في خضم مناقشات البرلمان الاسباني حول قانون الحكم الذاتي المقرر منحه للمدينتين المغربيتين المحتلتين، سبتة ومليلية، قام خوسي ماريا اثنار رئيس "التحالف الشعبي"، اكبر حزب معارض في اسبانيا، بزيارة للمغرب بدعوة من مجلس النواب المغربي. واولت الاوساط السياسية في كل من المغرب واسبانيا، زيارة الزعيم الجديد لليمين الاسباني ومحادثاته مع المسؤولين المغاربة، اهتماماً لافتاً، لأنها جاءت في اعقاب دعوة الحسن الثاني في خطابه الأخير في الذكرى 33 لتوليه مقاليد البلاد، لاستعادة المدينتين المغربيتين اللتين تحتلهما اسبانيا، وتشكيل "خلية تفكير" من الجانبين لهذا الغرض. ففي الوقت الذي حذرت فيه المعارضة المغربية من استغلال الزيارة لمصلحة حزبه مطالبة بعدم اتاحة الفرصة له لترويج آرائه "الاستعمارية"، او آراء ليست في مصلحة العلاقات المغربية - الاسبانية، انتقدت قيادة اليسار الاسباني الطابع الرسمي للزيارة من منطلق تجاوزها اختصاصات الجهاز التنفيذي في ما يتعلق بالعلاقات الخارجية. وحسب مصادر اسبانية فان اثنار لم يمثل حزبه في زيارته للمغرب بل اسبانيا، بينما أكد وزير الخارجية الاسباني خافيير سولان تطابق موقفي الحكومة والمعارضة اليمينية، أي الحزب الشعبي، من موضوع سبتة ومليلية، وهو ترسيخ احتلال المدينتين المغربيتين عبر الحكم الذاتي. وبالنسبة الى الاوساط المغربية مثلت زيارة اثنار "خطوة فريدة" بسبب دعمه استمرار احتلال المدينتين المغربيتين واعتبارهما "اراضي اسبانية" ولارتباطه بمجموعات الضغط المعروفة بمعارضتها لتطوير علاقات التعاون المغربية - الاوروبية، فضلاً عن مواقفه العنصرية من المهاجرين المغاربيين، اذ سبق ان دعا، في اجتماع الدولية الليبرالية، الى تشكيل تحالف عسكري من اسبانيا وفرنسا وايطاليا لكبح ما اسماه بالتطرف في دول المنطقة. غير ان هذه الاوساط ابدت ترحيباً ملحوظاً بالحوار الذي تفتحه الزيارة لمعالجة الخلاف المغربي - الاسباني على سبتة ومليلية، والمشاكل الناجمة عن التنافس بين البلدين في الميدان الزراعي اضافة الى وضع اليد العاملة المغربية في اسبانيا، ففي كل الاحوال، فإن التوجه المغربي للبحث في مشكلة سبتة ومليلية يركز على مفهوم الحوار، قبل كل شيء، كما ان فكرة تشكيل "خلية للتفكير" في مستقبل المدينتين ليست جديدة، اذ اقترحها العاهل المغربي قبل سنوات عدة، وكان لافتاً ان علاقات البلدين حافظت على وتيرتها، بل عرفت نقلة نوعية بابرام معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار في العام 1991 التي شملت تعزيز مجالات التعاون في الميادين الاقتصادية والعسكرية والثقافية، ما يعني ان طرح ملف سبتة ومليلية لم يؤثر على تطور العلاقات المغربية - الاسبانية.