يستبد غضب عارم بالأميركية الأولى هيلاري كلينتون، لكنه ليس موجهاً الى زوجها الرئيس بيل كلينتون. وعندما ظهرت الادعاءات بأن الرئيس أقام علاقات جنسية مع مونيكا لوينسكي في مكتبه في البيت الابيض، للمرة الأولى في كانون الثاني يناير الماضي، هاجمت هيلاري ما وصفته ب "مؤامرة يمينية ضخمة" ضد زوجها. وهي الآن، بعدما قاست الكثير بسبب تقارير وتكهنات لا تنتهي عن "فستان" لوينسكي الشهير، لا تصب غضبها على المدعي المستقل كينيث ستار فحسب، بل تهاجم ايضاً بعنف كل الأوساط النافذة في واشنطن بسبب "انحيازها" ضد ولاية اركنسو الجنوبية. وكان الزوجان من الدخلاء السياسيين في واشنطن عندما وصلا في 1993 للانتقال الى مقر اقامتهما الجديد في البيت الابيض. وتعتبر اركنسو ولاية فقيرة في اعماق الجنوب، تدرج دائماً في أسفل كل المؤشرات الاقتصادية - الاجتماعية تقريباً عندما تُقارن مع بقية الولايات ال 49 في الولاياتالمتحدة. ومن ضمن الأوصاف التي تُطلق عليها أنها موطن "الريفيين البلهاء" و"الصعاليك" ، فيما تتحدر النخبة السياسية في واشنطن في الغالب من اماكن مثل نيويورك وماساتشوستس وكاليفورنيا. وأكدت هيلاري في مقابلة قصيرة اجرتها معها صحيفة "اركنسو ديموكرات غازيت"، التي تصدر في مدينة ليتل روك، ان التحقيقات ضد زوجها لم تكن لتجرى لو ان الرئيس وزوجته كانا يتحدران من ولاية أخرى. وقالت: "اعتقد ان الكثير من ذلك هو تحامل ضد ولايتنا". وأوضحت سكرتيرتها الصحافية مارشا بيري، رداً على استفسار عن هذه التهمة، ان هيلاري كانت تبدي اتفاقها مع سؤال لمراسل الصحيفة "عما يدفع الناس دائماً الى مهاجمة مواطني اركنسو". ورد اعضاء في الكونغرس من اركنسو، بغضب على تصريح هيلاري. ووبّخ عضو الكونغرس الجمهوري جاي ديكي السيدة الاولى لالقائها مسؤولية مشاكلها على مواطني اركنسو. وفي وقت يستبعد أن يحظى التفسير الأخير الذي قدمته هيلاري لفضائح زوجها ومشاكله الكثيرة، بتأييد ديموقراطيين أو جمهوريين في واشنطن، أصبح واضحاً أخيراً أنها تبدي تماسكاً وصلابة تحت ضغوط التحقيقات التي يجريها ستار. ويؤكد كل من يعرفها انها تتصف بولاء لزوجها لا يتزعزع، وتبدي تصميماً لا يُقهر على اجتياز الزوبعة. وتُعتبر المحرك الرئيسي والمخطط لاستراتيجية الحد من الاضرار والهجوم المضاد التي يتبناها البيت الأبيض. وبدا أن الرأي العام الأميركي يتجاوب مع ما تبديه هيلاري من نشاط وتصميم. ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس نتيجة استطلاع للرأي أشار الى ان شعبية هيلاري، للمرة الأولى منذ تسلم كلينتون السلطة، لامست "الرقم السحري"، أي خمسين في المئة، ولم تزد على 30 في المئة قبل نحو سنتين. ويرى خبراء الاستطلاعات انها تدين بصعود شعبيتها في الدرجة الأولى للنساء الأميركيات المعجبات بصمودها امام سيل الاشاعات والادعاءات المشينة ضد زوجها. هناك ما يشير إلى أن ستار سيتمكن من تسليم تقريره الكامل عن الرئيس الى الكونغرس بعد اسابيع وليس شهوراً من استجواب كلينتون أمام هيئة المحلفين الفيديرالية العليا الاثنين المقبل. وتتوقع أوساط قريبة من مكتب الادعاء المستقل ان يركز التقرير في شكل كامل تقريباً على فضيحة لوينسكي، من دون نتائج تذكر في ما يخص التحقيقات الطويلة والمكلفة في قضية الصفقات العقارية المعروفة ب "وايت ووتر".