علمت "الوسط" من مصادر ديبلوماسية فرنسية ان الزيارة التي قام بها العقيد جون قرنق، زعيم جناح توريت في "الحركة الشعبية لتحرير السودان" كانت زيارة خاصة "ولم تحصل بناء على دعوة من الحكومة الفرنسية". وأكدت هذه المصادر ان الدوائر الفرنسية المعنية علمت بالزيارة عندما تقدم قرنق بطلب تأشيرة فيزا من السفارة الفرنسية في نيروبي بحجة زيارة ولقاء عدد من ممثليه في أوروبا وقد طلب ايضا لقاء عدد من المسؤولين الفرنسيين عن الملفات الافريقية. واستمرت زيارة قرنق من 28 الى 30 كانون الأول ديسمبر الماضي. وبالفعل التقى قرنق برونو دولاي مسؤول الشؤون الافريقية في قصر الرئاسة الفرنسية كما التقى بالمسؤول عن الشؤون الافريقية في الخارجية الفرنسية. وعلمت "الوسط" انه، خلال هذين الاجتماعين، اكتفى الجانب الفرنسي بالاستماع الى ما قاله قرنق الذي شدد على "خطر الاصولية الاسلامية القائمة في الخرطوم" وعلى "عدم اقتناعه بارادة الحكومة السودانية بقيادة الفريق عمر البشير في الوصول الى حلّ سياسي للحرب القائمة بين الشمال والجنوب". وكرر قرنق موقفه القائل بأنه "يريد حلاً سياسياً مع الشمال يقوم على اساس كونفدرالية تجمع الشمال والجنوب السوداني". اما على صعيد المساعدات الانسانية، فقد طلب قرنق من الحكومة الفرنسية الاستمرار في مساعدتها للجنوب السوداني. والمعروف ان فرنسا تساعد المنظمات غير الحكومية العاملة في جنوب السودان وتبلغ المساهمة الفرنسية ما يقرب الأربعة ملايين فرنك. بالاضافة الى ذلك فان فرنسا طرف فاعل في البرنامج الخاص بمساعدة الاطفال السودانيين في الجنوب وهي تدعم، من جهة أخرى، منظمة اليونيسيف التي تنشط في الجنوب. وعلى صعيد آخر، طلب قرنق من الحكومة الفرنسية ان تستمر في الضغط على الحكومة السودانية "حتى تتوقف عن انتهاك حقوق الانسان". وأشار قرنق الى المسعى الذي قامت به فرنسا مع دول المجموعة الاوروبية ومع الولاياتالمتحدة والذي أدى الى صدور قرار لجنة حقوق الانسان في الاممالمتحدة بادانة السودان لاعدامه أربعة موظفين في مدينة جوبا، يعملون لمنظمات غير حكومية بتهمة القيام بعمليات تجسس. وطلب قرنق ان تهتم الحكومة الفرنسية والحكومات الأوروبية عن قرب الوضع في السودان لافتاً النظر الى "الافكار الناجمة عن التوجه الديني الأصولي للنظام في الخرطوم". وعرض قرنق كذلك بالوضع داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان والخلافات الناشبة بين أجنحتها المتنافسة. المصدر الفرنسي الديبلوماسي وصف علاقات فرنسا والسودان بأنها "عادية". الا انه اضاف ان فرنسا، التي تدعو الى حلّ سياسي للحرب في جنوب السودان، لا تخفي مخاوفها من الحالة السائدة في السودان، ومن حال عدم الاستقرار التي تنشأ بين السودان وبين جيرانه. وأكد المصدر ان باريس عبّرت للخرطوم عن رغبتها في ان تقوم "علاقات حسن جوار" بين السودان وجيرانه والمقصود بذلك خصوصاً مصر. ولم يشأ المصدر الفرنسي ان يتوقف بالتفصيل عند وجود "عدة آلاف من حراس الثورة الايرانيين" في السودان كما تقول مصادر عربية. وفي أي حال، يؤكد المصدر الفرنسي ان باريس "حريصة على استقرار الوضع في المنطقة وعلى ألا يكون السودان "مصدر تهديد أو قلق للدول المجاورة له وعلى رأسها مصر".