أوكرانيا وروسيا.. هجمات وإسقاط مسيرات    الهلال «العالمي» يقهر الاتحاد بثلاثية قاسية وينفرد بالصدارة    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً يستهل مشواره في التصفيات الآسيوية بفوزه على المنتخب الفلسطيني    «مدل بيست» تكشف عن «ساوندستورم 2024» وتقيم حفلاً موسيقياً للوطن    معرض الرياض الدولي للكتاب.. يفتح أبوابه الخميس المقبل    آمال ماهر تحتفل مع الجمهور ب«اليوم الوطني ال 94»    ترمب: الوقت لا يسمح بإجراء مناظرة ثانية مع هاريس    الفرس "لاسي ديس فاليتيز" تُتوّج بكأس الملك فيصل للخيل العربية    شرطة الشرقية: واقعة الاعتداء على شخص مما أدى إلى وفاته تمت مباشرتها في حينه    مستشفى الملك فيصل التخصصي ضمن أفضل المستشفيات الذكية عالميًا    تعزية البحرين وتهنئة أرمينيا ومالطا وبيليز    قصف إسرائيلي على جنوب لبنان.. وميقاتي: لن أتوجه إلى نيويورك    قصف في إسرائيل وسقوط الضحايا بلبنان    بلدية الدائر تنهي استعداداتها للاحتفال باليوم الوطني 94    افتتاح تطوير شعيب غذوانة بعد تأهيله        بلادنا مضرب المثل في الريادة على مستوى العالم في مختلف المجالات    السعودية تتصدر G20 في نمو السياح الدوليين خلال 2024    كوليبالي خارج تشكيل الهلال بمواجهة الاتحاد    الرياض يحقق فوزاً قاتلاً على الرائد بهدفين لهدف    عرض جوي يزين سماء الرياض بمناسبة اليوم الوطني ال 94    لقاح على هيئة بخاخ ضد الإنفلونزا    بشرى سارة لمرضى ألزهايمر    "اليوم الوطني".. لمن؟    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    بعد اتهامه بالتحرش.. النيابة المصرية تخلي سبيل مسؤول «الطريقة التيجانية» بكفالة 50 ألفاً    تفريغ «الكاميرات» للتأكد من اعتداء نجل محمد رمضان على طالب    الفلاسفة الجدد    حصن العربية ودرعها    كلية الملك فهد الأمنية الشرف والعطاء    أبناؤنا يربونا    الشرقية: عروض عسكرية للقوات البحرية احتفاءً بيوم الوطن    بلدية الخبر تحتفل باليوم الوطني ب 16 فعالية تعزز السياحة الداخلية    زاهر الغافري يرحلُ مُتخففاً من «الجملة المُثقلة بالظلام»    شكر وتقدير لإذاعتي جدة والرياض    مآقي الذاكرة    "البريك": ذكرى اليوم الوطني ال94 ترسخ الإنتماء وتجدد الولاء    مصر: تحقيق عاجل بعد فيديو اختناق ركاب «الطائرة»    "تشينغداو الصينية" تنظم مؤتمر التبادل الاقتصادي والتجاري بالرياض.. 25 الجاري    اختفاء «مورد» أجهزة ال«بيجر»!    الشورى: مضامين الخطاب الملكي خطة عمل لمواصلة الدور الرقابي والتشريعي للمجلس    رياح سطحية مثيرة للأتربة والغبار على القصيم والرياض    فلكية جدة: اليوم آخر أيام فصل الصيف.. فلكياً    انخفاض سعر الدولار وارتفاع اليورو واليوان مقابل الروبل    2.5 % مساهمة صناعة الأزياء في الناتج المحلي الإجمالي    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    «النيابة» تحذر: 5 آلاف غرامة إيذاء مرتادي الأماكن العامة    "تعليم جازان" ينهي استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني ال94    حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس ترومان» تبحر إلى شرق البحر المتوسط    بيع جميع تذاكر نزال Riyadh Season Card Wembley Edition الاستثنائي في عالم الملاكمة    الناشري ل«عكاظ»: الصدارة أشعلت «الكلاسيكو»    وزارة الداخلية تُحدد «محظورات استخدام العلم».. تعرف عليها    خطيب المسجد النبوي: يفرض على المسلم التزام قيم الصدق والحق والعدل في شؤونه كلها    خطيب المسجد الحرام: أعظم مأمور هو توحيد الله تعالى وأعظم منهي هو الشرك بالله    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    قراءة في الخطاب الملكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يقظة القوميات تهدد الوحدة الأوروبية
نشر في الحياة يوم 15 - 06 - 1992

رفض الناخبون الدنماركيون في استفتاء عام التصديق على معاهدة ماستريخت، التي تضع الأسس العامة لتوحيد السياسات الاقتصادية والخارجية والدفاعية لمجموعة الدول الاوروبية، ابتداء من الاول من كانون الثاني يناير عام 1993، ولبدء الخطوات الاولى لصك نقد اوروبي موحد ابتداء من العام 1997. ولأن المعاهدة تحتاج الى مصادقة جميع الدول الاعضاء لتدخل حيز التنفيذ، فقد جعلها رفض الدنماركيين بحكم اللاغية من وجهة نظر القانون الدولي. ولأن نص المعاهدة الضخم 152 صفحة لا يتضمن اية اشارة الى ما يجب القيام به في حال رفض دولة عضو التصديق عليها، فقد دفعت النتيجة السلبية للاستفتاء الدنماركي، المجموعة الاوروبية الى وضع قانوني غامض، ووضعت الزعماء الاوروبيين في حالة "استنفار عام" بحثاً عن سبل الخروج من هذا الوضع لاستئناف الرحلة التوحيدية.
وعلى رغم توصل وزراء خارجية دول المجموعة، في اجتماع طارئ عقدوه في اوسلو في اليوم التالي لظهور نتائج الاستفتاء الدنماركي، الى قرار بالمضي قدماً في عمليات المصادقة على المعاهدة، وعلى رغم ان الرافضين الدنماركيين لم يحققوا سوى اغلبية ضئيلة نسبتها 50.7 في المئة مقابل 47.9 في المئة، اي اغلبية حوالي 24 الف صوت فقط، فقد اعتبر المراقبون ان هذه النتيجة كافية لطرح مستقبل اوروبا برمته على طاولة البحث. وذهب فرانسوا هيسبورغ مدير "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" في لندن الى حد القول ان "المجموعة الاوروبية تواجه خطر التفكك والعودة الى دوائر القوميات الضيقة. تلك الدوائر التي دمرت اوروبا مرتين في حروبها العالمية".
فبعد ساعات قليلة على اعلان الرفض الدنماركي ابلغ الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران حكومته في اجتماعها الاسبوعي قراره طرح الاتفاقية في استفتاء شعبي عام، بعد ان ظل يؤكد، منذ التوصل الى الاتفاقية في كانون الاول ديسمبر الماضي، ان الجهة المؤهلة للمصادقة على المعاهدة او رفضها هي اجتماع مشترك لمجلس الشيوخ والجمعية الوطنية. وعلى رغم ان استطلاعات الرأي اظهرت ان معظم الفرنسيين يؤيد الاتفاقية، فان الشركاء الاوروبيين يخشون ان يتحول الاستفتاء من اقتراع حول المعاهدة الى مناسبة شعبية للتصويت على رئاسة ميتران نفسه الذي تضاءلت شعبيته خلال الاشهر الاخيرة وفق ما اظهرته الانتخابات التي اجريت اخيراً في البلديات والمقاطعات الفرنسية. وقلق الشركاء الاوروبيين ليس ناتجاً عن تضاؤل شعبية ميتران وحده، بل ايضاً عن الخوف من ان تكون نتائج الاستفتاء الدنماركي ايقظت الاتجاهات الاوروبية المعادية اصلاً للاتفاقية من جهة وأبرزت الى السطح القضايا الهامشية التي تتضمنها الاتفاقية على حساب القضايا الرئيسية الكبرى من جهة اخرى. اي كما حدث في الدنمارك حيث تم التصويت على القضايا الصغرى من دون الالتفات الى القضايا الكبرى التي صيغت بأسلوب قانوني معقد يصعب على المواطن العادي فهمه.
فقد وزعت الحكومة الدنماركية على اكشاك الصحف ومراكز البريد نحو نصف مليون نسخة مجانية لنص المعاهدة. اي نسخة لكل عشرة مواطنين. وعلى رغم ان الدنمارك التي يتمتع فيها الفرد بدخل سنوي اعلى منه في اي بلد اوروبي آخر، قد تتعرض لكوارث اقتصادية في حال انسحابها من المجموعة الاوروبية، صوتت الاكثرية الدنماركية ضد الاتفاقية لأنها ستجبر الحكومة على تخفيض نسبة الضرائب، وهي الأعلى في اوروبا، الى المستوى الاوروبي العام. وخفض الضرائب هذا يعني خفض الاعتمادات المخصصة للخدمات العامة، من صحة وتعليم ودوائر حكومية اخرى، حيث يعمل معظم انصار الحزب الديموقراطي الاشتراكي المعارض، الذي لم يعد، منذ زمن طويل، يمثل عمال المصانع كما هو الحال لدى الاحزاب المشابهة في البلدان الاخرى.
والى جانب القضايا الرئيسية التي تتضمنها المعاهدة، مثل ضرورة التنازل عن شيء من السيادة القومية لصالح الهيئات الاوروبية، توجد في كل بلد عضو في المجموعة الاوروبية قضية هامشية او اكثر يخشى المسؤولون الاوروبيون ان تطفو على السطح وتؤثر على موقف الناخب الاوروبي، خصوصاً في البلدان التي ستطرح الاتفاقية على الاستفتاء العام.
ففي ايرلندا، التي تعتبر اكثر المستفيدين الاوروبيين، على المستوى الاقتصادي، من عضويتها في المجموعة الاوروبية، يخشى المسؤولون ان يصوت الناخب الكاثوليكي المحافظ في الاستفتاء، الذي سيجري في الثامن عشر من هذا الشهر، ضد الاتفاقية بسبب مخاوفه من ان يؤدي الميثاق الاجتماعي الى اصدار قانون يسمح بالإجهاض، او على الاقل الى تسهيل لجوء الايرلنديين الى اجرائه في البلدان الاخرى.
وفي فرنسا، التي تعتبر من اشد المتحمسين، ليس لاتفاقية ماستريخت وحدها، بل لمشروع ولايات اوروبية متحدة توازن الثقل السياسي للولايات المتحدة، والثقل الاقتصادي لليابان، والتي يعتبر الزعماء الاوروبيون نتائج استفتائها المرتقب، الكلمة الفصل في مستقبل المعاهدة، يخشى كثيرون ان تتحول قضية حق الاوروبي المقيم في اي بلد عضو في المجموعة، بالمشاركة في انتخابات البلدان والمقاطعات، الى القضية المحورية في الاستفتاء، لأن القضايا الاخرى تظل شديدة التعقيد، حتى بالنسبة الى المواطن الفرنسي المعروف باهتمامه بالسياسة اكثر من غيره من الاوروبيين الغربيين. ذلك لأن حق الانتخاب هذا سيجعل من المهاجرين البرتغاليين والايطاليين والاسبان، وربما الاتراك مستقبلاً، قوى سياسية فاعلة في قضايا المدن والمقاطعات، التي يصعب فصلها عن القضايا الوطنية العامة.
وفي المانيا، التي يعتبر المسؤولون فيها ان افضل اطار لانجاز توحيد الشطرين هو اوروبا موحدة، يتعرض المستشار هيلموت كول لضغوط شديدة من الرأي العام الخائف من المعاهدة على قوة المارك، ومن الحزب الديموقراطي الاجتماعي المعارض.
وفي بريطانيا، التي كانت اكثر الدول الاوروبية تحفظاً اثناء الاعداد لاتفاقية ماستريخت، خصوصاً في عهد رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر، طالب اكثر من مئة نائب من حزب المحافظين الحاكم، باجراء استفتاء عام حول المعاهدة. وأظهرت استطلاعات الرأي التي اجريت في بريطانيا بعد يومين فقط من الاستفتاء الدنماركي، ان اكثر من 70 في المئة من المواطنين يفضلون اجراء الاستفتاء، وان اكثر من 60 في المئة يرغبون باجراء تعديلات على المعاهدة.
يبقى ان دول البنيلوكس هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ هي بطبيعتها دول فيدرالية، ولا يبدو انها تخشى الكثير من توحيد اوروبا. اما دول الجنوب الاوروبي، اسبانيا والبرتغال وايطاليا واليونان، التي تعاني من مشاكل اقتصادية كثيرة، فتفضل حل هذه المشكلات على التمسك بشكليات السيادة الوطنية.
ولكن هل تعني نكسة الاستفتاء الدنماركي، وما قد يتبعها من نكسات اخرى، ان اوروبا الغربية، التي اتجهت نحو الوحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ربما بدأت تتجه نحو التفكك، كما يرى فرانسوا هيسبورغ الخبير الاستراتيجي الفرنسي؟
الواقع ان الاوروبيين ينقسمون الى اتجاهين كبيرين:
الأول: التوجه نحو ولايات اوروبية متحدة. ويؤيد هذا الاتجاه البلدان الستة التي اسست السوق الاوروبية وهي هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وفرنسا والمانيا وايطاليا. ويتحمس له العضوان الجديدان البرتغال واسبانيا.
الثاني: الاكتفاء بسوق موحدة من دون حواجز قانونية وجمركية، وتؤيد هذا الاتجاه بريطانيا والدنمارك وايرلندا واليونان، وتتحمس له دول ترغب بالانضمام الى السوق، وهي السويد والنمسا وفنلندا وسويسرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.