة المصالح الكويتية في ظل المتغيرات الأخيرة في المنطقة وزيادة عزلة النظام العراقي وهو التيار الذي يمثله الشيخ صباح الأحمد، فيما يرى التيار الآخر ان الكويت لا زالت غير مهيئة لهذا التوجه شعبياً، اضافة الى ان تلك الدول لم تعلن مواقف صريحة من ادانتها الغزو العراقي ولم تؤيد بشكل كامل تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بحرب تحرير الكويت، وهو ما أكده الشيخ سعد العبدالله في مناسبات عدة. وكانت السياسة الرسمية الكويتية تجاه الأردن شهدت تحولات ايجابية العام الحالي اهمها لقاء الشيخ صباح الأحمد على هامش اجتماع وزراء خارجية الجامعة العربية في ايلول سبتمبر الماضي وزير الخارجية الأردني عبدالكريم الكباريتي ومشاركة وفد كويتي رسمي في قمة عمان الاقتصادية، والتي توقع مراقبون سياسيون في أعقابها ان تتسارع خطى التطبيع بين البلدين. وحال دون ذلك تباين وجهات النظر في مجلس الوزراء دون اتخاذ اية اجراءات في شأنها بسبب معارضة هذا التوجه، على رغم مناقشته في المجلس. وتشير شخصيات برلمانية واعلامية الى ان الخلاف الذي نشب بين قطبين من أقطاب صنع القرار السياسي الكويتي سيؤدي الى سرعة حسم موضوع العلاقات الكويتية مع دول الضد، خصوصاً مع الأردن من الفترة المقبلة، وتطويق أوجه الخلاف، خصوصاً وان الخلافات العلنية داخل الأسرة الحاكمة هي أمر غير مسبوق في الكويت.