اكتمال الخطة التنفيذية لبرنامج الاستدامة المالية.. إنجاز جديد تحققه رؤية المملكة 2030    غزة السياحية غطاء أمريكي للتهجير القسري    تقرير أممي: توقعات سلبية بفرار مليون سوداني    برعاية الملك ونيابة عن ولي العهد.. أمير الرياض يتوج الفائزين بمهرجان خادم الحرمين للهجن    الإمارات تطلب بأفق سياسي جادّ لحل الصراع.. عُمان: نرفض تهجير الفلسطينيين    النجمة يتغلّب على الباطن بثنائية في دوري يلو لأندية الدرجة الأولى    جامعة سعود أبطالا للبادل    ديوانية القلم الذهبي في الرياض تفتح أبوابها للأدباء والمثقفين    القبض على نيبالي في الشرقية لترويجه الحشيش    ترامب: الجميع «يحبون» مقترحي بشأن غزة    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان في محافظة الريث: طاعة ولاة الأمر من طاعة الله ورسوله    رصد التربيع الأول لشهر شعبان في سماء المملكة    «السوق»: 30 يوماً لاستطلاع الآراء لتطوير البيئة التنظيمية للصناديق الاستثمارية    25 شركة مجرية تتأهب للاستثمار بالسعودية في «التقنية والرقمنة»    إسرائيل تقتحم منازل في الضفة وتشرّد 3200 عائلة فلسطينية    جازان تحصد الذهبي والفضي في جسور التواصل    جلطات الزنجبيل تستنفر الصحة وتحيل مدعي الطب البديل للجهات المختصة    واشنطن: العجز التجاري يرتفع.. والواردات لمستوى قياسي    "مكتبة المؤسس" والهيئة الملكية لمحافظة العلا توقعان مذكرة تفاهم    "تكامل" تواصل ريادتها في قطاع التكنولوجيا بمشاركة في مؤتمر ليب التقني 2025    التنافس يشتعل على «هداف الدوري»    سعود بن مشعل يدشّن 179 مشروعًا تعليميًا في جدة ومكة    موسم الرياض يرعى حفل الزواج الجماعي ل 300 عريس    أمانة الشرقية والسجل العقاري يقيمان ورشة رحلة التسجيل العيني للعقار    أمير الشرقية يرعى توقيع اتفاقيات لتعزيز التنمية المستدامة ودعم القطاع غير الربحي    الاتفاق يطمع في نقاط الرفاع البحريني    إنطلاق المؤتمر ال 32 لمستجدات الطب الباطني وأمراض الكلى بالخبر    "شتانا ريفي" يصل إلى المدينة المنورة ويعرض أجود منتجات الريف السعودي    هداية" تحتفي بإنجازاتها لعام 2024.. أكثر من 1500 مسلم جديد خلال العام    أمين القصيم يلتقي مستشار معالي رئيس الهيئة السعودية للمياه    وزير الحرس الوطني يستقبل سفير البوسنة والهرسك لدى المملكة    محافظ الأحساء يشهد ملتقى "المدن المبدعة" في اليونسكو العالمية    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    القبض على مواطن لنقله 3 مخالفين لنظام أمن الحدود    «صحة جازان»: خطط لتطوير القطاع غير الربحي    طالبتان من الطائف يحصلن على المستوى الذهبي وطالبتان تفوزان في مسابقة تحدي الإلقاء للأطفال    مدفوعة برؤية 2030.. 7 مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى عالمياً    مقترح بتحويل «بني حرام» إلى وجهة سياحية وربطها ب «المساجد السبعة» بالمدينة المنورة    الرياض تحتضن «بطولة المملكة المفتوحة» للكيك بوكسينغ.. غداً    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    السماح للشركات الأجنبية الخاصة ب«الطلب» بنقل الركاب    محادثات بين الشرع وأردوغان لتعزيز العلاقات والتعاون الدفاعي    ولي العهد ورئيس الإمارات يبحثان تطوير التعاون    منهجية توثيق البطولات    بيئة حيوية    تحديث بيانات مقدمي الإفطار الرمضاني بالمسجد النبوي    فهد بن نافل: صافرات الاستهجان لا تمثل جماهيرنا ولا تمثل الهلال ولا تخدم النادي    فريق جرعة عطاء ينظم فعالية للتوعية بمناسبة اليوم العالمي للسرطان    وزارة الصحة بالمدينة المنورة تنظم دورة تدريبية للمتطوعين الصحيين    شتان بين القناص ومن ترك (الفلوس)    نصائح عند علاج الكحة المستمرة    تطبيع البشر    بئر بروطة    80 يوما على سقوط المطالبات التجارية    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    العلاقات بين الذل والكرامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقابلة خاصة وصريحة مع رئيس المجلس الاعلى للدولة في الجزائر . محمد بوضياف لپ"الوسط": لست أسير أحد ، كلنا أسرى أزمة حادة
نشر في الحياة يوم 23 - 03 - 1992

- جبهة الانقاذ أرادت الاستيلاء على السلطة فضربناها نسعى الى تغييرات مهمة واقامة تجمع وطني لحل المشاكل الجامعة العربية فشلت في منع احتلال الكويت نريد حلاً سريعاً لمشكلة الصحراء الغربية مع المغرب
اكد السيد محمد بوضياف رئيس المجلس الاعلى للدولة في الجزائر، في مقابلة خاصة مع "الوسط" تميزت بالصراحة، انه "ليس اسير احد" لكن الجميع "اسرى ازمة حادة". وشرح بوضياف، في هذه المقابلة، حقيقة ما يجري في الجزائر الآن، وتطرق الى الخطوات والاجراءات التي تتخذها القيادة الحاكمة لمعالجة مشاكل البلاد، فأكد ان الجبهة الاسلامية للانقاذ ارادت الاستيلاء على السلطة لذلك تم حلها، وشدد على ان السلطة لم تضرب التجربة الديموقراطية. وأعلن بوضياف ان الحكم يسعى الى اقامة تجمع وطني لايجاد حل شامل لمشاكل البلاد وان الجزائر مقبلة على تغييرات مهمة. واعترف بأن الاشتراكية انتهت في الجزائر وان الحكم لا علاقة له بأي حزب ولن يدعم اي حزب، بما في ذلك حزب جبهة التحرير الوطني الذي حكم البلاد منذ الاستقلال. على الصعيد العربي اكد بوضياف ان الجزائر تريد حلاً سريعاً لازمة الصحراء الغربية، وانتقد الجامعة العربية لأنها فشلت في منع احتلال العراق للكويت وطالب باصلاح اوضاعها. وفي ما يأتي نص هذه المقابلة الخاصة والمهمة مع بوضياف:
الوضع الامني واستعادة هيبة الدولة من اهم مشاغل المجلس الاعلى للدولة، فما هي الحصيلة التي يمكن ان تقدموها بعد شهرين على توليكم مهام رئاسة المجلس؟
- من النتائج الاولية لمساعي المجلس الاعلى للدولة الرامية الى معالجة الانزلاقات الخطيرة التي آلت اليها التجربة الديموقراطية، عودة الهدوء والأمن الى الشارع الجزائري. ومنذ بضعة اسابيع اصبح المواطن يؤدي صلاة الجمعة في كنف الخشوع، بعد ان جعلت الجبهة الاسلامية من ايام الجمعة سابقاً مسرحاً للتظاهرات والاستفزازات ومناسبة لتهديد الامن والنظام العام.
وقد تأكد هذا الاتجاه اكثر فأكثر خلال شهر رمضان، شهر العبادة والتوبة والغفران، كما اننا نعتزم الافراج عن عدد من المعتقلين في غضون هذا الشهر المبارك وقبل عيد الفطر، علما بأن عدد الموقوفين الآن يقدر بستة آلاف شخص.
مظاهر التوتر انسحبت الى الحرم الجامعي، وما زالت هناك عصابات مسلحة لم تقع بعد في قبضة الأمن، لكن تأثيرها محدود ولا يمكنه ان يوقف عجلة التغيير والاتجاه العام نحو الانفراج.
ان ثقتنا كبيرة في الشعب الجزائري الذي يدرك بحدس صادق انه في غنى، بمشاكله الموضوعية، عن المشاكل المفتعلة كائناً من كان الفاعل والسبب، ويعرف بالسليقة ان لا خير في الفوضى وتحريض الشباب على تحدي هيبة السلطة والنظام العام.
رفعتم شعار "التجمع الوطني" فما هو المضمون السياسي والمحتوى البشري لهذا التجمع؟
- منطلق هذا الشعار ان هناك فراغا سياسيا، وان السلطة القائمة بحاجة الى قاعدة اجتماعية، قاعدة عريضة ما امكن. وباستطاعة هذا التجمع، في تصورنا، ان يتحول الى حزب اذا استطاع ان يجهز نفسه ببرنامج عمل ونظرية مستقبلية. وعندما نصف هذا التجمع بانه وطني فمعنى ذلك ان الاشتراكية انتهت في الجزائر كما انتهت في منابعها، وانتهى معها كذلك الاتجاه الذي ساد البلاد فترة من الزمن. وفي مقابل ذلك لم تبق غير الوطنية كاطار للفكر والعمل لاخراج البلاد من ازمتها وتخلفها.
ومن ناحية المحتوى البشري نعتقد ان التجمع شأن شباني في الدرجة الاولى كما هو شأن كل المعنيين بمستقبل الجزائر. ويعتبر التجمع في نظرنا اطار عمل لطرح مشاكل البلاد ومعالجتها، وجسراً حيوياً بين قمة النظام وقاعدته الاجتماعية. وبفضل هذا التجمع قد نجد حلاً ملائماً للمسألة الديموقراطية ومشاكل البلاد في آن واحد.
هل يعني قيام "التجمع الوطني" ان جبهة التحرير الوطني - الحزب الحاكم سابقاً - فقدت مكانتها كامتداد سياسي لنظام الحكم؟
- بودي ان اوضح نقطة جوهرية في هذا السياق وهي ان السلطة الحالية لا علاقة لها بالاحزاب، بما في ذلك جبهة التحرير. ومن الآن فصاعداً لا يمكن لأي حزب ان ينتظر اعانة من الدولة، وحتى املاك الدولة التي سلمت لبعض الاحزاب في ظرف معين سنعيد فيها النظر، وقد كونا لجنة، خصيصاً لهذا الغرض.
ومعنى ذلك انه لم يعد هناك اي مبرر لأي امتياز لجبهة التحرير على الاحزاب الاخرى. ولعل هذا ما اثار قيادة جبهة التحرير التي لم تدرك بعد ان الظروف تغيرت، لأنها الفت العيش في ظل السلطة التي كانت تخصص للجبهة موازنة خاصة من اموال الخزينة.
لم نضرب الديموقراطية
تلقت التجربة الديموقراطية في الجزائر ثلاث ضربات متتالية: وقف العملية الانتخابية واعلان حالة الطوارئ وقرار مجلس الدولة استرجاع المقرات التي سلمت الى الاحزاب سابقاً، الا تشكل هذه الضربات نوعا من اعادة النظر في التجربة الديموقراطية نفسها؟
- لا هذه ليس ضربات للتجربة الديموقراطية، بل ضربات للتجاوزات الخطيرة وكل ما هو مناهض للديموقراطية.
فهل الديموقراطية تعني تكوين احزاب بأموال الدولة؟ في تقديري، لا. لقد حاولنا منذ كانون الثاني يناير اعادة الامور الى اوضاعها واحجامها الطبيعية على الشكل الآتي:
اولاً: باسترجاع هيبة الدولة وسلطتها، فلا دولة من دون هيبة. ففي اطار دولة القانون تكون هذه الهيبة لفائدة الجميع.
ثانياً: ان حالة الطوارئ فرضتها ظروف تسبب فيها أناس حاولوا تثوير الشعب على مؤسساته.
ثالثاً: لا حق لأي حزب في املاك الدولة. فمن اراد ان يمارس السياسة فليمارسها بأمواله الخاصة!
في السابق ربما كان هناك مبرر للانتفاع بأملاك الدولة وأموال الخزينة لأن جبهة التحرير، في ظل سيطرة الحزب الواحد، كانت لها علاقة بالسلطة وفي خدمة النظام. اما الآن وقد اعلنت السلطة صراحة ان لا علاقة لها بالاحزاب فمن الطبيعي ان يتغير الوضع. لذا فالاجراءات التي ذكرتم في سؤالكم ليست ضربة للديموقراطية، لأن الديموقراطية بمنأى عن كل ذلك. فالديموقراطية ظاهرة تنشأ طبيعياً بين اناس تهمهم ممارسة حقوقهم في التنظيم والتعبير والتفكير والعمل السياسي استعداداً للتنافس في سبيل السلطة والمشاركة فيها. وما عرفته الجزائر اخيراً هو عبارة عن تجربة في طور الاكتمال، تجربة لا تزال بحاجة الى وقت كي ترسخ في الاذهان وتتجسد في الممارسات.
اظهرت خطة الانعاش الاقتصادي التي كلفتم رئيس الحكومة سيد احمد غزالي باعدادها اختلالات كبيرة كانت سبباً الى حد كبير في التوتر الاجتماعي الذي تعيشه الجزائر منذ ثلاث سنوات. فهل الوضعية السياسية والامنية مهيأة بالقدر الكافي للشروع في تطبيق هذه الخطة قريباً؟
- اجتهدت الحكومة في وضع خطة اقتصادية، وقد طلبنا بعد ذلك من رئيس الحكومة مناقشة الخطة مع النقابات وأرباب العمل الخاص حتى يحدث نوع من التقارب في وجهات النظر وقد تم ذلك فعلاً.
فهل الخطة المقترحة كافية ام لا؟
هذا ما لا يمكن الجواب عليه الآن. فلنعط لأنفسنا ثلاثة اشهر على الأقل وسترى بعد ذلك.
والشيء الأكيد ان الخطة هي انتقالية، استجابة لمرحلة انتقالية ايضاً. وقد سبق ان تحدثت في لقاء مع الصحافة الدولية المعتمدة في الجزائر عن جملة من الأولويات اهمها:
1 - التطهير المالي لمؤسسات القطاع العمومي.
2 - تشجيع القطاع الخاص في مجال الصناعة الصغيرة والمتوسطة خصوصاً.
3 - اخذ المشاكل الاجتماعية بعين الاعتبار.
4 -تشجيع خاص للفلاحة وتوابعها.
5 - وضع قانون استثمارات مناسب لاستقبال الرساميل الاجنبية على أساس التعاون والمشاركة.
وقد بدأت الازمة المالية الخانقة في الانفراج بعد اتفاق 4 آذار مارس الموقع مع عدد من المصارف باشراف المصرف الفرنسي "كريدي ليوني"، وفتح ابواب الاقتراض العمومي من جديد خصوصاً مع ايطاليا وفرنسا.
لهفة للتغيير العميق
ينتظر الرأي العام منكم تغييراً عميقاً في هياكل الحكم وأساليبه فهل لديكم خطة محددة في هذا الشأن، علماً بأن التعديل الوزاري المعلن عنه في 22 شباط فبراير الماضي كان خيبة امل لدعاة التغيير؟
- لقد كشفت انتخابات 26 كانون الاول ديسمبر الماضي امرين اثنين: التلهف للتغيير العميق والتعطش للعدالة الاجتماعية. وكانت الجبهة الاسلامية للانقاذ اول حزب يوظف هذين المطلبين ويتسفيد منهما الى ابعد الحدود.
ان السلطة الجديدة تأخذ المطلبين في الاعتبار وتجتهد لتلبيتهما في اقرب الآجال، والذين يلوموننا على التعديل الوزاري الاخير ينبغي ان يدركوا ان الوقت لم يحن بعد لاحداث تغيير جذري، لأن ذلك لا يمكن ان يكون بالتسرع والارتجال. واذا كان التعديل الوزاري الاخير لم يعجب الناس، فنحن ايضاً لدينا مآخذ عليه، ولكن قبلنا بهذه التحويرات الطفيفة لأنه لم يكن ممكنا ان نغير كل شيء في ظرف شهر او اكثر بقليل. فنحن لم نكن داخل جهاز الحكم، ومن ثم ليس بوسعنا معرفة خباياه ورجاله في هذه الفترة المحدودة.
ومع ذلك يبقى التغيير على رأس قائمة اهتماماتنا، بدءاً بتغيير الدستور نفسه من دون ان ننسى الحكومة ووسائل وأساليب عملها.
جبهة الانقاذ ارادت السلطة
تعتقد بعض الاوساط انكم لم تعطوا مهلة كافية للحوار مع الجبهة الاسلامية للانقاذ فما جوابكم على هؤلاء؟ وهل حل الجبهة الاسلامية هو الاختيار الممكن الوحيد؟
- في اول خطاب لي بعد اداء اليمين الدستورية يوم 16 كانون الثاني يناير الماضي اعلنت انني امد يدي الى الجميع بلا استثناء، وقلت في مناسبة لاحقة ان الجبهة الاسلامية حزب معتمد كسائر الاحزاب الاخرى، وليس هناك ما يمنعها عن مواصلة نشاطها اذا احترمت قواعد اللعبة الديموقراطية.
فهل يمكن القول بعد كل الذي حصل ان الجبهة الاسلامية كانت حريصة فعلاً على الديموقراطية وحدودها؟ وهل بقي هناك مجال للحوار بعد الخروج على القانون وتحريض الشارع على تحدي سلطة الدولة؟
لقد اصبحت الجبهة الاسلامية تعتقد انها هي السلطة فأغلقت بذلك باب الحوار بقوة.
وجوابنا على دعاة الحوار ان الحوار الحقيقي يكون مع الشعب مباشرة، او مع احزاب ناضجة لها برامج محددة ونظرات مستقبلية واضحة.
اما اولئك الذين يريدون الاستيلاء على السلطة بالعنف والفوضى واحتلال الشوارع والمساجد، فهؤلاء يتعذر علينا الحوار معهم. لقد وضعت الجبهة الاسلامية على المحك وسيكشف المستقبل القريب ربما حجمها الحقيقي وقوتها الفعلية.
حل سريع لمشكلة الصحراء
وجودكم على رأس المجلس الاعلى للدولة يفتح آفاقاً جديدة امام بناء المغرب العربي الكبير فهل يمكن ان تحدثونا عن هذه الآفاق؟ وهل لديكم مقترحات جديدة في هذا الاتجاه؟
- الوحدة المغاربية حلم قديم كان في ضمير ووجدان طلائع التحرر في المنطقة منذ العشرينات. هذه الوحدة -الحلم اصبحت منذ ثلاث سنوات مشروعاً يحمل اسم "اتحاد المغرب العربي". لكن النتائج الملموسة لهذا الاتحاد لا تزال دون طموحات شعوب المنطقة، ومرد ذلك في تقديرنا ضعف عامل الثقة من جهة ووجود عقبة الصحراء الغربية من جهة ثانية. وفي تصورنا ان المغرب العربي هو المجال الطبيعي لنمو الجزائر وتطورها. ونظراً الى تقارب وزن كل من الجزائر والمغرب فانهما يشكلان بكل تأكيد اساس هذا الكيان الواعد، ومن هنا ضرورة التقارب بينهما. ومن الشروط المساعدة على ذلك تسوية قضية الصحراء الغربية.
وغاية املي ان تتضافر جهود البلدان المغاربية الخمسة للسمو بمكانة ودور المغرب العربي الى مستوى امكانياته الاقتصادية والبشرية وموقعه الجغرافي السياسي المهم في مواجهة المجموعة الاقتصادية الاوروبية.
نسبت اليكم تصريحات حول قضية الصحراء الغربية تبدو للوهلة الاولى موالية لطروحات المغرب، فما حقيقة موقفكم من هذه القضية؟
- عند اثارة قضية الصحراء في منتصف السبعينات كنت افضل ان تبقى الجزائر بعيدة عنها وألا تربط بينها وبين مسألة ترسيم الحدود مع المغرب حسب اتفاقية ايفران. ولم اكن استسيغ يومئذ ان يبادر احد البلدين الى مساعدة جماعة مسلحة على مهاجمة البلد الثاني.
لكنني اليوم، بصفتي رجل دولة ورثت وضعاً ناجماً عن تطبيق سياسة معينة منذ سنوات، عليّ ان آخذ هذه السياسة في الاعتبار وأن احافظ بصفة خاصة على كلمة الجزائر ودورها في المنطقة.
ومن جانب الجزائر هناك اليوم ارادة اكيدة لايجاد حل سريع لقضية الصحراء. هناك بالفعل خطة الامم المتحدة للاستفتاء كاطار للتسوية، لكن اذا سادت الثقة وتأكدت النية الحسنة، فبالامكان تحقيق نتائج مقبولة في اقرب الآجال. هذه باختصار حقيقة موقفنا، وما عدا ذلك مجرد اختلاف لا أساس له من الصحة.
الجامعة العربية لم تمنع الاحتلال
كيف تنظرون الى مكانة الجزائر على الصعيد العربي والى دورها في ترميم جسور التضامن التي كادت تدمرها حرب الخليج؟
- ان وزن اي بلد انما يقاس بحل مشاكله الداخلية ومقدرته على مساعدة الآخرين. والحال ان الجزائر اليوم في ازمة، ومشاكلها الداخلية تأخذ جل نشاطاتها، وما ينتظر منها على الساحة العربية لا يمكن الا ان يتأثر بهذه الحقيقة.
وعلى رغم ذلك لا يمكن الجزائر ان تبخل بأي جهد - كما فعلت في السابق - يساهم ولو بقدر ضئيل في اصلاح ذات البين وبعث التضامن العربي وتنقية الاجواء العربية.
ان مشكلة العالم العربي، في تقديرنا، نابعة من امرين اثنين:
اولهما انقسام واضح بين اغنياء العرب وفقرائهم. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو: هل يشعر اغنياء العالم العربي بالتضامن تجاه فقرائه ام لا؟
ثانيهما ان العالم العربي لم يجهز نفسه الى الآن بمنظمة ذات سلطة معنوية قوية على اقطاره. فضعف الجامعة العربية جعلها تفشل في فرض ارادتها على الدول الأعضاء والمساهمة بفعالية في حل المشاكل الطارئة بينها. وهكذا لم يكن بوسع الجامعة مثلا منع احتلال الكويت واعفاء العالم العربي من مأساة حرب الخليج وضريبتها الثقيلة على الشعب العراقي خاصة.
لذا من المنتظر والمرغوب فيه ان تسارع الجامعة العربية الى معالجة امورها، ما يجعل منها هيئة فوق الدول، محترمة من قبلها، ومرجعاً لتسوية خلافاتها ونزاعاتها.
ماذا كانت اهداف ونتائج جولة وزير الخارجية الاخضر الابراهيمي في دول الخليج؟
- كان وزير الخارجية التقى بنظرائه العرب في مراكش قبل بضعة اسابيع حيث اغتنم الفرصة لاطلاعهم على مستجدات الوضع في الجزائر. وقد ابدى وزراء خارجية بلدان الخليج اهتماماً خاصاً بالموضوع، فكانت الزيارة بهدف تقديم مزيد من الشرح، وتمت بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية.
وكان من الطبيعي ان يشرح وزير خارجيتنا كذلك حاجة الجزائر الى مساعدة لتجاوز الضائقة المالية الظرفية التي تمر بها.
ومن المنتظر ان تستقبل الجزائر في الايام المقبلة مبعوثين عن سلطنة عمان والامارات العربية.
"لست أسير أحد"
في لقائكم بالصحافة الدولية المعتمدة بالجزائر اشدتم بالعلاقات الجزائرية - الايطالية، فكيف تقوّمون علاقات الجزائر بكل من اسبانيا وفرنسا خصوصاً؟
- كانت ايطاليا اول دولة اوروبية تتفهم الوضع في الجزائر وتوليه اهتماماً خاصاً. وقد تجسد هذا الاهتمام خلال الفترة الاخيرة في اتفاقين:
الاول اتفاق مالي حصلت الجزائر بموجبه على قرض من ايطاليا بسبعة مليارات بلايين دولار، لم تستعمل منه الى الآن سوى 30 في المئة. والثاني اتفاق بمد انبوب ثان لتزويد ايطاليا بالغاز الطبيعي الجزائري. ومرد هذا الاهتمام ان ايطاليا تعرف جيدا امكانات الجزائر، وترغب في احتلال مكانة مناسبة في السوق الجزائرية.
وقد شجعت المبادرة الايطالية دولاً اوروبية اخرى امثال اسبانيا وبلجيكا وحتى فرنسا، على الحذو حذوها.
فقد زار علي هارون عضو المجلس الاعلى للدولة كلا من بروكسيل ومدريد، وحسب المعلومات التي قدمها فان هاتين العاصمتين تتفهمان الوضع في الجزائر جيداً وتبديان استعداداً لمساعدة الجزائر والتعاون معها للخروج من المرحلة الصعبة التي تجتازها. والاستعداد نفسه ابدته المجموعة الاوروبية بلسان المفوض الاوروبي السيد جاك ديلور.
وبخصوص فرنسا نذكر بأن موقفها من تعيين المجلس الاعلى للدولة لم يكن واضحاً في بداية الامر، وسمعنا بعد ذلك تفسيرات عدة لهذا الموقف، سواء كانت مقنعة ام لا. ويمكن ان نرجع ذلك الى الفترة الحرجة التي يمر بها الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي يواجه آجالاً انتخابية محلية صعبة. لكن من الناحية العملية لعب وزير الاقتصاد الفرنسي بيار بيريغو فوا دوراً ايجابياً للتعجيل بالاتفاق مع عدد من المصارف الخاصة باشراف "كريدي ليوني" وهو الاتفاق الذي تم توقيعه مطلع هذا الشهر.
هل اصبح رئيس المجلس الاعلى للدولة يملك فعلاً وسائل سياسته؟ ام ما يزال اسير الجماعة التي استنجدت به؟
- انا لست اسيراً لأحد، لكننا نحن جميعاً اسرى وضع، سواء كنا في مجلس الدولة او الحكومة او اية جهة اخرى.
ان هاجس الجميع هو كيف التحكم بهذا الوضع وتجاوز مضاعفاته في احسن الآجال.
فالجزائر تعاني ازمة مالية واقتصادية واجتماعية حادة، كما تعاني ازمة سياسية بسبب ما آلت اليه التجربة الديموقراطية، لا سيما بعد وقف الانتخابات التشريعية. هذا هو الوضع الذي يفرض نفسه علينا جميعاً.
والمهم ان هناك انسجاماً تاماً على مستوى المجلس الاعلى للدولة واؤكد لكم في هذا الصدد ان الشغل الشاغل لأعضاء المجلس هو كيف يمكن اخراج البلاد من الازمة الراهنة. اما القول بأن هذا اسير ذاك او العكس فهو غير صحيح، فالجيش، كما تعلمون، رفض استلام السلطة بعد استقالة الرئيس السابق الشاذلي بن جديد. وفي الختام نحن نعلق آمالاً كبيرة على التجمع الوطني الذي نأمل ان يكون اول خطوة مهمة على طريق حل مشاكل الجزائر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.