تبدي القوى الاسلامية في الاردن اهتماماً خاصاً بالانشقاق في حزب "جبهة العمل الاسلامي"، ومدى انعكاسه على مستقبل نشاط الاسلاميين في هذا البلد. جبهة العمل الاسلامي أحد الاحزاب السياسية التي رخصت لها الحكومة الاردنية أخيراً استناداً الى قانون الاحزاب السياسية. وقد تم الترخيص حتى الآن لخمسة احزاب، اربعة منها من احزاب الوسط. وبدت جبهة العمل الاسلامي وكأنها محاولة سياسية من حركة الاخوان المسلمين - التي لا يحق لها الترخيص كحزب سياسي بهذه الصفة - لتكوين تيار اسلامي يضم غالبية الاسلاميين او جميعهم على شكل حزب سياسي شرط بقاء الاخوان أغلبية داخل الحزب. وقال مسؤول في حركة الاخوان المسلمين لپ"الوسط"، ان الاخوان يشكلون ما نسبته 73 في المئة من جبهة العمل الاسلامي عندما تأسست وانهم يشكلون نحو 65 في المئة من مجلس الشورى الذي انتخب لاحقاً كقيادة للحزب. فقد انتخب الحزب مجلس شورى من 120 شخصاً وزعوا على 17 اقليماً تمثل غالبية الدوائر الانتخابية وتشمل كل محافظاتالاردن. وتمثّل المستقلون في غالبية الاقاليم في مجلس الشورى الا ان الاغلبية بقيت للاخوان المسلمين في كل اقليم للتحكم بقرارات الحزب. غير ان 17 مستقلاً وهم اعضاء بارزون في الحزب قدموا في اليوم التالي استقالاتهم من مجلس الشورى فانخفضت نسبتهم فيه الى الصفر تقريباً وارتفعت نسبة الاخوان المسلمين في الهيئة التأسيسية الى ما يزيد على 80 في المئة. وزاد من حرج الاخوان المسلمين ان من بين المستقيلين شخصيات بارزة من امثال المهندس رائف نجم والدكتور عبدالرزاق طبيشات وزير الشؤون البلدية والقروية والبيئة في الحكومة الحالية. وعلق طبيشات على استقالته من جبهة العمل الاسلامي قائلاً انها جاءت "بسبب سيطرة الجناح المتشدد في حركة الاخوان المسلمين على الحزب وانهم - اي المتشددون - أخلّوا بالاتفاق المعقود مع الاخوان بشأن مجلس الشورى". اما السيد حمدي الطباع وهو احد المستقلين المستقيلين من مجلس الشورى فقال ان دوره في المستقبل سيقتصر على المراقبة فحسب. وزير الداخلية الاردني، وفي رده على سؤال لپ"الوسط" قال ان الموقف القانوني لحزب جبهة العمل الاسلامي الذي نال الترخيص على اساسه "لا يزال سليماً ونحن نتابع الامور بشأن ما يجري". اذاً، من الناحية القانونية فإن الحزب الاسلامي الوحيد الذي جرى الترخيص له ما زال قائماً. لكن هل تحول الى حزب للاخوان المسلمين؟ حركة الاخوان المسلمين في الاردن رخصت كجمعية جماعة منذ مطلع الخمسينات. وهي بهذه الصفة ليست تنظيماً سياسياً. كما ان قانون الاحزاب السياسية والميثاق الوطني الاردني لا يسمحان بترخيصها كحزب سياسي. اما وقد استقال ابرز المستقلين فإن جبهة العمل الاسلامي اصبحت بشكل او بآخر حزباً للاخوان المسلمين. وبالمناسبة فإن الامين العام للحزب الدكتور اسحق الفرحان هو من ابرز قياديي الاخوان المسلمين وشغل مناصب عدة آخرها عضوية مجلس الاعيان التي يشغلها حالياً. لكن السؤال الابرز الذي ساهم حزب جبهة العمل الاسلامي في طرحه بصورة أوضح هو هل بدأ المتشددون يسيطرون على قرارات حركة الاخوان المسلمين في الاردن؟ فمنذ نشأة حركة الاخوان المسلمين في الاردن عقب قيام الحركة في مصر، و"اخوان" الاردن يتحركون من دون جلبة ويعارضون بلا ضجيج. غير ان الاخوان ظهروا كقوة سياسية في الاردن عندما حصلوا في الانتخابات التي جرت قبل 3 أعوام على 22 مقعداً من مقاعد مجلس النواب الاردني الثمانين. ويبدو واضحاً اليوم ان هناك تيارين في الاخوان، الاول يضم نواباً "وسطيين" يتعاملون مع التىارات الاخرى ويمارسون السياسة بكفاءة امثال الدكتور عبداللطيف عربيات الذي انتخب رئيساً للمجلس لثلاث سنوات متتالية والدكتور عبدالله العكايلة وعبدالرحيم عكور. والثاني فيضمّ المتشددين من امثال الدكتور محمد ابو فارس والدكتور همام سعيد والدكتور احمد الكوفي وغيرهم. وحتى الآن حافظ المعتدلون من نواب الاخوان المسلمين على علاقة الحركة بالحكم وبالتيارات الاخرى برغم قلة عددهم نسبياً. الا ان بروز بعض التطورات كعملية السلام مثلاً تجعل من مواقف الاخوان امراً يصعب التكهن به. فالحد الفاصل بين المعارضة السلمية والمتشددة غير واضح في الغالب.