"حمّى كلينتون"، كما تقول "نيويورك تايمز" تجتاح ولاية نيويورك. واتوقع شخصياً ان تفوز هيلاري كلينتون بمقعد في مجلس الشيوخ عن نيويورك خلفاً للسناتور باتريك موينهان. وقفت السيدة الأولى مع موينهان في مؤتمر صحافي ووجدت نفسها امام 200 مراسل و32 كاميرا تلفزيون، وهي تغطية يحلم بها اي مرشح، وتكفي وحدها للنجاح. وربما يذكر القراء ان بيل وهيلاري كلينتون اختارا منزلاً في بلدة تشاباكوا للاقامة في نيويورك. واصبح هذا الاختيار شغل المدينة الشاغل، فقال احد السكان: على الأقل لن يخطئ الناس بعد الآن فيعتقدون ان تشاباكوا هي تشاباكوبدك. اشارة الى البحيرة التي سقطت فيها سيارة السناتور ادوارد كنيدي وغرقت فيها مرافقته ماري جو كوبكني. وعكس شعبية الرئيس وزوجته عملية جمع تبرعات بسيطة في المدرسة المحلية، فقد طبع خاتم البيت الابيض على 132 قميصاً عرضت للبيع بسعر 15 دولاراً للقميص، فبيعت القمصان كلها خلال ثلاث ساعات، بربح ثمانية دولارات للقميص الواحد. وقالت سلطات المدرسة بعد ذلك ان هذا كان اكبر مبلغ جمع في حملة تبرعات للمدرسة في تاريخها. واعترض رئيس البلدية "ومنافس هيلاري" رودلف جولياني، على معرض فني بريطاني في نيويورك تضمن اساءات دينية، فهبت هيلاري للدفاع عن المعرض. ورأيي انه لو ايد جولياني المعرض لعارضته هيلاري. غير ان حملة الانتخابات على الطريقة الاميركية وهذه، بكلمة واحدة، فاضحة. ما يجذب سكان ولاية نيويورك وبقية الاميركيين الى هيلاري كلينتون ليس صنعها الكعك، او تصفيفة شعرها، بل كونها ضحية خيانة زوجية متسلسلة. وصدر اخيراً كتاب بعنوان "بيل وهيلاري وزواجهما" من تأليف كريستوفر اندرسن يزعم ان هيلاري عرفت عن علاقة زوجها بجنيفر فلاورز منذ سنة 1982 عندما كلفت رجل مباحث سابق اسمه ايفان دوبا مراقبة زوجها لمعرفة اسم "المرأة الاخرى". وعندما نشرت مجلة "توك" الجديدة مقابلة معها اختارت عنواناً للمقابلة هو "تفاصيل حميمة عن هيلاري". واعترفت هيلاري كلينتون في المقابلة بأنها كانت تعرف عن خيانة زوجها لها، الا انها بررتها بأنه تعرض لتحرش عندما كان في الرابعة من عمره ترك عليه "ندوباً" عاطفية. ولم "يبلع" الاميركيون هذا التفسير الا انه زاد الاهتمام الاعلامي بالسيدة الاولى. وفي حين ايدها كثيرون، الا ان آخرين اعترضوا معتبرين كلامها مجرد محاولة اخرى لكسب العطف عليها، وترجمة ذلك اصواتاً في الانتخابات. ولاحظ المعترضون ان هيلاري كلينتون، المشهورة بدفاعها عن حقوق المرأة، قررت فجأة ان تشد وجهها لتبدو اصغر امام الناخبين، وتبين انها قد تكتفي بعملية محدودة لإزالة الجيوب من تحت عينيها، وازالة الجلد الميت حول رقبتها. وربما كان موقف المعترضين صحيحاً، فمعسكرها يغذي حديث الجنس عندما يهدأ، وأحد اغرب التصريحات التي سمعتها في حياتي العملية كلها كان قول ميلان فيرفير، مديرة مكتب هيلاري كلينتون في البيت الابيض، حرفياً: رأينا رغبة جسدية تعود ببطء الى حياتهما. وزادت ان العلاقة الجسدية عادت نتيجة لقضائهما الليل معاً وهما يبحثان في الغارات الجوية على الصرب. ويعني هذا ان سلوبودان ميلوشيفيتش اصلح ذات البين بين بيل وهيلاري، او كما قال الصحافيون الاميركيون، فقد عادت طائرة سلاح الجو رقم واحد الى مرآبها. كيف يمكن ان تتبرع مرشحة لمنصب منتخب بالحديث عن حياتها الجنسية، وهل نامت مع زوجها او لم تنم؟ يحدث هذا فقط في اميركا، وعندما يكون بطلا القصة من نوع بيل وهيلاري. مع ذلك مثل هذه التصرفات لا يحدث صدفة، وانما عن سابق تصور وتصميم، فربما كان الأمر ان هيلاري تحول الانظار بالحديث عن الجنس وعلاقتها مع زوجها عن سياستها. هي متهمة في نيويورك بأنها من ليتل روك في اركنسو، وليست من الولاية التي اختارت ان تمثلها في مجلس الشيوخ. ومجلة "نيويوركر" النافذة قالت عنها "انها تتكلم بتهذيب فتاة غيشا مع منطق دائري". وقد رأينا من منطقها الدائري تأييدها قيام دولة فلسطينية، ثم التراجع عن ذلك امام الناخبين من يهود نيويورك، بل اننا رأينا زوجها يتراجع عن قوله ان من حق اللاجئين، من فلسطينيين وغيرهم، ان يعودوا الى بلادهم، حتى لا يؤذي فرص نجاح زوجته في معقل اليهود الاميركيين. وقد انسحب اخواها انطوني رودام وهيو رودام من صفقة لزراعة البندق في جورجيا قيمتها 118 مليون دولار، بضغط من مستشار الامن القومي ساندي بيرغر، بعد ان قال شريكهما اصلان اباشيدزه، وهو سياسي من جورجيا ينافس الرئيس ادوارد شفرنادزه ان الصفقة مع الاخوين ستعطيه نفوذاً في البيت الابيض. في مثل هذا الوضع ربما كانت هيلاري قررت ان التركيز على الجنس وعلاقتها مع زوجها اسلم من حديث السياسة، وهي ربما كانت مصيبة فننتظر مزيداً من التفاصيل الحميمة.