في الوقت الذي توقعت المجموعة الالمانية "دويتش ايروسبيس داسا" انتعاشاً في اسواق الطيران ابتداء من عام 1996، بدأت شركات الطيران الأوروبية تدرس بقلق الانعكاسات السلبية لرفع الحواجز القانونية المتعلقة بحصص الطيران الذي سيطبق في الأول من نيسان ابريل 1997، خصوصاً لجهة المنافسة وخطورة تعريض بعض الشركات للافلاس. وجاءت توقعات المجموعة الالمانية، في ظل مؤشرات عدة تبشر بانتهاء فترة الركود في اسواق الطيران الدولية. وأشارت المجموعة الى ان متوسط النمو السنوي في حركة السفر في الطائرات النفاثة التي تتسع لاكثر من 70 مسافراً سيكون على الأرجح 4.7 في المئة في العالم، اي 3.2 في المئة في شمال اميركا و4.1 في المئة في اوروبا و6.3 في المئة في آسيا. وستصل الطلبات الموضوعة على هذه الطائرات بما في ذلك الطلبات التي تتناول احلال الجديد محل القديم الى 11300 طائرة، وتوقعت المجموعة الالمانية ان تحتفظ مجموعة "ايرباص الأوروبية"، التي تملك "داسا" فيها 37.9 في المئة من الأسهم، بحصتها من الأسواق العالمية التي تزيد قليلاً على 30 في المئة، وذلك في ما تبقى من العقد الجاري. اما الاتحاد الاوروبي لصناعات "ايرباص" فأشار الى أن دول الشرق الأوسط والصين ستحتاج الى 1875 طائرة من الآن وحتى العام 2014، وذلك لتلبية متطلبات السفر المتزايدة، وتبلغ حصة الشرق الأوسط منها 600 طائرة موزعة بين 200 طائرة لبلدان الخليج وعدد مماثل لايران والعراق ولبنان وسورية والأردن، ويبقى الثلث الأخير لدول شمال افريقيا. وكانت شركات الطيران البالغ عددها 230 شركة منضمة الى منظمة "اياتا" انتقلت الى الأرباح بعد خسائر في السنوات السابقة، بلغ حجمها 15.6 مليار دولار خلال الفترة 1990 - 1993. وتوقع بعض محللي صناعة الطيران ان تتضاعف أرباح الشركات خلال العام الحالي، خصوصاً ان النصف الأول من العام سجل زيادة في عدد المسافرين بلغت 7 في المئة ونمواً في حركة الشحن الجوي بنسبة 13 في المئة. فتح الأجواء هل تستطيع الشركات الأوروبية الافادة من انتعاش أسواق الطيران؟ وما هي حصتها؟ تتوقع "اياتا" ان تكون الزيادة في عدد الركاب في القارة الأوروبية بحدود 5.6 في المئة سنوياً، وهي أفضل من الولاياتالمتحدة 4.7 في المئة، وأقل بكثير من جنوب شرق آسيا 9.3 في المئة. لكن يبدو ان شركات الطيران الأوروبية التي تعاني حالياً من منافسة شديدة قد لا تستفيد بالقدر الذي يحقق طموحاتها من الأرباح، بل على العكس قد تتعرض الى ضغوطات تؤدي الى خسائر كبيرة بعد تطبيق اجراء رفع جميع الحواجز القانونية، بحيث تستطيع أي شركة خدمة أي مدينة أوروبية، مع وضع السعر الذي تراه مناسباً لهذه الخدمة. ويقدر أحد التقارير عدد الشركات التي دخلت السوق بغرض المنافسة وخرجت منها خاسرة مئات الملايين من الدولارات، بأكثر من 100 شركة، بينما كان عدد الشركات الجديدة التي دخلت السوق ونجحت قليلاً جداً. وتمثلت المتغيرات ايضاً في أن بعض الشركات استطاعت التكيف مع أوضاع السوق الجديدة وتوسعت بصورة كبيرة لتملأ الفراغ الذي تركته الشركات المنسحبة، مثل "أميركان اير لاينز" و"دلتا" و"ينايتد". كذلك شهدت تلك المرحلة اتحاد الكثير من الشركات في محاولة لتكوين جبهات أقوى في مواجهة المنافسة الشديدة من الشركات الجديدة. مشاكل مالية ويزداد قلق الشركات الأوروبية من نتائج "المنافسة المفتوحة" كون بعضها يعاني من مشاكل مالية كبيرة على رغم حصولها على الدعم الحكومي. مثال على ذلك شركة الخطوط الفرنسية التي تجاوزت خسائرها في العام الماضي 700 مليون دولار، ولكن بفضل الدعم الحكومي استطاعت خفض ديونها من 33 إلى 27 مليار فرنك 5.5 مليار دولار. وتحاول الخطوط الجوية البريطانية بريتيش ايرويز ان تظل متقدمة على منافسيها. وعقد كبار المسؤولين فيها مؤتمراً صحافياً قبل أيام في لندن عرضوا فيه الخدمات الجديدة التي ستقدمها الشركة، وتقدر كلفتها بحوالي 500 مليون جنيه استرليني. ومن بين هذه الخدمات تغيير مفهوم الدرجة الأولى عن طريق احلال المقصورات المستقلة محل المقاعد التقليدية بشكل يسمح للمسافر باستقبال زائر. وفي الليل يستطيع المسافر ان يخلد الى النوم على مقعده الذي يستطيع تحويله الكترونياً الى فراش طوله 198 سنتم. وقال المدير العام لبريتيش ايرويز ل "الوسط" ان الشركة تدرس سبل تحسين خدماتها وتطويرها في الشرق الأوسط، لافتاً الى أن "بريتيش ايرويز" "تفضل العمل في أسواق حرة لا يحظى أي من المتنافسين فيها بدعم حكومي. لكن الشركة لا تخشى المنافسة في أسواق لا تتحقق فيها هذه الشروط". وفي الوقت الذي تتخوف فيه شركات الطيران من النتائج السلبية لالغاء حصص الطيران في أوروبا وما تؤدي اليه من مشاكل مالية وافلاسات، يستعد عدد كبير من المستثمرين لانشاء شركات طيران صغيرة تدخل السوق في منافسة شديدة، الأمر الذي يشكل تهديداً حقيقياً لبقاء الشركات الكبيرة العاملة نظراً الى الفارق الكبير في التكلفة التشغيلية بينها، سواء كان في الأجواء ام في الطائرات أم في مستوى الخدمات. لذلك يتوقع المراقبون ان تواجه شركات الطيران الأوروبية صعوبات في أواخر التسعينات أقوى من الصعوبات التي واجهتها الشركات الأميركية في السبعينات.