في هذه الأيام الجميلة يحق للمرأة في مجلس الشورى السعودي أن تحتفي بعامها الأول من التجربة الشورية، ومن هذه الصحيفة أتقدم للزميلات في المجلس بالتهنئة، وأعتز بما رأيته من مشاركة فاعلة وأداء مميز، من خلال الطرح العلمي والقراءة الناقدة والتوصيات الواعية والمشاركة المتناغمة في الدراسات والتشريعات والاحتراف البرلماني في التصويت على قرارات المجلس وفي لجان الصداقة البرلمانية. كل ذلك وأكثر مما لم يكن مفاجئاً وإنما كان متوقعاً ومنتظراً، فشكراً"وكل عام وأنتن بخير". الشخصية النسوية في السعودية لم تسجل إخفاقاً في الأداء في كل عمل تقوم به مما مكنت فيه، وما يكون من خطأ طبيعي فهو أمر مشترك في البشرية كلها، وهنا سؤال وتعجب يوجه للممانعة الراكدة! أين الإخفاقات في تجربة المرأة؟ إن هذه الممانعة التي تتجاوزها الحياة، ولا تنسجم معها الشريعة ممانعة تهمش ذاتها وتنادي على نفسها بالفشل، وهكذا المغالطات تصنع بأصحابها! منذ سنوات وأنا أكتب وأشارك إعلامياً حول"المرأة"ومن على صفحات هذه الصحيفة كتب مقالات متعددة متنوعة عن المرأة في الدين والسياسة والمجتمع، كلها تؤكد إنسانية المرأة ودورها الحياتي والتنموي، وليست تجربة المرأة السعودية في الشورى إلا جانباً من العطاء الطبيعي لها والذي يجب ألا يتوقف، الأمر الذي يجعل المرأة نفسها السعودية أمام مسؤولية الذات في التطور العلمي والمعرفي والمهاري العملي، وأن تشكل هي قضاياها الكبرى، لاسيما ونحن على أعتاب تغيرات كونية عظيمة تتجلى فيها قيمة الإنسان كمنظومة هائلة من القدرات المتعددة المتصلة بالقوة الإلهية العظمى، كما أوضحته الأسبوع الماضي في مقالتي هنا"العقل الجديد"، أي أننا أمام خيارات جديدة وواعدة للإنسان وخلاصه من مأزقه، والمشاركة الإنسانية النسوية هي المحرك الفاعل في حراك الوعي الجديد، هكذا قالت لي الحياة ونبأني روحها المستتر. إن ما تتطلبه المشاركة والفاعلية في العمل والعطاء، من المبادئ والقيم والأخلاق، هي منظومة لا تخص المرأة من دون الرجل، ونحن نعي أن الأزمة القيمية لدى الرجل أكثر منها لدى المرأة، وهو معني لمبادرة تعيده إلى الروح الجميلة التي تخلصه من الأنا المتضخمة في وجوده! هذا إذا كان الكلام على مبادئ وقيم صحيحة متناغمة من قوانين الشريعة ومصالح الحياة، أما الذي يشكله المجتمع من العادات والتقاليد التي لا تسنداً شريعة السماء لا ترى مصلحة الإنسان فهي علائق عائقة يجب الخلاص منها وألا يتم تشجيعها وشرعنتها. في هذه المقالة فرصة لتجديد ما دعوت إليه في مقالة سابقة من دراسة تخصيص وزارة للمرأة تجتمع فيها شؤونها، وتمثل فيها ذاتها أمام القرار القيادي والمسؤولية الاجتماعية، ونحن اليوم أحوج ما نكون لذلك داخلياً وعالمياً، لاسيما وقد أثبتت المرأة السعودية ريادتها الأممية إبْان كونها المدير التنفيذي لصندوق الأممالمتحدة للسكان والأمين العام المساعد للأمم المتحدة ممثلة في شخص ثريا بنت أحمد عبيد، ومن الوطن أخريات شاركن بامتياز في المؤتمرات العلمية العالمية. إن وزارة لشؤون المرأة ستتضمن خطة استراتيجية للمرأة السعودية، ووعياً تكاملياً منسجماً في الحقوق والواجبات وفي التعليم والمعرفة وفي العمل والبناء وفي التطلعات والمستقبليات، ولن تكون مستجدية كل ذلك من غيرها، ولسنا بدعاً في ذلك ففي بعض بلدان العالم وزارة للمرأة تؤدي نجاحاً واعياً، ونحن أولى دول العالم بهذه الوزارة لما تقوم به طبيعة التشكل الاجتماعي لدينا من خصوصية - مبررة وغير مبررة - للمرأة. في هذه المناسبة أجدني متقدماً بالشكر إلى منظمة المؤتمر الإسلامي على ما قامت به من تشريع النظام الأساسي لمنظمة تنمية المرأة في الدول الأعضاء، والذي يهدف إلى وضع الخطط والبرامج التي تصب في تنمية وتمكين المرأة، من خلال التدريب والتطوير التنموي، وكذلك تهدف إلى تمكين حقوق المرأة في الشؤون العدلية ومشاركتها العلمية والثقافية، ولكن المؤسف أن المرأة السعودية في منظمة تنمية المرأة غير ممثلة بذاتها! وفي رأيي أنه يجب أن نتقدم خطوات واثقة إلى الأمام تحقق ذاتيتنا التكاملية في الحياة بين الرجل والمرأة، فهكذا هو الوجود المتناغم مع روعة الحياة وأسرارها البديعة. ولله در الشابي: ومن لم يعانقه شوق الحياةِ/ تبخر في جوها واندثر. *عضو مجلس الشورى. [email protected]