سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الوسط" سألت قيادات يمنية عن مصير عاصمة الجنوب . على ناصر محمد : خائف على عدن عبدالله الاحمر : الهدف حسم المعركة سالم صالح محمد : سقوطها ليس سهلاً محمد العطار : لن نقصفها
فيما كشف الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد في اتصال هاتفي مع "الوسط" ان الرئيس علي عبدالله صالح أكد له شخصياً تعهده "عدم قصف مدينة عدن لا سيما مرافق الكهرباء والمياه والمصفاة والمنشآت النفطية" دحض سالم صالح محمد الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي "تأكيدات" الرئيس اليمني وقال لپ"الوسط": "أمس في 17 الشهر الجاري سقط صاروخان اطلقتهما قوات علي عبدالله صالح من منطقة كرش في محافظة لحج باتجاه عدن، فأصابا مواقع مدنية في مدينة الشعب في ضواحي عدن". وكشف ان القوات الشمالية "لا تمتلك صواريخ أرض - أرض يزيد مداها عن 60 كلم ولو كانت تمتلك هذه النوعية من الصواريخ لكانت قصفت عدن وغير عدن. فالامتناع عن الرد على القصف بالمثل مرده عدم توافر الامكانات وليس غياب الرغبة في ذلك". وعلى رغم الاخبار المتضاربة الواردة من عدنوصنعاء، بدأ الرئيس علي عبدالله صالح يتعامل، منذ دخول المواجهة العسكرية اسبوعها الثاني، مع معركة الاقتراب الى عدن باعتبار انها معركة حاسمة لتعزيز شرعية سلطات الدولة في صنعاء، سياسياً وعسكرياً. ومنذ سقوط أول صاروخ سكود، أطلقته القوات الجنوبية على صنعاء في 12 ايار مايو الجاري، على منطقة مكتظة بالسكان وسقوط عدد من القتلى والجرحى، حرص عبدالله صالح على ان يحول التصعيد العسكري، الذي بادرت اليه القوات الجنوبية مستخدمة صواريخها من طراز أرض - أرض، لمصلحة المعركة التي تخوضها صنعاء على المستوى الشعبي. وعلى المستوى العسكري كانت القوات الشمالية احكمت سيطرتها على منطقة كرش في محافظة لحج، معلنة ان قطعات معززة بمختلف أنواع الأسلحة بدأت تتقدم باتجاه قاعدة العند العسكرية المهمة، التي تقع على مفترق طرق استراتيجية مؤدية الى عدن. والقاعدة العسكرية التي تبلغ قدرتها الاستيعابية حوالي 20 الف جندي، طولها 6 كلم وبعرض 5 كلم، تشكل أهم موقع دفاعي جنوبي متقدم باتجاه الشمال، على بعد 60 كلم شمال عدن، واهميتها في كونها أهم مركز استيعاب للقوات الملتحقة بالجيش الجنوبي في محافظة لحج، وهي تزودها بكوادر بشرية من ابناء هذه المحافظة والمناطق المحيطة بها. وسقوطها يعني خسارة عسكرية وسياسية كبرى للقوات الجنوبية. وتكشف البيانات العسكرية المتضاربة الصادرة عن الجيشين الشمالي والجنوبي، حول سقوط قاعدة العند من خلافه، اهمية المعركة السياسية والعسكرية الدائرة للسيطرة على عدن، وفي هذا الاطار قال رئيس الوزراء اليمني الجديد الدكتور محمد سعيد العطار، لپ"الوسط" هاتفياً من صنعاء: "أكد لنا الرئيس علي عبدالله صالح ضرورة الامتناع عن الرد بالمثل واستخدام الاسلحة الصاروخية والتدميرية الاخرى في المواجهات العسكرية. أما عدن فهي مدينة يمنية غالية على كل يمني ولن تقصفها قوات الشرعية ولن تستدرج الى مسلك أرعن اقدمت عليه الفئة المتمردة في الجنوب". ماذا لو سقطت عدن؟ رد الشيخ عبدالله الأحمر، رئيس مجلس النواب اليمني هاتفياً على سؤال ل "الوسط" بقوله: "المسألة ليست بهذه الصورة الدرامية. ليس هدف قوات الشرعية اخضاع عدن العزيزة على قلب كل يمني، انما الهدف إلقاء القبض على المجموعة المتمردة في الحزب الاشتراكي وتقديمها الى المحاكمة. ثم تحرير المدينة من قبضة المتمردين، كذلك اتاحة الفرصة للوحدويين في الحزب الاشتراكي كي يصححوا الأوضاع وينصرفوا الى بناء ما هدمته المواجهة العسكرية الاخيرة". ويعتقد الأحمر بأن "دخول قوات الشرعية عدن من شأنه حسم المعركة سياسياً وعسكرياً وتقصير معاناة اليمنيين جنوباً وشمالاً". ومع هذا يؤكد سالم صالح محمد "ان دخول عدن ليس بالقضية السهلة. وسقوط قاعدة العند لم يتأكد بعد. والاستيلاء على القاعدة يعني انتهاء القوات الشمالية من السيطرة على محور دفاعي اساسي من محاور الدفاع عن مدينة عدن. وسيطرة القوات الشمالية على العند تعني تصعيد الضغط العسكري والسياسي على عدن". وفي هذا الاطار قال سفير يمني في احد البلدان الآسيوية ل "الوسط" هاتفياً: "اذا سقطت قاعدة العند الاستراتيجية وتأكد ذلك، فقد تفكر القيادة الحزبية في عدن في مغادرة المدينة لتجنيبها عقاباً متوقعاً قد تقدم عليه القوات الشمالية، على رغم ان المواجهة العسكرية بين الجانبين ما زالت مقتصرة على الجيشين الشمالي والجنوبي. اما اذا دخلت القوات الشمالية عدن وقررت انزال القصاص بالسكان، خلافاً لما يعلن الرئيس اليمني في تعهداته، فعندها ستتحول المواجهة العسكرية بين الجيشين الى حرب أهلية اكيدة لا يعلم نهايتها سوى الله سبحانه وتعالى وفي هذه الظروف سينشطر اليمن الى اكثر من شطر". كيف تتعامل قيادة الحزب الاشتراكي في عدن مع هذه المعطيات؟ فهل تتخذ خطوة دراماتيكية مفاجئة تجنب المدينة معاناة قاسية؟ اسئلة بقيت من دون اجوبة لتعذر الاتصال الهاتفي بقيادة الاشتراكي في عدن. ومع هذا يعتقد سالم صالح محمد بأن "المسألة ليست في هذه البساطة، أنا نفسي لم استطع الاتصال بالاخوة في عدن، ولا استطيع قول أي شيء عن أي قرار قد تتخذه القيادة في عدن لتجنيب المدينة ما يمكن تجنبه من معاناة كي لا يؤخذ المواطنون بجريرة قياداتهم السياسية". وعن نتائج سقوط قاعدة العند على دفاعات عدن قال سالم صالح: "اذا سقطت قاعدة العند ومعلوماتي العسكرية تقول عكس ذلك، تصبح الطريق الى عدن اسرع وأكثر خطورة. نأمل ان تعالج الأمور بالحكمة والمنطق". وحسب آخر احصاء سكاني في جنوب اليمن عام 1986 يبلغ عدد سكان عدن قرابة 407 آلاف مواطن. وتمتد المدينة على مساحة 6990 كلم مربع. وتبلغ الكثافة السكانية 58.3 مواطنين في الكيلومتر المربع الواحد. وفي المدينة مصفاة نفطية مهمة. وعلى جبهة الوساطات اعلن وفد الجامعة العربية الذي زار صنعاء عن فشل الوساطة التي اقترحها. وقال ان الرئيس صالح يشترط أحد أمرين: إما مغادرة قيادة الاشتراكي مدينة عدن الى أي مكان تراه مناسباً، وإما تسليم نفسها الى السلطة في صنعاء. "خائف على عدن" مع هذا يحتفظ علي ناصر محمد بحد معين من التفاؤل اذ قال لپ"الوسط": "سمعت من مصدر مؤكد في وفد الجامعة الذي زار سورية ان الرئيس علي عبدالله صالح يرغب في ابقاء الباب مفتوحاً في وجه المساعي التي تقوم بها الجامعة. وانا لا أرى اي مخرج سوى عبر الحوار". وفي هذا السياق أبدى ناصر محمد استياءه الضمني من التصعيد العسكري وقال: "أنا نفسي طلبت من الوزير صالح أبو بكر بن حسينون الذي زارني الاسبوع الماضي بأن لا يستخدم الجيش الجنوبي اسلحة صاروخية. كذلك اتصلت بالاخوة في صنعاء وطلبت منهم الامتناع عن استخدام هذه الاسلحة التدميرية. لقد حدثت مواجهات عسكرية بين الشمال والجنوب عام 1972 و1979 ومع هذا كان الصراع يدور في مناطق محدودة، ولم يشمل مناطق آهلة بالسكان. أنا ضد استخدام الاسلحة التدميرية. انا خائف على عدن. ولا استطيع قول المزيد في ظل هذا الكم الكبير من التصريحات والبيانات المتناقضة الصادرة هنا وهناك. انا ضد التصعيد العسكري والسياسي". ودخلت معركة عدن السياسية منعطفاً مؤثراً مع الاعلان عن تشكيل مجلس اعلى للانقاذ الوطني في عدن، وفيما امتنع علي ناصر محمد عن التعليق على هذه الخطوة التي اقدمت عليها قيادة الحزب الاشتراكي قال سالم صالح ل "الوسط": "منذ بداية المواجهة العسكرية التي فرضت علينا والناس في مناطق الحزب الاشتراكي يطالبون بتحديد هوية الأطراف المتواجهة، اذ لا يكفي وصف القوات المتقاتلة بناء على اعتبارات مناطقية، فيقال قوات شمالية في مواجهة قوات جنوبية. وقبل يومين من اعلان مجلس الانقاذ الاعلى اعلن الحزب الاشتراكي بالاشتراك مع خمسة احزاب يمنية، ثلاثة منها شمالية، مبادرة جديدة لحل الأزمة تتضمن 12 نقطة، بينها وقف اطلاق النار، وتشكيل حكومة انقاذ وطني تقوم بتنفيذ "وثيقة العهد والاتفاق"، وتقديم المسؤولين عن المواجهة العسكرية الى المحاكمة. وبودي القول ان الاحزاب التي قدمت هذه المبادرة تمثل القوى الوطنية بموقفها الوطني المسؤول المستند الى "وثيقة العهد والاتفاق". ورفض الاخوة في الشمال هذه المبادرة، ما حمل الاخوة في عدن على تشكيل "مجلس الانقاذ الاعلى". وعما اذا كانت صنعاء تعاطت مع تشكيل هذا "المجلس" كخطوة تصعيدية من شأنها تعقيد الموقف وتعطيل مساعي الجامعة العربية والوساطات العربية الأخرى قال سالم صالح "لا اعرف ما إذا كان توقيت تشكيل هذا المجلس أضر بالهدف الوطني المشروع الذي رمى اليه. ربما كان من الافضل الاعلان عن هذا المجلس والمبادرة التي سبقته قبل اسبوع أو اكثر اي في بداية المواجهة العسكرية". في صنعاء تعاملت قيادتا حزب المؤتمر الشعبي والتجمع اليمني للاصلاح مع تشكيل "مجلس الانقاذ" كخطوة تصعيدية عززت مطالبة السلطة "بضرورة اخلاء عدن من المجموعة الانفصالية في الحزب الاشتراكي"، كما قال لپ"الوسط" نائب الرئيس عبدالعزيز عبدالغني. وفي هذا السياق قال الشيخ عبدالله الأحمر: "كيف نقبل بهذا المجلس ونوافق على المبادرة التي سبق واعلنوا عنها؟ قبولنا يعني ان هناك فراغاً دستورياً في البلاد. وهذا غير صحيح. كل هذه المبادرات والتحركات عبارة عن خطوات تصعيدية". وهل تسهم خطوة الاشتراكي والاحزاب الخمسة في تصعيد معركة السلطة للسيطرة على مدينة عدن؟ يرى الأحمر "ان الانفصاليين في الحزب الاشتراكي، وليس كل قيادات الاشتراكي، يلعبون بالنار ويقامرون بمصير المدينة. مع هذا السلطة في صنعاء لا تستدرج ولن تستدرج الى الرد عبر ممارسات غير وطنية منها استخدام اسلحة تدميرية واقتحام المدينة. وعدن مدينة من مدن الجمهورية اليمنية لنا فيها اخوة واهل وتاريخ مشترك".