إيما تومبسون ممثلة بريطانية تعمل بين لندن وهوليوود. وهي فازت في بداية العام الحالي بجائزة "أوسكار" أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "هواردز إند" للمخرج جيمس إيفوري. وقد زارت باريس أخيراً لتقديم فيلمها "ماتش أدو أباوت ناثنغ" ضجيج كبير من أجل لا شيء، المأخوذة قصته عن مسرحية لشكسبير، وكانت مناسبة ل "الوسط" للالتقاء بها واجراء حوار شامل معها نتج عنه التحقيق الآتي: تتميز إيما تومبسون بروح مرحة ملموسة وبملامح جذابة رقيقة وبإجادتها اللغتين الانكليزية والفرنسية بطلاقة تامة. وفسرت إيما هذه النقطة بكونها عاشت فترة من شبابها الأول في فرنسا وبأن الفرنسية كانت اللغة الثانية في مدرستها أيضاً كما إنها كانت تتدرب عليها بشكل مستمر. عملت إيما في أفلام عدة أخرجها زوجها منها "ديد أغين" و"بيترز فريندز" كما شاركته البطولات المسرحية مرات ومرات. سألناها: هل تميلين الى العمل العائلي؟ - يقال إن العمل الفني يفرق بين الأزواج، وبالتالي أحسن طريقة لتفادي مشكلة الفراق هي العمل معاً أليس كذلك؟ والطريف ان المرة الوحيدة التي عملت فيها في فيلم لم يخرجه زوجي فزت عن دوري فيه بجائزة الأوسكار. أنا الآن سأكرر التجربة وقد بدأت بالفعل المشاركة في عمل لا يخرجه كينيث. أنت تمزحين بلا شك، فقد سبق لك التمثيل تحت إدارة غيره أكثر من مرة. - أنا فعلاً أمزح الى حد ما، فأنا عملت مع غيره لكني عملت كثيراً معه سواء في السينما أو المسرح. هل غيرت جائزة "أوسكار" مجرى حياتك الفنية؟ - طبعاً، لن أقبل العمل تحت إدارة زوجي بعد الآن إلا إذا وافق هو على رفع أجري بشكل ملموس. أنا أمزح من جديد لكن الواقع إن الجائزة جلبت لي المزيد من العروض وبأجر أعلى من ذلك الذي أتقاضاه عادة. حدثينا عن دورك في "ضجيج كبير من أجل لا شيء" كتجربة شكسبيرية فوق الشاشة. - ليس من السهل نقل أي مسرحية الى السينما وبالأخص مسرحية شكسبيرية. لكن زوجي فعل ذلك من قبل وحول "هنري الخامس" الى فيلم سينمائي ناجح. والشيء المثير للاهتمام بالنسبة الى الفيلم الجديد هو كون المسرحية كوميدية ما سمح لكينيث بتناولها بأسلوب خفيف مرح وجذاب سينمائياً. لقد صور الفيلم في الريف الايطالي الخلاب، وهذا العنصر يزيد من جاذبيته وخفة "روحه". أنت تسألني عن دوري فيه وهو دور إمرأة تحب رجلاً دون أن تظهر مشاعرها أبداً. انها لاذعة في معاملتها له وترفض الاعتراف حتى لنفسها بما تحمله في قلبها تجاه حبيبها. وسوف تحتاج المسألة الى تدخل بعض الأصدقاء من أجل أن تتخذ الأمور مجراها الطبيعي بين الطرفين وخاصة ان الحبيب عنيد جداً ولا يقل صعوبة في المزاج عن حبيبته. هل من السهل الخضوع لادارة زوجك الفنية أمام الكاميرا دون الدمج ما بين الحياة الخاصة والعمل؟ - يحدث أن أشعر برغبة شديدة في الاعتراض على ما يفعله مخرج ما خلال تصوير أي فيلم. وأنا عادة ما أبوح برأيي وأشترط ما أراه يناسب دوري في اطار المعقول. وسوف تزداد حريتي من هذه الناحية الآن بعدما فزت بجائزة "أوسكار" تضحك، لكني أخاف ارتكاب الشيء نفسه حينما أعمل تحت اشراف كينيث. ربما بهدف عدم إثارة القيل والقال من قبل أفراد الفريق وحتى لا أسمع عبارة من نوع: "انها تتصرف مثل النجمة لأنها زوجة مخرج الفيلم". أنا أمتنع عن أي نزوات مع زوجي لذا فالعمل معه أكثر صعوبة عما هو عليه مع غيره وللسبب المذكور فقط. أما غير ذلك فأنا أحب أسلوبه في العمل ولا أدمج لحظة واحدة بين عملي وحياتي الشخصية. أنت تنتقلين بين أدوار متنوعة ومختلفة جداً عن بعضها في السينما. هل تفضلين لوناً عن غيره؟ - التنويع من أهم مزايا مهنتي وهو الذي يعجبني أولاً. أما في اطار الأدوار التي مثلتها حتى الآن في السينما فأنا مولعة بشخصية المرأة المتزمتة التي أديتها في "بيترز فريندز". انها بعيدة عني كل البعد واضطررت الى البحث في أعماق مخيلتي عن أحسن طريقة لتجسيدها فوق الشاشة. وجدت التجربة مثيرة ومسلية الى أبعد حد. كان من المفروض أن أفوز بجائزة "أوسكار" عن هذا الدور فضلاً عن غيره تضحك. جزء من العمل ألا تعتبرين دورك في "هواردز إند" الذي جلب لك الجائزة من أعمالك الصعبة؟ - نعم ولكنه لا يقل صعوبة في رأيي عن أي دور آخر قمت بأدائه. أعتقد ان مستوى جودة الفيلم بشكل عام يلعب دوراً هاماً في حكاية ترشيحه لجوائز ما ومنها جائزة التمثيل. فالممثل جزء من عمل كلي، وإن كان هذا العمل يتميز بنوعية متفوقة يجد الممثل نفسه فوق مستواه العادي ويحصد الجوائز. إن "هواردز إند" عمل ممتاز على كل صعيد وأنا عملت فيه الى جوار ممثلين كبار مثل فانيسا ريدغريف وأنطوني هوبكنز وهذا أيضاً عنصر يساعد في التفوق. استعراضات فردية أنت ممثلة مسرحية مرموقة. ما العلاقة بين عملك في كل من المجالين السينمائي والمسرحي؟ - العلاقة مباشرة جداً في بعض الأحيان وغير مباشرة في أحوال أخرى. أعني بكلامي ان أدواري المسرحية إذا تمتعت بتشابه ما مع أدواري في السينما، مثلما هو الحال بالنسبة الى "ضجيج كبير من أجل لا شيء" الذي شاركت فيه مسرحياً وسينمائياً، كانت العلاقة مباشرة بين النوعين. فان كان المسرح يختلف تقنياً عن السينما، تظل طريقة التعبير عن المشاعر واحدة. والعلاقة غير المباشرة أعيشها إذا عملت في أفلام ومسرحيات لا تشبه بعضها على الاطلاق. أنا مثلاً قدمت فوق المسرح استعراضات فردية وهذا عمل يختلف جوهرياً عما يحدث في السينما. أنا لا أتخيل نفسي وحدي في فيلم سينمائي مدة عرضه ساعة ونصف الساعة. والسينما بأي حال عمل جماعي. والعلاقة في مثل هذا الوضع بين النشاطين تكون غير مباشرة وتتلخص في نقطة التعبير عن النص المكتوب بواسطة الأداء التمثيلي. هل يميل قلبك الى أحد النشاطين أكثر من الثاني؟ - كنت أفضل المسرح بطريقة واضحة حينما بدأت ممارسة التمثيل. أنا تعلمت الدراما في مدرسة أكاديمية بريطانية، وإن كنت لا تعرف اسمح لي بأن أفسر لك كيفية سير نظام التعليم في أي أكاديمية فنية بريطانية وخاصة لو كانت تحمل اسم "أكاديمية ملكية". النظام هو التالي: أولاً المسرح وثانياً المسرح وثالثاً المسرح. أما السينما فلا تعتبرها الأكاديمية من الفنون الأساسية النبيلة مثل المسرح. وأنا تأثرت بما تعلمته وتخرجت بفكرة واحدة هي العمل فوق المسرح وعدم الاقتراب من هذا الفن الهابط المسمى سينما. أصالة السينما ما الذي غير خط سيرك في ما بعد؟ - تزوجت من رجل يحترف المسرح ويجيد في الوقت نفسه اخراج الأفلام السينمائية الجيدة، كما ينقل الأعمال المسرحية التي تعجبه الى الشاشة وذلك بلا أي حدود. وهذا ما كان يمارسه أيام زمان الراحل لورانس أوليفييه. اكتشفت أصالة السينما بفضل زوجي وجربت العمل أمام الكاميرا فتغيرت نظرتي الى الأمور وأصبحت أقل أكاديمية. أنا الآن لا أفضل أي نشاط عن الثاني وأشعر بسعادة كلما خضت تجربة في أحد المجالين. أنت اكتشفت طبعاً ان الربح في السينما يفوق مثيله في المسرح مرات ومرات. - هذه حقيقة لا يمكنني تجاهلها، لكنها لا تحل مكان عنصر النوعية بأي حال عند اختياري العمل في فيلم ما. هناك أمامك امكانية العمل في فيلم جيد بأجر خيالي وفي عمل مسرحي لا يقل جودة ولكن بأجر جيد فقط. ماذا تفعلين؟ - أسأل المسؤول عن حسابي في المصرف الذي يدير أموالي وأتصرف طبقاً لما ينصحني به. أنا أمزح طبعاً، فالحقيقة إني لا أدري ما الذي أفعله في مثل هذه الحال وربما أترك القرار لاحساسي الداخلي تجاه الدورين. الكتابة ما هي مشروعاتك الجديدة؟ - أنا أود ذكر مشاركتي أخيراً في فيلم "متبقيات اليوم" الذي أخرجه جيمس أيفوري، الرجل نفسه الذي نفذ "هواردز إند". أنا فزت بجائزة "أوسكار" عن دوري في "هواردز..." فربما تجلب لي هذه التجربة الثانية معه جائزة جديدة. الفيلم في رأيي ممتاز وهو مأخوذ عن رواية حققت نجاحاً كبيراً جداً. وأنا الآن أعمل في فيلم عنوانه "باسم الوالد" ويخرجه جيم شيريدان. وهناك مشروع أعتز به الى حد كبير هو تحويل رواية عنوانها "العقل والاحساس" لجين أوستين، الى سيناريو للسينما. وهي أول مرة أقدم فيها على مثل هذا النوع من العمل، وأعترف بأن الكتابة تثيرني وتجلب لي متعة جذابة تختلف طبعاً عن متعة الأداء التمثيلي دون أن تقل أهمية عنه.