لو أسكن في عينيك لم أقل بأنك ستأتين ذات مساء يكون فيه القمر في الرابعة عشر أو الخامسة عشر، لم أقل بأن عينيك الجميلة سوف تسحرني، لم أقل بأني أتيه في خصلات شعرك الليلي، لم أقل بأن شفتيك أحلى من حبات الكرز، وقتها ما كنت أدري بأنك ستأتين ذات مساء أبهى من كل المساءات الحالمة فكل ما رأيته منك أجمل، اعلمي بأنك حين تغادرين المكان تغادرين بقلبي معك، وأن دقات قلبي تسبقني إليك، لم أكن أعلم بأن سحرك سوف يقلب كياني بهكذا شكل، كنت أؤكد دائماً بأنك سوف تجيئين بدون سابق مواعيد، حينها سوف أعلق إحدى النجمات على بوابة القلب، أرأيت تلك الليلة القمرية كيف كان القمر ببهائه؟ كيف كانت النجمة بجانبه تخطب وده، تتودد إليه كانت تبثه شوقاً منذ أمد، حينها تذكرت بأننا حين نحب نشبه حبيباتنا بالقمر، فطلتك الجميلة تبهرني توصلني لحد الجنون بك، لذلك نحن نقدس الجمال، نقدس الذات، فعندما نختلف تسبق كلماتنا ضحكاتنا، ونظل نغرق في تأملتنا، كل ما أعرفه بأن تعلقي بك ليس حباً وليس عشقاً أيضاً، لكنه شيء لذيذ يجذبني إليك، فلا أملك إلا الإذعان له، سميه كما تشائين، لذلك عند رؤيتي لك أستمطر الكلمات العذبة، عند وقوفي أمامك تعلق الكلمات في نفسي، وقتها أتمنى لو أسكن في عينيك. بنفسجة الروح حتما ستمطر كلماتك ورداً.. أنت ما أعذبك.. ما ألطفك.. سيأتي دورك فلا تقلقين، فأنت أولاً.. وثانياً، ما رأيت وجهاً بهذا الجمال، فأنت كما عهدتك لا يستقر لك رأي، ودائماً ما تبحثين عن الأجمل، سنظل سوياً يبحث أحدنا عن الآخر، خطوة باتجاهي.. خطوتين باتجاهك، ما أجمل حين تروين حجراتنا بضحكاتك، فأنت بنفسجة الروح، تغيبين فيشتد القلق عليك، تغيبين فتتحول الحجرات إلى ظلمات، أعشقك وأحبك أيضاً، تغيبين فلا بد من الحنين إليك، حبيبتي ألا ترين حدقات أطفالنا كيف تبدو حينما يغيب عنهم المطر، ما أجمل نظراتهم، ما أجمل حكاياتهم، فهم يعبثون في كل زاوية من حجراتنا، يقتربون منا فيحضنوننا، فلا نملك إلا الدموع تترقرق من عيوننا، نحبهم إيه والله نحبهم، فلا نملك إلا أن نقبّلهم، يأتوننا كالمطر فيغسلون قاعات قلوبنا، فلا نملك أيضاً إلا أن نقبّلهم، يملون علينا شروطهم، فلا نملك إلا أن نسايرهم، آهٍ أيتها الطفولة كم أنت عذبة. سنرحل فلن يغني لنا أحد كيف أنت الآن، يأتيني صوتك أحلى، يأتيني صوتك ألطف، تأتين من انبلاج الصبح ومن إشراقة الفجر، بل تأتين من آفاق الروح، حينها أرى أن عشقك لا يخبو، بل يتطاول ليصل إلى أعماقي، فتعمقين الحب فيك، ليتك تأتين الآن لكي تتلاقى أوتارنا، حين تأتين تمسحين بآهاتك كل الآفاق، اعلمي بأنك تأتين من شرايين الروح، فتهطلين على أوردة القلب، أنت الآتية بكل ضلالات العشق الصاخب، أطوف فلا ألقى سلاماً للحب إلا معك، أطوف فلا ألقى أوتاراً تدق نواقيس القلب، فتأتين لتعزفي على أوتاري، فيكون لحناً يحثّ إليه القادمون من القرى إلى المدائن، ما أجمل تلك الوجوه، أيقنت بعدها أن وجهك القروي لم تلمسه المساحيق ولا سيمفونية الماكياج، للحنك أيتها القروية إيقاع الأرض ورائحة المطر الموسمي، لم أكن أعلم بأن لحنك عظيم لهذه الدرجة من البريق، سأسكن في أوتار قلبك المفعم بحياة القرى، سأكتب كلماتي الخجلة لكي تقف على عتبات لحنك الجميل، وأعتقد بأن إيقاعك ينير للضالين الطريق، أدركت حينها أن أصابعك الجميلة سوف تلامس أوتار القلب، سأغني على إيقاعك وأرقص، لكي أرنو إلى غمزات عينيك العاشقة، سأشدو علي إيقاع عزفك المنفرد الخارج من جدار القلب، ليلامس الجسد المفضي إلى التداخلات، يا لهذه السيمفونية العجيبة، لن تكوني وحيدة هذا المساء، ولن أكون وحيداً، تجمعنا الكلمة، يجمعنا اللحن فنرقص على إيقاع الحياة المملوءة بالصخب، وقتها ندرك بأن الحياة أجمل، ندرك أيضا بأن هذا الصخب لن ينتهي، سنرحل ونترك بقايانا، سنرحل فلن يلتفت إلينا أحد، سنرحل فلن يغني لنا أحد. * قاص سعودي.