لعل أطرف ما في مشروع "التلفزيون الفلسطيني" الذي بدأ البث "التجريبي" منذ أول تموز يوليو الماضي، هو أن تأسيسه سبق ولادة الدولة الفلسطينية نفسها. وسبب ذلك يعود طبعاً الى الدور الحاسم الذي يلعبه التلفزيون في تمتين الأسس الاجتماعية والثقافية والاعلامية للدولة الناشئة، اذ لا دولة اليوم - ولا مجتمع ربّما - من دون تلفزيون! لعل هذا ما يقصده رئيس الاذاعة والتلفزيون الفلسطينيين رضوان أبو عياش، حين يقول "إن الفلسطينيين يريدون وضع صورة ناصعة جميلة لوليد جديد مبتدئ ينضم الى اخوته الكبار في العالم العربي". وأكد أبو عياش في حديث سريع الى مراسل "الوسط" الثقافي خلال زيارة الى القاهرة، أن "الاذاعة والتلفزيون انطلقا من الصفر مادياً، مستندين الى أسس ثقافية متينة ومنطلقين من زاد حضاري عريق. فحين انطلق "صوت فلسطين" من العواصم العربية التي فتحت لنا أبوابها، لم تكن لدينا أية موارد مادية". اليوم بدأ العمل في أستوديوهات صغيرة في أريحا وغزّة، تحولت الى خلايا تعج بالحركة والنشاط، وكان الاسرائيليون استولوا عام 1967 على المعدات المتوفرة في رام الله. يقوم التلفزيون الفلسطيني حالياً على مجموعة من المساعدات الشخصية والحكومية: "نعمل بمجموعة من الكاميرات التي جاءتنا هبات شخصية من مواطنين أفراد، كما نملك سيارة متنقلة جاءتنا هدية من الحكومة الفرنسية، وأستوديو من تجهيز ألماني... وكوادرنا تتدرب في الاردن ومصر". أما "اذاعة فلسطين" فتربطها اتفاقية تعاون مع "إذاعة مونتي كارلو" الفرنسية المسموعة على صعيد واسع في الاراضي المحتلة. وعن المشاكل التي تواجه التلفزيون الناشئ، شرح أبو عيّاش أن السلطات الاسرائيلية متمسكة بالموجات الاثيرية. "ورغم ذلك تمكن المفاوضون من تحرير عدد من الموجات، ومن المتوقع أن يصل البث قريباً الى كل فلسطين، ومصر، والاردن، وأجزاء من لبنان وسوريا". ووجه أبو عيّاش، النقيب السابق للصحافيين الفلسطينيين، الى الدول العربية نداء "لتقديم مساعدات مالية عاجلة". أما بالنسبة الى التوجه العام للتلفزيون الفلسطيني، فيؤكد رئيسه أنه قائم على "الانفتاح واحترام التعددية، وعدم الانحياز غير المشروط الى السلطة". كما علل رفض الاعتماد على الاعلانات كوسيلة للتمويل، بحرص المسؤولين على عدم تحويل التلفزيون الوطني الى محطة تجارية.