هيمنت الخلافات على مستقبل مدينتي "سبتة ومليلية" اللتين تحتلهما اسبانيا شمال المغرب على اعمال اللجنة العليا المشتركة المغربية - الاسبانية. وزاد في تعقيد الموقف تأويلات رددها بعض الصحف الاسبانية تتعلق باعتبار المدينتين ضمن فضاء تدخل الحلف الاطلسي، في حين كان ملف الصيد البحري الذي ينتهي الاتفاق الذي ينظمه في تشرين الثاني نوفمبر المقبل في مقدم الصعوبات التي اثيرت في مسار محادثات رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي مع المسؤولين الاسبان، وان صدر من الطرفين تأكيد للحرص على تطوير علاقات التعاون. قللت مصادر رسمية في الرباط من انعكاسات تباين وجهات النظر بين المغرب واسبانيا على مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين شمال البلاد على مستقبل علاقاتهما، وقالت: "ليست هناك معارضة لاقامة حوار مغربي - اسباني"، لكن هناك ضغوطاً تمارسها اطراف متشددة لا تريد انهاء الملف. وعزت المصادر الانباء التي رددها بعض الصحف الاسبانية باعتبار المدينتين فضاء ضمن استراتيجية الحلف الاطلسي انها تعكس ميولاً متشددة ازاء عدم فتح حوار بين البلدين. وعلقت على الانباء بالقول ان حماية العبور عبر مضيق جبل طارق، وان كان يندرج في استراتيجية الحلف، فانه لا يعني فرض الامر الواقع على مناطق توجد داخل التراب المغربي. ونقل القول عن رئيس الديبلوماسية المغربية السيد محمد بن عيسى ان تباين وجهات النظر بين الرباطومدريد "لا يعني رفض اقامة الحوار". واوضح اليوسفي الذي انهى ليل اول من امس زيارة لمدريد استمرت يومين، ان الاطار الامثل لحل مشكل سبتة ومليلية يكمن في سياق دعم علاقات الصداقة القائمة بين البلدين، مكرراً اقتراح الملك الحسن الثاني تشكيل مجموعتي عمل مغربية واسبانية للبحث في مستقبل المدينتين وفق ما يضمن سيادة المغرب ويحافظ على المصالح الاسبانية، فيما "يشكل اطاراً للتشاور واجراء اساسياً يجب اتباعه حتى يتسنى درس النزاع الثنائي في اطار ودي". لكن رئيس الوزراء الاسباني خوسيه اثنار رد على ذلك بأن موقف بلاده من سبتة ومليلية "يعرفه المغرب" في اشارة الى تشبث سلطات مدريد بفرض الامر الواقع، وتحديداً عبر منح المدينتين حكماً ذاتياً. وكان اليوسفي شددد خلال المحادثات التي أجراها مع المسؤولين الاسبان، وفي مقدمهم الملك خوان كارلوس واثنار وزعماء الاحزاب السياسية، على ابراز الطابع المستقبلي لحل المشاكل العالقة. وقال، في ختام زيارته لمدريد لمناسبة انعقاد اجتماع اللجنة العليا المشتركة ان نتائج المحادثات كانت ايجابية، وشكلت حافزاً امام تجديد التزام المغرب اعطاء نفس جديد لعلاقات الصداقة التي صاغتها روح "معاهدة الصداقة وحسن الجوار المبرمة في 1991"، لكن الخلافات على ملف الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الاوروبي هيمنت على وقائع الزيارة، كون الرباط جددت تأكيد عدم تمديد العمل بالاتفاق، في حين ان اسبانيا لا زالت تأمل في معاودة النظر في القرار المغربي. وقال اليوسفي: "لم نأت الى مدريد لتقديم اقتراحات في مجال الصيد الساحلي، وانما للاستماع الى اقتراحات اسبانيا"، مشيراً الى ان عدم تجديد العمل بالاتفاق كان قراراً مشتركاً بين المغرب والاتحاد الاوروبي، في حين دعا اثنار الى ان يرتدي تعاون البلدين في مجال الصيد البحري طابعاً مختلفاً في اشارة الى افادة اسطول الصيد الاسباني من الاتفاق. وقال ان الحكومة المغربية قررت عدم ابرام اتفاق جديد "لكن هناك امكانات لتعاون مختلف". وقال: "لن يكون هناك عمل انتقامي ضد المنتوجات المغربية التي تعبر اسبانيا نحو اوروبا بسبب عدم تجديد الاتفاق" وان سلطات بلاده اتخذت اجراءات لحماية حرية تنقّل البضائع والاشخاص. وأعرب وزير الخارجية الاسباني ابيل ماتوتيس عن امله في ان يتوصل المغرب واسبانيا الى "حل وسط" على الصيد الساحلي، ورأى ان هذا الملف يرتدي أهمية "اجتماعية وسياسية" اضافة الى الاهمية الاقتصادية. واعرب اليوسفي عن استعداده درس الاقتراحات الاسبانية التي تأخذ في الاعتبار مصالح المغرب. وقال ان البلدين جاران ومدعوان لتطوير تعاونهما في كل المجالات.