خيّب الناخبون في ارلندا آمال قادة الاتحاد الأوروبي الذين أبرموا معاهدة لشبونة أواخر العام الماضي، في محاولة لإحياء إصلاح هيكلية الاتحاد بعدما نسفها الناخبون الفرنسيون والهولنديون عام 2005. ورفض الارلنديون مشروع المعاهدة في استفتاء أجري على مدى اليومين الماضيين، ما وضع الاتحاد في موقف حرج. واعترف وزير العدل الارلندي بأن نسبة الرافضين لمشروع المعاهدة ناهزت 67 في المئة من الناخبين، وعزا ذلك الى أسباب كثيرة لم يحددها، لكن وسائل الإعلام أوردت بين الأسباب، مخاوف الارلنديين من ان تؤدي المعاهدة الى زيادة الضرائب، وإنهاء الحياد العسكري للبلاد، وفرض قوانين لا تقرّها الغالبية المحافظة من المواطنين، في مقدمها تشريع الإجهاض. وفي ردود الفعل الأولى على نتائج الاستفتاء في ارلندا، دعا رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو الى مواصلة عملية المصادقة على معاهدة لشبونة في دول الاتحاد الأوروبي، فيما رأى وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية جان بيار جوايي ضرورة البحث عن"تسوية قانونية"بين ارلندا والبلدان ال26 الأخرى الأعضاء في الاتحاد. وجاء رفض المعاهدة على رغم ان غالبية الاحزاب المتمثلة في البرلمان الارلندي أيدتها، باستثناء حزب"شين فين"القومي الذي لا يشغل سوى 4 مقاعد من أصل 166 في المجلس النيابي. ولم يستبعد مسؤولون أوروبيون إمكان الالتفاف على رفض الارلنديين للمعاهدة، من خلال تسوية تعطيهم وضعاً خاصاً موقتاً في الاتحاد، خصوصاً أن 18 دولة أوروبية أقرت المعاهدة. ويمثل الارلنديون البالغ عددهم 4.2 مليون شخص، نسبة تقل عن واحد في المئة من الأوروبيين الذين يناهز عددهم 495 مليوناً. وكانت دول الاتحاد أجرت مفاوضات مضنية للتوصّل الى المعاهدة، لكن ارلندا هي البلد الوحيد الذي يجري استفتاء عاماً عليها، فيما آلت مهمة إقرارها الى برلمانات الدول الأخرى الأوروبية. وتنص معاهدة لشبونة على إيجاد منصب رئيس للاتحاد وتعزيز منصب المسؤول عن السياسة الخارجية، كما تنص على اتفاق للدفاع المشترك. وعلى رغم أن ارلندا مصنفة في استطلاعات الرأي احدى أكثر دول الاتحاد تأييداً لأوروبا، فإن معارضي المعاهدة يعتبرون انها تحد من نفوذ الدول الصغيرة وتمنح مركز الاتحاد في بروكسيل سلطات جديدة في السياسة الخارجية والدفاع، من شأنها تقويض الحياد التاريخي لارلندا. وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية أكد لقناة"ال سي اي"الإخبارية ان فوز معارضي المعاهدة في ارلندا يعني انها"أصبحت لاغية قانونياً". لكنه أضاف:"نبحث منذ عشر سنوات في القضايا المؤسساتية في الاتحاد الأوروبي، ويجب ان نبقى في إطار معاهدة لشبونة". ورداً على سؤال عن احتمال بقاء ارلندا خارج الاتحاد، قال الوزير الفرنسي:"لا يمكن ان نخرج من أوروبا دولة عضواً منذ 35 سنة... من الممكن العثور على اشكال تعاون خاصة"مع هذا البلد.