لمع نجم الممثلة الاميركية روزانا أركيت في اكثر من فيلم ناجح من "الازرق الكبير" الى "سيلفيرادو" الى "ثمانية ملايين طريقة للموت"، لكن ابرز ادوارها كان في "البحث اليائس عن سوزان" الى جوار مادونا. وقد زارت روزانا اخيراً باريس لتسويق فيلمها الجديد "بلا مفر" الذي شاركها دور البطولة فيه جان كلود فان دام، فكانت مناسبة لپ"الوسط" للقائها في مكتب موزع الفيلم في العاصمة الفرنسية حيث جرى معها الحوار الآتي: من يتتبع مشوارك الفني يجدك غريبة الاطوار، فانت تمثلين في افلام ناجحة في هوليوود، وفجأة تختفين عن الانظار مدة طويلة اين تختفين بين الحين والآخر؟ - أنا موجودة دوماً في مكان ما، والانتقال لا يدخل في اطار الممنوعات المهنية بالنسبة الى الممثلات حسب ما اعرفه. ان الصحافة تتعجب من مشاهدة ممثلة اميركية في أوروبا، وأنا لا افهم مبرر هذه الدهشة. هناك عدم استمرارية في مشوارك الفني، وأنت تختفين عن الانظار في وقت نجاح احد افلامك مثلاً. الا تخافين خطر هذا التهور المهني؟ - لو كنت خائفة من شيء ما لما أقدمت عليه في أول الامر. صحيح اني لا اخطط لمستقبلي الفني وأترك الامور تدبر حالها بنفسها، وقد نجحت الطريقة حتى الآن فلا أرى أي مبرر لتغييرها. وحتى لو اصابني الفشل في يوم ما، لن أندم او احاول تعديل اسلوبي في العمل، فأنا مقتنعة بما افعله. "أنا قلبي دليلي" لكن ما هو سبب ابتعادك الدوري؟ - انا أتبع قلبي أولاً وهو يقودني الى اماكن متعددة بعيدة عن بعضها. هناك من يتبع عقود العمل المطروحة عليه ويغادر اقرباءه او اطفاله مرات عدة في السنة لارضاء متطلبات مهنته هنا وهناك. وأنا اتبع قلبي وأترك عملي من اجله كلما اقتضت حياتي العاطفية ذلك، انها مسألة اولويات. انت اذاً تحبين رجلاً يتنقل كثيراً وتتبعينه اينما ذهب؟ - لا، انا احببت في الولاياتالمتحدة الاميركية وتزوجت هناك، وعندما فشل زواجي وتم طلاقي من شريك حياتي، تعرفت الى المغني البريطاني بيتر غابرييل ولم ارغب في مغادرته فترات طويلة من اجل تصوير افلامي في اميركا. رفضت كل العروض غير الاوروبية ولذلك اختفيت عن الافلام الهوليوودية. لم يكن من السهل علي اقناع السينمائيين الاوروبيين باشراكي في افلامهم، فأنا كنت في اذهانهم ممثلة اميركية لا يمكن ان تبالي لحظة واحدة بالعمل في السينما الاوروبية. عملت في اوروبا، وثم انفصلت عن بيتر غابرييل وعدت الى بلدي لأنساه. عملت اذاً مرة جديدة في هوليوود، لكن اوروبا كانت مارست عليّ جاذبية لا اعرف كيف اصفها بكلمات عادية. انا وقعت في غرام باريس ولندن فعدت الى اوروبا لأحضر عروض الازياء الفاخرة في فرنسا وإيطاليا وانكلترا وتعرفت على شخص جديد جعلني استقر في انكلترا مرة ثانية. وأنا الآن اعمل بين اميركا وأوروبا، وآخر افلامي "بلا مفر" اميركي بحت. حدثينا عن هذا الفيلم من ناحية القصة ودورك انت فيه. - يروي الفيلم فرار رجل مسجون واختباءه في الريف بعيداً عن الانظار. امثل انا شخصية ارملة تعيش في بيت ريفي مع طفليها وتوافق على مساعدة السجين الهارب عن طريق السمح له بالاقامة في البيت لقاء قيامه بالمساعدة في المهام الشاقة. لكن الارملة هذه مهددة بالطرد من بيتها اذ ترغب شركة عقارية كبيرة في هدم البيت لأغراض مالية معقدة. وأحاول انا في الفيلم الدفاع عن نفسي وعائلتي الصغيرة ضد الذين يسعون الى طردنا، لكني ضعيفة وغير مقنعة ابداً، ويقرر السجين الهارب الوقوف الى جانبي ومساعدتي في الدفاع عن حقوقي. والمشكلة انه لا يعرف الديبلوماسية ابداً في التعامل مع الغير مما كان ادى به الى السجن سابقاً، فيبرز عضلاته لإرغام الشركة العقارية على التراجع. وفي الوقت نفسه تنشأ بيننا صداقة تحثه على الدفاع عني وعن الطفلين اكثر وأكثر. انه فيلم يدمج بين المغامرات والدراما والعاطفة. لقد اشتهر جان كلود فان دام بأدواره القريبة الى "رامبو" او الى بروس لي. ماذا تفعلين انت الممثلة الدرامية والكوميدية الموهوبة والمعروفة في فيلم مبني على عضلات فان دام؟ - انا اواجه هذا السؤال في كل لقاء صحافي اعيشه منذ بداية ترويجي للفيلم. اولاً لا يدخل "بلا مفر" في اطار افلام فان دام السابقة المبنية فقط على قوة عضلاته، وهناك حبكة درامية في هذه المرة تميز الفيلم عن غيره. ثانياً ما الذي يمنع ممثلة درامية أو كوميدية من تغيير نمط أدوارها بين الحين والآخر؟ أنا أعجبت بالسيناريو فوافقت على أداء الدور. إن دوري في الفيلم له أهميته اسوة بدور فان دام والحبكة كلها تدور من حول ما يحدث لي. لست نادمة على قراري بأي حال والفيلم في رأيي جميل وقوي، جدير بإثارة اهتمام الجمهور. ألا تعتقدين إن فان دام استخدمك ليستفيد هو من جمهور جديد لا يسعى وراء مشاهدة أفلامه عادة؟ - إن فان دام يواجه السؤال نفسه مع الصحافيين لكن بطريقة عكسية، بمعنى ان البعض يعتقد اني استخدمته لكسب جمهوره هو الذي عادة لا يشاهد أفلامي أنا. ما الحقيقة في الأمر إذاً؟ - الحقيقة ان كل واحد منا تلقى عرض العمل في هذا الفيلم ووافق عليه دون أن يحسب ألف حساب. ليس من الممكن أن يكون فان دام تلقى العرض دون أن يشارك في العملية منذ بدايتها. فالدور مكتوب له وبالتالي لا بد من أن يكون قد أبدى رأيه في اختيار الممثلة التي كانت ستشاركه البطولة. ما رأيك؟ - ربما يكون الرجل أراد فعلاً إثبات كفاءته كممثل درامي في دور يسمح له بتحقيق ذلك والى جوار ممثلة تختلف في عملها عما فعله هو حتى الآن. والمهم انه نجح، فأنا فعلاً شعرت به كممثل وليس فقط كبطل رياضي. أنت لا توافقين على كونه استخدمك بأي شكل من الأشكال إذاً؟ - ربما يكون استفاد في نهاية الأمر أو سيستفيد بمعنى أصح، من جمهوري، وأنا من ناحيتي سأستفيد من جمهوره. أقول ربما فأنا لا أعرف هوية الجمهور الذي سيشاهد هذا العمل. وعلى العموم لا أرى أي عيب في الاستفادة المتبادلة على الصعيد الفني، ولو كان فان دام شارك كما تقول في اختياري، فأنا أشكره. إنها مجازفة، ماذا لو أصيب هذا الجمهور بخيبة أمل؟ - هل شاهدت الفيلم قبل أن تطلب مقابلتي؟ نعم بطبيعة الحال. - هل تعتقد إني سأخسر جمهوري بعد مشاهدته الفيلم؟ ربما انك تنجحين في الحفاظ عليه لأنه يعرفك جيداً ويحبك ويغفر لك، والدليل إنك نجمة. أما فان دام لو حاول إقناع جمهوره بأنه سينتقل من المغامرات العنيفة الى الدراما فمن المتوقع ان يخسر هواة فنه الأساسي دون ان يكسب جمهورك أنت. لكنها مشكلته أليس كذلك؟ - لو كان هذا رأيك في الفيلم فلماذا التقينا؟ كي تصرحين لنا برأيك في المسألة ولنتكلم عن حياتك عامة. - فلنتكلم عن حياتي إذاً ونترك الحديث عن "بلا مفر". أنت اشتهرت الى جوار مادونا في "البحث اليائس عن سوزان" فماذا كانت علاقتك بها خلال التصوير؟ - لم تكن مادونا في ذلك الوقت هي مادونا الآن. لقد كانت في بداية مشوارها الفني، خاصة في السينما، فكانت تنتبه لكلام مخرجة الفيلم وتحرص على حسن علاقاتها مع الزملاء والزميلات. أنا أتذكرها لطيفة جداً ومطيعة ومجتهدة فنياً. هل كانت المنافسة قوية بينكما؟ - بلا شك فكنا ممثلتين ناشئتين في فيلم واحد وكانت كل واحدة منا تؤدي فيه دوراً أساسياً. إن المنافسة كانت ضارية لكن داخلية، بلطف ورقة وابتسامات ووفاق تام طوال الوقت. كانت مسألة ذكاء لا أكثر ولا أقل، فلم يكن من مصلحتنا إظهار منافستنا بطريقة سلبية وإلا أصيب العمل بالضرر وهذا كان آخر شيء نتمنى حدوثه. إننا عرفنا رغماً عن حداثة عمرنا الفني في ذلك الوقت كيف نضع صالح الفيلم فوق كل مصلحة أخرى. وساعدتنا في مهمتنا المخرجة سوزان سيدلمان التي حرصت على أن يدور تصوير فيلمها في ظروف حسنة. وجاءت النتيجة جيدة، فقد نجح الفيلم وانطلقت أنا كممثلة. أما مادونا فحكايتها معروفة. أين كنت قبل هذا الفيلم؟ - قبل "سوزان" كنت ظهرت في التلفزيون مرات عدة وفي أدوار متوسطة الأهمية في السينما. كنت أبحث عن فرصة للانطلاق وحصلت عليها في هذا الفيلم. لقد لعب الفيلم الفرنسي "الأزرق الكبير" للسينمائي لوك بيسون دوراً في مشوارك الفني أليس كذلك؟ - نعم ولكن بطريقة غريبة. فأنا سررت جداً بالعمل في الفيلم وأعجبت بأسلوب لوك بيسون في معاملة ممثليه. كنت اكتشف السينما الفرنسية وألاحظ جانبها الانساني المختلف تماماً عن البرود الأميركي في العلاقات بين البشر وفي صالح التقنية. وجاءت خيبة الأمل في النهاية حينما حذف بيسون العديد من اللقطات التي ظهرت فيها في الفيلم لحساب لقطات ثانية يظهر فيها بطل الفيلم في رحلته تحت الماء في أعماق البحر. كان الفيلم طويلاً أكثر من اللازم ورحت أنا ضحية هذا العيب. ومع ذلك كتبت عني الصحافة عند ظهور الفيلم في الأسواق وأثار دوري الانتباه. أنا حصلت من بعد ذلك على عروض كثيرة مشابهة لدوري في "الأزرق الكبير" أي دور امرأة ترتبط برجل يحب أولا مهنته أو رياضة خطيرة ما مثل النزول الى أعماق البحار، ويضحي بعلاقته مع زوجته لإرضاء هاجسه الأساسي. لم أقبل العروض المشابهة لأني أحب التغيير، لكنها أثبتت لي ان الجمهور لاحظني في "الأزرق الكبير" وأحب دوري فيه. إن هذا الفيلم محطة في حياتي وأتمنى الحصول على محطات كثيرة كهذه في مستقبلي المهني.