بلدية عفيف تستعد للاحتفال باليوم الوطني 94    الدوري السعودي الأول آسيوياً ب200 مليون مشاهدة    باهبري يواجه الشباب بقميص «السكري»    النصر يرد على أنباء تحكم رونالدو في قرارات النادي    فريق طبي بتجمع جازان الصحي ينجح في إعادة السمع لطفل    هيئة الأفلام تطلق النسخة الثانية من "منتدى الأفلام السعودي" أكتوبر المقبل    نائب أمير الشرقية يتفقد مركز القيادة الميداني    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 12080 نقطة    السعودية تحقق المركزين ال14 عالمياً والأول عربياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي من بين 83 دولة    خبير دولي ل«عكاظ»: قرار الجمعية العامة يعزز الموقف القانوني الفلسطيني عالمياً    مزاد "تمور العلا" يواصل فعالياته    من هي الوحدة الإسرائيلية المتورطة في انفجارات لبنان؟    بلدية محافظة الاسياح تنفذ فرضية استباقية لمواجهة خطر السيول والأمطار    محافظ الأحساء: الخطاب الملكي يحمل حرصا شديدا على حماية هويتنا وقيمنا    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    استشهاد ثلاثة فلسطينيين في عدوان الاحتلال الإسرائيلي على جنين    القيادة تهنئ الحاكم العام لسانت كيتس ونيفيس بذكرى استقلال بلادها    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    نائب أمير جازان يتسلم شعلة دورة الألعاب السعودية 2024    مجمع إرادة بالرياض: سلامة المرضى أولوية لدينا نظراً لطبيعة المرضى النفسيين ومرضى الإدمان    الغذاء والدواء: لا صحة للادعاءات المنتشرة حول فوائد مشروب جذور الهندباء    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    البروفيسور فارس العنزي يحصد لقب الشخصية الأكثر تأثيراً في النشر العلمي بالولايات المتحدة الأمريكية    الرياض تحتضن القمة والمعرض السعودي للبنية التحتية الثلاثاء المقبل    ارتفاع أسعار الذهب    أمير الشرقية: الخطاب الملكي أكد على مضي بلادنا لتحقيق المزيد من التطور والازدهار والنماء    ولي العهد السعودي: لن نقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    فريق بحثي سعودي يطور تكنولوجيا تكشف الأمراض بمستشعرات دقيقة    باكستان وروسيا تتفقان على تعزيز العلاقات الثنائية    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    «الروع» تعزز الوهم وتنشر الخرافة..    اختتام دورة حراس المرمى التمهيدية في الرياض وجدة    حضن الليل    داعية مصري يثير الجدل.. فتاة تتهمه بالتحرش.. و«قضايا المرأة»: تلقينا شكاوى أخرى !    نجمة برنامج America's Got Talent تنتحر    95 ألف معمر .. اليابان تحطم الرقم القياسي في طول العمر!    «التعليم»: تخصيص بائع في مقاصف المدارس لكل 200 طالب    «الأحمران» يبحثان عن التعويض أمام الأخدود والخلود    نائب أمير مكة يشهد انطلاق اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق بإمارات المناطق    المواطن عماد رؤية 2030    أحياناً للهذر فوائد    رابيو: استغرقت وقتا قبل قراري بالانتقال إلى مارسيليا    انطلاق معرض السيارات الكهربائية بالرياض    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    إلى جنَّات الخلود أيُّها الوالد العطوف الحنون    سموه رفع الشكر للقيادة.. وزير الثقافة يُثمّن تسمية مجلس الوزراء ل "عام الحِرف اليدوية"    د. حياة سندي تحصد جائزة المرأة الاستثنائية للسلام    ملاحقة "الشهرة" كادت تقضي على حياة "يوتيوبر"    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    المهندس الغامدي مديرا للصيانة في "الصحة"    العواد إلى الثانية عشرة    اكتشاف توقف تكوين نجوم جديدة بالمجرات القديمة    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    سلامة المرضى    كلام للبيع    كسر الخواطر    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    خادم الحرمين يأمر بترقية 233 عضواً في النيابة العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"والي بيروت" يفتح دفاتره . سامي الخطيب : تمسك عبدالناصر بالتجديد لشهاب وسركيس انتخب من دون ان يزور الشام 2 - قسم أول
نشر في الحياة يوم 26 - 12 - 1994

يسترجع النائب اللواء سامي الخطيب في حواره مع "الوسط" محطات لبنانية بتشابكاتها الفلسطينية والسورية والعربية بدءاً من فشل الشهابية في 1970 في ايصال مرشحها للرئاسة الياس سركيس ومروراً بفوزه في 1976 ثم تجربة قوات الردع العربية. ويتوقف الخطيب عند لجوئه الى سورية، إبان الحملة التي شنها الحكم اللبناني على "ضباط المكتب الثاني"، والعلاقات التي نسجها في دمشق والتي سهلت له العودة من النافذتين السياسية والأمنية. وهنا نص الحلقة الثانية:
هل دفعت حادثة الميراج الرئيس عبدالناصر الى عدم النزول بثقله مع مرشح المؤسسة الشهابية لرئاسة الجمهورية؟
- أثرت علينا لدرجة اننا عندما قررنا ان نمشي مع سركيس رئيساً للجمهورية طالبوا مني ان أذهب الى مصر وأبحث الموضوع مع الرئيس عبدالناصر شخصياً. ذهبت وقابلت سامي شرف وطلبت مقابلة الرئيس. شرحت لعبدالناصر ضرورة عودة "شهابي" الى الحكم بعد تجربتنا مع الرئيس حلو على صعيد السياسة العامة والسياسة العربية والإقليمية وعلى صعيد التنمية والادارة والمؤسسات العسكرية والأمنية وخصوصاً على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين والتنسيق بين الرئاستين. قلت له ان الرئيس شهاب مصر على عدم ترشيح نفسه. وشرحت له ان مرشحنا الياس سركيس وقلت له انه ابن نجار من البروليتاريا مثلنا مثلك يا سيادة الرئيس ومثقف ونظيف الكف... وصفت الرئيس سركيس على حقيقته.
قال لي عبدالناصر: "الياس سركيس، ده ما أعرفوش. بلاش التراتبية بتاعكم، تذهب الى الرئيس فؤاد شهاب شخصياً، وتقول له عن لساني وباسمي: عبدالناصر يقول لك مرشحه الوحيد فؤاد شهاب ماذا يريد: سلاح، مال، رغم اننا بحاجة الى دولار، دعم سياسي مطلق، دعم دولي. مستعد لتقديم ذلك له. هو مرشحي".
شعرت ان الرئيس عبدالناصر قد لا يكون مع الرئيس سركيس لأنه رددلي انه لا يعرفه.
عدت من مصر وفوراً الى منزل الرئيس شهاب فقال لي: "أيش بك يا ابن الخطيب، فازز فوق منهم كلهم". قلت له "فخامة الرئيس كنت مكلفاً ان ابحث في القاهرة انتخابات الرئاسة وجئت اليك كما كلفني الرئيس عبدالناصر لأبلغك رسالة". وبعدما سمعها قال لي: "كتر خيره الرئيس عبدالناصر". وفهمت في ما بعد ان القرار انتهى الى ترشيح الرئيس سركيس. وأصدر الرئيس فؤاد شهاب بيان العزوف المشهور. بدأنا نحضر الانتخابات وكان يقود العملية غابي لحود بشكل مكشوف.
لم يكن عبدالناصر معنا ولم يكن مع اخصامنا وتبين لنا ذلك من انقسام كتلة كمال جنبلاط. السفير المصري ابراهيم صبري كانت عواطفه معنا لكنه قال لي: "لم تأتني تعليمات بالتأييد الكامل" ولذلك ايدنا ابراهيم صبري وعمل معنا ولكن على اساس ان عبدالناصر لم يتخذ موقفاً. أما كمال جنبلاط الذي كان على علاقة جيدة بصبري ولكن كانت له قنواته مع عبدالناصر عرف ان ليس هناك الحاح من عبدالناصر على تأييد سركيس. أنا اؤكد ان موقف عبدالناصر لم يكن حاسماً مع الرئيس سركيس لكنه لم يكن ابداً مع اخصامه.
خيبة من الكتائب
يتبين من مراجعة ظروف المعركة انه كان هناك تكافؤ في القوى، كيف أديرت المعركة ولماذا خسرتم؟
- أديرت المعرك من قبل غابي لحود مباشرة بمعاونة أحمد الحاج من بعيد ونفذها الضباط. اما الفريق السياسي رينيه معوض، فؤاد بطرس الذي بقي لآخر لحظة مع ميشال الخوري وكان يسميه البديل، رشيد أفندي وصبري حمادة فقد "انكعموا" بالياس سركيس. كانوا يفضلون جان عزيز لكنهم مشوا من أجل فؤاد شهاب. وغابي لحود كان اقنعه ان المعركة ناجحة ب 56-57 صوتاً لذلك عندما أتى جان عزيز لعنده قال له "ان الياس طالع فيك أو بلاك. اذا كنت مضطراً خذ الموقف الذي يناسبك" مشى عزيز مع فرنجية. المعارضة لم تكن مع الرئيس فرنجية، ولما ترشح فرنجية وكانت المعارضة تفكر بكميل شمعون، ادركنا انه اصبح هناك خرق. فرنجية هو نفسه كان وعد الرئيس سركيس عن طريق نسيم مجدلاني وعبداللطيف الزين بالتصويت له. وترك معه فؤاد غصن وباخوس وتخربطت معادلة ال 57... يمكن عبداللطيف صوت مع الرئيس سركيس كنا ماشيين على أساس 57 صوتاً اصبحت 49 - 50. هناك شارل حلو كان واهمنا انه مع سركيس. لا يمكننا الا ان نظن ان الكتائب كان لهم موقف مستغرب من سركيس. اصبنا بخيبة ومرارة كبيرة من موقف الكتائب. كنا نفهم شمعون وإده وكامل الأسعد. هؤلاء عندهم خصومات واضحة ولكن الكتائب... الرئيس شارل حلو بدون شك حتى ولو كانت عواطفه مع الرئيس سركيس اثر على بعض النواب.
هل حصل خطأ في إدارة المعركة الانتخابية؟
- حصل خطأ كبير في ادارة المعركة حين ترشح فرنجية للرئاسة كان علينا ان نلجأ الى التسوية واما ان نؤجل الانتخابات، لأنه اتضح ان القصة على صوت. من يخوض معركة على صوت وعندما سألنا غابي لحود "ما هي الخطة البديلة اذا سقط الياس سركيس" قال: "نفوت بالقزاز" لماذا؟ هل يوجد قائد عسكري لا يكون عنده خطط بديلة حتى يخلص جماعته. دخلنا كلنا في المعركة بصدورنا. اذا سقط الياس سركيس سنحاسب وهكذا صار.
كيف تؤجل الانتخابات؟ الى متى؟
- رئيس المجلس يؤجل الانتخابات لأسبوع لتكون هناك فرصة للتوصل الى تسوية معينة. كان يطرح اسم إميل البستاني ويطرح اسمه بصورة جانبية. كان مجلس الوزراء قرر تنحيته عن قيادة الجيش في بداية 1970 ولا اخفي ان تنحيته تمت لأن شارل حلو لم يعد قادراً على التفاهم معه ولأنه كان يتصرف في قيادة الجيش وكأنه رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وبطريقة فوقية. من استفاد؟ خصمه اللدود ريمون إده، فراح يحرض شارل حلو على إميل البستاني. وجاء سعيه الى الرئاسة عبر اتفاق القاهرة والاتصالات ما بينه وبين ياسر عرفات وفريق عبدالناصر بالقاهرة يملي على رئيس الوزراء بتشجيع من جماعة الشهابية طرح تنحية البستاني عن قيادة الجيش على مجلس الوزراء. هكذا حصل ثم عين جان نجيم قائداً للجيش.
استلم نجيم الجيش وواكب رئاسة الجمهورية الى ان ظهرت النتائج وتسلم فرنجية سدة الرئاسة. واذكر في ذلك الوقت انني كنت مع الرئيس شارل حلو في مؤتمر القمة في القاهرة الذي عقد في ايلول للبحث في "أيلول الأسود" الذي حدث في الأردن. عاد الرئيس الى لبنان في 22 أيلول مساء وسلّم الرئيس فرنجية الذي أمضى أول يوم من رئاسته في القاهرة في القمة وتوقف المؤتمر 24 ساعة حتى انضم فرنجية اليه. وعدنا الى بيروت في 28 ايلول وكنت مع الرئيس فرنجية في الطائرة.
لو سعف الحظ الياس سركيس وفاز برئاسة الجمهورية في العام 1970 هل كانت هناك امكانية لتفادي الحرب التي عصفت بلبنان منذ العام 1975؟
- طبعاً لأن المؤسسة العسكرية والأمنية كانت كلها متماسكة وتشكل وحدة بالمرجعية وبالسلوك وبالأداء وصلاتنا مع عبدالناصر كانت جيدة. وكان يمكن ان تنشأ علاقة جيدة مع الرئيس الأسد هو وفريق العمل التابع له والذي سيتبين لنا انه في 16 تشرين الثاني سيصبح هو حاكم دمشق وكنا مع دمشق من جهة ومصر من جهة أخرى تفادينا كل ما حصل.
اما الذي حصل فهو العكس تماماً. استلم فرنجية واشهد له انه لم يكن صاحب المبادرات السلبية ضد الشعبية الثانية بل التركيبة السياسية التي اتت معه من الحكومة الى المجلس ساهمت بدفعه الى أخذ قرار بالغاء الجهاز. واحد عنده عين واذن تحضران له ما يحصل في البلد، هل تلغيهما حتى تصبح تحت رحمة الصدفة؟ نحن نفهم انه لا يعجبك غابي لحود، تستبدله بجول بستاني، ولكن هل تلغي الجهاز وتلبط غرف الرقابة الهاتفية، مثلما عمل الرئيس سلام وأغلقها وتحضر لوائح بالمخبرين وتعممها وتشرشح الجهاز. هكذا عملوا بالشعبة الثانية. اوقفوا المخابرات الهاتفية، احضروا لوائح المخبرين. وأصبحوا يقتلون في المخيمات.
هذا الذي حصل، ألغوا الجهاز ثم المؤسسات العسكرية والأمنية فأصيب ضباطها بالاحباط خصوصاً عندما لاحظوا ان ضباط الشعبة الثانية الذين كانوا المؤتمنين واللامعين اصبحوا مشردين ويحاكمون. فلم يعد احد مستعداً لتنفيذ أوامر السلطة السياسية الا بموجب امر خطي كي يحمي نفسه. فضعفت المعنويات والحماسة وبدأ التفكك في الجيش فكل ضابط يريد ان يؤمن لنفسه حماية سياسية حتى لا يحل ما حل برفاقه.
في هذا الوقت بدأ التطبيق السيء لاتفاقية القاهرة. عملوا أول ملحق وجرى اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة عام 1973 في فردان وتطور هذا الى مزيد من الحماية الفلسطينية للقيادات داخل بيروت الأمر الذي أدى الى صدام كبير مع الجيش اللبناني استخدمت فيه الطائرات. تدخلت كل القوى العربية حتى توقفت الحملة ضد الفلسطينيين وتدخل فرقاء عرب بالمصالحة. توصلت السلطة اللبنانية والفلسطينيون الى اتفاقات ملكارت التي فيها المزيد من التنازل عن السيادة ومزيد من التنازل عن الدور الأمني للفلسطيني. الشيء هذا كان منذ 1969 وملامح الحرب بدأت منذ حينها. أو بالأحرى في أعقاب حرب 1967 بالذات.
وبدل ان يضع العهد حداً فورياً للموجة التي كانت تكبر منذ 1969 ازال بعض الجدران فمشي "السيل" واصبح يتعاظم واحسسنا بتأثير التوازنات الدولية على ما يجري في لبنان وعلى تحرك القوى وحجم هذا التحرك. وضعفت مراقبتنا للشواطئ والحدود وكنا نعرف لأن طريق "عرنة" كان مفتوحاً ولم يغلق ابداً. كذلك البحر وقد عقد الأمور ذهاب الرئيس فرنجية الى الأمم المتحدة حاملاً غصن الزيتون وممثلاً كل العرب الشيء الذي جعل لبنان بصيغته الفريدة هدفاً أساسياً واستراتيجياً للتحطيم من قبل الصهيونية العالمية ومن قبل اسرائيل. اضف الى ذلك انه كان لا بد من بدء مفاوضات كمب ديفيد وكان لا بد من اشعال نار في مكان ما في شرق المتوسط أو في العالم العربي حتى يذهب السادات بهدوء ويبدأ مفاوضات السلام.
شهاب وسلام والامزجة
عاصرت الرئيسين شهاب وحلو في العهدين، اكثر من شكل حكومات كان الرئيس كرامي، كيف كانت العلاقات بين كل من الرئيسين مع رؤساء الحكومة عموماً ومع الرئيس كرامي خصوصاً؟
- أذكر انه لم تكن هناك مشكلة بين الرئيس شهاب وبين الرئيس كرامي كانت المشكلة بينه وبين الرئيس سلام. لم يتفاهم الرئيسان شهاب وسلام. اعتقد ان اختلاف الأمزجة كان الأساس في ذلك بالاضافة الى فتور علاقة الرئيس عبدالناصر بالرئيس سلام. وهذا كان عاملاً مساعداً على تضخيم عملية الامزجة. اضف الى ذلك ان الرئيس سلام، زعيم كبير ورجل من المشاركين في الاستقلال وتقليدي، وحلفاؤه التقليديون كانوا كلهم أو معظمهم في صفوف المعارضة، فلم يتمكن من التفاهم مع الرئيس شهاب.
مع الرئيس كرامي كان الوضع أفضل بكثير! كرامي فهم الرئيس شهاب تماماً والرئيس شهاب فهم كرامي وتوافقا تماماً. الرئيس شهاب "اعطى" الرئيس كرامي والعكس بالعكس ونجحا لأنهما استطاعا ان يمضيا ثلاثة سنوات وشهرين في ظل حكومة واحدة وكانت اطول حكومة عمراً في تاريخ الجمهورية اللبنانية. وخلال هذه الحكومة عملت كل المراسيم الاشتراعية التي تنظم الدولة اللبنانية وما زالت حتى الآن. وهي أساس كل التشريعات اللبنانية الحديثة.
اما مع الرئيس حلو، بحكم وضعه وطريقة وصوله الى الحكم، فان علاقاته مع رؤساء الوزراء لم تكن مستقرة او لم تكن متساوية. كانت تربطه بالرئيس عبدالله اليافي علاقة ود كبيرة. رأس الحكومة مرتين في عهده وهو من الرعيل القديم ومتعلم في فرنسا وخريج ال SORBONNE ونعرف كم تعني الفرنكوفونية للرئيس حلو. فمن هذه الناحية كان عبدالله اليافي اقرب الى الرئيس حلو من أي رئيس حكومة آخر. مع الرئيس تقي الدين الصلح الذي عينه وزيراً للداخلية ولم يعينه رئيس وزراء كانت علاقته جيدة. اما الرئيس كرامي، فعينه مضطراً وليس بخيار كامل منه. كان ذلك عندما توتر الوضع وأستدعى وجود شخص مثل كرامي له طلة عربية واسلامية وقادر على التفاهم مع جنبلاط والاحزاب والفلسطينيين. والمؤسسة الشهابية كانت لا تزال فاعلة فكانت أيضاً مؤثرة في هذا الخيار.
كان الرئيس حلو يتضايق من ان الرئيس كرامي يأخذ القرارات. لذلك يوم 23 نيسان 1969 كان لا بد للرئيس كرامي ان يستقيل لكي يعالج من خلال استقالته الأوضاع في الشارع لحماية المؤسسة العسكرية والأمنية. كان لا بد من ان يعمل شيئاً من هذا النوع لإرضاء الشارع. القتلى في كل المناطق، فقدم استقالته. وكلفه الرئيس حلو بتصريف الأعمال وظلت هذه الاستقالة سبعة أشهر. كان الرئيس كرامي يجتمع بالرئيس حلو في القصر ويبحثان في تأليف حكومة لمعالجة الموضوع. كنا عارفين ان حكومة تعالج الموضوع يجب ان تكون حكومة تضم المعارضين الذين قاموا بالأمر وكنا نتحاشى هذا الموضوع. فطالت مدة تصريف الأعمال ولم تنته الا بعد اتفاق القاهرة. قبلت الاستقالة وأعيد تأليف الحكومة.
... أذكر ايضاً الحج حسين العويني كان حبوباً، لائقاً، كان بطريقته المحببة "يُنَكوِزنا" ولكن لم يكن ينزعج منا لأننا كنا الى جانبه. الرئيس اليافي كنت قريباً منه. كان بيننا علاقة جدية ورسمية. مع الرئيس كرامي كنا مثل عائلة، فريق، مع الرئيس اليافي كانت هناك مسافة يحب الرئيس شهاب ولكن مع مسافة. الحاج حسين كان BON PAPA وأذكر انه استدعاني في 1964 ربما وقت الانتخابات وارسلني الى الرئيس شهاب مع رسالة هي الآتية: شوف يا سامي، روح بتقول له، حسين منو طرطور ما فيك تبعث له ليستة أي لائحة وتقوله هيدي الحكومة وقع عليها". بلغت الرئيس شهاب الساعة السادسة وصدر مرسوم التكليف.
اثناء ولاية الرئيس فرنجية تعرضتم لملاحقات ثم عدت الى العمل الرسمي مع الرئيس سركيس.
- الحقيقة في اثناء فترة التشرد والمحاكمات اكتشفت حاجة ملحة للعمل السياسي. وجدت انني مسيّس بطبيعتي وانني موجود في هذا الخضم خصوصاً ان العمل السياسي اصبح الطريقة الوحيدة لأرد اعتباري، اذا لم استطع ان أرد اعتباري عسكرياً بالعودة الى الجيش، فكان العمل السياسي هو الطريقة الوحيدة لبدء مرحلة جديدة من حياتي. كان عمري 39 سنة وكنت قادراً على بدء حياة جديدة. وكنت مهيأ لها بعلاقات وصداقات... إلخ داخل لبنان وخارج لبنان. يمكن لو كان عندي رصيد مالي كنت عملت في التجارة. ولكن لم أكن مهيأ للتجارة ووجدت تشجيعاً لي على هذا التوجه من بلدي وأصحابي.
لذلك في ال 1974 عندما عدت من دمشق وبرئت من المحكمة باشرت العمل السياسي. وأول نشاط كان لي المشاركة في استقبال الرئيس الأسد عندما أتى الى شتورا للاجتماع بالرئيس فرنجية.
كنت طلعت من الجيش وكان معي وفد من البقاع الغربي. وقفت على الطريق في المصنع ونحرنا خرافاً الخ... حملني الشباب على الأكتاف ومر في سيارة واحدة، العماد حكمت الشهابي وعلي دوبا وناجي جميل وحيوني من داخل السيارة. وعلى رغم ان قيادة قوات الردع العربية، كانت مركزاً سياسياً اكثر منه عسكرياً تابعت نشاطي السياسي بنجوم طيلة حكم الرئيس سركيس.
لاجئ في الشام
امضيت سنة ونصفاً في الشام لاجئاً سياسياً، وعدت وتعاطيت السياسة، بنجوم وبلا نجوم، ماذا فعلت في سورية وما هو الدور الذي لعبته سورية في مسيرتك السياسية في ما بعد؟
- أنا علاقتي مع السوريين بدأت منذ 1964 طبعاً معرفة في الأول. معرفة الرئيس الأسد في لقاء 8 آذار وعندما نسقت معهم في أعمال أمنية ضد شبكات اسرائيلية. وثالثاً عندما طلبوا مني تسليمهم شخصاً وقال لي الرئيس الأسد بعد ذلك. ابواب سورية مفتوحة لك.
كل هذا اعطاني رصيداً استخدمته عندما لجأت في 1973 الى دمشق. اثناء لجوئي 73-74، تعرفت على كل القيادة السورية، عسكرية وسياسية، لم يكن لدي ما أعمله غير التعرف الى الناس وخاصة انني درست في دمشق ست سنوات داخلي. رأيت معارفي في المدرسة. عمداء، ضباط... الخ وهناك عاصرت وعايشت حرب 1973. ولمست السرية التي بها حضرت هذه الحرب ورأيت فريق عمل حافظ الأسد والاخلاص والوعي والإدراك والتماسك. ورأيت الوحدة في المرجعية، والنظام في العمل. وعندما يكون القرار واحداً وفريق العمل ينفذ هذا القرار، باخلاص وبمحبة وباندفاع.
لا اخفي تأثرت بجديتهم بالعمل، وفي الوقت نفسه وجدت رحابة صدر وخاصة من الأسد وعوملنا أنا ورفاقي معاملة اخوية وعائلية، وقد رفض الرئيس حافظ الأسد ان يعطينا بطاقة لجوء سياسي "لأن هذه تقيد حركتكم في سورية وأنا لا اعتبركم ضيوفاً ولكنكم من العائلة". وتصور انهم لم يستدعونا ولا مرة. حتى عندما صارت مشاكل في لبنان 1973، عتبت على العماد حكمت لأنه لم يخبرنا. قال انه ليس من المعقول ان يستدعونا، "حتى لا تفهموا الأمر انه أخذ معلومات منكم. في اليوم الذي تتكلمون معنا، من تلقاء انفسكم، أهلاً. والا انتم أحرار".
هذا المناخ شجعني على طرح موضوع الرئيس سركيس لاننا كنا نعتبر ان رد اعتبارنا الحقيقي هو في نجاح الرئيس سركيس، اذا نجح الرئيس سركيس في الانتخابات الرئاسية يعاد اعتبارنا السياسي والشخصي، وبدأت تنمو فكرة الرئيس سركيس، فكرة إبن يوسف النجار والده، وتصبح حقيقة وخاصة انه عندما كنا في الشام، حولنا قضيتنا من قضية قضائية الى سياسية. وهذا ما قلت للرئيس شهاب، قلت له انا ذاهب الى الشام، لأنني في الشام ورقة بيدك، ولكن في السجن ورقة بيد غيرك. يومها ارسلت أخي محمد الخطيب ليسأل العماد الشهابي "هل أبواب سورية لا تزال، مفتوحة لسامي الخطيب كما وعد السنة 1969 على لسان اللواء حافظ الأسد"، فقال لي "مفتوحة لك ولمن معك". أما اخذت القرار واستقبلت هناك بناء لطلسي ورحب بي وانا ارسلت بطلب رفاقي. ولحقني سامي الشيخة وجان وكمال عبدالملك.
لماذا لم يذهب غابي لحود؟
- لا اعرف دعوت غابي، لكنه كان لا يزال يعيش جو رئاسة المكتب الثاني، جو أنه حاكم البلد. طلب الذهاب الى الشام ومقابلة الرئيس الأسد، وفي اليوم نفسه. طبعاً لم يكن الموضوع وارداً. ولم يكن غابي متحمساً للذهاب الى الشام.
سركيس وسورية
معركة الرئيس سركيس 1976، هل عملت فيها لوحدك وكيف تقبل السوريون ترشيحه عندما اثرت الموضوع؟
- تتعجب، الرئيس سركيس اصبح رئيساً من دون ان يقابل الرئيس الأسد ولا مرة ولم يزر الشام. لم أعرف انه رآه.
هل اقتنعوا بشخصية الرئيس سركيس.
- بدأت قضية الانتخابات في أول 1976 عندما زعل الوفد السوري واختلف مع الرئيس فرنجية على حكومة الانقاذ وعندما اطلقت عليه النار عند عودته من عند زهير محسن وعندما عمل عزيز الأحدب الانقلاب في 11 آذار. انطلقت قضية تقصير ولاية الرئيس فرنجية وتعديل الدستور لانتخاب الرئيس الجديد قبل ستة أشهر من الموعد. منذ ذلك الوقت بدأ البحث الجدي عن الرئيس. وطبعاً اخذت القصة شهرين. وكان هنا العماد محمد الخولي وعلي مدني بالاضافة الى زهير محسن الموثوق من القيادة السورية وعاصم قانصوه. وكانوا مع عدة اشخاص لبنانيين وسياسيين كلهم ساهموا في تعريف الرئيس سركيس وتنوير صورته في دمشق أمام الرئيس الأسد حتى تبناه.
معركة الرئاسة كملناها تحت القنابل خصوصاً ان ياسر عرفات و"فتح" كانا ضد الرئيس سركيس ومع ريمون إده وكانا ضد سورية وضد دخول الجيش السوري الى لبنان. كل العملية اصبحت لصالح الرئيس سركيس والذين يريدون الرئيس سركيس كانوا من الطرف المسيحي، والطرف المسيحي كان على علاقة وثيقة مع سورية.
وتبنت الجبهة المسيحية الرئيس سركيس وخاصة انه على علاقة مع دمشق. واعتبر هذا نصراً للجبهة اللبنانية على ياسر عرفات وجنبلاط والفريق الآخر. وحدثت لقاءات كثيرة. آذار ونيسان كانا شهرين حافلين باللقاءات والمكاتب والبرقيات والوفود. لا اعرف اذا كان الرئيس سركيس ذهب الى الشام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.