ترميم الجامع الاموي في دمشق بين المعالم الحضارية العريقة في العاصمة السورية يحتل الجامع الاموي، أو جامع دمشق الكبير، موقعه المميز كصرح رافق محطات تاريخية غنية ومختلفة. فالمكان الذي يقوم عليه الجامع احتضن هيكلاً منذ أيام الآراميين قبل أن يقيم فوقه الرومان معبداً لجوبيتير، وتُشيَّد عليه كنيسة مار يوحنا المعمدان في عهد تيودوس. اشتهر الجامع الذي فرغ الوليد بن عبد الملك من بنائه في العام 714م 96 ه، بملامح هندسية فريدة تجعل منه اليوم نموذجاً حياً لفن العمارة الاسلامية، وشاهداً على هذا الارث الجمالي والحضاري الذي رافق قيام الدولة الاسلامية. ومن هذا المنطلق، تشهد دمشق حالياً سياسة احياء لهذا المعلم، عن طريق مشروع متعدد المحاور. يقوم المشروع على اجراء مجموعة من الاصلاحات والترميمات والتطويرات، باشراف فريق من الاختصاصيين، وذلك بهدف اعادة الجامع - الذي عرف أكثر من حريق وأكثر من عملية اعادة بناء وترميم - الى سابق عهده من التألق والاشعاع. تشكلت أخيراً لجنة من كبار المؤرخين والمهندسين والمختصين في احياء المعالم الاثرية، برئاسة وزير السياحة السوري محمد أمين أبو الشامات. وباشرت اللجنة، بعد ابحاث ودراسات معمقة، في وضع خطة لعمليات الصيانة والترميم، انطلاقاً من انشاء أربع لجان فرعية هي: المجموعة الانشائية، المجموعة المعمارية، المجموعة التيبوغرافية ومجموعة الدراسات والتوثيق. ويشهد الجامع الاموي اليوم ورشات عمل متواصلة. فقد تم ترميم المئذنة، وزال الخطر عنها، كما تم اعادة فك وتركيب البرج الجنوبي الغربي، والشمالي الغربي، والرواق الشمالي. وما زال العمل جارياً على ترميم قبة النسر ومظلة المسكية، ومكان الوضوء "مشهد أبي بكر"، وصالة الاستقبال الرئيسية "مشهد عثمان"، واعادة احياء مدرسة الفسيفساء. هناك ايضاً ورشة تهتم بالاكساءات الرخامية، وبترميم الآيات القرآنية الكريمة على الجدران واللوحات الفسيفسائية وأرضية الجامع، وورشة أخرى تنكب على تحديث خطة الانارة، وشبكة التدفئة. المخطوطات العربية في اجتماع الرباط استضافت الرباط قبل أيام، اجتماعاً لممثلين عن مراكز المخطوطات فى العالم العربي والاسلامي. شارك في هذا الاجتماع الذي عقد بمبادرة "المنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلوم" إيسيسكو، عدد من العلماء والاختصاصيين في مجالات حفظ المخطوطات وترميمها ودراستها. يكتسي لقاء الرباط أهمية خاصة، نظراً الى غياب التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات بين مختلف المراكز المعنية، اضافة الى الاهمال والتقصير اللذين تشكو منهما أقطار ودول تملك مجموعات نادرة من المخطوطات المتعلقة بالحضارة العربية - الاسلامية. وبحث المجتمعون، حسب بيان ل "إيسيسكو"، في أنجع السبل الكفيلة باحياء التراث العربي، واعادة تدوين تاريخنا العلمي والثقافي والحضاري والسياسي، على ضوئها، بشكل فعال. ويأتي الاجتماع في اطار اهتمامات ال "إيسيسكو" بتدوين التراث الاسلامي، والحفاظ على آثاره، واستكشاف مضامين المخطوطات الاسلامية التي تحتوي على كنوز معرفية وفكرية وحضارية ثمينة. جديد غادة السمان ترجمات المانية وايطالية "منذ أن درست الأدب العربي المعاصر في جامعة نابولي ... خطفت انتباهي كتابات غادة السمان، وشعرت بجاذبية كبيرة تجاهها" تكتب البروفسورة إيزابيلا كاميرا دافليتو في تقديمها لدراسة بالايطالية عن صاحبة "كوابيس بيروت" وضعتها باولادي كابوا بعنوان "التمرد والالتزام في أدب غادة السمان"، وصدرت ترجمتها العربية عن "دار الطليعة" البيروتية. "حين قرأت غادة السمان - تكتب دافليتو - اكتشفت عالمها المنسوج من كوابيس وأحلام ، من واقع وخيال. وفهمت لماذا كانت الكاتبة في الماضي موضوعة على الهامش، بشكل ما، تجاه الجمهور الغربي الذي بدأ الآن فقط باكتشافها". ورغم الحماسة التي تعلن فيها المستعربة الايطالية عن دخولها عالم السمان الادبي، فان حُكمَها يتّسم بشيء من التسرع ويفتقر الى الدقة. ذلك أن الاديبة السورية المعروفة، هي بين الكتاب والكاتبات الاكثر انتشاراً، في العالم العربي، وبين الاكثر ترجمة في الغرب. لا يكاد يمر موسم دون أن تصدر ترجمة أو أكثر لأحد أعمالها، أو لمجموعة مختارة من كتاباتها من الشعر الى الرواية... ومن القصة الى المقالة، هذا الفن الذي تبرع فيه السمان بشكل خاص. اليوم تعود الكاتبة الى دائرة الضوء، مع صدور الترجمة الايطالية لاشهر أعمالها "كوابيس بيروت"، الرواية التي ولدت في مناخات الحرب الاهلية اللبنانية. الترجمة صدرت عن "دار آبرامو" في ميلانو، وتحمل توقيع المستشرق ليوناردو كابيتسوني. وتجدر الاشارة الى كون الايطالية هي اللغة الخامسة التي تترجم اليها الرواية، بعد البولونية واليابانية... من جهة أخرى، صدرت الطبعة الثانية من الترجمة الالمانية لرواية "بيروت 75"، عن منشورات "رويتشر تاشنباخ فرلاج". وكانت الطبعة الاولى صدرت عن "منشورات أورينت" في برلين عام 1990. كتبت غادة السمان روايتها عشية الحرب الاهلية اللبنانية، وتوقعت الانفجار الكبير قبل وقوعه، في عالم متوتر يدفع أبطاله الى التمزق والجنون. إتيان دينيه : متحف في الجزائر بوسعادة، كما يشير اسمها، هي مدينة الحياة السعيدة القابعة في أحضان واحدة من أجمل واحات الجزائر، وسط انسجام فاتن بين زرقة السماء و كثبان الرمال الممتدة الى الافق الصحراوي غير المتناهي. وفي تلك المدينة يرقد جثمان رجل ليس كالرجال، وفنان تحفل قصّة حياته بالفصول المشوقة ومحطات العطاء الخصب. إنه الفنان المستشرق إتيان دينيه، الذي أحب الجزائر وعاش في ربوعها، وكرس فنّه لالتقاط وتسجيل مشاهد من حياتها اليومية وناسها. واليوم أصبح لهذا الفنان متحف وطني يحمل اسمه، ويضم جزءاً من لوحاته، في البلدة التي أحب وحيث أختار أن يوارى الثرى. إتيان دينيه الذي اعتنق الاسلام عام 1913، فأصبح اسمه نصرالدين دينيه، ولد في باريس عام 1861، وتتلمذ على يد الفنان بوغرو، وسرعان ما انتمى الى المدرسة الاستشراقية. غير أنه لم يقع يوماً في شراك التأثر السطحي بأضواء الشرق، وموضوعاته وشخصياته وألوانه. القماشة والالوان، استعملها الفنان لنقل رؤياه الروحية والفكرية، وجاءت لوحاته ترجمة لهذا الانبهار العميق والتأثر بالقيم الحضارية والدينية التي غيرت حياته. مشروع متحف دينيه ينتظر أن يرى النور منذ عقود. لكن افتتاحه في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الجزائر، في الدار التي سكنها الفنان منذ 1905 وحتّى موته عام 1929، بعد توسيعها وتجهيزها، يجيء محملاً بالدلالات الثقافية، ويعكس رغبة جماعية في التمسك بإرث الماضي والمراهنة على مستقبل أكثر انفتاحاً واشراقاً. لكن المتحف لن يضم إلا مجموعة قليلة من أعمال دينيه، التي يقدر عددها ب 500 لوحة. رسم نصرالدين دينيه عالماً قوامه الانسجام والطمأنينة والاشراق الداخلي، بعد أن انخرط في التربة المحلية وتفهم نفسية الناس وثقافتهم، حتى صار واحداً منهم.