سرعان ما خف الوقع الايجابي لتصريحات محمد بوضياف، رئىس المجلس الاعلى للرئاسة في الجزائر، في الدوائر السياسية والحزبية المغربية في ما يخص قضية الصحراء، بعد ان عمدت وكالة الانباء الجزائرية الى اعادة صياغة تصريحاته. وكان بوضياف بعث برسالتين وديتي اللهجة الى كل من الملك الحسن الثاني، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، مع اقتراب الذكرى الثالثة لاتفاقية مراكش الموقعة في 17 شباط فبراير العام 1989. وللمرة الاولى منذ تسلمه مسؤولياته الرئاسية في الجزائر تحدث بوضياف، في الرسالتين عن العلاقات الاخوية والروابط التاريخية بين الاقطار المغاربية، وضرورة تمتينها من خلال اعتماد سياسة حسن الجوار. واعتبر المراقبون ان الرسالتين تتضمنان مؤشرات على السياسة الاقليمية التي يود النظام الجزائري انتهاجها، خصوصاً ان بوضياف تحدث، في اول لقاء صحافي متلفز له، عن قضية الصحراء الغربية فوصفها بأنها "مشكلة قائمة بين الجزائر والمغرب. والنية الصادقة متوفرة لدى الطرفين لحلها في اقرب وقت". الا ان الصياغة الجديدة، لتصريحات بوضياف، التي اعتمدتها وكالة الانباء الجزائرية الرسمية، اعادت المشكلة الى الاطار التقليدي الذي دئبت الجزائر على استعماله، قبل ان يغلّب بن جديد سياسة حسن الجوار مع المغرب على ما عداها من الاعتبارات، وابرزها استخدام جزائر بومدين مشكلة الصحراء كورقة ضغط في وجه المغرب، كذلك اعتبار المشكلة مجرد صراع ثنائي بين المغرب والبوليساريو، ما يسقط عن الجزائر مسؤولياتها كبلد معني . من هنا يتساءل المراقبون عن الجهات الجزائرية التي تقف خلف الصياغة الجديدة لتصريحات بوضياف التي نقلتها وكالة الانباء الجزائرية، غير مستبعدين ان تكون الجهات المتشددة نفسها التي طالما اعادت النزاع الصحراوي الى نقطة الصفر، الامر الذي يوحي بمرحلة غير واضحة الملامح على مستوى العلاقات بين المغرب والجزائر. ويبدو ان الرباط على بينة من حقيقة الاوضاع في الجزائر، حيث "تتكاثر التيارات السياسية على حساب مصالح البلاد، لا سيما مصلحة الجزائر في الابقاء على علاقاتها الودية مع الرباط". وفي هذا السياق اكدت العاصمة المغربية حرصها على سلامة الجزائر ووحدتها الترابية واستتباب الامن فيها وعدم التدخل في شؤونها، معتبرة ان بوضياف ورئيس الوزراء سيد احمد غزالي "يدركان عبثية العودة بالنزاع الصحراوي الى نقطة البداية، اذ لا طاقة للجزائر حالياً على مواجهة المغرب في هذا المجال، وليس من مصلحة القوات الجزائرية المسلحة ان تلقي بثقلها في متاهة نزاع قديم متجدد لا طائل منه، الا اذا كانت تريد صرف الانتباه عما تشهده البلاد من أزمات. اقتصادية وتناقضات اجتماعية تهدد سلامها الاهلي.