انطلاق فعاليات مهرجان العسل العاشر في جازان    «سلمان للإغاثة» يدشن مشروع توزيع مواد إيوائية في باكستان    مبعوث ترامب: أمريكا تريد من أوكرانيا إجراء انتخابات بعد وقف إطلاق النار    إيماموف يحسم مواجهته مع أديسانيا بالضربة القاضية    عبدالعزيز بن سعد يتوّج الراجحي بطلًا لرالي حائل تويوتا الدولي 2025    جامعة الملك عبدالعزيز تُتوج ببطولة تايكوندو الجامعات    إعلان المرشحين لجائزة الجمهور لأفضل محتوى رقمي    «السداسية العربي»: لا للتهجير وتقسيم غزة    موكب الشمس والصمود    ملاجئ آمنة للرجال ضحايا العنف المنزلي    ثغرة تعيد صور WhatsApp المحذوفة    "معرض المنتجات" بالكويت يناقش التحديات التصديرية    إنتاج العسل    وفاة صاحبة السمو الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    البريطاني «بيدكوك» بطلًا لطواف العلا 2025    في الجولة 18 من دوري روشن.. الاتحاد يقلب الطاولة على الخلود.. والفتح يفرمل القادسية    سعد الشهري.. كلنا معك    الزي المدرسي.. ربط الأجيال بالأصالة    خلال شهر يناير 2025.. "نزاهة" تحقق مع 396 موظفاً في 8 وزارات بتهم فساد    الأحساء صديقة للطفولة يدعم جمعية درر    وكالة "فيتش" : التصنيف الائتماني للمملكة عند A+    «بينالي الفنون».. سلسلة غنية تبرز العطاء الفني للحضارة الإسلامية    مهرجان فنون العلا يحتفي بالإرث الغني للخط العربي    إنفاذًا لتوجيه سمو ولي العهد.. إلزام طلاب المدارس الثانوية بالزي الوطني    الأسرة في القرآن    ذكور وإناث مكة الأكثر طلبا لزيارة الأبناء    خيط تنظيف الأسنان يحمي القلب    طريقة عمل ارز بالبشاميل وفاهيتا الدجاج    أسرتا العلواني والمبارك تتلقيان التعازي في فقيدتهما    المؤامرة على نظرية المؤامرة.. !    نصيحة مجانية للفاسدين    إعلاميات ل«عكاظ»: «موسم الرياض» يصنع التاريخ ب«UFC السعودية»    "نيوم" يعلن رحيل البرازيلي "رومارينهو"    رحيل عالمة مختصة بالمخطوطات العربية    غالب كتبي والأهلي    عندما تتحول مقاعد الأفراح إلى «ساحة معركة» !    ضوء السينما براق    قطار الرياض وحقوق المشاة !    كندا تبلغت بفرض رسوم جمركية أميركية بنسبة 25% اعتبارا من الثلاثاء    تفسير الأحلام والمبشرات    من ملامح السياسة الأمريكية المتوقعة..    أمير حائل ونائبه يعزّيان أسرة الشعيفان بوفاة والدهم    حزين من الشتا    الاقتصادي الوطني يواصل قوته.. «فيتش»: الائتمان السعودي عند A+    وزير التعليم يُتوّج طلاب عسير بلقب الفرسان    رحل أمير الخير والأخلاق    خالد البدر الصباح: وداعًا أمير المواقف الشجاعة    اتفاقية تعاون لتوفير بيئة علاجية لأطفال القصيم    ندوة عن تجربة المستضافين    القبض على (3) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (54.6) كجم "حشيش"    الرويلي يفتتح المسابقة الدولية العاشرة في حفظ القرآن الكريم للعسكريين    3134 امرأة في قوائم مخالفي الأنظمة    غرامات مقترحة على «مطاعم التسمم».. 30,000 ريال عن كل متضرر    خيرية هيلة العبودي تدعم برنامج حلقات القرآن بالشيحية    ممثل رئيس الإمارات يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا حادثة اصطدام الطائرتين في واشنطن    نيابة عن أمير قطر.. محمد آل ثاني يقدم العزاء في وفاة محمد بن فهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تحاور جورج بول وابنه دوغلاس مؤلفي كتاب جديد أثار غضب الاسرائيليين . كيف يرضخ الرؤساء الاميركيون لاسرائيل "الاسرائيليون يضربون العرب ثم يسألونهم : لماذا لا تحبوننا ؟" . وما ثمن "الارتباط العاطفي" بين واشنطن وتل أبيب
نشر في الحياة يوم 18 - 01 - 1993

جورج بول هو أحد المسؤولين الاميركيين السابقين الذين يخوضون، ومنذ سنوات، "حرباً" في الولايات المتحدة ضد اسرائيل ونفوذها وتأثيرها على قرارات الادارة الاميركية. وقد شغل جورج بول مناصب عدة منها منصب مساعد وزير الخارجية الاميركي في عهدي الرئيسين كيندي وجونسون 1961 - 1966 ومنصب سفير الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة. ويتمتع بول بخبرة واسعة في شؤون الشرق الاوسط ولديه مؤلفات ومقالات عدة عن قضايا المنطقة والنزاع العربي - الاسرائيلي. وقد أصدر أخيراً كتاباً هاجمه الاسرائيليون وانصارهم في الولايات المتحدة بعنف لانه يكشف خفايا العلاقات بين الدولة اليهودية والرؤساء الاميركيين و"الثمن" الذي تدفعه الولايات المتحدة نتيجة رضوخ رؤسائها للضغوط الاسرائيلية. وقد ألف جورج بول الذي يبلغ اليوم من العمر 83 عاماً هذا الكتاب، وهو بعنوان "الارتباط العاطفي" مع ابنه دوغلاس. وفي ما يأتي عرض لابرز ما جاء في هذا الكتاب وحوار خاص مع جورج بول وابنه دوغلاس.
يقول جورج بول وابنه دوغلاس انهما كتبا "الارتباط العاطفي" لكي يثيرا جنون الناس. والاكيد ان الكتاب سينجح في ذلك والعنوان مقتبس من الرئيس السابق جورج واشنطن الذي حذر في خطابه الوداعي الولايات المتحدة الفتية من اي "ارتباط عاطفي" بالدول الاجنبية في وقت كان البريطانيون والفرنسيون ومؤيدوهم في الولايات المتحدة يحاولون توريط الجمهورية الجديدة في حربهم.
يبدأ الكتاب بعهد الرئيس ترومان ويثبت ان وزارة الخارجية كانت تعارض بأغلبية مطلقة تقسيم فلسطين والاعتراف باسرائيل. لكنه يبيّن ايضاً ان الاعتبارات السياسية الداخلية اجبرت الرئيس على عدم الاصغاء لرأي الخارجية. واكتشف الكاتبان اوراقاً ديبلوماسية لم تعد سرية الآن، تعود الى ما قبل عام 1956، تثبت ان الولايات المتحدة كانت تدرك جيداً ان القوات الصهيونية المسلحة عام 1947 كانت تفوق في عددها ومعداتها القوات التي كان في وسع العرب غير الموحدين ان يجمعوها. وتبين الوثائق ان الاسرائيليين ابلغوا الولايات المتحدة ليس مجرد رفضهم عودة اللاجئين فحسب، بل وانهم كان يتعمدون تقويض مفاوضات السلام في لوزان وفي رودس لانهم لم يحققوا بحلول ذلك الوقت خططهم الكاملة للتوسع الجغرافي. ومن الطبيعي ان هذا ليس مفاجأة، بالنسبة الى الكثيرين من العرب. الا ان الكتاب يبين ان الادارة الاميركية كانت على علم بالامر آنذاك ولكنها كانت غير قادرة او غير راغبة في اتخاذ الاجراءات الضرورية بسبب النفوذ الذي كان يتمتع به مؤيدو الاسرائيليين في اميركا.
ففي عام 1949 على سبيل المثال كتب وزير الخارجية بالوكالة جيمس ويب يقول ان الاسرائيليين لم يفوا بجانبهم من الاتفاقات، وانهم ابلغوه انهم "يعتزمون تحقيق تغيير في موقف الادارة الاميركية… من خلال الطرق والوسائل المتاحة لهم في الولايات المتحدة". وقد نصح ويب بقطع المساعدات للتأكيد على وجهة النظر الاميركية. وعندما واجه أبا ايبان هذا التهديد في ما بعد ابلغ احد المسؤولين انه متأكد من ان التهديد سيلغى. وفعلاً الغى ترومان التهديد بقطع المساعدات برغم انه كان وافق مبدئياً مع وزارة الخارجية على قطعها.
ويلقي الكتاب باللوم على الجانب الاسرائيلي في انهيار مفاوضات لوزان عام 1948 ويستشهد بأدلة وافية ومستفيضة تثبت ان الصهاينة انتهجوا سياسة منهجية من "التطهير العرقي" في المناطق العربية. كما يسرد مختلف اتفاقات الهدنة ووقف اطلاق النار على مدى السنين ويتهم الاسرائيليين بإنتهاك كل اتفاق دونما استثناء من أجل تحقيق الفوائد واكتساب المزايا.
وفي مجال الكتاب الرئيسي وهو العلاقات الاميركية - الاسرائيلية يدرس المؤلفان الادارات الاميركية المختلفة وردود فعلها. والادارة الوحيدة التي يجدان انها تستحق الثناء هي ادارة ايزنهاور. اذ ان ايزنهاور تحدى اللوبي الاسرائيلي عندما ضمت اسرائيل بنات يعقوب ثم تحداه خلال حرب السويس عام 1956. ولم يكتف بالتهديد بقطع المساعدات الاميركية التي لم تكن كبيرة في ذلك الوقت، بل امر الخزانة بإعداد امر رئاسي يلغي الاعفاءات الضريبية الممنوحة للتبرعات الفردية لاسرائيل. وقد قال جون فوستر دالاس وزير الخارجية آنذاك لاحد كبار مؤيدي اسرائيل في مجلس الشيوخ الاميركي: "اننا لا نقبل ان تُصنع سياستنا الخارجية في تل ابيب. وانا اعرف جيداً انه يكاد يكون من شبه المستحيل ان ننفذ اي سياسة خارجية في هذه البلاد اذا لم يوافق عليها اليهود… ولكنني سأحاول تنفيذ هذه السياسة من دون موافقتهم".
ويقول المؤلفان ان جون كيندي جاء الى السلطة بتعهد قطعه على نفسه بتأييد حق تقرير المصير الفلسطيني والعمل على حل مشكلة اللاجئين. وكتب رئيس وزراء اسرائيل ديفيد بن غوريون الى زعماء اليهود الاميركيين يقول: "ان اسرائيل ستعتبر هذه الخطة تهديداً لوجودها يفوق في خطورته كل التهديدات التي صدرت عن الرؤساء والملوك العرب". وفي نهاية الامر نجح الاسرائيليون واصدقاؤهم في الضغط على كيندي الى درجة انه غيّر رأيه ووعد غولدا مائير "بأن الولايات المتحدة ستساعد اسرائيل اذا ما تعرضت للهجوم".
اما الرئيس جونسون فلم يكن بحاجة الى من يقنعه بشيء. اذ انه زاد من حجم المساعدات الاميركية لاسرائيل لا سيما المساعدات العسكرية. والواقع ان المؤلفين يقولان ان اسرائيل استخدمت المساعدات الاقتصادية الاميركية لتمويل مشترياتها من الاسلحة الفرنسية.
ويوضح الكتاب ان اسرائيل هي التي بدأت حرب عام 1967. وعلى النقيض من الانطباع السائد بأن اسرائيل كانت "مسكينة" فإن تقارير وكالة المخابرات المركزية الاميركية سي. آي. أيه التي رفعت الى الادارة الاميركية اشارت بوضوح الى ان اسرائيل قادرة على الحاق الهزيمة بأية قوات عربية مشتركة خلال اسبوع واحد.
ويولي المؤلفان اهمية كبرى لحادث قصف خطف اسرائيل سفينة التجسس الاميركية "ليبرتي" خلال حرب 1967 ويقولان: "اذا لم يكن زعماء اميركا على درجة من الشجاعةپلمعاقبة اسرائيل على جريمتها السافرة بقتل المواطنين الاميركيين، فإنه من الواضح ان اصدقاء اسرائيل على استعداد للصفح عن اي جرم يرتكبه الاسرائيليون".
جونسون ونيكسون وكارتر
وفي ادانة دامغة لادارة جونسون يركز المؤلفان على النقاط الآتية:
وضعت الادارة الولايات المتحدة في مكانة جعلتها المورد الرئيسي للاسلحة الى اسرائيل والمساند الوحيد لها بلا تحفظ.
ضمنت الادارة تصاعد سباق التسلح في الشرق الاوسط لانها تعهدت بضمان تفوق اسرائيل العسكري على العرب.
وافقت ضمنياً على خطط اسرائيل النووية من خلال تزويدها بطائرات ف4 القادرة على استخدام الاسلحة النووية دون ان تطلب اي ضمانات بعدم انتشار الاسلحة النووية.
تستّر جونسون على حادث ليبرتي هو اشارة تقول ان في وسع اسرائيل ان ترتكب اي جرم وتظل في منأى عن العقاب.
قبول ادارة جونسون باحتلال اسرائيل الاراضي العربية عام 1967 وضع الاسس لافراط اسرائيل في الثقة بنفسها واعتمادها على اميركا مما مهد وساهم في الحروب اللاحقة.
اما ريتشارد نيكسون فقد فاز في الانتخابات الاميركية من دون تأييد يذكر من اليهود، كما انه ادعى انه لا يخضع لنفوذ اللوبي اليهودي. لكنه تنصل من مبعوثه وليام سكرانتون عندما عاد من جولة في الشرق الاوسط واقترح وجوب انتهاج الادارة سياسة اكثر اتزاناً وعدلاً في المنطقة، لان نيكسون كان في حاجة الى تأييد الكونغرس لسياسته في جنوب شرقي آسيا وتجاه الاتحاد السوفياتي والصين.
وهكذا خضع نيكسون للمطالب المتزايدة من الكونغرس بتقديم المزيد من الاسلحة الى اسرائيل. وبحلول ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة تعتمد كلياً تقريباً على اسرائيل في معلوماتها الاستخبارية عن الشرق الاوسط، وفي هذا ما يوضح لماذا فوجئت واشنطن بحرب عام 1973 مثلما فوجئت بها اسرائيل.
ويسرد المؤلفان تفصيلات للابتزاز الاسرائيلي للولايات المتحدة. ويقول جورج بول وابنه ان البروتوكلات السرية الخاصة باتفاقية سيناء الثانية التي تضمن لاسرائيل امداداتها النفطىة وتزويدها بالاسلحة الضرورية والمساعدات الاقتصادية اللازمة، تعني زيادة المساعدات الاميركية لاسرائيل اربعة آلاف مليون دولار - اي بنسبة تزيد على مئتين في المئة عن مستويات عام 1975 ولمدة ثلاث سنوات.
وعندما انتخب جيمي كارتر رئيساً حاول انتهاج سياسة اكثر "نزاهة" فوجد ان المؤسسة الموالية لاسرائيل وصلت الى درجة رهيبة من القوة. فمثلاً اعلن والتر مونديل على الملأ ان الادارة لن تستخدم المساعدات الاقتصادية او العسكرية كوسيلة للضغط على اسرائيل. وكان في هذا الاعلان بالطبع اشارة الى اسرائيل بأن في وسعها ان تفعل ما تشاء. ولهذا اصرت على بدء المفاوضات مع العرب من دون اي شروط مسبقة - مما يعني انها فرضت شروطها في الواقع.
وبلغ من قوة الضغط الذي مارسه مؤيدو اسرائيل ان الرئيس كارتر اضطر الى التراجع خلال ايام قليلة عن البيان الذي اتفق عليه مع الاتحاد السوفياتي بشأن مؤتمر سلام الشرق الاوسط. ويقتبس الكتاب عن كارتر وعن الرئيس انور السادات ما يشير الى انهما كانا يوجهان ضمنياً كلامهما في كامب ديفيد الى مجموعة الضغط اليهودية في اميركا وهي اللجنة الاميركية - الاسرائيلية للشؤون العامة أيباك بقدر ما كانا يوجهانه الى اسرائيل نفسها. كما ان رحلة السادات الى القدس كانت مثالاً على المبادرات التي اتخذها تجاه أيباك.
ومن المناسبات القليلة التي أظهرت فيها الادارة الاميركية حزماً في تعاملها مع اسرائيل، عندما ارسل كارتر السفير الاميركي فايتس حاملاً صوراً من الاقمار الصناعية لمواجهة مناحيم بيغن الذي كان ينفي وجود اي قوات او معدات اسرائيلية في جنوب لبنان عام 1978.
ثمن الدعم الاميركي لاسرائيل
رونالد ريغان كان متعاطفا مع اسرائيل ومؤيدا لها طوال فترتي رئاسته الولايات المتحدة. ومما يذكره المؤلفان ان الكسندر هيغ وزير الخارجية في بداية عهد ريغان ضمن لاسرائيل عدم تعرضها لأي عقاب اذا ما غزت لبنان. وهذا ما حدث عام 1982.
والأدهى من ذلك ان الادارة الاميركية قدمت طلباً الى الكونغرس لزيادة المساعدات الى اسرائيل في مقابل موافقتها على وقف اطلاق النار وانسحاب القوات من صبرا وشاتيلا. كذلك ينتقد الكتاب باستمرار جورج شولتز على خنوعه المستمر لمصالح اسرائيل.
وربما كان اكثر الفصول اثارة للاهتمام في الكتاب هو دراسة التكاليف المرتبطة بالمساعدات الاميركية لاسرائيل والامتيازات الخاصة التي حصلت عليها. اذ يقدر المؤلفان ان ما حصلت عليه اسرائيل من النقد وحده حتى الآن يزيد على كامل مخصصات مشروع مارشال لاوروبا بكاملها بعد الحرب العالمية الثانية.
وهما يقدران المساعدات بمبلغ 61 الف مليون دولار حتى العام الماضي منها 48 الف مليون خلال السنوات الاثنتي عشرة الاخيرة، ويضيفان الى ذلك تكاليف بنود مختلفة كالمبيعات العسكرية تصل الى 107 آلاف مليون دولار، والاعفاءات الضريبية الممنوحة لتبرعات الافراد الى اسرائيل. اذ تبلغ قيمة الاعفاءات 20 الف مليون دولار.
وفي معرض تقديم النصح للمستقبل، يحاول المؤلفان الموازنة بين العدالة والواقع السياسي، فيوصيان بحق تقرير المصير الفلسطيني مع تحديد دقيق للاسلحة المسموح بها في الدولة الفلسطينية المستقلة. اما القدس فيوصيان بأن تكون لها بلدية موحدة، وان يعهد بحكمها الى سلطة مشتركة من اسرائيل والدولة الفلسطينية الجديدة. وفي وسع كل منهما ان تجعلها مقراً لحكومتها. ويجب السماح للفلسطينيين في الخارج بالاختيار ما بين جنسية الدولة الجديدة او حيث يقيمون. ويجب توفير الاموال الدولية لاعادة توطين اللاجئين. كما يجب منع المستوطنين الاسرائيليين من الاستيطان في الاراضي المحتلة. ولهذا يجب تفكيك المستوطنات وعودة المستوطنين الى اسرائيل او خضوع الذين يودون البقاء فيها للقوانين التي تنطبق على السكان الفلسطينيين.
اما بالنسبة الى مرتفعات الجولان فيجب الانسحاب منها ونزع السلاح منها مع وجود قوة حفظ سلام قوية من الامم المتحدة. ويجب على اسرائيل الانسحاب من جنوب لبنان وان تتخلى عن مرتزقتها هناك. اما الاردن فعليه ان يفتح حدوده وينزع السلاح من جزء غور الاردن الخاضع لسيطرته. وعلى العرب ان يتخلوا عن الحظر وان يسمحوا بحرية تنقل الناس بعد تحقيق السلام الشامل مع اسرائيل.
يضاف الى ذلك، انه يجب عقد اتفاق للاشتراك في موارد المياه. كما يجب فرض قيود على مبيعات الاسلحة بما في ذلك اتفاق تفرضه الامم المتحدة. ويجب تحويل منطقة الشرق الاوسط الى منطقة خالية من السلاح النووي.
ويبرز المؤلفان تاريخ اسرائيل الطويل في المماطلة والتسويف ويطالبان بوضع جدول زمني قصير لالغاء المساعدات الاميركية لاسرائيل وانسحابها من الاراضي المحتلة. ويقولان: "اذا ثبت انه من المستحيل تفادي فترة انتظار فإن علينا ان نتأكد من ان الاسرائيليين سيخترعون الف سبب وسبب لتمديد تلك الفترة الى اقصى مدة يستطيعونها. واذا كانت اقتراحاتنا تنطوي على تقديم اسرائيل تنازلات اكثر من العرب فإن هذا يعود بالدرجة الاولى الى ان الاسرائيليين كانوا ينتصرون دائماً تقريباً في المواجهات العسكرية والديبلوماسية مع العرب. كما ان نجاح اسرائيل في "تطهير الارض" خلق حدود امر واقع كان في وسع اسرائيل ان تعيش ضمنها وتزدهر… ولكنها تحولت بدلاً من ذلك الى دولة استعمارية تحكم مستعمرات".
وأخيراً لا بد من القول ان الكتاب موجه الى الاميركيين، ولا شك في ان الذين سيقرأونه سيشعرون بغضب شديد. ومن المثير للاهتمام ان الذين راجعوا الكتاب حتى الآن والتر لاكير وادوارد لاتواك المؤيدان لاسرائيل لم يناقضا اي شيء يرد فيه اطلاقاً. الا انهم حذروا الناس من قراءته، كما انه لن يساعد اسرائيل في مفاوضات السلام مع العرب. لكنه سيساعد كل جهة اخرى لانه توثيق دامغ يكشف بجلاء التكاليف التي تتحملها الولايات المتحدة والثمن الذي دفعته هي وبقية الشرق الاوسط بسبب ذلك "الارتباط العاطفي".
حوار مع جورج بول
ماذا يقول المؤلفان؟ "الوسط" التقت جورج بول وابنه دوغلاس وأجرت معهما حواراً خاصاً حول كتابهما. ولنبدأ بالحوار مع جورج بول:
متى بدأت التفكير في اعداد هذا الكتاب؟
- كان مشروع الكتاب يدور في ذهني منذ فترة طويلة. وكان ضيقي يزداد باستمرار من الصورة التي تنظر بها اسرائيل الى الاميركيين وتسيء معاملتنا على اساسها. وهكذا قدرت ان الوقت حان لتحطيم الاصنام ورواية القصة الحقيقية للعلاقات الاميركية - الاسرائيلية. واستغرق العمل في هذا الكتاب ستة او 7 اعوام. ولا بد من القول ان "أيباك"، اي لجنة الشؤون العامة الاميركية - الاسرائيلية، التي تشكل مجموعة الضغط الرئيسية المؤيدة لاسرائيل في الساحة الاميركية، لها نفوذ قوي في الولايات المتحدة، وتعمل لصالحها 100 لجنة عمل سياسي في الساحة الاميركية. اذكر انه عندما تقدمت باستقالتي من الامم المتحدة، دعيت الى الحديث امام مجموعة يهودية لجمع الاموال،پوكانت تلك الامسية واحدة من اكثر الامسيات التي قضيتها في حياتي اثارة للاهتمام. كان الامر عبارة عن جمع اموال عن طريق الابتزاز والتهديد. وعلى سبيل المثال كانوا يقولون: "ها هو المستر غينزبرغ، ولديه اسرة يهودية ممتازة. ابنته تدرس في جامعة برين مور، وابنة اخرى في جامعة برانديز. من الصعب ان يجد المرء اسرة يهودية افضل من ذلك، كما انه يملك مصانع انتاجية. ونحن نعرف ان المصانع الانتاجية كانت رائجة للغاية في العام الماضي. وقد تبرع المستر غينزبرغ بمئة الف دولار في العام الماضي، وسيتبرع بضعفي هذا المبلغ في العام الحالي". وهكذا يتعين على المستر غينزبرغ تقديم المبلغ المطلوب. كانت عملية ابتزاز واضحة.
ما هي الاسباب التي تجعل النظام الاميركي يسمح بمثل هذا النوع من النفوذ لقوى الضغط اليهودية؟
- في رأيي الخاص، وقد يكون هذا الرأي متطرفاً، ان النظام بأكمله فاسد، وانه قائم على الفساد بسبب الاموال الهائلة المطلوبة للقيام بالحملات الانتخابية. وهذه الحملات بدورها تساهم ايضاً في تغطية النفقات الانتخابية الضخمة للتلفزيون. وقبل ان يتطلب الامر تغطية هذه النفقات، لم تكن تلك الجماعات تتمتع بذلك القدر من النفوذ الذي تتمتع به حالياً. والآن لا يستطيع احد ان يرشح نفسه في الانتخابات الا اذا كان يملك امكانات مادية كبيرة، او يستطيع الحصول على هذه الامكانات.
لقد كنت اتحدث ذات ليلة مع صديقي بيل برادلي عضو مجلس الشيوخ وسألته عن مدى اعتماده على مثل هذه الامور، فأجاب قائلاً: "عندما تم انتخابي لعضوية مجلس الشيوخ ادركت انه يتعين علي جمع حوالي 50 الف دولار شهرياً على مدى السنوات الست التالية حتى اتمكن من اعادة ترشيح نفسي مرة اخرى".
ما هي الاسباب التي تحول دون اجراء مناقشة عامة جادة لمختلف جوانب السياسة الخارجية في الولايات المتحدة؟
- ان الحملات العنيفة التي واجهت الكتاب الذي اصدرناه يثبت انه من المستحيل اجراء مناقشة جادة عن هذا الموضوع علانية، كما يثبت ان "أيباك" لديها القدرة على كبح النقاش، وبالتأكيد كبح اي صوت ينادي بسياسة تختلف عن تلك التي تنادي بها. انني اكره النظريات التي تتحدث عن وجود مؤامرات، لكن الحقيقة تبقى، وهي ان اليهود يسيطرون بصورة عامة على جزء كبير من وسائل الاعلام في الولايات المتحدة. ومن ابرز الادلة على ذلك "النيويورك تايمز" و"اسرة اوكس"، و"الواشنطن بوست" وكاثرين غراهام. وبذلك تستجيب وسائل الاعلام لرغبات "أيباك" وجماعة الضغط اليهودية. ليس بإلامكان اجراء اية مناقشة لها مغزى في الكونغرس حول السياسة الخارجية الاميركية ودور جماعات الضغط اليهودية في تحديد بعض جوانبها من دون حدوث تغيير حقيقي. وعندما كنت اكتب في الماضي اي شيء فيه انتقاد لاسرائيل، كنت اتلقى اعداداً كبيرة من الرسائل التي كتبها الحاخامات اليهود واشخاص آخرون في شتى انحاء البلاد يتهمونني فيها بمعاداة السامية، وكنت اقول لهم في ردودي على رسائلهم ان معاداة السامية لها تاريخ طويل وقبيح ومكروه، وكانت السبب في قدر كبير من الظلم. وهكذا فإنهم يقللون الى حد كبير من شأن هذه القضية عندما يقولون ان معارضة سياسات الحكومة الاسرائيلية هي معاداة للسامية.
فقدت هذه الاتهامات قيمتها في اوروبا بعد غزو لبنان عام 1982 وحصار بيروت ومذبحة صبرا وشاتيلا لماذا لم يحدث ذلك في الولايات المتحدة؟
- لقد ألفت كتاباً بسرعة في ذلك الوقت، لانني كنت اشعر بغضب شديد مما حدث. كنت حانقاً لان الاسرائيليين تمكنوا من الخروج من الامر بأقل قدر ممكن من الانتقاد. وبالطبع تصرف الرئيس ريغان بصورة حمقاء تماماً في مسألة غزو لبنان، ولكن لا عجب في ذلك، فقد كان ريغان احمق دائماً.
تأييد الدولة الفلسطينية
لا تتحدث في كتابك الجديد عن قضية الجنسية المزدوجة، برغم ان البعض ذكر خلال معركة انتخابات الرئاسة الاميركية الاخيرة ان هناك حوالي 20 الف مستوطن في اسرائيل يحملون الجنسية الاميركية ويدلون بصوتهم في الانتخابات الاميركية.
- كلا لم نتعرض لهذا الموضوع. مسألة الجنسية المزدوجة حساسة الى اقصى حد بالنسبة الى الصهاينة، لانها تتعلق بموضوع الولاء المزدوج ايضاً. اعتقد ان الامر لا يقتصر في الواقع بالنسبة الى الكثيرين منهم على الولاء المزدوج، بل انهم سيظهرون الولاء لاسرائيل وليس لاميركيا اذا اضطروا الى مثل هذا الخيار الصعب.
كانت السياسة الاميركية ترفض باستمرار الجنسية المزدوجة في الماضي، واي شخص يقاتل في صفوف القوات المسلحة لدولة اخرى كان يخسر الجنسية الاميركية. هل ان هذا التغيير في السياسة الاميركية كان موضع نقاش او صدر بشأنه تشريع جديد في اي وقت من الاوقات؟
- كلا، بل تم علاج هذا الموضوع بسلسلة من القرارات الادارية، لان المسألة بالطبع كانت حساسة للغاية.
عنوان كتابك مقتطف من جملة مشهورة لجورج واشنطن. متى قررت استخدام هذا العنوان، وماذا جعلك تفكر فيه؟
- كان العنوان جاهزاً في ذهني عندما بدأت اعداد هذا الكتاب، وكنت اعتقد انه عنوان مناسب حقيقة، وكان جورج واشنطن حذر الاميركيين لدى انتهاء فترة رئاسته من "الارتباط العاطفي" بدول اخرى. وفي ذلك الوقت كانت بعض الطوائف الاميركية المتناحرة تميل الى بريطانيا او فرنسا في الحرب الدائرة بينهما.
كيف يكون في رأيك رد الفعل الاميركي لو تم اكتشاف جاسوس اميركي يجمع المعلومات العسكرية والتجارية لحساب بريطانيا في الولايات المتحدة؟
- اعتقال مثل هذا الجاسوس سيتسبب في ثورة عارمة في اميركا. وبالمناسبة فإن الجاسوس الاميركي بولارد الذي عمل لمصلحة اسرائيل واعتقل ليس الجاسوس الوحيد الذي يعمل لصالح اسرائيل في الولايات المتحدة، بل ان هناك عدداً من الجواسيس الآخرين. ولم يحدث ان كانت هناك محاولة فاضحة الى هذا الحد لسرقة الاسرار الاميركية، وقد ذكر واينبرغر وزير الدفاع السابق نفسه ان هذه القضية قضية بولارد كانت تمثل اخطر اختراق للامن الاميركي صادفه طوال فترة عمله.
انتقدت في الكتاب جورج شولتز وزير الخارجية الاميركية السابق هل تعتقد انه كان سيئاً الى هذا الحد؟
- اعتقد انه كان يتسم بالكفاءة كوزير للخزانة، ولكنه كان ساذجاً تماماً في مسائل السياسة الخارجية. واذا نظرنا الى سجله، سنجد انه لدى تعيينه وزيراً للخارجية بعد قبول الرئيس ريغان استقالة الكسندر هيغ، دعا الى معاملة العرب بإنصاف اكبر ولكنه سرعان ما نسي هذا الامر تماماً. وقد قرر شولتز بعد تعيينه ان يحقق لنفسه شهرة كبيرة عن طريق اخراج السوريين من لبنان. وكان السبيل الذي اتبعه هو التوصل الى اتفاق لبناني - اسرائيلي، ثم عرض هذا الاتفاق على الرئيس حافظ الاسد كأمر واقع لا يقبل الجدل. وكانت النتيجة ان الرئيس الاسد القى عليه محاضرة استغرقت خمس ساعات، وسقط الاتفاق اللبناني - الاسرائيلي. اجتمع شولتز بالسفير الاميركي لدى سورية في ذلك الوقت، وقيل له بصراحة انه لا يستطيع تنفيذ محاولاته في التوصل الى اتفاق بين لبنان واسرائيل من دون بحثه مع السوريين ايضاً. ومع ذلك كان شولتز يعتقد انه سيحقق انتصاراً كبيراً اذا عرض على الرئيس الاسد شيئاً وافق عليه الاسرائيليون بالفعل. وانا متأكد ان السبب في ذلك يرجع الى الاشخاص المحيطين به، لانه رجل ساذج. وكان شولتز يتجول في الشرق الاوسط وكأنه يسير في منامه.
ذكرت في كتابك في ما يتعلق بحرب 1973 ان الولايات المتحدة كانت تعتمد اكثر مما يجب على اجهزة المخابرات الاسرائيلية. هل كان هذا الاعتماد يمثل سياسة رسمية للولايات المتحدة؟
- استطيع ان اخبرك انه كان هناك في الواقع نوع من الاتفاق بين الولايات المتحدة واسرائيل، ولكنني لا اعرف ان كان مكتوباً ام لا. وكان هذا الاتفاق يقول ان بإمكان الولايات المتحدة خفض مستوى عملياتها الامنية من اي نوع في الشرق الاوسط، لان اسرائيل ستقدم لها المعلومات التي تريدها. وانا متأكد من صحة هذا الكلام. الشيء نفسه ينطبق ايضاً بالطبع على وسائل الاعلام، اذ كان التقليد السائد هو تعيين صحافيين متعاطفين مع اسرائيل كمراسلين في منطقة الشرق الاوسط، بحيث يكون مقرهم الرئيسي في اسرائيل. ولكن "النيويورك تايمز" ارتكبت خطأ بالطبع عندما عينت توم فريدمان مراسلاً في الشرق الاوسط، على اساس انه مؤيد لاسرائيل الى اقصى حد. وكان توم بالفعل صهيونياً مخلصاً في البداية، ولكنه بدأ يتعلم مع ممارسة العمل الفعلي واصبح ينتقد السياسة الاسرائيلية. لقد اشاع الاسرائيليون ان اجهزة استخباراتهم تتفوق على كل اجهزة الاستخبارات الاخرى وهذا غير صحيح بالطبع.
كانت هناك بعض المحاولات الناجحة للوقوف في وجه انصار اسرائيل في الولايات المتحدة. ذكرت في كتابك موقف الرئيس ايزنهاور وتهديده بقطع المعونات عن اسرائيل والغاء التخفيضات الضريبية على التبرعات لاسرائيل. وهناك ايضاً في الآونة الاخيرة السناتور بوب دول الذي تحدى المجموعات المؤيدة لاسرائيل في الكونغرس. لماذا لا يفعل آخرون ذلك؟
- ليس لدى السناتور دول مشكلة تتعلق بالانتخابات، وقد غضب على انصار اسرائيل ووقف ضدهم. وهو لا يشعر بأي تهديد لانه زعيم للحزب، وبذلك لا يستطيعون الوصول اليه.
من بين الظواهر الغريبة في التسابق على تقديم المعونات لاسرائيل ان بعضاً من اشد المؤيدين لاسرائيل حماساً في الكونغرس هم من غير اليهود.
- يرجع ذلك الى الدين الكبير في اعناقهم. وما عليك سوى ان تنظر الى المساهمات المالية التي قدمتها الجماعات المؤيدة لاسرائيل الى اعضاء مثل بايدن وباكوود وآخرين، والى كل الخدمات التي تقدم اليهم. كنت اتحدث دائماً الى اعضاء الكونغرس وكانوا يقولون في احاديثهم غير العلنية انهم لا يهتمون على الاطلاق بهذه المسائل، ولكن تلك الجماعات اليهودية تضغط عليهم باستمرار، ولذلك يتعين عليهم الامتثال لما تطلبه.
تدعو في كتابك الادارة الاميركية الى التخلي عن المعارضة لقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة.
- نعم هذا صحيح. ليس هناك اي سبب على الاطلاق يدعو الولايات المتحدة الى معارضة انشاء دولة فلسطينية. هذه المعارضة هي من بين العوامل التي ساعدت اسرائيل على فرض الامر الواقع في الاراضي المحتلة. لقد اصبح المستوطنون الآن يشكلون قوة معارضة كبيرة في اسرائيل لاية تسوية سلمية.
"لماذا لا تحبونني"؟
سألنا دوغلاس بول عن ابرز الوثائق السرية التي اطلع عليها خلال اعداده هذا الكتاب مع والده. قال: "قضينا سنوات طويلة مطوقين بالدعاية القائلة ان اسرائيل محاطة بأعداء اقوى منها. وقيل لنا على مدى سنوات طويلة ان العرب رفضوا السلام مع اسرائيل في مؤتمر رودس في 1949، وايضاً في مؤتمر لوزان. ولم يفعل العرب ذلك على الاطلاق، بل كانوا على استعداد للتسوية السلمية لنزاعهم مع اسرائيل. وكانت اسرائيل هي الطرف الذي لا يرغب في التسوية، لانها لم تحصل على كل ما تريد. ولم تكن اسرائيل نفذت بعد كل جوانب برنامجها للتوسع الاقليمي. تاريخ اسرائيل يشهد انك اذا قدمت للاسرائيليين مليار بليون دولار، فإنهم يعتقدون ان من حقهم الحصول على عشرة بلايين لا حدود لما يمكن ان تفعله اسرائيل.
ما هو الجديد في هذا الكتاب؟
- التقارير التي كتبها مارك ايثريدج، المبعوث الخاص للرئيس الاميركي السابق ترومان، توضح ان اسرائيل كانت ترفض قبول عودة اي لاجئ فلسطيني الى فلسطين وانها لم تكن تنوي دفع اية تعويضات عن الاراضي التي اغتصبتها. وتوضح هذه التقارير ايضاً ان اسرائيل كانت تسعى الى المزيد من المكاسب الاقليمية واحتلال الاراضي العربية. وكان المسؤولون الاسرائيليون يتحدثون منذ مطلع الخمسينات عن ضرورة احتلال بعض الاراضي السورية حتى تكتمل سيطرتهم على وادي الاردن. وكانوا يريدون ايضاً الحصول على جنوب لبنان حتى نهر الليطاني. هذا ما يظهر من بعض الوثائق السرية. تكشف احدى الوثائق ان مساعد وزير الخارجية الاسرائيلي قال لايثريدج ان الاردن ليس له حق في الضفة الغربية، وانه يجب تسليمها الى اسرائيل. وعندما ذهب ايثريدج لمقابلة بن غوريون، قيل له بصراحة ان اسرائيل تحتاج الى الاستيلاء على بعض الاراضي من الاردن. وهكذا لا يملك المرء سوى حبس انفاسه وهو يقرأ هذه الاحداث الدالة على الازدواجية والرغبة في الاغتصاب. يذكرني الاسرائيليون بوالد فريدريك الاكبر امبراطور بروسيا. كان حاكماً عظيماً ولكنه اصيب لسوء حظه بالجنون. وعندما يصاب بالنوبة كان يمسك بعصا ويضرب الخدم، ويبكي، ويصيح: "لماذا لا تحبونني؟". وهذا ما يفعله الاسرائيليون مع العرب ومن الصعب ان يحب الناس انساناً يضربهم، ولكن هذا ما يفعله الاسرائيليون بالضبط. انني اتذكر زيارتي لاسرائيل في 1985، وكيف استمعت آنذاك الى محاضرة طويلة عن مدى سوء معاملة العرب لاسرائيل. سألت الاسرائيليين: "ما هو الشيء الطيب او الجيد الذي قدمتموه للعرب في الآونة الاخيرة؟" وبالطبع، لم اتلق أي رد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.