نجحت دوائر الأمن الجزائرية يوم الاثنين 26 ايلول سبتمبر في القضاء على الشريف فوسمي المدعو أبو عبدالله احمد أمير "الجماعة الاسلامية المسلحة" الذي نصب نفسه في آب اغسطس الماضي "خليفة" على الجزائر، وأعلن عن تشكيل "حكومة ظل" رفض بعض أعضائها المقترحين المشاركة فيها. تولى فوسمي "إمارة الجماعة" في أواخر شباط فبراير الماضي، إثر مقتل أمير الجماعة جعفر الافغاني مراد سيد أحمد، وأحد أبرز نوابه السايح عطية. وكان قبل ذلك "أميراً" على مستوى بلديتي ببيرخادم والسحاولة حيث قتل في اعقاب اشتباك عنيف مع قوات الأمن. و"الخليفة" الراحل من مواليد 1968 ببيرخادم، حيث بدأ نضاله، في صفوف الحركة الاسلامية... وكانت البداية متواضعة: امام مصلّى صغير في البلدية نفسها. لكن بعد ظهور موجة "جبهة الانقاذ" العارمة، ركب الموجة ليجد نفسه بعد الانتخابات المحلية في 12 حزيران يونيو 1990 على رأس بلدية بيرخادم الواقعة على طريق البليدة البوابة الجنوبية للعاصمة الجزائرية. هذه البلدية تضم بعض السفارات مثل سفارتي ايران والنمسا... ما دفع احدى الصحف المحلية الى الحديث في نيسان ابريل الماضي عن علاقة فوسمي بالسفير الايراني السابق الذي قد يكون حرضه، على حد بعض المزاعم، على اغتيال السفير صالح فلاح مسؤول دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الجزائرية الذي بلغ شخصياً الديبلوماسيين الايرانيين طلب مغادرة الجزائر. إمارة الشريف فوسمي لپ"الجماعة الاسلامية المسلحة" تميزت بتصعيد في العنف لم يسبق له مثيل وبمحاولة توحيد الفصائل المسلحة تحت لوائه. من مظاهر هذا التصعيد الخطير: - اغتيال خمسة فرنسيين في حي عين الله العاصمة في 4 حزيران الماضي، وقد ترتبت على هذه العملية مضاعفات خطيرة على مستوى تنقل الجزائريين الى فرنسا وتدريس الفرنسية في الجزائر. - إحراق أكثر من 550 مؤسسة تعليمية في مختلف المراحل من الابتدائي الى العالي، مع محاولة عرقلة الدخول المدرسي لهذه السنة. - مداهمة بيوت المواطنين وإقامة الحواجز في بعض الطرقات لتجريد المواطنين من وثائقهم الشخصية، من بطاقات هوية ورخص سياقة وحتى الدفاتر العائلية! مثل هذه الاعمال اساءت كثيراً الى "الجماعات المسلحة" التي بالغت كذلك في تغريم المزارعين والتجار وأرباب المصانع الخاصة الذين كثيراً ما تنتزع منهم أموالهم تحت التهديد. وتجلت المحاولة الأولى لتوحيد الفصائل المسلحة في 13 أيار مايو الماضي عندما أعلنت جماعة فوسمي في بيان أول عن تأسيس مجلس شوري جديد احتفظ فيه كل من الشيخين مدني عباسي وعلي بالحاج بمنصبيهما! وفي بيان لاحق أعلن فوسمي ان الشيخين عباسي وبالحاج قد بايعاه أسوة بالسعيد مخلوفي وعبدالقادر شبوطي. وقد سارعت "كتيبة النصر" التابعة "للجيش الاسلامي للانقاذ" بالرد على ذلك في بيان 24 أيار حيث اعتبرت مزاعم فوسمي "بهتاناً وزوراً وافتراء لزرع الفتن"! وحسب شهادة سفير اليمن السابق الذي اختطفته "الجماعة الاسلامية المسلحة" في 15 تموز يوليو الماضي، فإن فوسمي أصر على اسماعهم تسجيلاً بأصوات كل من مخلوفي ومحمد السعيد وشبوطي ورجام يعلنون جميعهم فيه مبايعتهم له "بالإمارة". وبناء على هذه "المبايعة" نصب الشريف فوسمي - بعد حوالي شهر - نفسه "خليفة" على الجزائر، وأعلن عن تشكيل حكوية من بين اعضائها محمد السعيد ورجام ومخلوفي وهدام... الخ. وكما كان منتظراً فقد سارع "الجيش الاسلامي للانقاذ" مرة اخرى الى تكذيب كل ذلك في حينه. ويعتبر الشريف فوسمي خامس أمير "للجماعة الاسلامية المسلحة" يتم القضاء عليه. وتبدو هذه التصفيات المتتالية لأمراء الجماعة بالإضافة الى اغتيال المثقفين والاجانب وإحراق المدارس وتجريد المواطنين من وثائقهم الشخصية في نظر عدد من الملاحظين كدليل قوي على اختراقها من طرف مصالح الأمن الجزائرية التي وجهت في الآونة الأخيرة ضربة موجعة "للجماعة" بتصفية عناصر خطيرة أمثال فوسمي والشيخ بوعلام وأبو مريم وغيرهم. والجدير بالذكر ان السيد قمرالدين خربان المسؤول العسكري في الهيئة التنفيذية الموقتة لجبهة "الانقاذ" بالخارج، سبق ان اعترف في أواخر العام الماضي بهذا الاختراق بعد تصفية أمراء "الجماعة" الواحد تلو الآخر.