سيلفي فارتان نجمة الغناء الفرنسية البلغارية الجذور، لمعت في مطلع الستينات ولا تزال في أوج بريقها الفني والاستعراضي على رغم تعديها سن الخمسين حيث ما زالت تتحرك على خشبة المسرح بحيوية بنت العشرين. وسيلفي هي والدة المغني دافيد هوليداي، ابنها من زواجها السابق من النجم جوني هوليداي. وتستعد الآن لأداء دور البطولة في فيلم سينمائي سيخرجه جان كلود بريسو الذي سبق له ادارة فانيسا بارادي في عملها السينمائي الوحيد حتى الآن. "الوسط" التقت سيلفي فارتان في منزلها وكان معها الحوار الآتي الذي بدأناه بسؤالها عن اسطوانتها الجديدة: ما هو محور الاغنيات الموجودة فوق اسطوانتك الأخيرة؟ - محور الاغنيات عاطفي. اذ اني أغني للحب الذي هو في رأيي أجمل المشاعر. هل أنت سعيدة في حياتك العاطفية؟ - نعم، أنا الآن سعيدة. مع العلم اني لم أعرف الحب السعيد بشكل مستمر في حياتي، اذ مررت بكثير من التقلبات الى ان حققت ذاتي كلياً مع زوجي طوني سكوتي. ربما يكون نضوجي في العمر هو سبب استقراري العاطفي حالياً، لكن مهما كان السبب فالشيء المهم هو اتزاني الكامل من هذه الناحية ومروري بفترة من السعادة أتمنى لكل النساء معرفتها لما تتميز به من روعة. أسعد أم هل أنت أم سعيدة ايضاً؟ - طبعاً، فقد نجح ابني في المجال المهني الذي أثار اهتمامه وأقصد الموسيقى، ثم تزوج من امرأة شابة أحبها وأحبته، فكيف لا أكون أسعد أم في الوجود؟ تزوج ابنك من عارضة الازياء المعروفة استيل، فهل تتفقين معها، وما شعورك تجاه احتمال تحولك الى جدة في المستقبل القريب؟ - انا أتفق مع إستيل وأقدر فيها شخصيتها الناعمة والقوية في آن وعدم اهتمامها باعتبار نفسها احدى أجمل عارضات الازياء في العالم. انها ليست متكبرة مثل زميلاتها وهذه نقطة في صالحها جعلتني أقترب منها بسهولة كبيرة. وللرد على سؤالك حول احتمال تحولي الى جدة، فأنا أتلهف لهذه اللحظة رغماً عن كونها سوف تذكرني بالوقت الذي يمضي وهو شيء لا تحبذه اي امرأة بشكل عام. لكن الفرحة في مثل هذه الحالة تطغى على سائر الأمور أليس كذلك؟ احتجبت فترة عن الظهور وعن ممارسة نشاطك الفني في الثمانينات. هل كنت تفكرين في اعتزال المهنة ثم عدلت عن قرارك؟ - لم أفكر أبداً في اعتزال الغناء الا اذا كانت حياتي العائلية تطلبت مني اتخاذ هذا القرار لسبب ضروري. انا ابتعدت فعلاً عن المهنة لأتفرغ كلياً لمساعدة ابني في مشواره مع الفن. بذلت كل جهدي لأشرف على تربيته الموسيقية من ناحية بدايته احتراف هذه المهنة الصعبة، وحاولت ابعاده عن المطبات التي تهدد أي مبتدئ وعن الوقوع في فخ السهولة بواسطة ترديد أغنيات عادية شعبية قد تطلقه الى القمة في "رمشة" عين ثم تنهي حياته الفنية في "رمشة" عين ثانية. تأكدت ايضاً من رغبته في تقديم لون موسيقي محدد ودفعت به الى قبول الانتظار والتضحيات من أجل فرض رغبته ورفضه النهائي للموسيقى من أجل الموسيقى وحسب. أديت واجبي كأم طبعاً لمشاعري ومسؤوليتي تجاه ابني، ثم تركته يطير بجناحيه وعدت الى ممارسة مهنتي. ماذا كان موقف جوني هوليداي من ابنكما، فهل ساعده ايضاً مثلما فعلت أنت؟ - نعم ولكن بطريقة أقل وضوحاً وبشكل غير مباشر. لقد قدم جوني المساعدة الفعلية بواسطة علاقاته في المهنة، أكثر مما قدم النصيحة الى ابنه. وجاءت مساعدة كل واحد منا في النهاية، مكملة لما كان يفعله الثاني. "أحب الاستعراض" لنعود الى الكلام عنك من الناحية الفنية، فأنت تميلين الى تقديم الاستعراضات المسرحية كلما ظهرت لك أغنيات جديدة. هل تحبين الغناء الاستعراضي؟ - أنا من هذه الناحية اميركية مئة في المئة ولا أتخيل نفسي لحظة واحدة واقفة فوق المسرح ثابتة أردد أغنياتي كما هو حال العدد الأكبر من المغنين الفرنسيين. وكل أغنية في رأيي تروي حكاية وتستحق تحويل هذه الحكاية الى استعراض صغير يتميز باخراج مسرحي يناسبها. انا اعتمدت هذا الاسلوب منذ بدايتي المهنية أو سنوات قليلة بعد بدايتي، بعدما أدركت أهمية الاستعراض كعمل مكمل للغناء. لقد بدأت الغناء في سن المراهقة، ولم اتمتع بمن يرشدني ففعلت كل شيء بنفسي وسرعان ما جذبني الأسلوب الاستعراضي الاميركي فتركته يقود زمام حياتي الفنية. ثم تعرفت على جوني هوليداي وتزوجت منه وتركته ايضاً يساهم في قيادة أمور حياتي، وهو اتفق معي تماماً على حكاية الاستعراض. الروح الفرنسية يبدو أنك فعلت أكثر من مجرد اعتماد الأسلوب الاميركي، فأنت غنيت بالانكليزية مدة طويلة ورحت تعملين في الولاياتالمتحدة الاميركية مسببة غضب فئة من جمهورك الفرنسي. كيف عشت هذه التجربة؟ - غنيت بالانكليزية وعملت في أميركا حتى أعثر على الوفاق التام بين نظرتي للمهنة وطريقة ممارستي لها. انا اعتمدت الاسلوب الاستعراضي في فرنسا، لكني أحسست رغماً عن نجاحي، بقلة التأقلم التام بين هذا الأسلوب والروح الفرنسية الخاصة باستقبال العمل الفني الاستعراضي. فكرت اذاً في خوض التجربة في مسقط رأسها الأساسي، في مهدها. ربما ايضاً لأني كنت في حاجة ماسة الى كسب ثقة في نفسي كفنانة استعراضية، وأحسن طريقة لاختبار قدراتي كانت في منافسة الاميركيين فوق أرضهم، وهذا ما فعلته بنجاح. بما ان الجمهور هناك تقبلني بصدر رحب أسوة بأهل المهنة. وأنا عدت الى العمل في فرنسا فور اثبات قدراتي الى الاميركيين والى نفسي. فالهدف الأساسي من وراء سفري لم يكن البقاء في اميركا وهجرة بلدي، لكن تحقيق ذاتي عبر تجربة كهذه شبه مستحيلة. صحيح ان الجمهور الفرنسي اعتبر المسألة خيانة الى حد ما، لكنه سرعان ما منحني غفرانه عقب عودتي. وأعتقد ان غضب الناس سببه حبهم لي وأنا فخورة بذلك. ابنك دافيد يغني بالانكليزية أساساً. فهل تقفين وراء هذه الفكرة بشكل او بآخر؟ - لقد كبر ابني في جوّ موسيقي سادته الالحان الاميركية والبريطانية. قد يبدو كلامي في غير محله بما ان جوني هاليداي كان يغني بالفرنسية وأنا كنت أدمج بين اللغتين، لكن الاغنيات التي كنا نسمعها في البيت كانت بالانكليزية ولا شك في ان دافيد تأثر بذوق والديه وراح يتبع كل ما يدور في حقل الموسيقى في اميركا وانكلترا. ولو كنت شخصياً لعبت اي دور في خيار ابني للغناء بالانكليزية فقد دار ذلك بطريقة لا شعورية عبر نقلي اليه حب هذه الموسيقى فضلاً عن غيرها، لكني لم أنصحه مباشرة أبداً بالغناء في لغة او اخرى. مينيللي وماكلين ماذا عن السينما. أنت ظهرت في فيلمين في بداية حياتك الفنية ثم ابتعدت عن التمثيل سنوات طويلة وتنوين العودة اليه الآن. كيف تفسرين المسألة؟ - أفسرها بطريقة تفسيري نفسها لميلي للاستعراض… أنا أحب كل ما ينبع من الطريقة الاميركية لممارسة الفن. والفنانات الاميركيات يدمجن ببراعة بين الغناء والرقص والتمثيل. يكفي النظر الى ليزا مينيللي أو شيرلي ماكلين أو جودي غارلاند في الجيل السابق للتأكد من الأمر. وأنا أحب الاداء التمثيلي لكني اعتزلت السينما عقب تجربتين في بداية حياتي الفنية بسبب حصولي على عروض سطحية لا تهدف الا الى وضع اغنياتي المعروفة في الافلام وقيامي بتمثيل دور مغنية تعيش حكاية حب تافهة، فتغنّي بمناسبة ومن غير مناسبة. أنا فعلت ذلك مرتين ولست فخورة بالفيلمين اللذين عملت فيهما. ورغماً عن كفاحي ومحاولاتي المتكررة لاثبات كياني كممثلة اضطررت الانتظار ما يقرب من الثلاثين سنة للحصول الآن على دور جميل وجدي في فيلم درامي سيخرجه جان كلود بريسو قريباً. وأنا لن أغني في هذا العمل وأتأمل ان يتقبلني الجمهور كممثلة وأن ينسى اني مغنية على الاقل خلال مدة عرض الفيلم. لكن هذه مسؤوليتي أنا في النهاية، فعليّ اقناع المتفرج بشخصيتي السينمائية على حساب كياني كفنانة استعراضية. هل تعودين الى مسقط رأسك بلغاريا بين حين وآخر؟ - نعم وهذا شيء طبيعي فأنا متعلقة بجذوري وأحتاج الى زيارة بلدي بشكل دوري. انا اتردد الى بلغاريا على الصعيدين الشخصي والمهني، فهناك زيارات خاصة أقوم بها وأخرى فنية على طريقة جولات استعراضية أطوف بها البلد. انا أبكي كلما وقفت فوق المسرح في بلغاريا ولا أستطيع مقاومة حرارة الجمهور هناك، فأشعر بأن وجودي يشكل مناسبة أشبه بالعيد في كل مرة. وهذا العيد أشارك فيه جمهوري الفرحة وحب الوطن وبهجة اللقاء بيني وبينه. إنها حكاية حب أعيشها مع الشعب البلغاري وأعرف ان هذا النوع من الحكايات لا ينتهي او يموت ابداً. القيم الحقيقية أنت عشت حادثة مروعة منذ سنوات طويلة كادت ان تخطفك عن الحياة. هل تحملين آثار هذه المأساة بعد؟ - أنت تقصد حادث السيارة؟ أنا فعلاً كدت ان أموت وبقيت في المستشفى اشهراً عدة وتمت اعادة ملامحي الى طبيعتها بواسطة عملية جراحية صعبة أثر التشويه الكبير الذي سببه الحادث لي على مستوى الوجه. انها بطبيعة الحال حكاية قديمة، لكن الآثار النفسية لأية حادثة كهذه لا تموت. انا تعلمت التمتع بالحياة على أصولها وتقدير القيم الحقيقية فيما بعد الحادثة. ولو كنت أقول اني امرأة سعيدة جداً الآن، فلا شك في ان هناك نوعاً من الحكمة في كلامي تم اكتسابه اثر نظرتي الجديدة للحياة بعد خروجي من المستشفى. من المؤسف أن تكون المآسي هي التي تمنح المرء طعم الحياة، لكن هذه هي الطبيعة البشرية في اعتقادي.