معرض الازياء البريطانية لربيع وصيف 1993 الذي افرج عما عنده منذ ايام، لم يكن تقليدياً هذا العام، فقد ظهرت فيه أروع التصاميم التي قدمها اشهر مصممي الازياء البريطانيين مثل "فيفيان ويستوود" و"جين ميور" وغيرهما وبعض المصممين الاجانب العاملين في المملكة المتحدة كالفرنسية "نيكول فارهي" والمصمم البولوني الأصل "توماس ستارزوسكي". وكالمعتاد بدأت عروض الازياء بالتتابع في لندن فكان اولها من المصممة البريطانية الشهيرة "كارولاين تشارلز" التي عرضت اجمل وأرقى مجموعة قدمتها هذه المصممة الناجحة حتى اليوم، وأطلقت عليها لقب "بلو انجيلز" أي "الملائكة الزرق" لتغلب اللون الازرق ومشتقاته على غيره في جميع تصاميمها. فدمجت التنانير والبنطلونات "الهفهافة" الكحلية اللون مع الأبيض والكريم في قمصانها الواسعة الأنيفة واختفت الأكتاف العريضة التي اعتاد عليها الجمهور في الثمانينات، فجاءت التصاميم رقيقة منعشة في أقمشة الپ"كريب" والپ"موسلين" الشفاف والحرير الناعم المريح. وفي تصاميم تستعيد أيام العز وأزياء الثلاثينات، وتلائم رحلات المراكب الشراعية البحرية على شواطئ جنوبفرنسا، قدمت هذه المصممة في نصف ساعة حوالي 80 تصميماً ساحراً حازت على اعجاب الحاضرين من الباعة والمشترين والصحافيين النقاد. أزياء لكل مناسبة وقسمت "كارولاين تشارلز" ازياءها لتناسب اوقاتاً مختلفة من اليوم الواحد، فاستهلت العارضات الصباح في "مايوهات" السباحة وحتى المناشف والأرواب المقلمة بالأبيض والأزرق. ولوقت الفطور لبسن البنطلونات الكحلية الواسعة مع قمصان حريرية فضفاضة مريحة. ثم جاء وقت الغداء، فظهرت الفساتين والتايورات الكتانية زرقاء وخضراء تعكس ألوان البحر والفضاء. وحين اقترب وقت غروب الشمس دخلت الفساتين السوداء الطويلة الضيقة استعداداً لأمسية طويلة، طرزت بعضها بالاحجار الكريمة كالزمرد الاخضر والياقوت الأزرق. ومستوحية من "هوليوود" في الثلاثينات قدمت "كارولاين تشارلز" الفساتين الساحرة من الساتان والحرير الفيروزية اللون تلفها المعاطف الخفيفة والأوشحة الرائعة. وفي نهاية العرض، ظهرت "كارولاين تشارلز" نفسها محاطة بالعارضات الجميلات على إيقاع تصفيق الجمهور الطويل لتسلم باقات الزهور العديدة لما قدمته من مجموعة تصاميم أخاذة. وعلى عكس ما قدم في المعرض الايطالي لهذا الموسم، الذي يسبق عادة معرض لندن بأسبوع، لم يستعيد اي من المصممين في العاصمة البريطانية ازياء الستينات والسبعينات "الهيبية"، على الرغم من ان بريطانيا هي موطن الخنافس والهيبيين بل قدموا جميعهم ازياء بالفعل تليق بالتسعينات. فكما ظهر في تصاميم "كارولاين تشارلز" كانت الازياء البريطانية بسيطة في خطوطها ناعمة في اقمشتها ومريحة في خياطتها. أزياء كلاين وفي مجموعة المصمم الفرنسي الأصل "رولاند كلاين"، الذي يعمل دائماً في لندن، ظهر الأزرق مرة اخرى في معظم تصاميمه، فحتى عندما استعمل اللون الزهري كان مشبعاً بمسحة زرقاء جعلته يبدو كالبنفسجي الفاتح. و"رولاند كلاين"، المصمم الذي صمم قبل سنوات عدة ازياء مضيفات طيران الخطوط الجوية البريطانية، يعرف بمهارته في دمج الاقمشة الخفيفة والثقيلة معاً، وخصوصاً في الازياء المسائية البرّاقة الأنيقة. وفي هذا العام، قدم "كلاين" "معطف التسعينات" الذي يتنبأ له النقاد النجاح ليصبح احد الأساسيات في خزانة كل امرأة أنيقة في الموسم المقبل. فظهرت العارضات وهن يلبسن هذا المعطف الخفيف متدلياً دون اي كسرات او خطوط ومشقوقاً من الجوانب والخلف لتظهر تحته التايورات الحريرية الرقيقة. اما المصمم "بول كوستيلو"، فقد أضاف الى مجموعته من الفساتين المزركشة الكتانية والتايورات الحريرية الانيقة لمسة غريبة، عندما ظهرت العارضات وهن يلبسن أحذية الرياضة البيضاء، ربما من باب الطرافة، الا انها بالفعل رمزت الى الرشاقة وخفة الحركة ودلت على التوق الى اسلوب الحياة البسيط في التسعينات. وظهرت الپ"سوبر موديل" البريطانية "ناومي كامبل" في عرض المصمم البريطاني "غاسبر كونران" التي قيل انها تخلت عن راتبها المعتاد لكي تعرض ازياءه في معرض لندن، فاختارت زياً رائعاً تنورته سوداء قصيرة متعددة الطبقات. وقدم هذا المصمم الشاب ازياء ناعمة على شكل "بذلات" الپ"سافاري" الكاكية الفاتحة اللون مع بنطلونات طويلة واسعة وأخرى قصيرة. التصميم بولوني والوحي مصري! واستوحى المصمم "توماس ستارزوسكي" المعروف بتصاميمه الفاتنة، مجموعته الأنيقة من مصر. فظهرت الفساتين اليومية المحزمة الواسعة في ألوان رملية رقيقة مع قبعات ضخمة من القش تربطها الاوشحة الحريرية. اما تصاميمه المسائية للمناسبات الخاصة فكانت من الوان الذهب في فساتين طويلة خلابة من قماش الپ"تفتة" والحرير المرصعة بالجواهر اللمّاعة. وفي قسم آخر داخل الخيمة الضخمة نفسها التي اعتلت مسرحها اجمل عارضات الازياء، وفي حجرات العرض الدائمة عادت الوجوه المعتادة من المصممين البريطانيين والعاملين في بريطانيا لتقديم تصاميمهم الجديدة من الثياب مثل "هيلين ستوري" والهنغارية الأصل "إدينا روناي"، بالاضافة الى الاكسسوارات والاحذية والحقائب الجلدية الرائعة. وجلست مصممة المجوهرات العراقية الأصل "ريمه الباجه جي" محاطة بمجموعتها الجديدة للموسم المقبل من اطقمة العقود والأساور والحلق التي استعملت فيها اللآلئ الزهرية البديعة مع الفضة والذهب المصقول على شكل ربطات رقيقة، ومجموعة اخرى من الفيروز وحجر "فلورايت" الازرق اللون في اشكال استوحتها من حضارات الپ"أزتيك" والپ"إينكا" المكسيكية العريقة. وأجمع النقاد والحاضرون من الباعة والمشترين على ان مجموعة الموسم المقبل لربيع وصيف 1993 كانت أبدع ما قدمه مصممو بريطانيا حتى اليوم، ينافسون في اناقتها حتى صرعات تصاميم الايطاليين التي قدموها قبل أيام في ميلانو.