نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، الشهر الماضي، مقالة طويلة عن الفضائح الجنسية في حياة بعض الساسة البريطانيين المحافظين في ملحقها الخاص بالفنون ووسائل الترفيه. اما السبب الذي دفع الصحيفة الى نشر تلك المقالة في هذا الملحق بالذات فهو انها اعتبرتها جزءاً من الزاوية الاعلامية في الملحق تحت عنوان: كيف تغطي الصحف الشعبية البريطانية الاشاعات تغطية واسعة على صفحاتها الأولى. لكن الدافع الأساسي وراء نشر المقالة عن أناس لا يعرف الاميركيون عنهم في واقع الأمر شيئاً كان رغبة الصحافيين والمراسلين العاملين في "واشنطن بوست" في تسجيل احتجاجهم على عدم السماح لهم بنشر اي شيء تقريباً عن طريقة الحياة الفاسقة لأقوى سياسي في العالم وهو وليام جفرسون كلينتون حين كان حاكماً لولاية آركنسو. فالصحف الاميركية مليئة بالاخبار والقصص عن التحقيق في فضيحة "وايت ووتر" نسبة الى شركة العقارات التي تحمل هذا الاسم، والتي كان كلينتون وزوجته هيلاري عضوين في مجلس ادارتها حين كان حاكماً للولاية. وتفيد المزاعم ان "وايت ووتر" حصلت على قروض بطريقة سرية من "بنك ماديسون لضمانات التوفير" وأن البنك ربما ساهم ايضاً بطرق غير مشروعة في تمويل حملات اعادة انتخاب كلينتون حاكماً للولاية. وقد اتضح كل ذلك عندما أفلست "وايت ووتر" وحين افلس بنك ماديسون أيضاً. ومن المقرر ان تبدأ لجنة خاصة من الكونغرس قريباً الاستماع الى شهادات المعنيين بهذه الفضيحة، كما ان الجمهوريين يرفضون مناقشة مقترحات الادارة للاصلاح الصحي ومحاربة الجريمة وغير ذلك من القوانين التي تريدها الادارة، الا اذا بدأ التحقيق شاملاً في "وايت ووتر". وهكذا استأجر محقق خاص في القضية مكتباً الآن لمدة ثلاث سنوات في مدينة ليتل روك، عاصمة ولاية آركنسو، واختيرت هيئة من المحلفين لتقرير من الذين يجب ان يمثلوا امام المحكمة. كذلك اضطر برنارد نوسباوم المستشار القانوني للبيت الأبيض الى تقديم استقالته اخيراً لأنه تدخل من دون حق في عملية التحقيق. اما مساعده فنسنت فوستر فانتهى مصيره بالقتل او الانتحار في العام الماضي حين بدأت خيوط الفضيحة بالظهور. وكان فوستر شريكاً سابقاً لهيلاري كلينتون في مكتب للمحاماة كما ان حرسها الخاص في ليتل روك أكدوا انه كان عشيقاً لها ايضاً. وبلغ من اهمية هذه القصة الآن ان صحيفة "واشنطن بوست" فرّغت محرراً وخمسة مراسلين لمتابعة تغطيتها. كذلك اصبحت انباء الفضيحة تحتل الصدارة على الصفحات الأولى من الصحف الاميركية مرتين او ثلاث مرات في الاسبوع. والشعور العام بين الاميركيين هو ان انحلال عائلة كلينتون الجنسي ملازم لمزاعم انحلالها في مجال التجارة والاعمال. لكن احد مراسلي "واشنطن بوست" يقول ان الصحيفة ستلجأ، اذا حاولت واحدة من العشيقات الاربعين او الخمسين من عشيقات كلينتون السابقات رفع دعوى عليه لأنها انجبت منه طفلاً، الى "دفن الخبر في جملة او جملتين في صفحة المنوعات". والواقع ان الصحيفة لا تختلف في هذا المجال عن اي صحيفة اخرى من صحف المؤسسة في الولاياتالمتحدة او اي محطة تلفزيون رئيسية في البلاد. ويعود السبب في ذلك الى حدّ ما، الى النفاق الاميركي حين يتعلق الامر بكل ما له صلة بالجنس. فالاميركيون، مثل اليابانيين، يشاهدون افلاماً اباحية وخليعة اكثر من اي شعب آخر في العالم، لكنهم مثلهم ايضاً يخجلون من مناقشة اي امور جنسية علانية كما هو الحال مثلاً عند الاوروبيين. ولهذا ليس من المستغرب ان نجد ان معظم المجلات التي تصدر في اميركا وتتناول الحياة الجنسية للمشاهير هي من تحرير بريطانيين. رجل شبق وإذا دين الرئيس كلينتون بارتكاب مخالفات فعلية في فضيحة "وايت ووتر" فانه سيجد نفسه مضطراً الى الاستقالة او تسليم مقاليد السلطة الى نائبه ريثما تصدر الاحكام الرسمية - والاستقالة اذا دين. ويزداد شبح الفضيحة قوة بسبب العدد المتزايد من التقارير التي تفسد شخصية الرئيس، وهي تقارير تصوره حين كان حاكماً بأنه انسان لديه شبق جنسي للنساء المتوسطات العمر، ولا سيما منهن غير المتزوجات. لكن المدافعين عن الرئيس يقولون ان رغباته الجنسية ليس لها اي اثر في كفاءته ومقدرته. وهم يقارنون بينه وبين جون كينيدي الذي كان لديه فسوق شهواني الى درجة ان بعضهم يقول انه عاشر في السرير كل امرأة جذابة من موظفيه. ويقولون ايضاً ان فرانكلين روزفلت الذي كان يتمتع بأكبر شعبية في تاريخ الرؤساء الاميركيين 1933 - 1945 توفي بين احضان عشيقته. إذن هل تهم حياة كلينتون الخاصة؟ من المؤكد ان المحاولات الخرقاء التي تبذلها الحاشية المقربة منه للاستهانة بتلك القصص والسخرية منها تؤدي في الواقع الى اثارة اهتمام الصحافيين والرأي العام على السواء. كما ان الصحف الاجنبية لا تكترث بتعكير صفو الجو بينها وبين المكتب الصحافي في البيت الابيض مثلما تهتم بذلك الصحف الاميركية مثل "واشنطن بوست" او "نيويورك تايمز"، لأن الصحف الاجنبية لا تحظى بأي خدمة جيدة اصلاً من البيت الابيض في عهد اي ادارة اميركية. الاكثر شهرة وأكثر امرأتين شهرة في حياة كلينتون العاطفية في الماضي هما: جينفر فلاورز وهي مغنية سابقة في احد النوادي الليلية كانت تحلم باحتراف الغناء في أوروبا واليابان والشرق الأوسط، وملكة جمال ولاية آركنسو السابقة واسمها سالي بيردو وكلمة بيردو صفة في اللغة الفرنسية معناها الضائعة. وحين توصف بها امرأة فانها تعني "الفاسدة التي لا تصلح للزواج". اما أحدث امرأة تحظى بدور بين "نساء الرئيس" فهي السيدة بولا جونز التي تقول ان الحرس الشخصي لكلينتون - حين كان حاكماً - طلبوا منها الانضمام اليه في غرفته في احد الفنادق حيث طلب منها القيام بعمل شائن عام 1991، لكنها رفضت لأنها "مسيحية اصولية". وحين امتنعت عن الافصاح عما طلبه منها سألتها مراسلة اميركية بحياء: "هل طلب منك ان تفعلي شيئاً بفمك من دون ان تنزعي ملابسك؟" أجابت: "نعم". وتقول بتسي رايت التي كانت رئيسة مجلس ادارة الحزب الديموقراطي في ولاية اركنسو والمشرفة على حملته لانتخابات الرئاسة انها "قضت معظم الوقت" بعد ترشيح كلينتون رسمياً للرئاسة في "اخماد ثورات الفتيات". لكن الحقيقة هي ان نقطة ضعف كلينتون لم تكن الفتيات الصغيرة السن وإنما النساء الناضجات اللواتي في الثلاثينات او الأربعينات. وهذا ما اكتشفته بتسي رايت حين كلفت مجموعة من رجال التحري الخصوصيين، تحت اشراف محامي سان فرانسيسكو المعروف جاك بلادينو، مهمة استطلاع 26 امرأة رأيهن بعدما تحدثن جميعاً الى الصحف المحلية عن علاقاتهن مع كلينتون في الشهر الأول من حملة انتخابات 1992. وكانت بينهن جينفر فلاورز التي كانت في أواسط الثلاثينات من عمرها حين التقت كلينتون للمرة الأولى وسالي بيردو التي تبلغ الآن السادسة والخمسين. طفل محروم حين توفي والد كلينتون بينما كان يقود سيارته وهو ثمل، كان نجله بيل لا يزال في رحم امه. اما اسم كلينتون فقد كان في الواقع اسم واحد من الازواج الخمسة الآخرين الذين تزوجتهم والدته في ما بعد. ولذلك كان محروماً كطفل من العطف الأبوي مما جعله يشعر باستمرار بعدم الأمان. وكانت أطول علاقاته، بما فيها زواجه من هيلاري، مع نساء متسلّطات وفي اواسط العمر. ولم يكن بين عشيقاته في سن صغيرة الا القلّة. وخلال حملة انتخابات 1992 حاول كلينتون احتواء الفضيحة عن طريق تهديد النساء والصحافيين على السواء. وفي فيلم وثائقي عن حملة الانتخابات يظهر الناطق باسمه آنذاك جورج ستيفانوبولُس وهو يصرخ على الهاتف في مراسل ويهدده بأنه اذا باشر التحقيق في حياة كلينتون الخاصة فانه لن يدخل قاعة الصحافيين في البيت الابيض. ومن المقرر ان يعرض هذا البرنامج الوثائقي وهو بعنوان "غرفة القيادة الحربية" قريباً. كذلك ظهر بيل وهيلاري معاً في برنامج "ستّون دقيقة" وهو أهم برنامج اخباري تلفزيوني في الولاياتالمتحدة، لينفيا بشدة ادعاءات جينفر فلاورز ويؤكدا امام ملايين المشاهدين انها لم تكن اكثر من "معرفة عابرة". وإثر ذلك استشاطت فلاورز غضباً وأعلنت ان لديها تسجيلات لبعض المحادثات الهاتفية بينها وبين الرئيس، وقالت انه يتحدث فيها عن نهديها بينما تتحدث هي عن خِصْيتيْه. وفي احدث الاشرطة لتلك المكالمات يحضها كلينتون على ان تنفي انهما كانا عشيقين ويقول لها: "اذا لم يكن لديهم صور فانهم لن يستطيعوا ان يثبتوا أي شيء". ويعدها في تلك المكالمة بوظيفة في حكومة الولاية ثم يضيف: "اذا سألك أحد هل تحدثت معك عن هذه الوظيفة في وسعك ان تقولي لا". ويذكر ان كلينتون لم ينكر أبداً أن الصوت المسجل على الشريط كان صوته بل اعتذر الى ماريو كومو حاكم ولاية نيويورك لأنه روى نكتة ايطالية عنه اثناء المحادثة مع جينفر. كذلك تقول لورين كيرك التي كانت تسكن الشقة نفسها مع جينفر آنذاك انها كانت تضطر احياناً الى الخروج من الشقة لكي تتيح الفرصة لپ"بيل وجيني". كما ان والدة جينفر، وهي كاثوليكية متدينة، قالت انها كانت تعترض على اباحية ابنتها لكنها اكدت انها كانت عشيقة الحاكم كلينتون لمدة خمسة عشر عاماً. وتحدث أربعة من الجنود الذين كانوا يحرسون بيل وهيلاري عن استخدام الحاكم سياراتهم لترتيب مواعيده وكيف كان يطلب منهم انذاره بقدوم زوجته، وكيف كان يغادر المنزل في منتصف الليل لزيارة عشيقاته. كما قالوا ان شهيته للطعام كانت شديدة مثل شهيته الجنسية. وروى احد الحراس الأربعة وهو روجر بيري الذي تحدث الى المراسلين عن حياة كلينتون ان رئيسه السابق الكابتن ريموند يونغ أنذره بوجوب عدم الحديث الى الصحف وقال له: "كل ما أريد منك ان تعرفه هو ان اعمالك ستكون لها عواقب وخيمة... على صحتك!" وكان الرئيس عيّن يونغ للتو براتب سخي مسؤولاً عن دائرة الدفاع المدني في حال نشوب حرب نووية في ولاية آركنسو. كذلك قال حارس آخر وهو لاري باترسون ان الرئيس عرض عليه وظيفة المسؤول العام عن السجون في الولاية اذا كف عن الكلام. لهذا ليس مستغرباً ان يذكر جميع الحراس ان العلاقات بين كلينتون وزوجته كانت فاترة الى درجة ان الرئيس كان يجلس في المقعد الأمامي الى جانب السائق اذا سافر مع زوجته في السيارة نفسها. كما يقولون انهما كانا يصرخان احدهما في وجه الآخر، ويستخدمان ألفاظاً بذيئة. وفي احدى المرات وقفت هيلاري على رأس السلم داخل البيت وصاحت حين رأت زوجها يهم بالخروج بعد منتصف الليل: "انني في حاجة الى المضاجعة في السرير اكثر من مجرد مرتين في السنة يا ابن الزانية!" وكان الحراس يرتبون للحاكم غرف الفنادق بمجرد ان يطلب منهم ذلك. وبعد ان يلتقي عشيقاته فيها كانوا يمسحون حمرة الشفاه عن ياقة قميصه. وقد رافقه هؤلاء الحراس الى المؤتمر العام للحزب الديموقراطي حين ألقى الخطاب الذي قبل فيه ترشيح الحزب له رسمياً. واثر الخطاب اختفى لمدة ساعة كاملة. ويقول الحارس باترسون ان المخرج التلفزيوني نورمان لير اعار مكتبه في المؤتمر للحاكم الذي ذهب اليه مع امرأة في الخامسة والثلاثين كان يلتقيها للمرة الأولى في حياته بينما وقف باترسون حارساً امام باب المكتب. وفي احدى المرات سمع الحراس هيلاري وهي تقول لزوجها بينما كانا يحضران حفلة في الهواء الطلق في مدينة ليتل روك، بعدما بدأ يغازل زوجة احد القضاة المحليين: "اياك ان تفتح سحاب سروالك لأنك لا تستطيع ان تنام معها هنا". وعندما كانت تلك الزوجة نفسها بين افراد الجمهور الذين احتشدوا في مطار ليتل روك في كانون الثاني يناير 1993 لوداع كلينتون قبل ان يتوجه الى واشنطن امرت هيلاري باترسون على الفور: "أَخْرِج تلك العاهرة من هنا". وهناك الكثير من القصص المماثلة التي يرويها الحراس عن مغامرات كلينتون والمشادات بينه وبين زوجته. لكنهم يقولون ايضاً انه كلما كان الحاكم يغادر ليتل روك الى الخارج، كان فنسنت فوستر يحل مكانه في سريره وسرير هيلاري. جينفر أم سالي؟ وذات مرة افضى كلينتون الى حراسه بسرّ. اذ قال لهم انه "مغرم فعلاً" بواحدة من عشرات النساء اللواتي شاهدوهن معه، لكنه لم يذكر اسمها لهم. ويعتقد بعضهم ان المرأة التي وقع في حبها كانت جينفر فلاورز بينما يقول آخرون انها سالي بيردو. ويُجمع الحراس على ان علاقته مع فلاورز دامت حوالى خمس عشرة سنة وأنها الوحيدة التي كانت تجرؤ على الاتصال به هاتفياً في مكتبه وفي منزله. لكن معظم لقاءاته معها كان يتم في شقتها في عمارة كان يعيش فيها ايضاً مدير المواصلات والطرق في الولاية، ما كان يساعد الحاكم على التظاهر بأنه يذهب الى العمارة لزيارته. اما يولا جونز فهي الوحيدة على قائمة كلينتون التي يبدو انه لم يضاجعها. وهي تقول انها ذهبت الى غرفة الفندق الذي كان ينزل فيه الحاكم لأنها اعتقدت بأنه سيعرض عليها وظيفة في مكتبه، لكنها فوجئت وذهلت من تصرفه. وهي تريد الآن من الرئيس بعدما ورد اسمها في الصحف ان يؤكد ما طلبته منه لأنها سيدة متزوجة ولديها اطفال، لكنها لم تذكر ما الذي طلبته منه. الا ان الحارس داني فيرغسون يقول ان كلينتون أمره بنفي حدوث اي لقاء مع السيدة جونز. والواقع ان قرار فلاورز فضح علاقاتها مع الرئيس في وقت مبكر جعل من المستحيل على حراسه اتخاذ اي اجراءات فعّالة لاخراسها. لكن بيردو تقول ان احد المسؤولين في الحزب الديموقراطي في سانت لويس حيث تعيش الآن دعاها اثناء حملة انتخابات الرئاسة عام 1992 الى غداء دام ثلاث ساعات. وعرض عليها المسؤول، وهو رون تاكَر، وظيفة في الحكومة الاتحادية براتب ستين الف دولار في العام اذا التزمت الصمت ولم تفصح بشيء عن علاقتها مع كلينتون. وتضيف بيردو التي تبلغ الآن السادسة والخمسين وتعمل في مؤسسة للأطفال المعوّقين: "اذا التزمت الصمت فلن يصيبك اي أذى طوال حياتك..." هكذا بدأ تاكر الحديث معها. وتابع: "اما اذا قلت أي شيء فربما حصل شيء لهاتين الساقين الجميلتين". كذلك ظهرت قصص اخرى كثيرة تشير الى ان اكثر من عشرين امرأة اخرى حصلن على مبالغ مالية او وظائف حكومية في مقابل صمتهن، وانهن تعرضن للتهديد بالانتقام منهن اذا كشفن اي اسرار. وتشعر فلاورز التي تبلغ السابعة والأربعين من عمرها الآن بالمرارة الشديدة. فهي تقول انها التقت كلينتون في خريف 1977 حين كان يشغل منصب المدعي العام في الولاية، ومنذ تلك اللحظة بدأت بينهما علاقة غرامية. وفي شباط فبراير 1978 اكتشفت انها حامل. وتؤكد مع والدتها ماري هيرست، ان كلينتون كان الأب لأن الشخص الوحيد الذي سبق لها أن نامت معه كان عاقراً. واضطرت جيني، على رغم معارضة والدتها الكاثوليكية، الى اجهاض الجنين. وتصرح بأن الحاكم هو الذي تحمّل نفقات العملية. وتشير السجلات الطبية في عيادة الدكتور ك. م. كريث وهو متوفى الآن في ليتل روك الى ان جيني كانت حاملاً آنذاك. ويبدو ان ما اجتذب كلينتون الى جيني بغض النظر عن قوامها الرشيق كان الخلفية المتشابهة لكل منهما. فكلاهما من عائلة فقيرة عانت من مشكلات زوجية. كما ان كلاً منهما ترعرع من دون عطف أبوي وعاش في كنف ام على درجة كبيرة من الانفتاح. فقد تيتّمت جيني وهي في الخامسة حين توفي والدها في تحطم طائرة صغيرة كان يقودها لرش المحاصيل بالادوية الكيماوية. ومع ان والدتها تزوجت بعد ذلك فان زوجها طلّقها ولما تبلغ جيني التاسعة من العمر. وتقول والدتها في معرض حديثها عن علاقة ابنتها مع كلينتون: "كنت ضد تلك العلاقة لأنني كنت ضد اي علاقة لابنتي مع شخص متزوج. لكنها كانت تحبه بكل جوارحها وكانت تعتقد ايضاً بأنه يبادلها ذلك الحب". ولا تزال جيني تؤكد ان كلينتون كان عشيقاً مرهف الحس ورقيق الطبع، وانه كان يعشق الجلوس معها في الحمّام حيث يراقبان احدهما الآخر كالأطفال، كما انه كان مولعاً بتسريح شعرها. وهي تسرد الكثير من القصص عن علاقتهما الحميمة والألقاب التي كانا يطلقانها على زوجته هيلاري. اشرطة للسماع ولا تزال هذه الألقاب اضافة الى الألقاب التي كان كلينتون وجيني يطلقانها احدهما على الآخر مسجلة على الأشرطة التي تحتفظ بها فلاورز في صندوق في احد بنوك دالاس. وهي تقول انها بدأت بتسجيل محادثاتهما الهاتفية عام 1990. وقد سجلت شركة تحمل اسمها وهي تنوي ان تقدم الى الجمهور من خلال الهاتف خدمة للاستماع الى هذه التسجيلات في مقابل دولارين لكل مرة. ومما يرد على سبيل المثال على هذه الاشرطة ان كلينتون يسألها في الثالث والعشرين من ايلول سبتمبر 1991، حين كان يفكر في ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة، ما الذي ستقوله اذا سألها المراسلون عن العلاقة بينهما؟ كما يقول لها في تلك المكالمة ان الشيء الوحيد السلبي في حملته الانتخابية هو ما يمكن ان تبوح به عن علاقتهما. بعدما دامت علاقتهما اثني عشر عاماً انفصل كلينتون وجيني حين قررت انها ستتزوج من ثري يهودي هو فينس شيلنات الذي كان يعتقد انها امرأة مطلّقة. لكن الرئيس عاد الى الاتصال بها هاتفياً من دون انقطاع الى ان فسخت خطوبتها وبدأ الحاكم بزيارتها في شقتها من جديد. وهي تقول انها بدأت بتسجيل مكالماته الهاتفية لأنها كانت تخشى من انه سيهجرها ويتنكر لها اذا قرر ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة. ويظهر معظم الاشرطة كيف ان كلينتون كان يخشى من أن تؤدي مغامراته مع النساء وعلاقته التي دامت خمس عشرة سنة مع جيني الى تدمير فرصه للوصول الى البيت الابيض. ويقول في احد تلك الاشرطة: "انني لا استطيع ان أرى كيف يمكنهم ان يلحقوا أي ضرر بي حتى الآن. فاذا لم تكن لديهم صور لنا معاً فانهم لا يستطيعون ايذائي". ولكن وبعد كل هذا يبدو ان وليام جفرسون كلينتون كان مصيباً حين شعر بالقلق!