«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حماس" تخطط لوراثة المنظمة . معارضة للاقتتال مرفقة بتحذير للشرطة الفلسطينية اغتيال مسؤول في "فتح" وغزة تخشى الرصاصة الأولى

غيّر الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي ملامح المرحلة الحالية من البحث عن السلام في الشرق الأوسط. وبعد انتهاء رهجة التوقيع في البيت الأبيض انصرف اللاعبون الى اعادة ترتيب الأوراق في ضوء الاختراق الجديد.
تحركت الولايات المتحدة لحماية الاتفاق الاسرائيلي - الفلسطيني في اتجاهين. الأول عبر الدعوة التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر لعقد مؤتمر دولي لدعم السلام معيداً الى الأذهان التحالف الذي بلورته واشنطن في مواجهة الغزو العراقي للكويت. وكان كريستوفر صريحاً لجهة مطالبة الدول المقتدرة المدعوة الى المؤتمر بترجمة دعمها للاتفاق في صورة مساعدات مالية ملموسة. والثاني التحرك لتدعيم التقدم الذي حصل على المسارين الفلسطيني والأردني بتقدم ملموس على المسار السوري.
وتحدثت مصادر ديبلوماسية غربية عن تقدم في معالجة موضوع الجولان مشيرة الى تفاهم على دور عسكري أميركي هناك بعد الانسحاب الاسرائيلي. وقالت ان التقدم مرهون باتفاق اسرائيل وسورية على تحديد نهائي لمفهومي الانسحاب والسلام.
وتوقعت المصادر اختراقاً على المسار السوري - الاسرائيلي في غضون أسابيع ولم تستبعد أن تشهد هذه الفترة انعقاد قمة أميركية - سورية.
وبدا واضحاً في الأيام القليلة الماضية ان مصر التي لعبت دوراً بارزاً في انضاج موقف المنظمة وتسهيل اعتماد خيار "غزة - أريحا أولاً" تستعد للعب دور مماثل على المسار السوري - الاسرائيلي. وفي هذا السياق استقبل الرئيس حسني مبارك رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين وأطلع منه على تصور حكومته لآفاق التوصل الى اتفاق مع سورية. وكان هذا التصور محور المحادثات التي أجراها مبارك لاحقاً في مصر مع الرئيس حافظ الأسد.
وبانتظار اختراق جديد على جبهة السلام نجح الرئيس ياسر عرفات في تسويق الاتفاق أمام وزراء الخارجية العرب في القاهرة لكن محادثاته في عمان مع الملك حسين لم تسفر عن إسقاط كل علامات الاستفهام الأردنية حول انعكاسات الاتفاق على الأردن ومستقبل العلاقات الفلسطينية - الأردنية.
وجدد اغتيال المحامي محمد أبو شعبان رئيس اللجنة السياسية التابعة لحركة "فتح" في قطاع غزة على يد فلسطينيين مقنعين المخاوف من اندلاع الحرب بين "حماس" و"فتح". وتخوف كثيرون من أن تكون الرصاصة الأولى قد انطلقت فعلاً. وعبر سلسلة من اللقاءات سألت "الوسط" مسؤولين من "حماس" ومقربين منها عن خطتهم للمرحلة المقبلة. وإذا كانت "حماس" شددت على عدم الاقتتال فانها حرصت على تحذير الشرطة الفلسطينية من أعمال القمع ولوح فريق منها باستمرار الهجمات على الاسرائيليين في غزة وأريحا. وظهر جلياً ان "حماس" تسعى الى وراثة منظمة التحرير ومنع قيام منظمة بديلة لها مع رهان على احتواء جزء من "فتح" وعلى تعثر الاتفاق بسبب العنجهية الاسرائيلية. فماذا تريد حماس وماذا تخطط؟
في أول عرس في نادي اليرموك الذي يعتبر النادي الرياضي والثقافي للحركة الاسلامية في الاردن ارتفعت اصوات الشباب الحاضرين تنشد لفلسطين ولحلم التحرير من البحر الى النهر. ولم يشغل حفل الزفاف، وكان الاول بعد الاتفاق الاسرائيلي - الفلسطيني، الحاضرين عن الاتفاق فنددوا به وسمعوا ينشدون "جوازك فرحنا يازين… ولكن ضاعت الفرحة… تراهم باعوا فلسطين".
ورغم حماسة الشباب فان المتوقع هو البقاء في الموقف الحالي ذلك ان شيوخهم يدعونهم الآن للصبر والاعداد. ففي الحفل نفسه وقف الشيخ احمد نوفل وهو من الخطباء المعروفين والمؤثرين يحذرهم من التهور قائلاً "عندما نقول ان الاتفاق خيانة وبيع لفلسطين وعندما نقول ان لا حل الا بالجهاد فان ذلك لا يعني اننا نقول لكم انزلوا غداً الى النهر نهر الاردن وانما نقول لكم عليكم بالصبر والاعداد فمعركتنا مع اليهود طويلة".
هذه الصورة تعبر عن موقف حركة المقاومة الاسلامية "حماس" تجاه اتفاق غز - اريحا وعن استراتيجيتها في المرحلة المقبلة اذ ستركز على معارضة الاتفاق من خلال الخطب والمؤتمرات ومعسكرات الشباب والمساجد "والاهم أن يبقى المسلمون مؤمنين بحقهم الشرعي ولا شرعية الصلح وحرمانية التفريط بأرض المسلمين لليهود". حسب قول اسحق الفرحان رئيس حزب جبهة العمل الاسلامي ذراع الحركة الاسلامية السياسي في الاردن وأحد مفكري الحركة.
وفي ضوء حوارات طويلة اجرتها "الوسط" مع قيادات "حماس" في عمان وغيرها من العواصم ومنهم محمد نزال ممثل الحركة في الاردن وابراهيم غوشه عضو مكتبها السياسي والناطق باسمه وأبو الوليد عضو المكتب السياسي، يمكن اختصار موقف "حماس" بأن مشروعها الاستراتيجي لتحرير فلسطين من البحر الى النهر سيستمر مع تكييف وضعها مع الوضع الجديد. فهي ستعارض الاتفاق وغيره من اتفاقات السلام بشكل سلمي لا يدفعها للصدام مع منظمة التحرير أو الانظمة العربية الاخرى وستعمل لاحتواء المعارضين والتعاون معهم ولكن بحذر وستراهن على فشل الجانب الاقتصادي من المشروع أو على الاقل الفشل في تلبية الوعود بالرخاء والازدهار وتتوقع ان تساعدها "العنجهية" الاسرائيلية المنتصرة في اقناع الفلسطينيين بعبثية الاتفاق واخيراً ستوازن بين العمل العسكري ضد اهداف عسكرية اسرائيلية وبين ما يمكن ان يجرها الى اقتتال مع الفلسطينيين.
"حماس" والشرطة الفلسطينية
قليل من "الحماسيين" مستعدون للاعتراف علناً بأنهم فوجئوا باتفاق غزة - اريحا غير انه من المؤكد انهم كانوا واثقين أو يأملون الى حد كبير بأن تفشل عملية السلام خصوصاً مع تعثر الجولات الاخيرة وما تردد عن اهتزاز موقع زعيم المنظمة ياسر عرفات بفعل الاحتجاجات والاستقالات.
ويعبر عن موقف المتعاطفين مع "حماس" في الداخل الشيخ تيسير التميمي الذي ينفي انتماءه الى الحركة، التي لا يزال الانتساب اليها جريمة يعاقب عليها في الاراضي المحتلة ويقول "لم نفاجأ باتفاق عرفات ورابين اذ كنا نتوقع ذلك والمفاجأة كانت في حجم التنازلات التي قدمها عرفات لليهود… لم نتوقع يوماً ان يقدم زعيم فلسطين على تقديم كل شيء لليهود الارض والشعب والمقدسات وحق الوجود مقابل اعتراف بمنظمة وعلم ووعود".
غير ان جهاد وهذا ليس اسمه الحقيقي فهو احد الباحثين السياسيين لپ"حماس" في مؤسسة تتبعها في عاصمة اوروبية، يخرج ملفاً ضخماً كتب عليه "مشروع الحكم الذاتي" ويوضح: "لقد احتاطت حماس لجميع الاحتمالات وتدريجيا اقتنعنا بأن الاسرائيليين والمنظمة اتفقوا على نقطة معينة وهي مواجهة "حماس" في الارض المحتلة مما ساعدهم على الاتفاق بشكل سريع فپ"حماس" عدوهم المشترك وعندما اصبحت مواجهة "حماس" هي الاولوية تغيرت فكرة وفلسفة الحكم الذاتي وهي ليست فكرة جديدة فعمرها بعمر احتلال الضفة وغزة وكان ييغال آلون اول من اقترح مشروع غزة - اريحا عام 1968".
ويقول محمد نزال ممثل "حماس" في الاردن "نحن مستعدون لأسوأ الاحتمالات بما في ذلك ان تتعاون الشرطة الفلسطينية الخاضعة لاوامر ياسر عرفات مع الجيش الاسرائيلي والشين بيت الامن الاسرائيلي لمواجهة مجاهدي حماس".
وماذا ستفعل حماس وقتذاك؟ يقول نزال: "القاعدة لدينا هي تجنب الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني قدر الامكان ولكن اذا تبين لنا وجود نوايا سيئة لسحق حماس ومجاهديها فسوف نقاوم ومثلما استطعنا ان نحارب العدو اليهودي لسنوات طويلة ولا تزال كتائب القسام الجناح العسكري لحماس تنفذ عملياتها بنجاح حتى اليوم فاننا سنكون قادرين على مواجهة الشرطة الفلسطينية التي ستجلب لنفسها العار واحتقار الشعب الفلسطيني لها لو قامت بدور الحارس للجندي والمستوطن الاسرائيلي".
وتقول مصادر مقربة من حماس ان الحركة مستعدة ان تلغي بعض عملياتها العسكرية اذا كانت ستؤدي الى حصول صدام مع الشرطة الفلسطينية، أما نزال فيؤكد ان كتائب القسام ستضرب اهدافاً عسكرية اسرائيلية فقط.
وتعتبر هذا المسألة اخطر نقاط التماس بين المنظمة و"حماس" لجميع الاتفاقات التي تمت بين حماس وفتح التي اقتصرت على تحريم التقاتل بخطاب عام واقرت بحق الطرفين في معارضة الاتفاق أو تأييده ولكن لم تتعرض لحق "حماس" في الاستمرار بعملياتها الجهادية والتي يقول نزال وغيره من قيادات الحركة انها ستستمر حتى في غزة وأريحا ضد اهداف عسكرية اسرائيلية ولم تحدد المنظمة بعد موقفها من ذلك باستثناء تصريحات متناقضة فالرئيس الفلسطيني صرح للتلفزيون الاسرائيلي بأن مواجهة عمليات المقاومة هي من مسؤوليات المنظمة واسرائيل معاً بينما دعا رئيس الدائرة السياسية فاروق قدومي الى وحدة الفصائل الفلسطينية قائلاً: "فلتتجه جهود المؤيدين الى البناء الداخلي ولتستمر جهود المعارضين لمقاومة الاحتلال البغيض".
ورغم ان العبارة الاخيرة تشير بوضوح الى "مقاومة الاحتلال" فان رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين كان واضحاً في مؤتمره الصحافي الذي عقده في واشنطن عقب توقيع الاتفاق بأن تعهد المنظمة "بنبذ الارهاب" يعني وقف الانتفاضة، وقد تحاشى عرفات في مختلف مؤتمراته الصحافية الاجابة بشكل صريح عن موقفه من الانتفاضة.
"حماس" مع حوار في غياب عرفات
تحتاج "حماس" والمنظمة الآن للاجتماع لمناقشة علاقتهما القادمة ونقاط التماس التي يمكن ان تفجر علاقتهما داخل الاراضي المحتلة وهو الاجتماع الذي يتوقع ان يرعاه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في صنعاء ولكن لا تزال مواقف الطرفين متشددة و"حماس" تصر على عدم حضور عرفات "لتفريطه في حقوق الشعب الفلسطيني وجميع الثوابت التي كان يمكن ان نقف على بعضها" حسب قول ابراهيم غوشه الذي التقى بالرئيس اليمني مع وفد من "حماس" عقب توقيع الاتفاق والشرط الثاني هو حضور جميع اعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة بما في ذلك من عارضوا الاتفاق أما المنظمة فلقد تجاهلت الدعوة الى الاجتماع حتى الآن بينما سربت اخباراً عن "تأييد زعيم حماس الروحي الشيخ احمد ياسين لكل ما يؤدي الى استرجاع شبر من اراضي فلسطين". ونفت "حماس" صدور تأييد كهذا عن شيخها المعتقل كما استعجلت المنظمة الاعلان عن توصل معتقلي "حماس" و"فتح" الى اتفاق "يحرم الاقتتال والعنف المادي والمعنوي" ويضمن "حرية التعبير عن الرأي" للفصيلين الرئيسيين في الاراضي المحتلة. وسارعت قيادة "حماس" الى نفي صدور بيان كهذا عنها وحاول عرفات مجاملة "حماس" مرة اخرى عندما صرح للتلفزيون الاسرائيلي ايضاً بأن أول المعتقلين الذين سيطالب الاسرائيليين باطلاقهم هو "اخي وصديقي الشيخ احمد ياسين" زعيم حركة "حماس" المقعد والمحكوم عليه بالمؤبد لاتهامه بالتحريض على قتل جندي اسرائيلي.
الهدنة الميدانية
وكان الاتفاق الوحيد الذي اقرت به حركة "حماس" هو اتفاق ابرم، يوم التوقيع على الاتفاق في واشنطن في 13 ايلول سبتمبر، بينها وبين عناصر من "فتح" في غزة وقضى باقتسام اليوم بين الحركتين فأعلنت حماس اضراباً عاماً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر احتجاجاً على الاتفاق واستجاب له السكان بينما احتفلت "فتح" في البقية الباقية من اليوم وتجاوب السكان كذلك. ونال الاتفاق بين "فتح" و"حماس" رضا معظم الفلسطينيين الذين وصفوه بأنه طريقة حضارية في التعامل بين المعارضين والمؤيدين غير ان نزال قلل من اهميته ووصفه بأنه "ميداني ولظرف تاريخي محدد" ولكنه وجده ايضاً "بداية مشجعة لما يمكن ان تصل اليه العلاقات بيننا وبين فتح". ويهم "حماس" ان تقنن هذه العلاقات اذ ترى انها وفتح تمثلان بالتساوي 80 في المئة من الفلسطينيين في الداخل "وما نتفق عليه سيقبل به الجميع" حسب قول نزال ولكن "حماس" تشكك في قدرة "فتح" على التوصل الى اتفاق معها خصوصاً في ما يخص استمرار الانتفاضة خارج غزة وأريحا وضرب الاهداف العسكرية في مناطق الحكم الذاتي بسبب التعهدات التي التزمت بها امام الحكومة الاسرائيلية.
وتكاد قيادات "حماس" ان تكون مقتنعة بأن عناصرها في الداخل ستتعرض للمتابعة الامنية من قبل الشرطة الفلسطينية ولا تستبعد رؤية صور مكررة للاعتقالات التي تجري في اكثر من مكان وأن تغض الولايات المتحدة الطرف عن هذه الممارسات أما اسرائيل فسوف تشجعها حسب رأي المقربين من حماس.
ويبدي احد اعضاء اللجنة المركزية للمنظمة المعارضة للاتفاقية تشاؤماً كبيراً حيال ما ستصل اليه العلاقة بين "حماس" و"فتح" فيقول بعدما طلب عدم ذكر اسمه "لم يعد لحماس اصدقاء داخل قيادات المنظمة، فالمنظمة كما عرفناها انتهت والآن تتطور لتصبح سلطة الحكم الذاتي وهؤلاء سيكون بيدهم المال والسلطة وليس بينهم صديق لحماس… في الماضي عندما تحصل خلافات بين المنظمة وحماس كان هناك من يستطيع ان يتدخل ويتوسط والآن لم يبق حول عرفات من يحرص على علاقة بحماس".
الاحتواء ومنع قيام منظمة بديلة
ضعفت المنظمات الفلسطينية كثيراً بسبب الانشقاقات المتكررة في صفوفها وزاد من ضعفها اختفاء الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي الذي كان يرعى كثيراً منها وكذلك ضعف اهتمام العواصم العربية التي كانت تتبنى بعض المنظمات خصوصاً وان لهذه العواصم من المصاعب الامنية والاقتصادية ما شغلها عن غيرها ولكن رغم ذلك تولي "حماس" الآن اهتماماً نسبياً لهذه المنظمات ودخلت دون اعلان رسمي الى ما يسمى تجمع الفصائل العشرة المعارض في دمشق ولم يعرف عن "حماس" من قبل اهتمامها بسياسة المنظمات ومهرجاناتها وجبهاتها التي تتشكل وتنفرط تبعاً للتطورات فما هو الجديد الذي جذب حماس للمنظمات؟
يرى بعض المراقبين ان حماس تهدف الى الدخول بحذر في "سياسة المنظمات" كي تعزز علاقتها أولاً بالدول العربية ذات العلاقة بالمنظمات وثانياً لتعزيز موقعها المعارض ضد خط منظمة التحرير الحالي وثالثاً لأنها اصبحت في موقع قوي فأخذت القوى الاخرى تحرص على مشاركتها وأخيراً، وهو الأهم، منع المنظمات من تشكيل منظمة تحرير بديلة او وراثة المنظمة القائمة حالياً اذ تفضل ان تذوب المنظمة ورجالها في مؤسسات الحكم الذاتي التي ستكون محل انتقاد معظم الفلسطينيين، وفق حسابات "حماس"، وبالتالي لا تظهر قوة حقيقية شابة وجديدة تنافسها فهي اولاً واخيراً صاحبة مشروع استراتيجي طويل المدى.
وأثناء ذلك ستسعى الى الممارسات السياسية المعتادة من تحالفات وضغوط ومعارضة مع شتى المنظمات الفلسطينية وستحاول جاهدة اضعاف المنظمةواخراج من بقي فيها ولذلك كان ضغطها شديداً خلال اجتماع الفصائل العشرة في دمشق الاسبوع الماضي على الجبهة الشعبية بزعامة جورج حبش والديموقراطية بزعامة نايف حواتمة لحملهما على اتخاذ موقف حازم من عرفات ومشروعه. والمعروف ان الجبهتين تعارضان الاتفاق مثلما عارضتا من قبل المفاوضات ولكن بقيتا داخل مؤسسات المنظمة وعلى علاقة قوية بعرفات.
وعارضت "حماس" فكرة المنظمة البديلة ويقول ابراهيم غوشه "ان حركة حماس والحركات الاخرى تمثل عمق وحقيقة الشعب، وعرفات وحده الذي ترك المنظمة" غير ان غوشه يدرك ان "الحركات الاخرى" لا تمثل غالبية تقلق منها "حماس" اذ ان "فتح" هي الهدف الذي تأمل "حماس" ان تحتوي جزءاً منه بينما يتطور الجزء الآخر الى "سلطات" الحكم الذاتي.
حماس و"الجهاد" الاسلامي والانضباط
وتواجه "حماس" مشكلة استيعاب القادمين الجدد. فبعض عناصر "فتح" لم ينتظر فشل مشروع غزة - أريحا اذ سارعت كتائب ابو جهاد وهي احدى المجموعات العسكرية التابعة لپ"فتح" بالاعلان عن رفضها للاتفاق مع اسرائيل في بيان اصدرته الاسبوع الماضي هاجم المنظمة ورئيسها بشكل حاد وتوعدت بمتابعة العمل المسلح. وتقول مصادر "حماس" ان كثيرين يتصلون بها للانضمام اليها ولكن منهج "الانتقاء والتربية" الذي ورثته "حماس" عن حركتها الأم "الاخوان المسلمين" يجعل استيعاب عناصر جديدة في صفوف الحركة امراً صعباً فهي تخشى الاختراق وتفخر انها حمت نفسها منه حتى الآن باعتراف مسؤولي الامن الاسرائيليين. وكذلك تخشى "حماس" انتقال امراض التنظيمات الاخرى من الخلافات الداخلية اليها وهي التي حافظت على وحدتها ولم تشهد اي انشقاق.
ووجدت "حماس" حلاً موقتاً وهو العمليات المشتركة على غرار ما قامت به "كتائب القسام" و"صقور فتح" في غزة قبل شهرين.
في مخيم مرج الزهور الذي ضم حوالي 400 فلسطيني اغلبهم من حماس و20 آخرين من "حركة الجهاد الاسلامي" وقع خلاف بين الطرفين حين اصرت المجموعة الاخيرة على استقلالها وتميزها عن "حماس" ويتوقع ان تستمر هذه المشكلة التي وصفها احد قادة "حماس" بأنها تشكل "مجرد ازعاج اعلامي لنا". و"الجهاد" غير مستعدة لتلقي توجيهات من "حماس" بعد.
واذا كانت "حماس" سترحب بموقف التنظيمات الاسلامية الاخرى الرافضة للاتفاق فان ما يقلقها هو عدم سيطرتها على الناشطين في هذه التنظيمات "ان التعليمات لافرادنا في الداخل هي تحاشي الصدام وكل ما يمكن ان يؤدي الى ذلك مع الشرطة الفلسطينية وجماعة فتح ولكن بينما نستطيع ان نضمن افرادنا الذين يلتزمون بتعليمات القيادة فمن يضمن افراد التنظيمات الاخرى". هكذا يطرح ابو الوليد عضو المجلس السياسي لحماس السؤال. ويقول مصدر مقرب من "حماس" ان مشكلتها مع التنظيمات الاسلامية الاخرى هي "ان الجهاد الاسلامي وغيره من التنظيمات تتلقى تعليماتها وتمويلها من الخارج وتعاني من الانشقاقات والتشرذم وبذلك لا تمتلك قرارها المستقل".
وتتحدث مصادر اسلامية في عمان عن عرض قدمه الشيخ اسعد بيوض التميمي زعيم حركة "الجهاد الاسلامي - بيت المقدس" للتعاون مع "حماس" غير ان الاخيرة لم تهتم كثيراً بالموضوع. والمعروف ان للتميمي علاقات قديمة مع عرفات ويتردد ان معظم تمويله كان يصله من الرئيس الفلسطيني شخصياً.
والتميمي واحد من بين اشخاص عدة يتبنون العمل باسم الجهاد الاسلامي وأهمهم فتحي الشقاقي المستقر حالياً في دمشق وكانت له علاقة بپ"الاخوان" في السبعينات وكان يتعجل العمل المسلح في مرحلة كان فيها رأي قيادة "الاخوان" في غزة ان العمل المسلح لم يحن اوانه بعد فشكل حركة الجهاد في اواخر السبعينات مع الشيخ عبدالعزيز عودة المستقر هو ايضاً في دمشق وتبدلت علاقتهما مع اكثر من جهة ما بين المنظمة وليبيا وسورية وبعد "الثورة الاسلامية" ارتبطوا تماماً بايران.
وتعرض تنظيم الشقاقي الى اكثر من انشقاق اهمها انشقاق ابراهيم سربل الذي شكل "كتائب الاقصى" وانشقاق قائد الجناح العسكري لحركة "الجهاد" احمد المهنا الذي شكل "حزب الله فلسطين" ثم انشق سيد بركة عن الشقاقي وانضم الى المهنا واصبح الامين العام للحزب واخيراً عاد الجميع الى مظلة الشقاقي بضغط من ايران على ان يعترف الاخير بأن "حزب الله" مستمر كعمل عسكري وليس كعمل سياسي.
ومن المؤكد ان "حماس" ذات التنظيم المحكم والمحصن، حتى الآن، من مرض الانشقاقات، حريصة ان تنأى بنفسها بعيداً عنهم.
"حماس" والدول الاخرى
حتى الآن لم تدخل "حماس" في اي مواجهة او تتعرض لقمع سياسي في اي بلد عربي والسبب الاساسي لذلك "انها غير موجودة في اي بلد عربي" حسب قول احد قيادييها. ويرى ابراهيم غوشه "ان حماس تعلمت من اخطاء التنظيمات الفلسطينية التي سبقتها الى الساحة ولن تكرر اخطاءها". ويبدو ان الخطأ الاكبر الذي تتحاشاه هو تشكيل تنظيمات محلية تتبعها فتلفت بذلك انتباه الاجهزة الامنية في الدول العربية. والمعروف ان الجماعات الفلسطينية طوال تاريخها والتي شكلت تنظيمات لها في الدول العربية وجدت نفسها امام اختبارين اما ان يتحول تنظيمها الى تابع للدولة المضيفة او يصطدم بها.
ولكن من الصعب ان تخفي "حماس" وجود انصار لها خصوصاً في الدول التي تستضيف مئات الالوف من اللاجئين الفلسطينيين كالاردن وسورية ولبنان وبعض الدول الاخرى. ووجدت "حماس" ان الحل الافضل هو ترك انصارها تحت رعاية او مظلة التنظيم الاسلامي الموجود هناك او بالتحديد "فرع جماعة الاخوان في الدولة المعنية" ففي لبنان يعمل الحماسيون تحت مظلة الجماعة الاسلامية وفي الاردن مع "الاخوان المسلمون" اما سورية فحالة خاصة ويترك الامر للتكيف مع الظرف الامني القائم مثلما فعلت حركة "الاخوان" السورية التي اختفت تماماً من على السطح بعد خسارتها الموجعة في مواجهة الثمانينات.
والوجود الوحيد لپ"حماس" في العواصم العربية هو لممثل او اثنين يتعاملان مباشرة مع السلطات المعنية ففي الاردن يمثلها محمد نزال وفي سورية مصطفى اللداوي وفي لبنان ابو محمد مصطفى وفي السودان منير سعيد وفي ايران عماد العلمي وفي اسوأ الاحوال لو تردت العلاقة بين "حماس" ودولة عربية فان ممثلها سيرحل وحده ويغلق المكتب الصغير.
الانتخابات ومؤسسات الحكم الذاتي
قرار "حماس" الحالي بالنسبة للانتخابات المقررة بعد حوالي 9 شهور في الاراضي المحتلة وفق اتفاقية الحكم الذاتي هو عدم المشاركة وهذا القرار طبيعي خلال هذه المرحلة وفي ظل رفض "حماس" الحازم للاتفاقية. والشيخ تيسير التميمي نائب رئيس رابطة العلماء والخطيب بالحرم الابراهيمي في الخليل يجد صعوبة في العمل في وظيفته كقاضٍ فيما لو دخل القضاء في مؤسسات الحكم الذاتي فيقول "لن اقبل بحال من الاحوال تلقي تعليماتي من سلطة الحكم الذاتي التي هي في واقع الامر فلسطينية -اسرائيلية".
والمعروف ان الاوقاف والمقدسات الاسلامية بما في ذلك المسجد الاقصى والحرم الابراهيمي لا تزال تتبع ادارياً للسلطات الادارية وكان هذا الاستثناء الوحيد بعد اعلان فك الارتباط بين الاردن والضفة عام 1988 عقب قبول الاردن الاعتراف بالمنظمة ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني وهو القرار الذي جوبه بنقد شديد من قبل "الاخوان" في الاردن و"حماس" خلال الاسبوعين الاخيرين واعتبروه حلقة افضت الى الاتفاق الحالي. غير ان حماس تبقى في منهجها السياسي قريبة من "الاخوان" الذين باتوا اكثر براغماتية من اي وقت مضى ويعتمدون في قرارهم على رأي مراكز ابحاثهم المنتشرة من اسلام اباد الى واشنطن اكثر من آراء خطباء المساجد وحينئذ يمكن تفسير تصريح محمد نزال بأن "موقفنا الحال وفي ظل الظروف الحالية هو عدم المشاركة في الانتخابات واذا تبدلت الظروف فان لكل حادث حديث".
ومن المؤكد ان حماس تستطيع بما تتمتع به من انتشار تدعي به تمثيل 40 في المئة من فلسطينيي الارض المحتلة ان تحقق فوزاً جيداً في اي انتخابات نزيهة كما ان العديد من عناصرها معروف داخلياً خصوصاً من هم في عداد المبعدين ولها ارتباطها مع الجماهير من خلال لجان الزكاة التي تشرف على مختلف المدارس والمستوصفات ودور الايتام والمؤسسات الخيرية كما ان معظم خطباء المساجد والمدرسين بها لهم علاقتهم بپ"حماس" او على الاقل يؤيدون خطها السياسي.
اما مؤسسات الحكم الذاتي فيقول عنها محمد نزال "نحن موجودون اصلا في جميع الادارات الحكومية القائمة حالياً وهذه الادارات هي التي ستتحول الى مؤسسات الحكم الذاتي وبالتالي سيكون وجودنا هناك طبيعياً لخدمة المواطنين وليس كممثلين عن حماس فهذه المؤسسات للخدمات وليست هيئات سياسية".
مظلة للاتفاق
وشهدت الايام الاخيرة تحركاً اميركياً نشطاً لتوفير حماية اقتصادية وسياسية للاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي، فقد بدأ وزير الخارجية الاميركي وارن كريستوفر ومنسق مفاوضات السلام في الشرق الاوسط دينس روس تحركاً لتحقيق تقدم على مسار المفاوضات السورية - الاسرائيلية. ترافق مع تحرك مواز لدى سفراء الدول المقتدرة لتأمين الجزء الاكبر من المساعدات اللازمة "للتنمية الفلسطينية" من دول الجماعة الاوروبية واليابان ودول الخليج العربية. ودعا كريستوفر الى مؤتمر دولي لدعم السلام في الشرق الاوسط.
وتحرص الحكومة الاميركية الآن عقب الاتفاق الاسرائيلي - الفلسطيني على عدم ضياع الفرصة وقوة الدفع على اصعب مسارات التفاوض الثنائية وهو المسار الاسرائيلي - السوري.
اذ قال مصدر رفيع في البيت الابيض ان وجهة النظر الاميركية هي ان الرئيس السوري حافظ الاسد لا يريد "ان يظل وحده". واضاف المصدر ان الكثير سيعتمد على ما اذا كان في وسع ياسر عرفات ان يخفف من المشكلات التي تواجه الاسد من خلال التوصل الى ترتيبات مع الفصائل الفلسطينية المعارضة الموجودة في دمشق كتلك الترتيبات التي توصل اليها مع حركة "حماس" التي اقنعها عرفات بأن تكون "معارضة موالية".
وذكر المصدر ان الرئيس المصري حسني مبارك سيبلغ دمشق بحصيلة اجتماعه مع رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين في الاسكندرية وتفاصيل الموقف الاسرائيلي. وهذا الموقف كما تفهمه الولايات المتحدة هو:
1 الانسحاب الكامل من مرتفعات الجولان وتطبيع العلاقات مع دمشق على مرحلتين او ثلاث مراحل خلال سنتين او ثلاث سنوات.
2 قوة أميركية عازلة، او قوة تابعة للامم المتحدة تقودها قوات اميركية تتولى الاشراف على الحدود عند الانسحاب الكامل مقابل علاقات ديبلوماسية وتجارية "صحيحة" بين سورية واسرائيل.
ومن المتوقع ان تصر سورية وجهات عربية فاعلة والفاتيكان على ان توافق اسرائيل على تطبيق قرار الامم المتحدة رقم 181 لعام 1947 الخاص بمدينة القدس الذي يدعو الى تدويل المدينة. وكان عرفات أبلغ "الوسط" في تونس في شهر آب اغسطس الماضي ان الفلسطينيين سيقبلون ان تكون القدس الغربية عاصمة لاسرائيل مقابل ان تصبح القدس القديمة الشرقية عاصمة لفلسطين. وألمح عرفات الى اعتقاده بأن الآخرين سيقبلون هذا الحل لأنه سيضع الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية تحت الاشراف العربي وهو ما يطالب به المسلمون والمسيحيون.
"علاقات فاترة لكنها لائقة"
وأبلغ المسؤول في البيت الابيض "الوسط" انه يتوقع ان يقود الاعتراف الفلسطيني باسرائيل الى علاقات ديبلوماسية "فاترة ولكنها لائقة" بين معظم دول الشرق الاوسط واسرائيل مما سيجعل الدولة اليهودية اكثر انتماء الى المنطقة منها الى أوروبا والغرب.
وعن مقدار تفاؤله قال: "أنا متفائل اكثر مما انا متشائم. لكن هناك الكثير من المشكلات. والسلام يشكل تحدياً لدول المنطقة تماماً كما شكل تحدياً في الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبا الشرقية. لقد تغيرت مقاييس الحرب الباردة. وانتشار السلام سيطرح اسئلة حول الواقع السائد في كثير من الدول. وسوف ينشأ العديد من المشاكل ما لم يكن لدى تلك الحكومات بُعد النظر الكافي لكي تتكيف مع التاريخ. فتراجع مكانة اسرائيل كعدوة لجيرانها أشبه باختفاء الاتحاد السوفياتي كخطر على أوروبا الغربية".
وعما اذا كانت الاصولية تشكل الخطر الابرز في المرحلة المقبلة قال: "كلا. اعتقد ان الاصولية سوف تتضاءل في غزة وأريحا. لكن وجودها في السودان مثلاً يعود الى أسباب غير اسرائيلية ولا علاقة لها بالمعادلة الفلسطينية - الاسرائيلية: الفقر... المجاعة... الحكم الفاسد. كما أن فشل الايديولوجية الشيوعية ساعد على استعادة الايمان بالدين. وليس في هذا أي ضير على الاطلاق شريطة أن يتلاءم ذلك مع النظام السلمي الجديد - وهو ما لم يحصل حتى الآن بالطبع - لقد قال احد رؤساء الوزارات البريطانية في القرن التاسع عشر "ان الفقراء سيكونون دائماً معنا". وفي هذا الاطار فان القيمة السلبية البغيضة لظهور اسرائيل في المنطقة سوف تستمر".
سورية ولبنان
وعن اهتمام واشنطن بالمسار السوري - الاسرائيلي قال "سورية وقعت للتو اتفاقاً اقتصادياً مع لبنان سيزيد من ثقة سورية. وعلينا ان نقبل ان لبنان مستقل عن سورية لمجرد ان فرنسا اخترعته. وأنا اوافق مع اللبنانيين على أنهم بنوا بلداً مختلفاً جداً ومتقدماً اكثر من غيره وأكثر تطوراً مما فعل الزعماء السوريون. لكن اللبنانيين والسوريين لا يزالون شعباً واحداً".
وسئل اذا كان ذلك يعني ان لبنان بالنسبة الى سورية هو مثل ايرلندة الشمالية بالنسبة الى بريطانيا؟ فأجاب: "لا. او على الاقل ارجو الا يكون الامر كذلك. الذي أعنيه هو ان العلاقة بينهما علاقة زواج في الخير والشر. ولكن على سورية ان تعتبر السلام في الشرق الاوسط سبباً لكي لا تكون اكثر من مجرد أهم جيران لبنان".
وعما جاء في صحيفة "واشنطن بوست" عن ان اسرائيل ستصر على ان تسحب سورية قواتها العسكرية من لبنان ثمناً لسحب اسرائيل قواتها من جنوب لبنان قال: "انا على يقين من ان هذا هو ما تفضله اسرائيل. ولكن لم يسبق لاسرائيل أن عانت أي مشكلات مع سورية. على الاقل التزمت سورية في عهد الرئيس الاسد باتفاقاتها مع اسرائيل. لكنني لا أرى ضرورة لاصرار اسرائيل على املاء شكل العلاقة بين دمشق وبيروت في هذه المرحلة. وأظن ان اسرائيل اكثر قلقاً من المساعدة السورية ل "حزب الله" وهي وسيلة يرضي بها الاسد الرئيس الايراني رفسنجاني من جهة مع مواصلة ازعاج اسرائيل من جهة ثانية.
لكن المشكلة الرئيسية الراهنة بالنسبة لسورية هي محاولة اقناع بقايا الفصائل الفلسطينية بحذو حذو حركة "حماس" والتوصل الى تفاهم موقت مع حركة "فتح". اما العلاقة بين الاسد ورئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري فهي تبدو جيدة. والواقع أن ما يهم لبنان هو اخراج القوات الاسرائيلية المعادية من اراضيه اكثر من اخراج القوات السورية الصديقة نسبياً. كما ان لبنان يود ان يرى عودة الكثيرين من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون على اراضيه الى فلسطين. وهكذا فان الحريري يواجه من المشاكل مع اسرائيل اكثر كثيراً مما يواجه مع دمشق، مما يعني ان الاسرائيليين بمساعدتهم لبنان انما يساعدون أنفسهم".
وتطرق الى موقف مصر قائلاً: "ان نجاح عرفات في اقناع الاسرائيليين بقبول مقترحاته لعام 1988 ازال الضغط الذي كانت تتعرض له مصر بسبب تهمة "تعاونها مع العدو". اذ اصبح من الممكن للجميع ان يتعاملوا مع اسرائيل. ولكن مثلما ادت نهاية الحرب الباردة الى اضعاف دور اسرائيل كدولة تابعة لحلف شمال الاطلسي في المنطقة، لم تعد هناك الآن اسباب قوية جداً لكي تتلقى مصر ثاني اكبر مساعدات اميركية. فهي لم تكن حليفاً في الحرب الباردة وليس مهددة من الكتلة السوفياتية. كما انها لم تعد الوسيط بين العالم العربي واسرائيل لأن عرفات اصبح يقوم بهذا الدور الآن. وهكذا فان مصر هي دولة اخرى صديقة تعيش صعوبات اقتصادية. أنا واثق من انها ستستمر في تلقي جزء كبير من المساعدات الاميركية، ولكن جزءاً من المساعدات التي نقدمها لاسرائيل ومصر لا بد وأن يذهب الآن لفلسطين وأماكن اخرى مثل تيمور الشرقية".
وسئل عن حسابات الخسارة والربح بالنسبة الى الاردن فاجاب: "بشكل عام خرج الاردن رابحاً. إذ أن اكثر من ثلثي سكان الاردن من الفلسطينيين. ومن المؤكد انه من مصلحة الملك حسين ان يعود اكبر عدد ممكن من اللاجئين الى ديارهم عبر النهر. وفي رأيي ان من الحماقة ان يظن الاردنيون من فلسطينيين وأردنيين اصيلين انه يمكنهم ان يجدوا نظاماً افضل من النظام الذي يديره الملك حسين وشقيقه مع انني اقدر بالطبع ان معظمهم يريدون العودة الى وطنهم في فلسطين. لكن هناك بالطبع خطر الاثر السلبي على الاردن. اذ ان قوة الدفع للتغيير في التاريخ يمكن ان تؤدي الى نتائج غير مرغوبة".
وعما اذا كانت الولايات المتحدة تتوقع من الخليج المساهمة بسخاء في عملية التنمية الفلسطينية قال: "ليس بالقدر الذي دعمت فيه المنظمة في الماضي قبل صراع الكويت. ولكن سيكون من غير المعقول ان لا تنال القضية الرئيسية الدعم ممن يقدرون على دعمها حتى ولو ظل سعر النفط منخفضاً. وفي اعتقادي ان مصدر المساعدات الرئيسي لفلسطين سيكون اوروبا التي ليست على خلاف مع المنظمة او عرفات".
وعن العراق وايران قال المسؤول الاميركي: "ردد صدام حسين مراراً بأن اي اتفاق مع اسرائيل يقبله الفلسطينيون سيكون مقبولاً لديه. صحيح ان الصحافة الرسمية في بغداد انتقدت اتفاق عرفات لكن صدام حسين لم يقل شيئاً. وفي ظني انه لن يعتبره غير مقبول من الفلسطينيين لمجرد ان العناصر المحافظة تعارضه. فهو يدير نظاماً علمانياً. ولو كنت مكانه لرأيت ان وجود فلسطين واثقة وأردن واثقة هو لمصلحة العراق.
اما ايران فاعتقد انها في موقف شاذ مثل كوريا الشمالية في شرق آسيا. والموقف الاميركي من ايران هو اننا على استعداد للحديث دون اي تحفظات او قيود وعن كل شيء. ونحن على استعداد لبيع أي شيء غير عسكري لايران ولكن دون شراء شيء منهم. ولهذا فنحن في موقف تفاوضي ضعيف. لكنني أعتقد أن على طهران ان تلحق بركب التاريخ. فهي تعارض عرفات وتأمل ان ينتهي مثلما انتهى غورباتشوف. لكنني لا اعتقد ذلك. وحتى لو ذهب فان خلفه سيكون مثل يلتسن وليس مثل بريجنيف بالنسبة لطهران".
اسرائيل وتونس
وفي تونس أثار وصول وفد اسرائيلي الى البلاد ضجة كبيرة. والوفد الذي وصف بأنه "فني اداري لا غير" جاء للتحضير لاجتماعات اللجنة الخاصة بعودة اللاجئين الفلسطينيين المنبثقة من مؤتمر مدريد للسلام لتوفير الظروف المادية لاقامة الوفد الاسرائيلي الذي سيكون على مستوى سياسي اثناء انعقاد اجتماعات اللجنة بين 12 و14 تشرين الاول اكتوبر.
وترأس هذه اللجنة كندا وتضم في عضويتها النروج وتونس واسرائيل وسبق لها ان عقدت اجتماعين في اوتاوا واوسلو قاطعتهما اسرائيل ويعقد الاجتماع الثالث في تونس بطلب من الولايات المتحدة وروسيا باعتبارهما راعيي مؤتمر السلام وكذلك بناء على الحاح من الجانب الفلسطيني وفقاً لما اكدته جهات تونسية مطلعة.
وتؤكد تونس انها لا تنوي تطبيع علاقاتها مع اسرائيل في هذه المرحلة وان وصول الوفد الاسرائيلي الى تونس لا ينبغي ان يفهم منه اي تغيير في الموقف التونسي من اسرائيل او ارادة في اقامة علاقات معها او اجراء اي اتصالات معها خصوصاً وان الوفد الذي وصل الاثنين 20 ايلول سبتمبر هو مجرد وفد اداري فني لتحضير الاسباب المادية لاقامة الوفد الذي سيحضر اجتماعات اللجنة ذاتها.
اما حكومة اسرائيل فقد كررت التأكيد على ان الوفد سيجري اتصالات رسمية مع مسؤولين تونسيين. وذكر اسم وزير الدولة في الخارجية سعيد بن مصطفى كأحد الذين سيتباحثون مع الوفد الذي أكدت جهات عدة انه سيكون في القاهرة خلال اقامة الوفد الاسرائيلي وذلك لحضور اجتماعات الجامعة العربية واجراء اتصالات في القاهرة.
وتؤكد الجهات التونسية على ان التطبيع مع اسرائيل ليس وارداً الآن وان احتمالاته مرتبطة بتقدم انجاز بنود الاتفاق المبرم في 31 ايلول سبتمبر في واشنطن وكذلك بقرار عربي حول التطبيع.
وعند وصول الوفد الاسرائيلي الى مطار تونس قرطاج الدولي لم يجد احداً من التونسيين في استقباله وتولت هذا الاستقبال المستشارة السياسية في سفارة الولايات المتحدة بصورة شخصية على ما يبدو وأمنت نقل الوفد الذي يرأسه مستشار نائب وزير الخارجية الاسرائيلي للشؤون العربية الى فندق هيلتون في ضواحي العاصمة تونس.
وأكدت مصادر مطلعة ل "الوسط" ان جوازات سفر افراد الوفد الاسرائيلي سحبت بعد وصوله وتسلم اعضاء الوفد اوراق اقامة وقتية لمدة تواجدهم في تونس باعتبار ان تونس لا تعترف باسرائيل ولا بوثائق السفر الصادرة عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.