سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيسة وزراء باكستان السابقة تكشف وجهها الآخر في مقابلة خاصة . بنازير بوتو لپ"الوسط": علمتني الحياة الخشونة والصبر فغابت عن بالي أحاسيس الأنوثة والنعومة
قلما تحدثت رئيسة وزراء باكستان السابقة ورئيسة المعارضة الحالية بنازير بوتو عن شؤونها الخاصة ورأيها في العالم الآخر البعيد عن السياسة التي تربّت عليها وعلى عوالمها منذ نعومة اظافرها حتى انها أقرت بأن لا هوايات لها ولا ميول خارج نطاق السياسة. "الوسط" قابلت بنازير بوتو، خلال زيارتها الى لندن، وأجرت معها حواراً خاصاً بعيداً عن السياسة فكان التحقيق الآتي: لم تكن بنازير بوتو زعيمة حزب الشعب وقائدة المعارضة في باكستان تعرف عندما جاءت الى لندن أخيراً لتلد ابنتها الثانية، ولتجري عملية جراحية طارئة في احد المستشفيات البريطانية انه سيكون في امكانها ان تحصل على حقها المؤجل في تمضية ايام شهر العسل مع زوجها آصف زرداري، ورعاية شؤون اسرتها كأي زوجة وأم عادية، فالاحداث السياسية في باكستان تفور بكل جديد ومثير، وزوجها خاضع لمضايقات النظام، وأحكام القضاء، والواجبات العامة تفرض عليها ان تبقى على سلاحها متأهبة للمواجهة والقتال حتى تستعيد هي وحزبها مسؤولية حكم باكستان من أيدي خصومها السياسيين. وجدت بنازير بوتو نفسها سعيدة وهي "تسرق" اياماً خاصة من مسؤولياتها لتعيش مع اسرتها، وزوجها الذي التحق بها في لندن، حياة كانت تعرف ان ليس من حقها التمتع بها طالما ان ظروفها العائلية والوطنية تفرض عليها العمل للقضايا الهامة. وتحررت اثناء الاسابيع التي امضتها في لندن برفقة زوجها وأولادها ووالدتها وشقيقتها "سنام" من الرسميات والشكليات، وتحولت الى ربة بيت كاملة، ترعى الزوج العائد اليها من سجون باكستان، وتشرف على شؤون الاسرة، وتنزل الى اسواق العاصمة البريطانية، للشراء والتسوق كأي سيدة عادية، وتذهب الى المكتبات والدور الفنية لاختيار كتبها ومجلاتها المفضلة. والاطلاع على آخر ابداعات الكتاب والمسرحيين والرسامين، تماماً كما كانت تفعل يوم كانت تتابع دراساتها الجامعية في بريطانيا. وتقول بنازير بوتو: "حياتي كلها سياسة في سياسة في سياسة. فأنا اكون في الحكم وسط التزامات الحكم ومتطلباته التي تلتهم كل ساعات النهار والليل. وإما في السجن احارب العزلة والفراغ والوحدة او في صفوف المعارضة اكافح لاكمال رسالة والدي ذو الفقار علي بوتو من اجل بناء باكستان حرة وقوية تتمتع بالديموقراطية، وتُصان فيها كرامة الانسان وحقوقه". ويوم تزوجت بنازير بوتو، من آصف زرداري نجل احدى العائلات الثرية في باكستان وزميلها الحالي في مجلس النواب. كان زواجها تقليدياً كأي زواج يتم في بيئتها، رآها من بعيد فأعجبته، فبادر الى طلب يدها من اهلها، ووافق الاهل كما وافقت هي، وتم عقد القران وفق الاصول المتبعة. وتقول بنازير عندما تُسأل عن أسباب حرصها في اختيار شريك حياتها وفق التقاليد والاعراف الباكستانية، لا على طرق الزواج الغربية: "لا استطيع ان اتعامل مع موضوع كهذا بالطريقة الغربية كصديقاتي ورفيقات الدراسة الغربيات، فنحن في الشرق لنا تقاليدنا، وأنا حريصة على هذه التقاليد التي يلحق بي تجاهلي لها الضرر بمعتقداتي ومعتقدات بيئتي". وتعترف بنازير بوتو بأن اهتمامها بحياتها الخاصة يأتي بعد اهتمامها برسالتها الوطنية كسياسية ورئيسة حزب ورئيسة سابقة ولاحقة للوزراء. وهي تقدر اهمية دورها السياسي كوريثة لوالدها ذو الفقار علي بوتو، وجدها شهنواز بوتو الذي كان اول زعيم مسلم يقف في وجه الكونغرس الهندي مطالباً بتحرير باكستان ومنحها استقلالها. ولا تنسى للحظة واحدة ظروف مقتل والدها. ثم مقتل شقيقها شهنواز على أيدي رجال المخابرات الباكستانية، على حد قولها، واضطرار شقيقها الثاني مرتضى للعيش منفياً في سورية منذ سنوات. وتعيش بنازير حياتها موزعة بين دورها السياسي العام، ودورها كزوجة وأم لثلاثة ابناء هم: بيلاويل 4 سنوات، بختوار 3 سنوات وآصفة شهر ونصف. وترافق بنازير والدتها نصرت ابنة تاجر ايراني وعضوة مجلس النواب الباكستاني، فيما تقيم شقيقتها "سنام" وأسرتها في بريطانيا. وفي شقة لشقيقتها "سنام" في قلب لندن، اجتمعت بها وأجريت معها حواراً خاصاً لپ"الوسط". وقد لاحظت كم هي تغيّرت عما كانت عليه عندما زرتها في باكستان في العام 1989 بعد توليها مقاليد الحكم بأشهر قليلة. لقد رأيت، او هكذا خُيّل اليّ، انها باتت اكثر تألقاً وأكبر ثقة، وجمالاً، الى جانب انها اكثر ثورة وحماسة لوطنها وقضايا شعبها. وبدأت حديثي معها بالقول: اعرف ان السياسة تلتهم معظم وقتك واهتماماتك. ولكنني ارغب، اذا سمحت بالغوص في حياة بنازير بوتو المرأة والزوجة والام... ردّت وعلى شفتيها معالم ابتسامة، متسائلة: رغم صعوبة الفصل ما بين الشخصيتين فأنا جاهزة... ودار الحوار الآتي بين "الوسط" وبنازير بوتو: يوم حكمت باكستان ما هو حكمك على تجربة ترؤسك كسيدة مسلمة لدولة مسلمة وهل ان هذه التجربة ستكون تجربة عابرة، وهل اثر جنسك في مهمتك كرئيسة للوزراء؟ - لا اعرف تماماً امكانات الرجل، ولكنني اعرف ان هناك اموراً عديدة تستطيع ان تقوم بها المرأة افضل منه. وأعتقد بأن الرجل والمرأة متساويان في القدرة على العطاء، وان اختلفت الامكانات والوسائل وردود الافعال. لكل منهما دوره ومجاله دون ان يعطي أي منهما ميزات وخصائص تجعله أكثر فضلاً من الآخر. فالدين الاسلامي، دين المساواة حدد حقوق الرجل والمرأة بدقة ووضوح. وقد اثبتت تجربتي في حكم باكستان انه بالامكان اختيار او انتخاب امرأة لتولي مهام الحكم. وعندما تسلمت رئاسة الحكومة في باكستان، اعرب العديد من الرجال المسلمين في العالم عن احساسهم بالاعتزاز والفخر بهذا التكليف الذي اتى لكي يؤكد نبل ديننا ونبل الجماهير الاسلامية التي وضعت ثقتها بالمرأة المسلمة، على الرغم من موجات الرفض التي قابلني بها بعض الرجال. هل تعتقدين بأن اختيارك لحكم باكستان قد تم لأنك امرأة، ام لكونك ابنة الرئيس ذو الفقار علي بوتو؟ - اعتقد بأنني انتُخبت لهذه المهمة، لأنني امثل بالنسبة الى كثير من الباكستانيين احدى المؤمنات ببرنامج العدالة الاجتماعية الذي وضع اسسه والدي، وقد استطعت ايصال رسالته الى جميع ابناء الشعب وسأتابع رسالته في سبيل اقامة مجتمع ديموقراطي عادل ومتطور. يوم قابلت رئيسة وزراء الهند الراحلة انديرا غاندي قبل ايام من اغتيالها، قالت لي انها كانت تحلم في صباها بأن تتقن فن "الباليه". الا ان مصيرها دفعها الى المعترك السياسي، فهل كانت لديك احلام مشابهة لو لم تفرض عليك الحياة سلوك دروب العمل السياسي؟ - هذه معلومات مثيرة لم اكن اعرفها عن الراحلة أنديرا غاندي. اما بالنسبة لي فأنا منذ طفولتي لم اعرف مثل هذه الهوايات او الميول. ربما لأنني وعيت دور أبي وأفكاره وثوريته وقراره بتكريس حياته لخدمة الانسان في باكستان ونصرة الحرية في كل مكان. كنت معجبة به، الى آخر حدود الاعجاب، مؤمنة بمبادئه، ومصممة على ترسّم خطاه، من دون ان تراودني احلام الوصول الى الحكم. في بدايات حياتي العملية فكرت يوماً بالعمل في السلك الديبلوماسي، او في احدى الصحف لكي اكتب في المجالات التي تتعلق بواقع باكستان وشعبها لا سعياً مني وراء الشهرة. ولكن طموحي لم يصل يومها الى التفكير بالوصول الى الحكم، لأنني كنت اعتقد بأن العمل السياسي هو مهمة كبيرة الخطورة، وكنت اخافها منذ صغري. وجرت الرياح بعد ذلك، كما تشتهي هي لا كما نشتهي نحن. ونحن لا نختار قدرنا، وعلينا ان نحاول وان نرضى بعد ذلك بالقضاء والقدر. "أشتاق الى أولادي" ماذا فعلت بك السياسة، ماذا اخذت منك؟ - انني اشتاق كثيراً الى اولادي، خصوصاً عندما يكون احدهم مريضاً وبحاجة الى عناية خاصة او الى لمسة حب وحنان، ولكنه قدري، فأنا لا امتلك حياتي ولا استطيع ان اتخلى عن واجباتي العامة، فالناس يلجأون اليّ وعليّ ان ألبي النداء ولا اخيب املهم طالما كنت قادرة على التلبية، وإثبات قدرة المرأة على خدمة بيئتها ومجتمعها. ويؤلمني جداً ان ارى كل هذا الفقر والتخلف بين ابناء امتي التي كانت في الماضي ولادة معطاء للنوابغ الذين أثروا العالم بالعلوم والحضارة. وأتطلع دائماً الى الاسهام في مكافحة عوامل الفقر والتخلف، والولوج بثقة الى عالم التكنولوجيا. وأشعر بسعادة عارمة واعجاب كبير بالمسلمين، رجالاً ونساء، الذين يعملون في مجالات التكنولوجيا والطب والهندسة والثقافة والاعلام في الدول المتقدمة، وبنجاح ملحوظ، ويعطون بذلك الدليل على قدرة المسلمين على التفوق في المجتمعات الاخرى. "علمتني الحياة" تضطرين، في اطار دورك السياسي، للقيام بأعمال خشنة كأن تقومي بجولات على المدن والقرى خلال الحملات الانتخابية. او تضطرين لتسلق شاحنة لالقاء خطاب او تتصدين لرجال الشرطة، او غير ذلك، الا تشعرين بينك وبين نفسك بأن هذا امر يتعارض مع انوثتك؟ - علمتني الحياة الخشونة والصبر، حتى غابت عن بالي احاسيس الانوثة والنعومة. وأذكر ان والدتي قالت لي يوماً ان شكسبير كان يقول النعومة والصوت الهامس هما اجمل ما في المرأة... لكنني لست كذلك، فأنا اعتدت على مخاطبة الناس بصوت عال، حتى يصل صوتي اليهم، وأجبرتني الحياة على مواجهة اصعب الظروف كمحاربة. طبعاً انا لا ادعو المرأة الى الاسترجال والتخلي عن انوثتها، ولا ادعي انني تخليت عن انوثتي وبت مزاحمة للرجال على رجولتهم. فأنا امرأة فخورة بجنسها، وأرغب في ان اكون قدوة ومثالاً للنساء بالقدرة على تحمل المسؤوليات والنجاح في مضامير الخدمة والانتاج. هل تهتمين بالازياء؟ - لست هذه المرأة ابداً، فاهتمامي بالازياء يكاد يكون معدوماً، ولا اجد الوقت الكافي لمثل هذه الامور حتى لو أردت. وأذكر انني عندما كنت في سن المراهقة لم تكن الاهتمامات بالموضة قد انفجرت في المجتمعات كما هو الحال اليوم، وكانت الازياء تتسم بالبساطة وسرعة الاعداد. ولكنك تبدين دائماً في أوج اناقتك؟ - ربما هي اناقة البساطة، فكما قلت لك لا وقت لدي لملاحقة آخر خطوط الموضة ولا انا ممن تستهويهن هذه الامور، لا الازياء ولا مزين الشعر ولا مستحضرات التجميل... "قصتي مع زوجي" ما كان تأثير دخول زوجك الى السجن عليك وعلى اسرتك، وهل شعرت بأنه يحمّلك ويحمّل السياسة مسؤولية ما تعرض له؟ - كانت فترة وجود زوجي في السجن من اكثر الفترات قسوة وصعوبة في حياتي، لكنها في مدلولها ونتائجها المعنوية من اكثر فترات حياتنا غنى بالصبر والتجارب. يوم تقدم زوجي من اهلي طالباً يدي كان يفعل ذلك باحساس الفارس الذي يرغب في الزواج من فارسته الواقعة في محنة. واندفاعه لتخليصها من بين مخالب الوحش الذي كان يتربص بها بعد قتل والدها في ايام ضياء الحق. ويوم تم الزواج قبل خمس سنوات لم يكن زوجي يعرف او يتوقع ان تصبح زوجته رئيسة للوزراء، ولذلك فانه عندما رأى ان الشعب قد اختارني لهذه المهمة فوجئ، وشعر بأنه قد لا يستطيع التأقلم مع دورنا الجديد، وان البعض سوف يظن انه سعى الى الاقتران بي لكي يبرز من ورائي، ومر لذلك في ظروف صعبة، قرر بعدها ان يعيش بمفرده في كراتشي وبقيت انا في اسلام آباد، وكان ذلك صعباً علينا نحن الاثنين. وكان يردد دائماً قناعته بأنه لا يستحق هذه المكانة وان عليه ان يترك الساحة لي. ورفض مقابلة الصحافيين، حتى لا يُقال انه يتاجر بموقع زوجته. ووجدها اخصامنا فرصة ذهبية للنيل منا، فراحوا يلفقون الاكاذيب والاتهامات عنه، وهو صامت لا يرد، ولكثرة تكرار ما كان يقال ويكتب، مال بعض من لا يعرفون زوجي على حقيقته الى التصديق. وتحولت حراب الذين يحاربوننا الى صورة تريد قتله والتخلص منه، فطلبت منه ان يغادر باكستان وان يذهب الى أي مكان آخر، فرفض، وأصر على البقاء الى جانبي بعد ان أُبعدت عن الحكم وأبعدت معي برامجي الاصلاحية، وقال لي مراراً: "لقد حان الوقت المناسب لكي اشعر بأنني اقدم شيئاً لدعم صمودك وانني استحق ان اكون زوجاً لك، لن اهرب بل افضل ان اموت وسط الميدان ففي ذلك كل الفخر والعزة لي". ولم افاجأ بموقفه فأنا أعرف كبرياءه وأحب صفاته الاخلاقية. وبقي وبقينا، وانقذنا الله الذي تقبل صلواتنا مما كان يخطط لنا. والخطر الذي اشير اليه لم ينته، فنحن ما زلنا نعيش في ظله، ولا نعرف كم من الوقت سنعيش، خارج اطار تمنياتنا بأن نعيش معاً، انا وهو حتى سن التسعين، فالاعمار بيد الله، وحياتنا مهددة، ولكننا قدريون نؤمن بأن ما من انسان يموت قبل أوانه. وعندما نكون معاً نتمتع بالحياة كما نستطيع. وكنا نقول لبعضنا قبل يومين ان هذه هي المرة الاولى منذ زواجنا قبل خمس سنوات، التي نمضي فيها مع بعضنا ومع اولادنا شهراً كاملاً كزوج وزوجة... "ابنة الشرق" تلقيت علومك الجامعية في بريطانيا وأميركا، قبل ان تعودي الى جذورك في باكستان فهل تشعرين بازدواجية او بتناقض ما بين شخصيتك الشرقية وعلومك الغربية؟ - كلا، على الاطلاق، عندما اصدرت سيرة حياتي في كتاب وضعت عنواناً له "ابنة الشرق" وهذا لأنني ولدت في الشرق، وتشربت عادات الشرق وتقاليده وتراثه وتاريخه ومبادئه. وأنا انتمي الى عائلة عريقة جداً في حضارتها الشرقية. وعندما اتيت الى الغرب لكي اكمل دراستي حملت في عقلي ونفسي جذوري وتراثي، ولم أتغير أو أقع فريسة عادات وتراث الآخرين. وقد اكتسبت من حياتي في الغرب لغتهم وأساليبهم في الحوار وتعلمت كيف يمكن للشرق والغرب ان يتحاورا، وحصلت من اجواء جامعتي اوكسفورد وهارمز على ما لا يمكن ان اعثر عليه في جامعات باكستان والشرق. وكانت هذه المعرفة كسباً كبيراً لي وعوناً لي لا يُستهان به في حياتي السياسية اذ انني كنت اكثر قدرة على تفهم عقلية الغربيين واستراتيجياتهم، وردود فعلهم، وعلى الاستفادة من هذا الفهم في ممارستي لدوري في الحكم وفي السياسة. والدي كان يتجه في البداية نحو ايفادي الى جامعة الازهر في مصر، ثم عدل عن ذلك وقرر ارسالي الى جامعات الغرب حتى افهم حقيقة تفكيرهم وثقافتهم وطرق التعامل العقلاني معهم وقد كان قراره هذا صائباً. تردد بعد خروج زوجك من السجن، انك عقدت صفقة ما مع رئيس الوزراء نواز شريف للافراج عن زوجك، فما هي الحقيقة؟ - انا لم اعقد اي صفقة مع احد، واعتبر ما قيل حول هذا الامر اهانة لي ولنضالي ومبادئي، فلست انا من يبيع مبدأه. لقد خرج زوجي من السجن بكفالة مالية، وظلت دعاوى الحكومة قائمة ضده، وانا ارى في سجن زوجي جزءاً لا يتجزأ من محنتي الطويلة ومعاناتي المستمرة. في العام 1990 ابلغتني الحكومة الحالية ان عليّ ان اترك باكستان وإلا اعتقلت زوجي وسجنته، ورفضت، وقلت لهم انني لن اترك شعب باكستان. وعادت الحكومة الى مطالبتي عبر رجال المخابرات بمغادرة البلاد، فكررت رفضي. وأخيراً عرضوا عليّ ان امتنع عن خوض الانتخابات النيابية مقابل عدم التعرض لزوجي ولي، فرفضت. وقدمت ترشيحي الى الدوائر المسؤولة. فبادروا في اليوم نفسه الى اعتقال زوجي ولفقوا له تهمة اختطاف بعض الاشخاص وعقوبة ذلك الاعدام، ثم اتهموه بالقتل. وكان ذلك كابوساً ثقيلاً عانيت منه طويلاً. لأنني اعرفهم جيداً، وأعرف اخلاقياتهم وقدرتهم على الانتقام دون رادع اخلاقي او انساني، وهم من سبق لهم ان قتلوا والدي. وخيروني بين الانتقام وبين موافقتي على الاجتماع كرئيسة للمعارضة مع رئيس الوزراء الحالي. وقالوا لي انني اذا وافقت على الاجتماع فانهم سيسقطون كل التهم عن زوجي. ورفضت، وقلت لهم انه عرض سخيف لا يُقدم الى امرأة سبق ان قُتل والدها ثم شقيقها دون ذنب، وقلت لهم ايضاً انني لن ابيع مبادئي ولن اقدم التنازلات ولن اخون تراث والدي، كما انني لن اخون وطني ولا بنات جنسي. ولم اواجههم حباً بنفسي وانما فعلت ذلك ايماناً مني بمبادئي وشرفي. وقد أُطلق سراح زوجي اخيراً، ولكنني اعرف انهم قد يعودون به الى السجن مرة اخرى باتهامات جديدة، ولكنني لست خائفة، وكل ما اطالبهم به هو المحاكمة العادلة امام المحاكم العادية لا امام محاكم خاصة وبقضاة متقاعدين اعرف كيف يأتون بهم ومن أين. نحن ابرياء، لم نفعل ما يوجب محاكمتنا، ولا نطالب بغير العدالة، وليس لدينا اي استعداد لتقديم التنازلات او عقد الصفقات على "ظهر" باكستان.