اعطى ممثلو تسع دول، بينها خمس دول عربية، اشارة الانطلاق لأول قمة اقتصادية حول التنمية في شمال افريقيا والشرق الأوسط ستعقد في الدار البيضاء، في نهاية الشهر الجاري برئاسة الملك الحسن الثاني، ورعاية كل من الرئيسين بيل كلنتون وبوريس يلتسن. وفي سياق الاعداد للقمة عقدت اللجنة التحضيرية التي تضم المغرب وفلسطين ومصر والأردن ودولة الامارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والمانيا واسرائيل، اضافة الى ممثلين عن الاتحاد الاوروبي والمنتدى الاقتصادي العالمي، أول اجتماع لها في الرباط لوضع مشروع جدول اعمال المؤتمر وبحث امكانات وفرص الشراكة في المنطقة ودرس الجوانب التنظيمية للمؤتمر الذي سيحضره رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية واقتصاد وحوالي ألف مسؤول حكومي ورجل اعمال يمثلون منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأميركا، وممثلو اكثر من خمسة آلاف شركة من مختلف انحاء العالم. وشارك في اعمال الدورة التي ترأسها رئيس الحكومة وزير الخارجية المغربي الدكتور عبداللطيف الفيلالي دينيس روس المنسق الخاص لشؤون الشرق الأوسط في الخارجية الاميركية الذي كان اختتم جولة شرق اوسطية استهدفت تحريك المسار السوري - الاسرائيلي في عملية السلام، كما استهدفت حث كل من سورية ولبنان على عدم مقاطعة هذا المؤتمر الذي وصفه "بالمنعطف التاريخي بالنسبة الى مستقبل المنطقة". وقبل اجتماع اللجنة التحضيرية زار كلاوس شواب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يوجد مقره في جنيف، الرباط حيث اعلن عن الاتجاه لانشاء منطقة اقتصادية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، من شأنها المساهمة في اقامة مشاريع تعاون وتبادل تجاريين، مؤكداً ان اعمال قمة الدار البيضاء ستتمحور حول الجوانب العملية لبلورة تعاون فعلي بين دول الشمال والجنوب. وأجمعت الاطراف المشاركة على ان الهدف من قمة الدار البيضاء هو دعم عملية السلام عن طريق توسيع وتمتين العلاقات الاقتصادية بين دول شمال افريقيا والشرق الأوسط، حيث ذكر ان مبادرة عقد هذه القمة اتخذت خلال لقاء بين شواب ووزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز، في نهاية العام 1993، وقد تم الاعلان عنها في 30 كانون الثاني يناير الماضي خلال الاجتماع السنوي للمجمع في دافوس في سويسرا. كما ذكر مسؤول أميركي ان "الهدف من القمة هو جمع القطاعين الخاص والعام، من شركات ومسؤولين حكوميين على مستوى عال، للبحث في الفرص المتاحة أمام التنمية الاقتصادية والتعاون على المستوى الاقليمي، واعطاء دفعة للتعاون الاقتصادي بين العرب واسرائيل في مشاريع محددة كالنشاط المصرفي والسياحة وموارد المياه وأسواق رأس المال والاعلام". وأبرزت مختلف الاوساط الاقتصادية أهمية التقاء رجال اعمال وخبراء وسياسيين من العالم بأسره، خصوصاً الشركات المتعددة الجنسيات التي لا يمكن ان تضع جانباً سوقاً تتكون من 200 الى 300 مليون نسمة تمتد من المحيط الاطلسي الى الخليج، وهو ما يعني امكان تحقيق منطقة تبادل حر، او امكان "تكامل اقتصادي في الشرق الأوسط". واذا كان المراقبون يعزون امتناع بعض الدول العربية عن المشاركة في قمة الدار البيضاء الى الخشية من ان يكرس الاندماج الاقتصادي الاقليمي المقترح الدور المهيمن لاسرائيل، فانهم لا يختلفون على ان عقد هذه القمة في المغرب يمثل اعترافاً بالدور المتميز للعاهل المغربي في عملية السلام، اذ ساهم، ومنذ البداية، في انطلاق المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، وما زال يواصل بحماس هذا الدور لتذليل مصاعب الطريق بين الطرفين، وأشار وزير الداخلية والاعلام المغربي ادريس البصري عند وضع الترتيبات الاولية للقمة الى ان لبلاده افكاراً خاصة تتصل باعادة بناء بلدان الشرق الأوسط، كما ان لها تصوراً لاعطاء زخم لاقتصاد بلدان المغرب العربي، مؤكداً أهمية هذه القمة في تسوية أزمة الشرق الأوسط.