"الادوار السينمائية الآن تكتب للممثلات الشابات وانا ارفض كل ما يعرض عليّ" "كانت المنافسة بيني وبين صوفيا لورين حادة وعشتها بايجابياتها وسلبياتها لأكثر من عشرين سنة" جينا لولو بريجيدا، نجمة السينما الايطالية التي تنافست منذ الخمسينات مع صوفيا لورين على عرش الشهرة والجمال، واتجهت في نهاية السبعينات الى التصوير الفوتوغرافي الى درجة المشاركة في معارض رسمية كبيرة في اوروبا والولاياتالمتحدة الاميركية. زارت فرنسا اخيراً حيث تم تكريمها. وكانت مناسبة ل "الوسط" للقائها واجراء حوار مطول معها. بدأت جينا لولو بريجيدا مشوارها الفني في نهاية الاربعينات عقب الحرب العالمية الثانية، حيث لم يكن عمرها تجاوز الثامنة عشرة حيث ظهرت ككومبارس في الروايات المصورة فوق صفحات المجلات. وكانت الايطالية الحسناء كونت لنفسها سمعة طيبة في مجال عملها، بفضل جاذبيتها المميزة و جمالها الطاغي، وسرعان ما لاحظها المخرج السينمائي ريكاردو فريدا ومنحها احد ادوار فيلمه الدرامي "النسر الاسود". وطوال فترة عملها في الروايات المصورة كانت جينا تظهر تحت اسم جيانا لوريس، لكنها عادت الى استخدام اسمها الحقيقي فور انطلاقها في السينما. توالت الافلام بسرعة في حياة جينا لولو بريجيدا من كوميدية ودرامية، وانتشر اسمها على مستوى العالم فأصبحت، مع صوفيا لورين، سفيرة للجمال الايطالي وللموهبة المتعددة القدرات. واهتمت هوليوود بجينا فعرضت عليها بطولة افلام عدة. واستعانت فرنسا بها ايضاً فأسندت اليها احد اجمل ادوارها في فيلم "أحدب نوتردام" الى جوار انطوني كوين. وكان اول سؤال وجهناه الى جينا لولو بريجيدا بخصوص احترافها التصوير الآن وابتعادها عن الشاشة الكبيرة. قالت: - انا احب التصوير منذ شبابي، وبالتحديد عندما كنت اقف امام العدسات في اجمل الروايات المصورة، فكنت احسد المصور على عمله وعلى موهبته. لذا بقيت بعدها طوال 35 عاماً أمارس فن التصوير على سبيل الهواية. الى ان قررت فجأة التحول الى محترفة. انا عمري الآن 65 سنة و استطيع التأكيد بأني اجد لذة في التصوير تضارع تلك التي تذوقتها في خلال سنوات نجوميتي السينمائية. السينما تغيرت لكنك ما زلت نجمة عالمية، فلماذا ابتعدت عن ممارسة التمثيل؟ - السينما لم تعد مثلما كانت والأدوار النسائية التي قد تناسب امرأة في عمري لا تشبه تلك التي عرفتها الممثلات ايام زمان. انا اعرف ان الفنانات المتقدمات في العمر، كن يعثرن حينما كنت انا شابة، على أدوار هائلة، سواء في الاعمال الجادة او الفكاهية. ويكفيني ذكر أنا مانياني وسيلفانا مانغانو في ايطاليا، أو بيتي ديفيز وجوان كراوفورد في هوليوود، وغيرهن طبعا.ً اما الآن فالادوار تكتب للشابات فقط، واقصد الادوار الحلوة، وانا بصراحة غير راضية عن السيناريوهات التي أتلقاها، وبالتالي أرفضها بتاتاً. معنى ذلك انك ما زلت تتلقين العروض؟ - اتلقاها بكثرة رغم تصريحاتي المتعددة بابتعادي النهائي عن السينما. لكن كل مخرج يكتب سيناريو فيلمه الجديد، ويفكر في منحي احد ادواره، يعتقد انه كتب اجمل حكاية في تاريخ الفن السابع، واني لن اقدر على مقاومة عرضه ابداً. هل تقرئين السيناريوهات فعلاً؟ - نعم، لأني ساذجة الى حد ما، ولا ازال في قرارة نفسي احلم بالعثور على الدور المثير الذي سيعيد ثقتي بالسينما. ما الذي تغير في رأيك بالنسبة الى أيام امجادك في الخمسينات والستينات؟ - ما الذي لم يتغير؟ انا احبذ التغيير لو كان على شكل تطور، لكنه اذا اعاد الامور الى الوراء فلا يثير إهتمامي ولا يعجبني. لقد نسيت السينما انها اولاً اداة للتسلية، وعليها ان تقدم الى جمهورها حكايات خيالية ونجوماً يثيرون مخيلة كل متفرج. وهذا كان الحال ايام زمان، بينما نشهد الآن سيناريوهات تكتفي في اكثر الاحيان بتصوير الواقع، وذلك تحت ستار بعض العبارات الرنانة التي تدعي بأن السينما مرآة الحياة، وبالتالي عليها تقديم حكايات مستوحاة من الواقع المعاش. اما النجوم، فقد اصبحوا يشبهون الناس الذين نلتقيهم في الطريق العام، واصبحت موهبتهم الوحيدة هي قدرتهم على اداء دور ما. وانا اسأل عن سحر النجوم، وهو شيء يتعدى الاداء التمثيلي، وانا اراه قد ولى، على الاقل بالنسبة لنجوم الفن السابع، اذ لا يزال نجم الغناء يتميز ببريق خاص ويثير دهشة واعجاب الملايين. ويكفي النظر الى مفعول مادونا على الجماهير للتأكد من صحة كلامي. المنافسة مع صوفيا كيف عشت المنافسة القوية التي كانت موجودة دائماً بينك وبين صوفيا لورين؟ - عشتها بإيجابياتها وسلبياتها، فالمنافسة ضرورية للدفع بالمرء الى الامام، كما يمكنها ان تحطم من معنوية الفنان اذا كانت قوية جداً، واذا كانت في صالح الطرف الثاني بين الحين والآخر. انا عانيت من تفوق صوفيا لورين في اوقات معينة واعتقد انها ايضاً عانت من نجاحي في اوقات اخرى، لكننا في النهاية لن نتأثر سلبياً بنجاح بعضنا البعض، واستطاعت كل واحدة منا شق طريقها باسلوب مختلف عن الثانية. هل جمعت بينكما صداقة ما في وقت من الاوقات؟ - انا التقيت بصوفيا في اكثر من مناسبة، واعرفها جيداً وهي ايضاً تعرفني، لكن الصداقة كلمة كبيرة لوصف علاقتنا تضحك. يبدو ان المنافسة مستمرة حتى بعد ابتعاد كل واحدة منكما عن اضواء السينما، اذ تم تكريمك انت في فرنسا عن طريق اعادة عرض ابرز افلامك وافتتاحك "رصيف الشهرة" في مهرجان "كان" 1991 حيث تركت بصمات اصابعك فوق بلاط الرصيف المذكور، بينما حصلت صوفيا لورين على وسام الشرف في باريس وعلى جائزة اوسكار اميركية عن مجموع عملها في خدمة الفن. فما رأيك بهذا الكلام؟ - صحيح ان المنافسة مستمرة، لكننا لا نختار هذا الوضع او نقرره، بل انه يفرض علينا ونتقبله بصدر رحب. الخلافة الايطالية ما رأيك في الممثلات الايطاليات اللواتي تولين الخلافة من بعدك وبعد صوفيا لورين؟ - انا لا اعتقد ان الخلافة قد انتقلت بالمعنى المفهوم عامة، لأن النجومية في حد ذاتها تغيرت كما سبق وفسرت. وانا اذن استطيع اعطاء رأيي في بعض الممثلات من حيث الموهبة وليس من ناحية البريق، فهناك اورنيللا موتي التي لا شك في كونها تتمتع بمواصفات نجمات ايام زمان، الا ان السينما لم تعد تهتم بهذه المواصفات. واورنيللا فنانة جيدة نجحت على الصعيد الاوروبي ثم العالمي باستثناء الولاياتالمتحدة الاميركية. ومن بعد جيل اورنيللا، ظهرت الشابة فاليريا غولينو في فترة عانى خلالها الفن السينمائي الايطالي من ازمة حادة جداً في منتصف الثمانينات، فراحت تتصرف بذكاء وبحثت عن فرص للعمل في فرنسا ثم هوليوود. وهي الآن بين المع الفنانات العالميات وعملت مع داستين هوفمان وتيموتي دالتون جيمس بوند الجديد، والطريف انها من اصل مصري، وهذا شيء لا بد من ان يهمكم. وانا معجبة بفاليريا كممثلة جيدة وحلوة، واقول بصراحة انها لا تملك الجاذبية التي كانت تصنع النجمات. هل تتوقعين عودة نظام النجومية على الطريقة القديمة في يوم ما الى السينما؟ - نعم، لأن اهل المهنة يدركون الآن، وخاصة عبر أزمة السينما الحالية، ضرورة العثور على شيء غير الوسائل التقنية لإعادة المتفرج الى الصالات. وفي رأيي، لا بد للشيء هذا ان يكوّن النجوم، فهم وحدهم يقدرون على إثارة مخيلة الجمهور العريض في زمن مؤلم اقتصادياً ومعنوياً مثل هذا الذي نعيشه حالياً. انت تعرضين الصور التي تلتقطينها في باريس ولندن وروما ونيويورك وحتى طوكيو. فما هو الشيء الذي تستوحين منه في نشاطك الجديد هذا؟ - انا ابحث من خلال التصوير عن الاشياء التي فقدتها السينما، بمعنى اني اصوّر اماكن غريبة موجودة في مدن كبيرة او صغيرة ولا يدري بها الناس. ويستغرق بحثي عن هذه الاماكن اسابيع او أشهراً عدة في اكثر الاحيان، كما اهتم بالوجوه البشرية، فألتقط الشيوخ مثلاً، الذين تركت الحياة بصماتها فوق ملامحهم، وانا مولعة بابتسامة هؤلاء الاشخاص، فهل تفكر السينما ابداً في تصوير ضحكة رجل عجوز فهم الدنيا الى درجة ان يسخر منها رغم قسوة الحياة عليه؟ انا التقط ما تتجاهله السينما في اكثر الاوقات. أحلى التجارب كيف وفقت خلال حياتك كنجمة سينمائية بين مهنتك وخصوصيتك؟ - انا تزوجت مرة واحدة، في الثانية والعشرين من عمري، ودام زواجي اكثر من عشرين سنة، ثم انهار لاسباب عديدة، من بينها نجوميتي اللامعة في الستينات والتي لم يتحملها زوجي بسهولة، على رغم ارتباطنا الطويل. وانا كنت اعتبر نفسي خلال فترة زواجي، من الحالات النادرة في الوسط الفني، واقصد حالات التوفيق بين النجاح المهني والاستقرار العائلي. وكنت على خطأ، اذ انتهى زواجي بالفشل. والواقع ان زوجي لم يكن من اهل الفن، فلا ادري لو كان هذا العنصر ميزة ام لا، وعلى العموم انا احتفظ بذكريات الايام الحلوة للزواج، واحلى ما خرجت به من تجربتي هو ابني طبعاً. هل تشجعينه على ممارسة مهنة السينما؟ - نعم فهو موهوب واعتقد انه سينجز اشياء ايجابية عدة في حقل الاخراج السينمائي. هل سيعيد النجوم الى الشاشة بالطريقة القديمة ويحقق حلمك؟ - انا لا أتدخل في امور عمله، لكني اعرف انه يشاركني الرأي في مسألة النجوم هذه. يقال انك سوف تمثلين في فيلم من اخراجه، فهل هذا صحيح؟ - اكاد ان افعل ذلك في المستقبل القريب، فهو عرض عليّ بطولة فيلمه الاول، واعترف بأن فكرة العمل تحت ادارته تعجبني وتثير اهتمامي. هل اسمك الحقيقي جينا لولو بريجيدا ام جيانا لوريس كما في الروايات المصورة التي ظهرت فوق صفحاتها قبل احترافك التمثيل؟ - تضحك لقد كان اسم جيانا لوريس يوحي بأني اميركية، وكان ذلك من ضروريات العمل في الروايات المصورة، لكني سرعان ما عدت الى اسمي الحقيقي فور بدايتي السينمائية.