مساء الثاني عشر من هذا الشهر، يفتتح مهرجان كان السينمائي السابع والأربعون برنامجه بعرض فيلم أميركي من اخراج الأخوين كوين، ينتظره هواة السينما بفارغ الصبر منذ زمن طويل. غير ان هذا الافتتاح الأميركي يجب ألا يخدعنا... لأن مهرجان هذا العام، وعلى الأقل في تظاهرته الأساسية المسابقة لا يقام تحت شعار الفخامة الأميركية، بل تحت شعار سينما المؤلف ويركز على العديد من بلدان الشرق الآسيوي، ويعيد الى الواجهة شقيقين روسيين، كما يفتتح بشقيقين اميركيين، ويجازف بأن يوقع متفرجيه تحت سحر الفرنسية ايزابيل آدجاني أو الصينية غونغ لي، كما يعيد الى الضحك في السينما بعض اعتباره. هنا اطلالة أولية على أفلام المهرجان الرئيسية. عندما سأل الصحافيون ايزابيل آدجاني، في الحفلة الختامية لمهرجان كان الفائت، عن المسرح البادي عليها مع ان فيلمها المعروض "قضية سامة" لم يعجب احداً، بل اعتبر سقطة من سقطات هذه الفنانة التي اعتادت ان تختار ادوارها بعناية يجعلها لا تمثل الا في فيلم واحد كل عامين أو ثلاثة. ردت عليهم قائلة: "أولاً لست متفقة معكم، تماماً، بأن الفيلم لم يعجب أحداً، وثانياً أحضر نفسيتي لكان المقبل، حيث أتوقع أن تكون مشاركتي فيه أساسية وعلى مستوى توقعاتكم مني". بالنسبة الى النقطة الأولى لم تكن ايزابيل محقة، فحتى الجمهور الذي يتبعها عادة دون قيد او شرط استنكف عن حضور "قضية سامة" أما بالنسبة الى النقطة الثانية فما تقوله صحيح. هذا العام تشارك ايزابيل، كواحدة من أقطاب المهرجان، بفيلم ينتظره الكثيرون بشغف ويرى متابعوه أنه سيعيد الى اذهان الناس الدور الرائع الذي لعبته ايزابيل في "كاميل كلوديل"، بل ولربما سيضعها على مستوى واحد مع... غريتا غاربو في "الملكة كريستين". فيلم ايزابيل ادجاني الذي سيعرضه مهرجان كان الذي يبدأ اعماله بعد أيام قليلة هو "الملكة مارغو" المقتبس عن رواية شهيرة لألكسندر دوما، تتحدث عن حياة وبدايات مرغريت دي فالوا، الملكة التي وصلت الحكم شابة وكان عليها ان تجابه عداء الآخرين لها كإمرأة، وعداءهم لبعضهم في خضم الحروب الدينية التي عاشتها فرنسا، وأوروبا في ذلك الحين. الفيلم من اخراج باتريس شيرو، الذي مثل في السابق دور نابوليون في فيلم يوسف شاهين "وداعاً بونابرت"، وهو معروف كمخرج مسرحي شكسبيري النزعة، وبأنه محب للكمال في عمله، ومن هنا يتوقع الكثيرون ان يكون "الملكة مارغو" أحد الأفلام التي ستحدث اكبر قدر من الضجة في كان السابع والأربعين. مهما يكن، من الواضح ان السينما الفرنسية تراهن على هذا الفيلم، مع انه لا يمثل الحضور الفرنسي الوحيد في المسابقة. ففي الأفلام التي اختارتها لجنة جيل جاكوب لخوض المباراة "الكانية" السنوية، ثمة ثلاثة أفلام تمثل فرنسا رسمياً هي "الملكة مارغو"، و"تعب كبير" لميشال بلان، و"الوطنيون" لإريك روشا. غير ان فرنسا تتمثل كذلك، بشكل اكثر جزئية، عبر تسعة أفلام في المسابقة، ما يجعل مجموع الأفلام التي تحمل اسم فرنسا بشكل أو بآخر، يمثل اكثر من نصف الپ23 فيلماً التي تخوض المسابقة الرسمية. الأفلام التسعة الأخرى هي انتاجات مشتركة، مع العديد من دول استفادت من سياسة الدعم الفرنسي التي ازدادت وتيرتها خلال الأعوام الاخيرة. وعلى هذا النحو نجد فرنسا في الروسي نيكيتا ميخالكوف "بقدر ما تحرقنا الشمس"، وفي فيلم شقيقه أندريه كونتشادوفسكي "آسيا، أو الدجاجة ذات البيض الذهبي"، والإيطالي ناني مورتي "مذكرات حميمة"، والكامبودجي ريتي بانه "أناس حقل الرز"، والروماني لوشيان بنتيلييه "صيف لا ينسى"، والمكسيكي آرتورو ريبشتاين "ملكة الليل"، والايطالي جيوزيبي تورناتوري "مجرد شكليات"، والبلجيكي شارلي فان دام "عازف البيانو"، رغم ان كل هذه الأفلام ستحمل اسم أوطان مخرجيها بالطبع. البراءة ضد الشر مرة اخرى هنا، اذاً، يأتي مهرجان كان لجعل المخرج نجم الفيلم من دون منازع، وما اختيارات افلام المسابقة سوى اشارة الى هذا: نحن هنا في ازاء مؤلفين حقيقيين، من ذلك الصنف الذي يطبع السينما المعاصرة ويعيد الى الواجهة دور المخرج/ المؤلف، حتى ولو كانت موازنة الفيلم تتجاوز الثلاثين مليون دولار كما هو حال فيلم الافتتاح "توكيل هادساكر" للمخرجين الأميركيين الاخوين جويل وناتان كوين. في هذا الفيلم الذي ينتظره الكثيرون منذ شهور طويلة ليروا فيه، ضمن أي اتجاه سار تطور هذين الشقيقين الفنانين، منذ انتصارهما الساحق في مهرجان كان 1990، بفيلمهما الرابع "بارتون فنك". هذه المرة اختار الشقيقان، اسلوباً هوليوودياً: فاستعانا بممثلين كبار مثل بول نيومان وتيم/ روبنز وجينفر جايسون لي، ولجآ الى اسلوب الديكورات الضخمة ليقدما حكاية تتراوح بين اجواء "بلاد رانر" المستقبلية، وعوامل فرانك كابرا، حيث الموضوع الذي يكشف عن قدرة البراءة على الانتصار على الشر بفضل الشجاعة، وتدخل المرأة الصحافية في هذا الفيلم يلعب بول نيومان دور الثري الصناعي ماسبرغر، الذي يحتال على متدرب بسيط يعمل في مصنعه، ويعينه مديراً عاماً كي يتلاعب به كما يشاء، لكن تدخل الصحافية جينفر متنكرة في زي عاملة ينقذ العامل البريء من براثن الثري المحتال. هذا الموضوع الذي يبدو على هذا النحو بدائياً ينتمي الى سينما "الارادة الطيبة" التي اكثر الاميركيون كابرا وغيره صنعها ايام حكم الرئيس روزفلت، يغلفه الأخوان كوين بطابع كوميدي وبديكورات تبدو وكأنها مستقاة من روايات كافكا. ويعتقد الكثيرون ان لجنة كان احسنت صنعاً باختيار الفيلم للافتتاح، بعد أن كان "الملكة مارغو" مرشحاً لذلك. واللافت هذا العام غياب الاوستراليين والانكليز. ففي المسابقة ليس هناك سوى فيلم واحد لمخرج انكليزي مايك فيجيس لكنه يعرض باسم اميركا، وعنوانه "النسخة المسمرة". اما كندا فتحضر عبر فيلم للأرمني الأصل آتوم ايغويان عنوانه "اكزوتيكا". من هنا فان تمثيل السينما الانغلوساكسونية يبقى محصوراً بالأميركيين الذين يفتتحون المهرجان بفيلم الاخوين كوين ويختمونه بفيلم خارج المسابقة لجون واترز عنوانه "أم المسلسلات"، ويحضرون كذلك عبر أفلام اخرى عدة في المسابقة: "السيدة باركر والحلقة الجهنمية" لألن رودولف، من انتاج روبرت آلتمان رودولف الذي تدين له السينما الأميركية ببعض الأفلام الطليعية المتميزة مثل "أهلاً بكم في لوس انجليس" و"تذكر اسمي"، يأتي هنا تحت رعاية عرابه آلتمان، بعد غياب طويل و"حكاية طرية" لكوينتن تارانتينو سبق له أن أثار اعجاب جمهور كان بپ"خزان الكلاب" قبل عامين. الى هذا سيحضر الأميركيون بوفرة، خارج المسابقة ايضاً بالطبع، حيث من المتوقع ان تأتي كبريات الشركات لتعرض برامجها المقبلة، وأجزاء من بعض آخر انتاجاتها، ما يهدد بأن يجعل للمهرجان كما هي العادة في السنوات الاخيرة وجهين: وجه الفن في المسابقة وفي العديد من التظاهرات الجانبية، ووجه التجارة والفخامة الأميركية في الشارع وعلى واجهات الفنادق. هذا الوجود الأميركي هو "ملح المائدة" الذي لا مهرب منه، حسب تعبير جيل جاكوب الدائم. ولكن لئن كانت السينما الأميركية الضخمة تمعن حضوراً، فان السينمات الأكثر فقراً بكثير، ستكون صاحبة الصدارة ايضاً. آلام وأفلام من بلاد الفقراء لا نعني بهذا، طبعاً الافلام الفرنسية الاخرى، مثل "تعب كبير" وهو الفيلم الثاني الذي يحققه الممثل الهزلي ميشال بلان بعد "مشي في الظل" 1984، ويقوم فيه بنفسه بدوره الخاص الممثل ميشال بلان وقد قبضت عليه الشرطة بتهمة الاحتيال والتحرش بالسيدات، فتسرع لإنقاذه الممثلة كارول بوكيه تلعب دورها كارول بوكيه، وتفتري عليه جوزيان بالاسكو تلعب دورها جوزيان بالاسكو… بالطبع. من المؤكد ان فيلم ميشال بلان لا يدّخر مفاجآت كثيرة، ومن المتوقع له ان يمر مرور الكرام، لكن دوره يكمن في كونه يحدّد توجهاً جديداً لكان هذا العام: التوجه نحو الضحك، اذ ان معظم افلام المسابقة هذا العام هزلية. فهل يزداد ضحك السينما كلما ازداد بؤس العالم وآلامه؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه المفكر برنار هنري ليفي في الفيلم التسجيلي الذي حققه عن مأساة البوسنة، ويشارك به في مسابقة "نظرة ما". ولكن تطرحه ايضاً تلك الافلام الآتية من بلاد لم تعتد عليها احتفالات كان الصاخبة في الماضي، حتى وان اعتادت على الحضور في التظاهرات الموازية. ففي مسابقة هذا العام، لدينا ايران ممثلة بالمخرج الكبير عباس كياروستامي، الذي يعرض فيلمه الجديد "عبر اشجار الزيتون" وفيه حكاية البائس حسين الذي يريد الزواج من حبيبته فرخونده، لكن اهلها يرفضون بحجة انه لا يملك بيتاً. في اليوم التالي تحدث هزّة أرضية تدمر كل البيوت. فيطلبها مرة اخرى بعد ان اصبح الجميع متساوين فيرفضون. وهنا يأتي فريق تصوير لتحقيق فيلم سابق لكياروستامي هو "الحياة تتواصل" فيجد حسين نفسه مع حبيبته فرخونده. قد يبدو موضوع الفيلم، من خلال هذه السطور بسيطاً، لكن واقعه مختلف، لأنه فيلم عن السينما وعن قوة الحلم، وعن سلطة الخيال. ومن المؤكد انه سيكون واحداً من احداث المهرجان. من المكسيك يأتي أحد كبار مخرجيها المعاصرين آرثورو ريبشتاين بفيلمه الجديد "ملكة الليل"، هو الذي سبق له ان نال قسطاً كبيراً من الاعجاب قبل اعوام عبر اقتباسه رواية كاتبنا المصري الكبير نجيب محفوظ "بداية ونهاية" في فيلم مكسيكي كشف عن موهبة مخرج كبير لم يكفّ عن اكتساب المزيد من المعجبين بين النقاد، كما بين افراد الجمهور منذ ذلك الحين. ومن الهند يأتي فيلم "سواهام" لمخرج لا يعرف عنه عالم السينما شيئاً كثيراً ويدعى شاجي كارون، لكن الذين رأوا الفيلم قالوا انه يذكّر ببعض عوالم ساتيا جيت راي. اما من روسيا فيأتي الشقيقان نيكيتا ميخالكوف واندريه كونتشالوفسكي، يأتيان معاً بعد ان افترقا طويلاً، ولكن يأتيان بالطبع عبر فيلمين مختلفين كلياً عن بعضهما البعض. فميخالكوف يسائل الروح البشرية من جديد، في فيلم يذكّر برائعته "مقطوعة غير مكتملة لبيانون ميكانيكي" تدور أحداثه هذه المرة في روسيا العام 1937 حين تكلف الاستخبارات ديمتري، المناضل السابق، بالقبض على غريمه، بطل الحرب الاهلية، الذى صار واحداً من أعيان الكولخوز وتزوج الخطيبة السابقة لديمتري. عملية القبض تجري خلال مأدبة ذات يوم ربيعي، واحداث الفيلم وعنوانه "بقدر ما تحرقنا الشمس" تدور خلال ساعات، تنكشف خلالها كل ضروب الخيانة والغدر والشفافية والبراءة: عالم تشيكوفي بالطبع هو عالم ميخالكوف، لكن الرمز يغلب عليه هذه المرة، حيث نشعر ان ميخالكوف يحدثنا عن روسيا، التي لا يكفّ محبّوها عن ذكرها. وجهة نظر ميخالكوف، في موقفه هذا، تنطلق من وقوفه الى جانب الجنرال روتسكوي والعمل معه، وتتناقض مع وجهة نظر اخيه كونتشالوفسكي، الذي عاش في الغرب طويلاً، ويفضل اليوم يلتسين على روتسكوي. غير ان هذا التفضيل لا يمنعه من ان يتساءل في فيلمه الجديد، الذي صوّره في روسيا بعد غياب طويل، وعنوانه "آسيا والدجاجة ذات البيض الذهبي"، عن روسيا وفحوى الديموقراطية واقتصاد السوق، صارخاً: "ما الذي حلّ في هذه البلاد يا ترى؟". ينطلق كونتشالوفسكي في فيلمه الجديد، من حيث أوصل في الماضي ابطال فيلمه القديم "سعادة آسيا" الفيلم الذي منعه بريجنيف طوال عشرين عاماً، وكان احد اسباب هجرة كونتشالوفسكي الى الغرب. لكن آسيا التي كانت فلاحة بائسة وجميلة في الفيلم القديم، تصبح هنا ثرية تتخاطفها العيون والأيدي. مجابهة العمالقة في فيلم ايطالي بانتاج بولوني/ فرنسي، يستكمل البولوني كريستوف كيسلوفسكي، ثلاثيته "3 ألوان"، وهكذا، بعد ان قدم "أزرق" الذي نال جائزة مهرجان البندقية الكبرى، وقدم "ابيض" الذي لم يلفت الانتباه كثيراً، يقدم اليوم "أحمر" من تمثيل ايرين جاكوب وجان - لوي ترنتنيان. كعادته لم يطلع كيسلوفسكي احداً على فيلمه الجديد بعد. لذلك يكتفي المتابعون بالتساؤل: هل سيأتي هذا الفيلم انقاذاً للثلاثية، أم سيدفنها كاشفاً عن أن "أزرق" كان استثناءً؟ ما الذي يبقى بعد هذا في المسابقة الرسمية؟ تبقى الافلام الايطالية الأربعة التي لن يبرز من بينها كما يبدو سوى فيلم "مجرد شكليات" ولكن بسبب ممثليه الرئيسيين. فقد اختار جيوزيبي تارناتوري لفيلمه الجديد، ان يكون عبارة عن مجابهة حادة، طوال ليلة، بين شريد يمثل دوره جيرار ديبارديو، وشرطي يمثل دوره المخرج رومان بولانسكي، الذي يعود هنا الى الشاشة كممثل بعد غياب دام منذ لعب الدور الرئيسي والوحيد في فيلمه الرائع "المستأجر" الذي قيض لهم ان يروا بعض ما صور من "مجرد شكليات" يقولون ان المجابهة فيه بين الفنانين الكبيرين رائعة، وان واحدهما سيكون مرشحاً جدياً لجائزة أفضل ممثل. من الطبيعي القول ان الوقت لا يزال ابكر بكثير من ايراد أية ترجيحات في هذا المجال. ولكن من المؤكد ان لجنة التحكيم التي يرأسها، هذه المرة، الكاوبوي الشهير كلينت ايستوود وتساعده في رئاستها كاترين دونوف، وتضم في عضويتها صحافية فرنسية م.ف. لوكلير ومخرجاً ايطالياً بوبي آفاتي، وكاتباً كوبياً غ.ك. انفانتي، وزميلاً له يابانياً ك. ايشيغيرو، الذي كتب بالانكليزية الرائعة التي اقتبس منها جيمس آيغوري فيلمه الأخير "ما تبقى من النهار" وممثلاً روسياً أ. كايدانوفسكي وموسيقياً ارجنتينياً ل. شيفرين وسينمائياً كورياً ومنتجاً فرنسياً، من المؤكد ان هذه اللجنة ستجد صعوبة كبيرة في الاختيار، أولا بسبب عدم تجانس اعضائها، ولكن ايضاً لأن ثمة هاهنا أعمالاً فنية حقيقية تنتمي الى مؤلفيها. ولكن في المقابل، من المؤكد ان هذه اللجنة سوف تقع تحت سحر ايزابيل ادجاني، اللهم إلا اذا غلب سحر هذه الاخيرة، سحر الصينية الرائعة والحسناء غونغ لي، التي تعود مرة اخرى الى كان، ولكن لئن حضرت في العام الفائت عبر دور صغير لعبته بين الممثلين الرئيسيين في "وداعاً يا خليلتي"، فإن بطلة "زوجات ومحظيات" و"كوفو... امرأة صينية" تحضر هذه المرة عبر البطولة المطلقة التي رسمها لها في فيلم "حياة" رفيق دربها المخرج جانغ ييمو، الذي لا تكف عن النجاح الى جانبه منذ سنوات طويلة. يقال ان أداءها في الفيلم الجديد المشارك بدوره في المسابقة رائع، ولكن يبقى السؤال: هل سيتمكن هذا الفيلم المتحدث، مرة اخرى، عن أربعين عاماً من تاريخ الصين عبر حكاية عائلة، من اكتساب اصوات لجنة التحكيم، وتحقيق المعجزة المتتابعة، معجزة هذه السينما الصينية التي ولدت عملاقة في السنوات الاخيرة، وبات بغير مقدور اي مهرجان ان يستغني عنها؟ السينما الصينية هذه المرة تحضر ايضاً بقوة، وفي المقابل تغيب السينما اليابانية. حتى في معظم التظاهرات الموازية. دمعة على الراحلين وكان يمكننا ان نقول هذا عن السينمات العربية، لولا حضور غير معلن - حتى كتابة هذه السطور - في عدد من التظاهرات الثانوية، ولكن خاصة في مسابقة "نظرة ما" حيث يأتي المخرج الجزائري المميز مرزاق علواش بفيلمه الجديد "باب الواد سيتي" ليتجابه مع أفلام عديدة آتية من شتى أنحاء العالم. هذه التظاهرة يفتتحها فيلم "حلم الفراشة" للايطالي ماركو يللوكيو، ويختتمها الفيلم الصيني "حكاية خنغهاو" لين لي، وفيها أفلام من فرنسا والبرتغال واوستراليا أخيراً! والولايات المتحدة وبولونيا وتشيلي الفلسطيني الأصل مغيل ليتين في "الغارقين" والبيرو وغينيا بيساو وسري لانكا والهند والنروج وتشيكوسلوفاكيا... جماهير كان سيكون عليهم اذاً، ان يتراكضوا بين الصالات مرة اخرى لاكتشاف فيلم من هنا، وآخر من هناك، وترجيح هذا الفيلم أو غيره للفوز. وفي خضم هذا كله سيمكنهم ان يشاركوا في ثلاثة تكريمات اساسية: تكريم المخرج الكبير الراحل فدريكو فلليني، الذي يحمل ملصق المهرجان واحدة من رسومه، وتكريم المخرج الراحل جان رينوار لمناسبة المئوية الأولى لولادته، واخيراً تكريم الممثل والمغني الراحل ايف مونتان، وخاصة عبر معرض، واستعادة لبعض افلامه، ثم عبر سهرة خاصة خارج المسابقة ولكن في التظاهرة الرسمية يعرض خلالها الفيلم الذي حققه عنه المخرج جان لابيب.