عرف الجمهور غوينيث بالترو 35 سنة في العام 1999 بفضل فوزها بجائزة الأوسكار عن دورها في فيلم "شكسبير العاشق". وفي فيلمها الأخير "سيئ السمعة" تؤدي النجمة الأميركية شخصية مغنية ترتبط بعلاقة صداقة مع الروائي ترومان كابوتي، علماً أن السيناريو يحكي قصة حقيقية وأن كابوتي عاش بالفعل وكرس أحد أهم أعماله الأدبية "مع سبق الإصرار" لجريمة قتل بشعة أثارت فضوله إلى درجة أنه أنشأ علاقة غريبة الشكل مع أحد مرتكبيها وبذل كل جهوده لإنقاذ هذا الرجل من حبل المشنقة، ولكن بلا جدوى. وقد نزل منذ سنتين إلى دور السينما فيلم"كابوتي"حول الحكاية نفسها بالتحديد ومع ممثلين آخرين، إلا أن الدور الذي تمثله بالترو لم يتواجد في هذا العمل. عاشت غوينيث بالترو، إبنة الممثلة بلايث دانر والمخرج السينمائي الراحل بروس بالترو، حكاية حب طويلة مع النجم الوسيم براد بيت وكادت أن تتزوج منه، لكنهما انفصلا في 1998، ووقعت غوينيث في ما بعد في غرام الفنان بين أفليك معتمدة سياسة جديدة في حياتها الخاصة بعيداً عن الأضواء والإعلام، ذلك لأنها ألقت مسؤولية فشل علاقتها مع بيت على الصحافيين الذين طاردوها هي وخطيبها في شكل مستمر، وعلى رغم ذلك لم تدم علاقة أفليك وبالترو طويلاً، إلا أن الفنانة عثرت على الحب الحقيقي في شخص الفنان الموسيقي كريس مارتن مؤسس فريق"كولدبلاي"وتزوجت منه في العام 2003، وهي الآن أم لطفلين. زارت غوينيث بالترو باريس كي تروج لفيلم"سيئ السمعة"، فالتقتها"الحياة"في هذا الحوار. ما الفائدة، في رأيك، من تصوير فيلم عن الروائي ترومان كابوتي بعدما تحولت الحكاية ذاتها حديثاً إلى عمل سينمائي أيضاً، وبنجاح عالمي ملموس؟ - أنا تساءلت في شأن هذا الموضوع عندما تلقيت السيناريو، لكنني بعدما قرأته أدركت مدى اقتراب الفيلم الجديد من واقع حياة كابوتي، بالمقارنة مع العمل الأول. وأقصد أن"سيئ السمعة"سيدخل في رأيي إلى تاريخ السينما بمثابة شريط تسجيلي، وإن كان قد لجأ رسمياً إلى الأسلوب الروائي وإلى ممثلين من أجل أداء الشخصيات المختلفة التي أحاطت بترومان كابوتي، ثم طبعاً إلى كابوتي نفسه. ولا شك في أن طريقة توبي جونز في أداء كابوتي بعيدة جداً من اللون الذي منحه الممثل فيليب سيمور هوفمان للشخصية في الفيلم الأصلي، بمعنى أن جونز تمعن في دراسة شخصية كابوتي ولجأ إلى الأرشيف الرسمي الموجود واطلع على عشرات الشرائط المسجلة التي يظهر فيها كابوتي، حتى يتقمص شكله وطريقة كلامه وحركاته. أنا فعلاً أشعر بأنني شاركت في فيلم تسجيلي واقعي وليس في عمل روائي مبني على الرومانسية أو الإثارة. لكنك تعلمين أن فيليب سيمور هوفمان حصد أكبر الجوائز في العام 2005 عن دوره هذا في الفيلم الأول؟ - نعم، وهو استحق التكريم والجوائز مما لا يمنع أنه اعتمد أسلوباً مفتعلاً مبنياً على تخيله للشخصية أكثر من اهتمامه بمنح الدور صفة تسجيلية. أنها مسألة تتعلق بالطريقة التي قرر مخرج الفيلم اتباعها في سرد الحبكة، وهنا يكمن الاختلاف الجوهري بين العملين. وأنا لا أدافع عن الفيلم الأول أو الثاني مثلما لا أهاجم أياً منهما، ولكنني أرد على سؤالك محاولة تفسير وجود الفيلم الجديد حسب ما أدركته شخصياً. لمناسبة الكلام عن الطريقة التي اعتمدها توبي جونز لتقمص دور ترومان كابوتي، ماذا عن حكاية انغماسك أنت في عالم المسرح الكلاسيكي قبل تأديتك شخصيتك السينمائية في"شكسبير العاشق"، فهل تقلدين النجوم الذين يميلون إلى الاحتكاك بعالم الإجرام مثلاً أو يزورون مستشفيات الأمراض العقلية لاكتشاف خفايا هذه الأوساط التي تتعلق بها الشخصيات المطلوب منهم تأديتها، وبالتالي زيادة فعاليتهم أمام الكاميرا؟ - نعم، وأنا أضفت اسمي إلى قائمة الفنانين الذين يدرسون أدوارهم في ميدان المعركة، وقضيت سهرات طويلة في المسارح الكلاسيكية في لندن ونيويورك من أجل التمعن في طريقة الأداء"الشكسبيري"، إلى درجة إن بعض العاملين في هذه المسارح اعتقدوني في كل مرة صديقة أو خطيبة أحد أبطال المسرحية لا أقدر على فراقه، وكان الموقف حرجاً للغاية في بعض الأحيان. سرعان ما عرف الجمهور العريض عقب فوزك بجائزة الأوسكار عن دورك في"شكسبير العاشق"إنك تنتمين إلى عائلة لها جذورها الراسخة في ميدان الفن، فهل كان هذا الأمر ضرورياً لفرض شخصيتك على أهل المهنة والجمهور؟ - لا، وأعترف بأن هذه المسألة ضايقتني أكثر مما ساعدتني، لكن الذي حدث في بدايتي المهنية هو إجرائي اختباراً في التمثيل أمام الكاميرا وأنا بعد مراهقة، ولم أستطع فعل ذلك إلا بموافقة عائلتي نظراً الى صغر سني. والواقع إنني حصلت على العمل بفضل صلاحيتي له ولكن أيضاً لأن المسؤولين كانوا يعرفونني من طريق أبي وأمي وجدي، وإلا لما لاحظوني بهذه السرعة، وتلقى أصحاب الشأن في السينما تعليمات من عائلتي تخص معاملتي مثلما تعامل أي فنانة ناشئة بمعنى ضرورة خضوعي للتجربة اللازمة في كل مرة قبل حصولي على فرصة المشاركة في أي فيلم. وأنا سعيدة بخصوص هذا الأمر الذي علمني التواضع والقناعة، وعرف الجمهور حكايتي حينما بدأت وسائل الإعلام تكتب عني أثر فوزي بجائزة الأوسكار. هل تغنين بصوتك الحقيقي في"سيئ السمعة"أم أنك مدبلجة؟ - أغني بصوتي، وسبق لي أن قمت بذلك قبل خمس سنوات في فيلم"ثنائي"الذي أخرجه والدي، والذي تعلمت الغناء خصيصاً من أجله. أما قبل ذلك فلم أكن أردد أغنيات إلا في الحمام ولنفسي فقط. والدك الذي غضب من صديقه مايكل دوغلاس لأنه وافق على تمثيل لقطات حميمة معك في فيلم"جريمة مثالية"؟ - نعم، ويبدو أنك على دراية دقيقة بأحداث حياتي، لكن المشاجرة بينهما انتهت بسرعة فور أن استعاد والدي هدوءه وأدرك أن الموضوع مجرد سينما لا أكثر ولا أقل، وأن صديقه لم يحاول مغازلتي إطلاقاً خارج إطار تصوير الفيلم. وأنا أفهم جيداً أن أي أب في الدنيا ينتابه الغضب إذا شاهد ابنته في حضن أحد أعز أصدقائه. أديت في هذا الفيلم الشخصية التي لعبت دورها في الماضي غريس كيلي التي صارت في ما بعد أميرة موناكو، فكيف عشت هذه التجربة؟ - فكرتُ في قرارة نفسي أنني بدوري سألتقي ملكاً أو أميراً وبالتالي سأتربع في غمضة عين على عرش دولة ما، لكن الأمر لم يحدث وظلت المقارنة بيني وبين غريس كيلي على الصعيد السينمائي وحسب. أنا أمزح بطبيعة الحال، والشيء الذي مسني عن قرب في شأن هذا الفيلم، هو أن النسخة الأصلية منه التي مثلت فيها كيلي، كان قد أخرجها الفريد هيتشكوك. فكم كنت تمنيت العمل تحت إدارته لو كنت موجودة في الساحة الفنية في أيامه، وحسدت غريس كيلي على أدائها هذا الدور في فيلم من إخراجه. كثيراً ما نشاهدك في عروض الموضة الباريسية جالسة في الصف الأمامي، فهل أنت مولعة بالأزياء الحلوة؟ - نعم أنا أعشق الثياب الأنيقة وأتابع ما يحدث في كل موسم عند كبار المبتكرين، والماركات المفضلة لديّ هي رالف لورين وفرساتشي وكريستيان ديور، وأحضر العروض دوماً في صحبة صديقاتي من الفنانات مثل هيلينا كريستنسن وكورتني لاف وكيت كابشو، زوجة المخرج ستيفن سبيلبرغ. لكنني قللت من هذا النشاط منذ أن أنجبت، لأن وقتي لم يعد يسمح لي بتولي مهمات الأمومة والسفر كثيراً إلى أوروبا لمجرد متابعة آخر أخبار الأناقة هنا وهناك. أنت لم تذكري مادونا علماً أنك حضرت أكثر من عرض للمصمم الكبير جان بول غوتييه في صحبتها؟ - أنت تتذكر زياراتي الباريسية قبل أن أتزوج وأنجب، والواقع أن مادونا كانت من صديقاتي المقربات جداً، لكنني اضطررت إلى الابتعاد عنها الآن لسبب بسيط هو عجزي عن متابعتها في نمط عيشها الجنوني الذي لا يتفق إطلاقاً مع أسلوبي الشخصي كزوجة وأم. هناك أشياء يفعلها المرء وهو أعزب وفي العشرين من عمره، ولا يستمر فيها بعد أن يستقر ويكوّن أسرة، إلا أن مادونا لا تزال تقود حياتها الآن وهي في الخمسين من عمرها، وكأنها لا تزال مراهقة أو شابة في مطلع حياتها. أنها حرة طبعاً، لكنني حرة بدوري في اختيار طريقة عيشي والحفاظ على علاقاتي مع الأشخاص الذين يشاركونني وجهات نظري في شكل خاص. احتجبتِ عن الشاشة بعد أن تزوجت وأنجبت، فهل تنوين استئناف حياتك الفنية في شكل عادي الآن؟ - نعم إلى حد ما، وأقصد أنني أصبحت حريصة أكثر مما كنت في الماضي في خصوص كل ما يتعلق بعملية اختيار الأفلام التي أشارك فيها، لأن وقتي لا يسمح لي بقبول أي شيء لمجرد أن أمثل وحسب، وأعير عائلتي المكانة الأولى في حياتي. أنا كبرت في جو عائلي سادته العاطفة ورأيت أمي تهتم بنا أنا وأخوتي بطريقة مثالية، ولكن من دون أن تضحي كلياً بحياتها الفنية، وتعلمت منها الكثير، وأنوي تقليدها في تحقيق المعادلة بين الاتزان العائلي الذي لا بد منه، والاستمرار في العمل على أحسن وجه. أنها مسألة ذكاء وديبلوماسية واختيار الأنسب في كل ظروف الحياة. هل تنوين خوض تجربة التمثيل المسرحي في المستقبل؟ - مثلتُ في الماضي فوق المسرح، وشاء القدر أن أتجه بسرعة إلى العمل السينمائي لكنني مستعدة من دون أي تردد للوقوف من جديد فوق الخشبة في المستقبل، إنما بعد إتمامي مهمتي العائلية كأم لطفلين صغيرين، وأقصد عقب التحاقهما بالمدرسة وتمتعي بمزيد من وقت الفراغ، خصوصاً أن المسرح يقتضي العطاء أكثر من السينما أو التلفزيون. وما هو اللون المسرحي الذي تحلمين إذاً بالنجاح فيه؟ - المسرحيات الاستعراضية المبنية حول حبكة تتطلب التمثيل والغناء والرقص على السواء.