أمام حشد من المشاهير ومصوري الصحافة والتلفزيون والباعة والمشترين الاثرياء، عرض أشهر مصممي الأزياء العاملين في ايطاليا احدث ما لديهم من افكار وأزياء، كما جرت العادة في كل عام في شهر تشرين الاول اكتوبر في ميلانو ، عاصمة الاناقة الايطالية. وعلى الرغم من اننا في التسعينات، وان جميع الحاضرين كانوا يتوقون الى مشاهدة أزياء مليئة بالصرعات الحديثة، فان الدهشة جاءت من كون معظم الازياء التي قدمت في معرض الربيع والصيف لعام 1993 استعارت الكثير من ازياء السبعينات وأيام الخنافس البيتلز و"الهيبيين". فارتدت العارضات الجميلات، مثل ليندا ايفانجيليستا وهيلينا كريستيانسن وكارين مولدر وغيرهن الخرز والورود والنظارات الدائرية السوداء على طراز نظارات مغني فريق "البيتلز" الراحل "جون لينون"، والصنادل والبنطلونات العريضة والسترات الطويلة الواسعة الياقة وحتى الفساتين الفضفاضة المزركشة. وهكذا، وعلى ايقاع اغاني فرق الروك من السبعينات تألقت العارضات على مسارح ميلانو الشهيرة. ولكن، مع ذلك، فقد بدت لمسة مصممي التسعينات في الخياطة البديعة والدمج الملهم للالوان المشرقة والقمصان الحريرية المطبوعة بالالوان الباهرة والغنية والتي كان المصمم الايطالي الشهير "جاني فرساتشي" ابتكرها لمجموعته في الموسم السابق. وحاز اللون البنفسجي على المرتبة الاولى في جميع مشتقاته عابراً من "الفواتح" المشرقة الى الارجواني الداكن، كما ترددت الالوان الرائعة من الزهري والبرتقالي والاحمر والاصفر، حتى انها في بعض الاحيان ظهرت جميعها معاً في البذلات المقلمة. جديد أوزبيك قدم المصمم المعروف "رفعت أوزبيك"، التركي الاصل، لجمهور صفق له كثيراً، مجموعة جديدة ومثيرة استوحاها من حضارات بلاد الشرق الاقصى وتايلاندا الغنية بألوانها واشكالها: ويعرف "رفعت اوزبيك" كمتخصص في مجال دمج أزياء الحضارات المختلفة في العالم في تصاميمه. ففي الماضي، تألقت الاميرة البريطانية "دايانا" في تصميم رائع له عندما ارتدت إحدى أجمل ستراته التي استوحيت من ازياء المغرب من لون الفيروز المذهب. وعاد "اوزبيك" في هذا الموسم ليقدم مجموعة خلابة بهرت الحاضرين جميعاً استعار فيها من ازياء ال "باتيك" الاندونيسي تنانير تلف حول الجسم برقة ونعومة، فوقها السترات الرسمية وسترات "نهرو" الهندية الاصل التي تألقت بالتطريز المذهب والرسومات المستوحاة من الفن الاسلامي. كما عرض الفساتين المزركشة الانيقة في الوان رائعة، فكانت النتيجة بالفعل مذهلة. وتألقت العارضتان "ياسمين لو بون" الايرانية الاصل و"ياسمين غاوي" الباكستانية الاصل، بفساتين مذهبة وصلت الى الكاحل مع سترات في الوان التراب ووضعن على شعورهن زهورا رقيقة مثل فتيات الجزر. وكان مسك الختام لمجموعة "رفعت اوزبيك" في ظهور ال "سوبر موديل" "ناومي كامبل" السمراء وكأنها عروس تايلاندية وعلى رأسها قبعة من القش على شكل "الباغودة" اي المعبد الصيني المتعدد الادوار. وفي عرض "دولتشه ايه جابانا"، اعتلت المغنية المشهورة "مادونا" المسرح محاطة بالحراس لتعرض احدث ما قدمه هذا الدار الشهير. وبكل وضوح وجرأة قدم "دولتشه ايه جابانا" تصاميمه التي استعارت من السبعينات السترات الطويلة في اقمشة مطرزة ومقصبة رائعة غطت البنطلونات العريضة ولو انها شقت من الجوانب لتظهر الاحذية العالية النعل بكعوبها العريضة. بنطلونات فضفاضة أما بنطلونات "جيني" الرقيقة فكانت فضفاضة من الحرير المجعد الابيض، حيث وضع فوقها قمصاناً من قماش "الشيفون" الشفاف المكشكش لتلطف قطع الجلد الرائعة. والمصمم الايطالي "موسكينو"، المشهور بحبه للدعابة وروح النكتة والتعبير الساخر في ازيائه، قدم البذلة "الخنفسية" المطلقة: سترتها صفراء وياقتها كبيرة على شكل اوراق زهرة الربيع ال "دايزي" التي ترمز الى الستينات فوق بنطلون ضيق من اخضر النباتات. وفي طقم آخر رائع في خياطته، وتنورة لا تعتلي الركبة بكثير، استعمل هذا المصمم الغريب الاطوار قماشاً مطبوعاً بمقالة من الجريدة التي ظهر فيها المصمم نفسه في مقابلة اجريت له في العام الماضي، مما سحر الحاضرين وأدى الى بعض الابتسامات العريضة على وجوههم المندهشة. بالاضافة الى الحفلات المعتادة التي يقدمها اكبر المصممين مثل "جاني فرساتشي" و"جورجيو أرماني" و"ماريو فالنتينو"، فقد برزت تصاميم شيقة لهؤلاء جنباً الى جنب مع شعاراتهم المختلفة الاخرى التي تباع بأسعار مخفضة مثل "أوليفر" ل "فالنتينو" و"فيرسوس" و"سيغناتشور" و"إنستانته" ل "فرساتشي" وذلك من اجل الاستمرار في البيع في الاجواء الاقتصادية القاسية التي تخيم فوق ايطاليا والعالم. وهكذا، انتهى معرض ميلانو لازياء صيف وربيع 1993، لتبدأ بعده الاستعدادات لاستقبال جيل جديد من خنافس التسعينات، يلبس التنانير والفساتين المزركشة الطويلة والبنطلونات العريضة والشعر الطويل ويغني مع فريق ال "بيتلز" الخنافس مرة اخرى وكأن شيئاً لم يكن.