عززت مطالبة الحكومة الايطالية للعديد من شركات الطيران الاوروبية بزيادة اسعار السفر على طائراتها لتتناسب مع اسعار الخطوط الجوية الايطالية "اليتاليا" التوقعات بتصاعد الحرب الخفية بين شركات الطيران الاوروبية فى ضوء المنافسة التى دفعت غالبية الشركات الى تخفيض اسعارها لتعزيز تواجدها فى ذلك القطاع. ويرى محللون اقتصاديون اوروبيون ان الخطوة تستهدف تدعيم الارضية التى تقف عليها "أليتاليا" فى مواجهة المنافسة من جانب شركات الطيران الاوروبية حيث تخشى الحكومة الايطالية تفاقم خسائر شركتها الوطنية وانزلاقها الى هوة الافلاس بسبب عدم قدرتها على مواجهة المنافسة بالسوق الدولية. واشار المحلل كيفين دون الى ان الدعم الحكومى للشركة الايطالية "تعتزم الحكومة الايطالية تقديم قرض طاريء لاليطاليا يقدر بنحو 400 مليون يورو" سوف يعزز من قدرة أليطاليا على منافسة الشركات الاوروبية الاخرى ولاسيما الشركات التى تقدم عروضا مخفضة للاسعار. وأوضح ان مطالبة الحكومة الايطالية لشركات الطيران الاوروبية لاسيما بريتش ايروايز ولوفتهانزا بالاحجام عن تخفيض اسعارها أثار غضب تلك الشركات التى تسعى الى جذب المسافر الاوروبى عن طريق تقديم المزيد من الخدمات على متن طائراتها بأسعار مناسبة. ودعت بريتش ايروايز الحكومة الايطالية الى تعليق اجرائها بشأن مطالبة الشركات الاوروبية برفع اسعار تذاكر الطيران حتى يتسنى للمفوضية الاوروبية النظر فى مدى قانونية ذلك الاجراء. وتخشى بريتش ايروايز تبنى العديد من الدول الاعضاء بالاتحاد الاوروبى للاجراء الايطالى لان ذلك سوف يتسبب فى مزيد من الخسائر لاسيما فى رحلاتها الطويلة. وهددت الحكومة الايطالية فى التاسع والعشرين من يوليو الماضى بفرض المزيد من الاجراءات ضد الخطوط الجوية البريطانية حال عدم امتثالها للاجراء الايطالى خلال ثلاثة أيام وهو ما رفضته الشركة البريطانية. ويرى محللون اوروبيون ان الاجراءات التى تهدد روما بفرضها حال عدم امتثال بريتش ايروايز واليتاليا لطلبها المتعلق بالاحجام عن تقديم عروض مخفضة للمسافرين على طائراتها تتضمن غرامات مالية وتعطيل طائرات تلك الشركات للتدقيق فى التذاكر التى يحملها المسافرون على متنها. وترتكز الحكومة الايطالية فى تهديداتها ضد شركات الطيران الاوروبية التى تقدم عروضا مخفضة للمسافرين على بنود قديمة بالقانون الايطالى بينما ترى العديد من شركات الطيران الاوروبية ان المفوضية الاوروبية هى الجهة الوحيدة المخول لها اتخاذ اجراءات عقابية ضد أى طرف ترى انه يعوق المنافسة الحرة. ولم تقدم أية حكومة اوروبية على تطبيق الاجراء الذى تبنته الحكومة الايطالية منذ اقامة سوق الطيران الاوروبى الموحد الذى كان من المقرر تحريره كلية منذ سبع سنوات. وتصاعدت الحرب الخفية بين شركات الطيران الاوروبية فى اعقاب قرار المفوضية الاوروبية بفرض عقوبات مالية على شركة رياناير البلجيكية تصل الى خمسة مليارات دولار نتيجة التخفيضات التى حصلت عليها من مطار شارلروا البلجيكى. وتخشى شركات طيران ومطارات أوروبية عديدة من تداعيات قرار المفوضية الاوروبية لاسيما فى ضوء حرب الاسعار الحالية بين الشركات الصغيرة والكبيرة والتعريفة المخفضة فى بعض المطارات لاسيما البلجيكية والايرلندية. وقال محللون اقتصاديون اوروبيون ان العديد من شركات الطيران الاوروبية حققت معدلات مبيعات وارباحاً مرتفعة نتيجة تخفيض اسعار التذاكر وهو ما دفع الشركات الكبرى مثل بريتش ايروايز واير فرانس الى السير على نفس النهج لجذب المزيد من العملاء. واشار مايكل أوليرى المدير التنفيذى لشركة "رياناير" ان سياسة الشركة لا تستهدف حرق الاسعار بل تقديم خدمة متميزة بأرخص الاسعار موضحا ان عددا كبيرا من شركات الطيران العالمية تنتهج نفس السياسة للتغلب على الركود فى صناعة السفر والطيران. وأضاف: ان العديد من الشركات التى تبيع تذاكر سفر مخفضة شرعت فى زيادة ميزانية تجديد اسطولها الجوى لتعزيز ارباحها ومواجهة المنافسة الشرسة من جانب الشركات الاخرى مشددا على ان شركته سوف تقاضى أى شركة تتعامل بالاسعار المدعمة بالمطارات الاوروبية. وتشكو شركات الطيران الاوروبية الكبرى من تداعيات الركود الحالى فى صناعة السفر والطيران وحرب الاسعار التى تقودها الشركات الصغيرة التى بدأت فى تطوير امكانياتها وتنويع خدماتها. وعلى سبيل المثال يبلغ سعر تذكرة الطائرة فى رحلة من لندن الى باريس على متن طائرة تابعة لشركة بريتيش ايروايز 119 دولارا بينما تبلغ قيمة التذكرة 62 دولارا بشركة "ايزى جت" البلجيكية. وانخفض سعر التذكرة على رحلة دبلن - لندن بشركة رايناير الى 13 دولارا فقط بعد الخطوة التى اتخذتها شركة "اير لينجوس" بتخفيض سعر تذكرة الرحلة الى 50.14 دولار. وتشير الاحصائيات الى ان شركة "رايناير"خفضت اسعار تذاكر رحلاتها بنحو 11 بالمائة فى الربع الاخير من العام الماضى بينما قلصت شركة "ايزى جت" اسعار رحلاتها طيلة عام 2003 بنحو 7,6بالمائة. وقال مايكل أوليرى المدير التنفيذى لشركة رايناير: ان شركته تحقق ارباحا من خلال خفض التذاكر مشيرا الى ان الخدمة الافضل لا ترتبط بالضرورة بالتذكرة المرتفعة الثمن. وترى شركات طيران اوروبية ان سياسة خفض التذاكر ليست قاصرة على أوروبا فقط بل امتدت الى شركات اميركية حيث اثبتت نجاحها. فعلى سبيل المثال تغلبت شركة ثاوث ويست الاميركية على متاعبها المالية والمنافسة الشرسة من جانب شركات الطيران العاملة على خطوط كاليفورنيا عن طريق خفض اسعار التذاكر خلال عقد التسعينيات. وتتزايد معدلات خفض تعريفة تذاكر الطائرات على الخطوط التى تشهد منافسة قوية لجذب العملاء. وقد ابتكرت شركات الطيران الكبرى العديد من المزايا لجذب العملاء.. فشركة بريتيش ايروايز قدمت خدمات حجز التذاكر عن طريق الانترنت وزادت من معدل الرفاهية على الخطوط الطويلة، ويقول مسؤولون بشركة بريتيش ايروايز ان عددا كبيرا من الاوروبيين يفضل الشركات التقليدية الكبرى فى اوروبا ويقاوم اغراءات الشركات الاخرى التى تقدم تذاكر مخفضة. وأوضح كريس تارى خبير الطيران البريطانى ان عددا كبيرا من المسافرين الاوروبيين لا يبالى بالتخفيضات البسيطة التى تقدمها بعض شركات الطيران مقابل حصولهم على خدمة متميزة. واشار الى ان معدلات الحجز على طائرات الشركات الاوروبية التى تمنح تذاكر مخفضة كريانار انخفضت من 76بالمائة الى 71بالمائة فى الربع الاخير من العام الماضى. ويتوقع خبراء طيران اوروبيون تزايد حرب الاسعار بين شركات الطيران الاوروبية خلال الاعوام المقبلة نتيجة اتجاه الشركات التى تقدم تخفيضات فى الاسعار الى تطوير وتدعيم اسطولها الجوى. وذكرت شركة رياناير عزمها شراء 250 طائرة من طراز بوينج 737 بينما وقعت شركة ايزى جت عقدا لشراء 240 طائرة من طراز "ايرباص ايه 319". وتستهدف خطط التطوير بشركتى رياناير وايزى جت زيادة الطاقة الاستيعابية بنحو 20بالمائة وتدعيم رحلاتها بالسوق الالمانى - الذى يعتبر الاكبر بدول منطقة اليورو.