هل يعتبر تشكيل الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة الدكتور عبدالسلام المجالي 68 عاماً دليلاً على أن الأردن يتوقع حدوث "تقدم جوهري ملموس" في المفاوضات العربية - الاسرائيلية خلال الأشهر القليلة المقبلة؟ هذا السؤال مطروح بعدما تبين ان حكومة المجالي التي تشكلت يوم 29 أيار مايو الماضي تضم ثلاثة من أعضاء الوفد الأردني المفاوض مع الاسرائيليين وهم: المجالي نفسه الذي يرئس الوفد الأردني منذ مؤتمر مدريد، طلال الحسن سفير الأردن في بروكسيل وممثله لدى المجموعة الأوروبية، والدكتور جواد العناني. وقد احتفظ المجالي في هذه الحكومة التي تألفت من 27 وزيراً بحقيبتي الخارجية والدفاع، فيما تم تعيين جواد العناني وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء وطلال الحسن وزير دولة للشؤون الخارجية. هل يعني ذلك، إذاً، ان الأردن يتوقع حدوث "تقدم جوهري" في المفاوضات العربية - الاسرائيلية قريباً؟ لا أحد يرغب في الاجابة عن هذا السؤال اليوم في عمان، غير ان المجالي أكد في تصريح له الى وكالة "رويتر" بعد تأليف الحكومة "التزام القيادة الأردنية والحكومة والشعب تحقيق السلام لأن السلام هو الحل لكل مشاكل هذا البلد... وفي غياب السلام سنواجه متاعب". ولم يبق من أعضاء الوفد المفاوض البارزين من دون حقيبة سوى الدكتور فايز الطراونة السفير الأردني في واشنطن، وهو الذي سيتولى رئاسة الوفد على ما يبدو خلفاً للدكتور المجالي. وقبل الانتقال الى المهام التي تستعد حكومة المجالي لانجازها لا بد من ثلاث ملاحظات: ان الملك حسين لم يستجب لرغبة رئيس وزرائه الجديد بتعيين الدكتور خالد الكركي رئيس الديوان الملكي نائباً لرئيس الوزراء، وأصر على بقائه في منصبه. ويعتبر الكركي من أبرز المرشحين للعب دور سياسي مهم في المستقبل، وقد تردد اسمه لرئاسة الحكومة الجديدة قبل تعيين المجالي. تعيين وزير دولة للشؤون القانونية الدكتور خالد الزعبي وهو أستاذ جامعي للمرة الأولى في الأردن، وفي ذلك إشارة الى أهمية دور المؤسسات والقوانين وتحديثها. لم تضم حكومة المجالي سوى ثلاثة وزراء من حكومة الشريف زيد بن شاكر، بينما عين وزير الأوقاف السابق الشيخ عزالدين الخطيب التميمي مستشاراً للملك حسين للشؤون الاسلامية، ويتضمن هذا التعيين اشارة مهمة وتأكيداً لما طرحه الملك غير مرة من ان الاسلام ليس حكراً على أحد وليس من حق جبهة أو تيار الادعاء بالوصاية على الاسلام والمسلمين. ونعود الى المهام التي تنتظر حكومة المجالي لانجازها، فقد حدد كتاب التكليف الذي وجهه الملك حسين الى رئيس وزرائه الجديد أربع مهام للحكومة، على النحو الآتي: اولاً، الترتيب لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري أي خلال الفترة من 25/7/1993 الى 24/11/1993. ثانياً، متابعة مفاوضات السلام والسعي لتحقيق السلام العادل. ثالثاً، السعي الى تنقية الأجواء العربية. رابعاً، مواصلة معالجة الهموم الداخلية. عن النقطة الأولى أكد الملك حسين في كتاب التكليف للحكومة ضرورة اتخاذ جميع الاجراءات الممكنة لضمان مشاركة جميع الناخبين وتذكيرهم بمسؤولياتهم تجاه وطنهم، وبأن الصوت الذي يملكون لا بد وان يمنح للأفضل "في انتخابات تكون الأنقى والأيسر والأشمل والأصفى والأكثر نزاهة". وكان الملك علَّق أكثر من مرة على الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 1989 بأنه لم يشارك فيها سوى 40 في المئة ممن يحق لهم الاقتراع، الأمر الذي أسفر عن مجلس نيابي لم تعكس الاتجاهات السياسية فيه رأي الأغلبية وتقسيمات المجتمع. وحذَّر الملك حسين الحكومة الجديدة "من أن يندس في الصفوف من قد يدعي الإيمان بالديموقراطية وهو يضمر لها الشر والأذى ويعمل على تقويضها من الداخل"... فالمرحلة ليست مرحلة مراوحة والظرف لا يتحمل والتحديات كثر. وعن النقطة الثانية أكد الملك حسين: "نحن مع السلام العادل الشامل الدائم الذي ترتضيه الأجيال من بعد وتصونه". وقال: "ولا نجد بديلاً عن السعي لتحقيقه ولا مجالاً للتهرب من مواجهة مسؤولياتنا تجاه أبناء فلسطين... وسنستمر بالعمل لتحقيقه شاملاً كاملاً غير مجزوء أو منقوص آملين أن لا تنجح محاولات أعدائه حيثما وجدوا في نسف فرص تحقيقه ودفع الجميع الى قرار رهيب سحيق". أما عن الأجواء العربية فقد خاطب الملك الحكومة الجديدة قائلاً: "نحن مع اعادة الحوار الأخوي الصريح الهادف بين اجزائها ومع اعادة تنظيم علاقاتها على أسس أسلم وأقوى". وأما عن الهمّ الداخلي فقد أوكل الملك للحكومة الجديدة مواصلة السعي نحو الاصلاح الاداري وتطوير قطاعات الانتاج. وطالب أخيراً بصحافة "تتصدى للدفاع عن الوطن وتقف الى جانب الحق والحرية والعدالة في كل مكان وتنهض بمسؤولياتها بأسلوب رصين عقلاني بعيداً عن المزاودة والمتاجرة وانصاف الحقائق". ومن الشخصيات البارزة في الحكومة الجديدة الدكتور معن أبو نوار ضابط ووزير سابق وحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة اوكسفورد، وقد تم تعيينه وزيراً للاعلام. وتضم حكومة المجالي 10 وزراء سابقين و13 وكيل وزارة ومديراً وسفيراً وأربعة أكاديميين.