سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في مقابلة خاصة مع "الوسط" . أمين الجميل يوجه نداء إلى الأسد : ندعوكم إلى ضمان اللعبة الديموقراطية في لبنان ونقبل الاشراف السوري على الانتخابات اللبنانية اذا تمت مصالحة كبرى وعادت الثقة بين الناس والحكم
وجه الرئيس اللبناني السابق امين الجميل، عبر "الوسط"، نداء إلى الرئيس حافظ الاسد يدعوه فيه إلى ان يمد يده إلى جميع اللبنانيين، بحيث تكون سورية "ضامنة اللعبة الديموقراطية في لبنان". ووصف الجميل، في مقابلة خاصة مع "الوسط"، الرئيس السوري بأنه "رجل ذكي ووطني ومتفهم تماماً للوضع اللبناني وقادر على التحولات الكبيرة والايجابية". وأكد انه منفتح للحوار مع دمشق "ونعتبر هذا الحوار حتمياً وواجباً". لكن هذا النداء لم يمنع الجميل من توجيه انتقادات إلى الوضع الحالي القائم في لبنان والى طبيعة العلاقة القائمة حالياً بين المسؤولين اللبنانيينودمشق، غير انه يعود ليؤكد، في حديثه عن الانتخابات النيابية، ان "المشكلة" ليست في الوجود السوري بل في "انعدام الثقة" السائد في لبنان. وتحدث الجميل، في هذه المقابلة، عن قضية الانتخابات وموضوع الانسحاب السوري من بيروت ومناطق من الجبل والشمال في ايلول سبتمبر المقبل، وعن علاقاته مع الرئيس الياس الهراوي والحكم اللبناني، وعن مجموعة امور اخرى هي اليوم موضع تساؤلات اللبنانيين واهتماماتهم. وفي ما يأتي الحوار مع الرئيس السابق امين الجميل: * لبنان يعيش ويواجه مجموعة من الاستحقاقات في آن واحد: الازمة الاقتصادية، انهيار الليرة، الانتخابات، اعادة انتشار القوات السورية بموجب اتفاق الطائف. ما تقويمكم للوضع في لبنان ولأداء الدولة والحكومة؟ - لبنان، منذ نهاية الستينات، اي منذ انطلاقة الحركة الفلسطينية فيه، بدأ يعيش مرحلة اضطراب واستحقاقات مهمة. هذا الامر زعزع المؤسسات ووضع لبنان على طريق المجهول. واستهدفت "وثيقة الوفاق الوطني" التي عرفت باتفاق الطائف تحقيق مصالحة عامة في لبنان. لكن كلنا نعرف ونعترف ان الوفاق اللبناني الحقيقي لم يتحقق حتى الآن لأن في لبنان شرخاً كبيراً بين الحكم والشعب ولأن قسماً من لبنان موجود في الخارج بصورة قسرية. الوفاق، اي الارضية الاساسية من اجل اي عمل انقاذي، لم يحصل. ولا ديموقراطية من غير وفاق حقيقي ولا حرية او عافية لوطن في غياب هذا الوفاق، المقصود به ليس تبويس لحى او انتفاء الفوارق واختلاف الطروحات. واستهدفت الوثيقة ايضاً تأمين السيادة الوطنية. هذا الموضوع بقي معلقاً ايضاً وما يجري في الجنوب يأتي بالبرهان الثابت، اذ ان قضية الجنوب اخذت تظهر وكأنها حكر على فئة تفرض منهجاً معيناً له ابعاد خارجية. كنا نطمح انه بعد سنوات الحرب الطويلة، حان الوقت لتحل المشكلة اللبنانية ويرتاح لبنان. ولكن يبدو اننا عدنا إلى نقطة الصفر. غير اننا ننظر إلى المستقبل بتفاؤل: فربما المعطيات الجديدة الموجودة في الشرق الاوسط والعالم تكون عنصراً مساعداً من اجل ارساء السلام الحقيقي في لبنان بحيث يسير لبنان نحو سلم حقيقي يضمن وفاقاً حقيقياً وسيادة ناجزة ونهوض مؤسسات ديموقراطية سليمة ترعى علاقات اللبنانيين مع بعضهم البعض ضمن التوجه الوطني الواحد. أعارض الحكم وأطالب بالتغيير * هل يعني هذا التحليل ان اداء الدولة وأداء الحكومات المتعاقبة لا يقود باتجاه الخروج من صفحة الماضي؟ - موقفي واضح: انا لا ألوم اشخاصاً معينين ولا أتناول الامور من زاوية الاداء الشخصي. ثمة عيب اساسي في الصيغة القائمة حالياً هي انها جعلت النظام اللبناني لا مثيل له في العالم بحيث اناطت السلطة التنفيذية بمجلس او هيئة قد يصل اعضاؤها إلى ثلاثين شخصاً او اكثر. كيف يمكن ان يكون اداء السلطة التنفيذية المؤلفة من ثلاثين شخصاً؟ والمشكلة ان كل واحد من هؤلاء ينتمي إلى حزب وله توجه. وهذا العيب في الصيغة الحالية هو الذي يحمل بذور الفشل الذي نلاحظه على الساحة اللبنانية. نظام الترويكا ونظام تعدد الرؤوس لا يمكنه ان ينقذ بلداً يعيش استحقاقات مهمة. لبنان بحاجة إلى سلطة قوية لمواجهة هذه الاستحقاقات. والحال ان السلطة مفقودة لأنها متشعبة ومميعة. * هل العلّة تكمن في الخلل البنيوي للنظام اللبناني؟ - الخلل يكمن في اننا تحت ستار تأمين مشاركة واسعة عطلنا الدولة تعطيلاً كاملاً، وتحت ستار إلغاء الطائفية أغرقنا لبنان في المذهبية. ما امل به ان نصل إلى مراجعة حياتنا وممارساتنا بمعزل عن اي انفعال وبعيداً عن منطق تصفية الحسابات والسياسة الضيقة. وأنا كمعارض علي ان اعترف بأمر واقع هو ان في لبنان نظاماً جديداً ودستوراً وحكماً. كل ذلك واقع يمكن ان ننطلق منه من اجل التطوير والتحسين. وبالمقابل، على الاطراف الموجودة في السلطة ان تعترف بوجود اخطاء وبضرورة معالجتها حتى نصل إلى نظام يضع لبنان على سكة السلام الحقيقي. * ما هي نوعية علاقاتكم بالعهد الحالي وبالرئيس الهراوي؟ - أنا واضح: على صعيد المبادئ عندي ملاحظات على ميثاق الطائف. البعض يعتبر انني اعارض لأنني خارج اللعبة السياسية. الامر الثاني يتناول الحكومة التي هي حكومة اهل العائلة الواحدة. الديموقراطية كما تمارس في لبنان هي ديموقراطية ضيقة وكل من هو معارض للوضع الحالي مرغم على مغادرة البلاد او السكوت. وهذه الديموقراطية تشمل اهل بيت الحكم فقط بينما الديموقراطية الحقيقية يجب ان ينعم بها جميع المواطنين، معارضين وموالين. منذ انتخابه، وجهت إلى الرئيس الهراوي نداء طالبته فيه بأن يكون اباً للبنانيين جميعاً وان يجمع افراد العائلة اللبنانية ويترأس مؤتمراً وطنياً لاجراء مصالحة شاملة. انا في المعارضة وأتمنى ان تفهم معارضتي على انها بنّاءة من اجل الاصلاح ولا فيتو عندي على احد. الهدف يجب ان يكون برنامجاً وطنياً انقاذياً وليس تركيبات وتسويات سياسية ضيقة من شاكلة "اعطيني اعطيك" دفعنا ثمنها غالياً. وأجيال لبنان ترجم القيادات التي تحملت المسؤولية وحولت لبنان إلى مزرعة. انا أمد يدي في المطلق واتمنى انعقاد مؤتمر وطني تطرح فيه كل الامور على بساط البحث بكل موضوعية وصراحة واحترام. شخصياً، لقد طرحت على الرأي العام مشروعاً سياسياً منشوراً. وبدل ان نتلهى في الاتهامات ونغرق في منطق "انا معصوم والبقية على خطأ"، لنضع قضايانا الشخصية جانباً ونواجه ما يعاني منه لبنان لنتوصل إلى مشاريع ينتج عنها سلام حقيقي. انا لا أتنكر لميثاق الطائف لكنني اقول ان ثمة نقاطاً اساسية فيه يجب اعادة النظر بها. عبء على سورية * برأيكم، هل الظروف التي ادت إلى رحيل حكومة الرئيس كرامي قد تغيرت؟ وما هو الجديد الذي جاءت به حكومة الرئيس الصلح؟ - الخلل في مركز القرار. لبنان والدولة من غير نقطة ارتكاز. وإذا لزم الامر لتعيين حاجب، يشعر المسؤول بحاجة إلى ان يذهب إلى سورية. استقالة الرئيس كرامي تمت في سورية وتعيين الرئيس رشيد الصلح تم في سورية قبل ان يتم في لبنان. هذا عبء على سورية تتحمل وزر صراعاتنا الداخلية التي ترتد عليها. وهذا الوضع غير سليم. وهنا سبب خلافات مع سورية ومثير للحساسيات بين الشعبين اللبناني والسوري. سورية تضطر لأن تأخذ القرارات نيابة عنا وهذه القرارات لا يمكنها ان تعجب كل الناس في لبنان. * هل لديكم انطباع ان الدولة في تعاطيها مع المشكلات والاستحقاقات التي تواجه لبنان لديها خطة الاولويات فيها محددة؟ - المشكلات القائمة لها حلول غير انه ليس هناك من يحلها. مركز القرار معطل والصلاحيات موزعة ولا قرار موحداً ومسؤولاً يرعى جميع هذه الامور. القرار لا يتخذ في لبنان. * كيف يمكن تصور سلّم اولويات؟ ولو افترضنا انكم ما زلتم في السلطة فكيف تتصرفون؟ - انا لا ارتاح لتحمل المسؤولية في ظل نظام كهذا النظام حيث عقد السلطة فرط. رئيس الجمهورية ما زال إلى حد ما المنسق العام ولكنه لم يعد السلطة. وفي المطلق لا يمكن تحديد الاولويات بشكل جامد ونهائي. لكل ظروف اولوياتها. لكن جرح الجنوب يجب ان يداوى اولاً فهو ينهك مركز القرار والجسم اللبناني كله. الجنوب اولوية. المسؤولون سائرون في مسايرات ولا يواجهون حقيقة الامر ولا يصارحون بها. وكلنا نعرف ان الوضع خطير وانه قد يؤدي إلى انعكاسات مدمرة اذ نحن نعيش في الجنوب، اليوم، تجربة عام 1969 وتجربة اتفاق القاهرة وتحول الجنوب من "فتح لاند" إلى "ايران لاند". نحن لم نحفظ الدرس ونكرر التجربة ذاتها، لكن النتائج هذه المرة اكثر خطورة لأن خريطة الشرق الاوسط كلها قيد الرسم. كلنا نعلم ان حزب الله امتداد لاستراتيجية ايرانية لا علاقة لها باستراتيجية لبنانية وأتمنى ان يجرى استفتاء في الجنوب لنرى اذا كان ابن الجنوب راضياً عن هذا الوضع. لكن المصلحة اللبنانية براء من كل ذلك. ولا ننسى اننا جالسون إلى طاولة مفاوضات مع اسرائيل فلماذا لا نعطي فرصة لهذه المفاوضات؟ ولماذا حدود لبنان هي الوحيدة المتوترة مع اسرائيل وكل الحدود العربية مع اسرائيل هادئة؟ لبنان الحلقة الاضعف وما العبرة في ان يكون وحده الذي يدفع الثمن؟ كل ذلك يعود بنا إلى مركز القرار. السلطة اللبنانية لا تمارس صلاحياتها انطلاقاً من توافق لبناني وانطلاقاً من معطيات لبنانية بحتة. كلنا نعرف ان السلطة في لبنان تمارس ببعد خارجي وانطلاقاً من استراتيجية خارجية اكثر مما تمارس من منطلقات لبنانية وخدمة لاستراتيجية لبنانية. * مسألة المهجرين لا تزال تراوح مكانها على رغم انها تمس مئات الآلاف من الناس وان لها ابعاداً انسانية اجتماعية وسياسية. أليس مفروضاً بالمسؤول ان يتصدى لمعالجتها كأولوية بين الاولويات؟ - لحل قضية المهجرين شروط مسبقة اولها قيام مصالحة لبنانية حقيقية. العودة القسرية او العشوائية من شأنها تعريض العائدين إلى تجارب نحن في غنى عنها. المصالحة الحقيقية يجب ان تتم في القلب، ان تكون وجدانية. والمشكلة ان تركيبة الحكم اليوم ليست المصالحة الحقيقية التي تؤمن المظلة لهذه الخطوة الضرورية من عودة المهجرين. اما الشرط الثاني فإنه من نوع آخر: نحن نعرف ان التهجير لم يكن رداً انفعالياً او "فوشة كبد". التهجير تم بمخطط اقليمي اطرافه خارج الحدود اللبنانية غذّت وخططت للتهجير. اذن، علينا ان نحصل على ضمانات: هل الاطراف الخارجية لجمت او غيرت في استراتيجيتها اللبنانية؟ هل تم تفاهم بواسطة الاميركيين او بواسطة غيرهم حول هذه النقطة ام ان الامور لا زالت على حالها؟ المسيرة الوفاقية ما زالت في بداية الطريق وأية انتكاسة جديدة ستكون مؤلمة. الانسحاب السوري * من الاستحقاقات المقبلة اعادة انتشار القوات السورية مثلما ينص على ذلك اتفاق الطائف. الناس تتساءل: هل ينسحب الجيش السوري من بيروت والجبل ومناطق اخرى في ايلول سبتمبر ام لا ينحسب؟ - بخصوص اعادة الانتشار للجيش السوري، عندي ملاحظتان: الاولى انني اتخوف ان تكون هذه العملية صورية - شكلية طالما ان الجيش السوري سيبقى في 50 في المئة من الاراضي اللبنانية. والاتفاق ينص على انه اضافة إلى اعادة انتشار القوات السورية في البقاع وبعض الجبل، يتم انتشار الجيش السوري في "نقاط اخرى" يتم الاتفاق عليها بين الحكومتين. وهذه النقاط الاخرى قد تكون المرفأ، المطار، وزارة الدفاع، بيروت وفي كل مكان. الملاحظة الثانية انه لا يجري الحديث عن مرحلة ما بعد اعادة الانتشار. وكأننا نعتبر ان المرحلة الثانية هي تمركز دائم للقوات السورية في لبنان. فهل نحن نعتبر ان لبنان تنازل نهائياً عن سيادته عن المناطق التي يتم الانسحاب اليها؟ واذا بقيت سورية في هذه المناطق فهذه حجة لكي تبقى اسرائيل في الجنوب. فهل اذا انسحب الجيش السوري من بيروت وبكفيا نعتبر اننا ادينا قسطنا للعلى؟ وهل نعترف سلفاً بأن مناطق اعادة الانتشار لم تعد لبنانية. * هل ما زالت لديكم اتصالات مع المسؤولين السوريين؟ - بعد اجتماعي الاخير مع الرئيس حافظ الاسد عام 1988، لم تحصل اجتماعات اخرى مع المسؤولين السوريين. جل ما حصل لقاءات بالمصادفة في مناسبات اجتماعية مع بعض المسؤولين السوريين. موقفي واضح تجاه بعض الاستحقاقات على الساحة اللبنانية وهو لا يتلاقى مع التوجه الحالي السوري في لبنان. وانقطاع الحوار مؤسف لأنني اعتبر ان حوار القيادات اللبنانية مع سورية مفروض علينا ومن الضروري ان يستمر طالما ان هناك نوايا حسنة ورغبة مشتركة بتطوير العلاقة، وهذا الحوار يخدم مصلحة البلدين ويحمي سيادتهما واستقلالهما. لذا اتمنى ان يعاد البحث بكل هذه الامور بهدوء وموضوعية. نحن منفتحون للحوار ونعتبره حتمياً وواجباً. الانتخابات والثقة المفقودة * الانتخابات موضوعة على نار حامية ومجلس الوزراء اللبناني أقر مشروع القانون الانتخابي الجديد. هل انتم مع او ضد اجراء الانتخابات؟ - الانتخابات، ككل الاستحقاقات التي يواجهها لبنان، تواجه في جو من انعدام الثقة. انا لا اعاني من مشكلة اذا كان الجيش السوري موجوداً في بكفيا. والمشكلة ليس في معرفة ما اذا كانت الانتخابات تتم قبل اعادة الانتشار او بعده. بيت القصيد هو عودة الثقة والا تظهر الانتخابات وكأنها تصفية حسابات بين طرف يحكم وطرف يعارض. الاهم ان يتوافر جو الثقة حتى تكون عملية الانتخاب معبرة عن حقيقة مشاعر الناس واختياراتهم. في القانون الجديد، ثمة نص جديد يقول بأن على المرشح ان يتقدم شخصياً بطلب ترشيحه في مقر دائرته. شخصياً، انا قادر على الترشح لأن ظروفي امنية بحتة. لكن العماد عون ظروفه قانونية وممنوع عليه ان يترشح لكونه ممنوعاً من السفر إلى لبنان. ان ظروف الترشيح غير متوفرة للجميع مما يجعل الانتخاب غير حر. وأحب ان اقول هنا انني لا اعترف بقانونيتها والتدبير بحق العماد عون غير دستوري وغير قانوني. لا الدستور يسمح بذلك وليست في قانون العقوبات اية مادة تنص على نفي مواطن لبناني. وهذا الامر مخالف للدستور والاعراف ولكل التقاليد اللبنانية. اذن، منذ البداية، ثمة حواجز توضع امام بعض الاشخاص الذين يمثلون فئة كبيرة من الشعب لمنعهم من المشاركة في الانتخابات. هذه ظواهر غير طبيعية. لذا نحن نقول بضرورة ان تجرى المصالحة الحقيقية. والامر الآخر ان سورية تظهر اليوم على انها طرف في النزاع في لبنان، وعندما تكون طرفاً لا يمكنها ان تكون حامية الاستحقاق الانتخابي. والخلاصة انه، في الانتخابات، ليس الوجود السوري هو المشكلة بل ان تكون سورية حليفة طرف سياسي على حساب الآخرين. نحن لا نريد سورية طرفاً في الانتخابات بل ان تكون فوق الاحزاب وضامنة للعبة الديموقراطية في لبنان تمد يدها للجميع وتحضن الجميع ان هي ارادت ان تنجح في لبنان ويلتف كل الشعب حولها. * الناس تتساءل عن اسباب الاستعجال في اجراء الانتخابات. - اليوم، الثقة مفقودة على اكثر من صعيد: لا ثقة بالنظام والحكم وأهله. ولا ثقة بالعملة او بالاقتصاد ولا ثقة بالمستقبل. في لبنان حالياً "فئة انقلابية" استلمت السلطة. ولكن ماذا تمثل هذه الفئة على صعيد الشعب اللبناني؟ ربما لا تمثل سوى 10 في المئة من الناس و90 في المئة المتبقية خارج التركيبة. والناس اصبحت اسيرة النظام الجديد وليست قادرة على الخروج منه. وأياً تكن المعطيات والظروف فان على رأس الهرم ان يتخذ المبادرة. مطلوب منه عمل بطولي. * لم أفهم بعد ما اذا كان الرئيس امين الجميل مع الانتخاب او ضده؟ - انا لا أعطي هذا الاستحقاق اهمية اكثر من غيره. فمنذ ثلاث سنوات، نحن لا نرتكب سوى هرطقات وطنية سياسية، والانتخابات هرطقة جديدة من هذه الهرطقات. ولا اعتقد ان المجلس الجديد، في حال انتخب، سيكون مختلفاً عن المجلس المعين. وهناك معاهدات واتفاقات وقرارات اتخذت على كل الاصعدة وهي بخطورة انتخاب المجلس النيابي. الناس تعرف ان الانتخابات مشكوك بأمرها ومشكوك بنتائجها ذلك انها ستجري في ظل المثل القائل: "حاميها حراميها". وأي مسؤول في العالم يعرف ان ثمة علامة استفهام كبيرة مرسومة فوق المجلس النيابي الذي ستفرزه هذه الانتخابات. ثم ان كل هذه الهرطقات مربوطة بطرف غير طبيعي يعيشه لبنان وعندما يتغير الوضع ستزول معه كل مخلفاته وآثاره، ومنها المجلس الجديد، ولا احد، على المدى الطويل، سيعترف بهذه التدابير التي صدرت والتي فرضت على لبنان فرضاً. اما اذا استمرت هذه الظروف ولم تتغير الاوضاع، فالمجلس الحالي او المجلس القادم سيّان. ثمة مناطق لن يترشح فيها احد اذا كانت السلطة ليست راضية عن المرشح وبالتالي اعتقد انه من الغباء القول اننا سنحمي الانتخابات ونضمنها باستقدام مراقبين اجانب. * اذا فهمنا جيداً معنى هذا القول فانك تقترح مقاطعة الانتخابات طالما ان الضمانات لا تكفي؟ - انا كطرف في هذا الاستحقاق على اتصال مع اطراف اخرى لبلورة موقف مشترك. ونأمل ان يصدر هذا الموقف خلال اسابيع وعلى ضوء الاتصالات الجارية حالياً. اليوم ثمة مسعى بأن نكون كلنا متجاوبين مع البطريرك الماروني صفير. والبطريرك اعلن في اكثر من مناسبة عن مخاوف حقيقية وعميقة حول نتيجة اجراء انتخابات في الاجواء الموجودة. وهذا الموقف يشجعنا على التنسيق مع بعضنا البعض لبلورة موقف مشترك. ونحن لنا ثقة بالبطريرك. ومواقفه ليست من منطلقات مذهبية بل وطنية، وهو على اتصال مع كل القيادات الوطنية المسيحية وغير المسيحية وقادر على بلورة الموقف الوطني الذي نثق به والذي يمكن اخذه بالاعتبار. عندنا ملاحظات جوهرية حول هذه الانتخابات. اما كيف التعاطي معها، فمن المبكر الاعلان عنه. واذا لم ننجح في بلورة موقف مشترك سأعلن عن موقفي الخاص. * وفد لجنة المصالحة والتنسيق جاء إلى باريس واجرى اتصالات معكم ومع العميد اده والعماد عون. ماذا تتوقعون من هذه الاتصالات؟ - الوفد جاء إلى باريس لأنه لم يكن على اطلاع كاف على حقيقة الموقف لدى القيادات اللبنانية المقيمة في فرنسا. وجولة الاتصالات الاولى كانت مجدية. وشخصياً اصررت ان تجتمع اللجنة ايضاً بعدد من المفكرين اللبنانيين المقيمين في فرنسا وبالقيادات الفتية لتستمع إلى وجهة نظرها اذ انه لا يمكننا ان نتنكر لجيل الحرب. ونحن نأمل ان نتوصل لاحقاً إلى انشاء نوع من مجلس او منتدى يجمع هذه القيادات الشابة والملتزمين بلبنان. وما اود قوله انه ليس عندي فيتو على احد. وانما الاحظ ان بعض القيادات عندها عقد وشروط مسبقة وفيتو من هنا وفيتو من هناك، إلى ما هنالك من سلبيات تعرقل التفاهم حول مصلحة لبنان. * إزاء الانتخابات، هناك من قبل بها ويدعو اليها وهناك من يعارضها ويحاربها. ومن المعارضين العميد ريمون اده والعماد عون وحزب الوطنيين الاحرار. هؤلاء ضد الانتخابات. - أمين الجميل مقاطعاً وأمين الجميل ضد الانتخابات. * ... ولكن هناك اطرافاً مواقفها غير واضحة. مثلاً: حزب الكتائب. هل هو مع او ضد؟ هل يوافق ام يعارض؟ - انت تحرك السكين في الجرح. انا لا اتنصل من مسؤولياتي الكتائبية وأريد ان يكون موقفي بنّاء. نحن متخوفون من مسيرة القيادة الحزبية الراهنة. وما تقوله صحيح: فالحزب في ضياع والقيادة الحزبية الحالية لا اعرف مدى تمثيلها لأهداف ومواقف القاعدة الكتائبية. ما نلمسه هو ان ثمة شرخاً بين موقف القيادة وموقف القاعدة. لذلك فان الكثير من الكتائبيين هم اما على الحياد او انهم التحقوا بتيار آخر يعمل ضد الكتائب. نداء إلى الاسد * الفرنسيون يقولون انهم مع الانتخابات ولكن شرط توافر ضمانات وان تكون حرة فعلاً. - كلنا جميعاً في هذا الموقف، ولا احد ضد الانتخابات في المطلق. نحن ضد هكذا انتخابات في جو تنعدم فيه الثقة. اكيد ان فرنسا تريد الانتخابات كما الولاياتالمتحدة الاميركية ودول اخرى. ولا اعتقد ان احداً يمكنه ان يقبل ان تجرى الانتخابات بعيداً عن جو الحرية. اما بالنسبة إلى الضمانات، فلا احد قادر على تحديدها: نحن اللبنانيين مؤهلون لأن نقول ما هي هذه الضمانات. الضمانات هي في الثقة وفي المصالحة الكبيرة. واذا توافر هذان الشرطان فلا امانع في ان يكون السوري في قلب بكفيا وان يشرف على قلم الاقتراع، وأهلاً وسهلاً به. هنا اعتقد ان المسؤولية تقع على عاتق الرئيس الاسد. الرئيس الاسد رجل ذكي ووطني ومتفهم تماماً للوضع اللبناني وقادر على التحولات التاريخية واستيعاب خطورة المرحلة ومشاعر الناس وطموحاتها وهو صاحب القرار. وندعوه لأن يقدم حقيقة علي مد يد كريمة وأخوية إلى كل اللبنانيين، من كل الاطراف والنزعات، اذ لا احد يريد ان يخاصمه او يتحفظ عليه، وان يتفهم تماماً ان لبنان لا يعامل بالطريقة التي يعامل بها. انا اعرف ان الرئيس الاسد رجل قادر علىالتحولات الكبيرة والايجابية عندما يشعر ان المصلحة الوطنية تقتضي ذلك. وهذا من شأنه ان يعطي كل الناس الضمانات التي تريد بحيث تظهر سورية وكأنها مسؤولة تجاه كل لبنان وكل اللبنانيين. وعندها بامكان سورية، بالتعاون مع الرئيس اللبناني، ان تحقق القفزة النوعية التي نحتاجها وهي قفزة وجدانية وتاريخية تضع لبنان على الخط السليم وتسهل عودة المهاجرين إلى لبنان والمهجرين إلى بيوتهم وتوفر الضمانات. الشعب اللبناني وكل قياداته لا يضمر الا الخير لسورية وقادتها شرط ان تشعرهم بأنها ليست طرفاً على الصعيد اللبناني بل تعمل من اجل الشعب بأسره. الفرصة متاحة الآن خصوصاً ان الاستحقاقات المصيرية على صعيد أزمة الشرق الاوسط هي على المحك. ستكون سورية اقوى اذا واجهت هذه الاستحقاقات ولبنان معافى مستقر ويقف بجميع ابنائه إلى جانب سورية. وهذا يخدم مصلحة لبنان وسورية معاً.