مع الاستعدادات المتواصلة للانتخابات النيابية في الاردن، برز تطور لافت تمثل في اجتماع ضم نواب "الحركة الاسلامية" 22 نائباً وعشرة نواب آخرين غالبيتهم من اليسار، وانتهى الى مشروع بيان يدعو الى تأليف تكتل نيابي سياسي يسعى الى تكوين جبهة شعبية عريضة لمعارضة مفاوضات السلام العربية - الاسرائيلية والضغط على الحكومة الاردنية للانسحاب منها. لكن الجديد في الامر ان عدداً من نواب كتلة الحركة رفضوا التوقيع على البيان ما دعا القيادة الى بدء حوار داخلي لدرس التطورات المحتملة في ضوء مفاوضات السلام من جهة والانتخابات النيابية المقبلة من جهة اخرى. ويركز الاسلاميون في نقاشهم الداخلي على النقاط الآتية: ماذا لو نجح الضغط وخرج الاردن من مفاوضات السلام؟ وهل يستطيع تحمل مثل هذه النتيجة؟ ماذا لو وصلت درجة المعارضة الى صدام مع الحكومة وربما مع الشارع الاردني؟ هل نستطيع الفوز بغالبية في مجلس النواب المقبل؟ وكيف سنتصرف اذا حصلنا على هذه الغالبية؟ عندما اعلنت الحكومة الاردنية قبل اسابيع ان قانون انتخاب مجلس النواب هو قيد الدرس وتعديله امر محتمل، شعر "الاخوان المسلمون" بأن اي تعديل في القانون سيكون موجهاً ضدهم للحيلولة دون فوزهم بغالبية في المجلس المقبل. والمعروف ان اي اتفاق تعقده الحكومة الاردنية لا يمكن تنفيذه من دون مصادقة البرلمان عليه، فهل يمكن ان يوقع الاردن اتفاق سلام نتيجة للمفاوضات الجارية حالياً في ظل وجود غالبية في المجلس لپ"الحركة الاسلامية" التي ترفض التفاوض مع اسرائيل من حيث المبدأ؟ جميع هذه الاسباب والاحتمالات وردت في اذهان قيادة الحركة ودفعت عدداً من نوابها الى رفض التوقيع على مشروع البيان. وعلى رغم ان كتلة نواب "الحركة الاسلامية" هي الاقوى والاكثر تماسكاً في مجلس النواب، الا انها تضم متشددين ومعتدلين. فالمتشددون من امثال الدكتور محمد ابو فارس والدكتور همام سعيد وغيرهما، يسعون الى محاولة كسب الغالبية، ولو بالتفاهم مع التيارات السياسية الاخرى للوقوف في وجه المفاوضات واسقاط اي مشروع قانون في مجلس النواب مستقبلاً، ولو ادى ذلك الى الاحتكام الى الشارع. اما المعتدلون، من امثال الدكتور عبداللطيف عربيات رئيس مجلس النواب وعبدالرحيم عكور وغيرهما، فيسعون الى التهدئة معتبرين انه يجب العمل على الحيلولة دون التصادم مع الحكم، وان الاردن لا يستطيع بمفرده تحمل اعباء احباط مفاوضات السلام، وكذلك فان الاردن هو المعقل العربي الاخير الذي يمنح "الاخوان المسلمين" حرية الحركة والتعبير، ويجب المحافظة على هذا المكسب لا التفريط به. واذا كان النقاش لا يزال مستمراً داخل تنظيم "الاخوان المسلمين" الا ان مصدراً في قيادتهم اكد ان المعتدلين باتوا الغالبية، لكن القرار النهائي متوقف على قرارات الحكومة، فهل تعدل قانون الانتخاب؟ وهل تتخذ اجراء مقصوداً ضد "الاخوان"؟ وقال المصدر ذاته لپ"الوسط": "علينا الا نتسبب في قطرة دم في الاردن، نحن نفهم دوافع المتشددين ونعمل على احتوائها، لكن المشكلة ان نواباً وسياسيين من خارج الحركة يحاولون باستمرار دفع بعض زملائنا الى مزيد من التشدد، فهم يدعون "الاخوان" الى قيادة الشارع الاردني وهذا لا يعني سوى التصادم مع الحكم الذي سيكون له الحق في الدفاع عن نفسه". وانتهى المصدر الى القول: "سيدفع المجتمع الاردني كثيراً ثمن التطبيع الآتي الينا، ونحن بدورنا سنقاوم التطبيع ما امكن وسنعمل على تجنب الصدام ما امكن".