إن قضية الإرهاب وحقوق الإنسان من أهم القضايا التي اهتم بها برنامج الأممالمتحدة وبخاصة في أعقاب هجوم 11 سبتمبر 2001 مع حدوث توسع وانتشار في أعمال الإرهاب على نطاق العالم. وفي ظل هذه المرحلة التي يطمح الكثيرون من خلالها في التجهيز لمصر الحديثة بصياغة قانونية وسياسية مختلفة عن تلك التي كانت في نظام مبارك، وما تلاها من نظام خدع الشعب باسم الدين، فما وجدنا فيها غير الظلم والإفتات على حقوق الآخرين على رغم أن الإسلام أتى بأسمى المبادئ في حقوق الإنسان، وفي ذلك تحدث ليوبولد فايس المفكر النمسوي قائلاً:"إن دفع الظلم عن الناس وإقامة معالم العدل في هذه الأرض هي الغاية النهائية التي تستهدفها رسالة الإسلام الاجتماعية، وعلى هذا المثل الأعلى للعدالة مع المسلمين وغير المسلمين على حد سواء يتوقف قيام الدولة الإسلامية وسقوطها، هذه الدولة التي هي ليست في الحقيقة سوى الجهاز السياسي لتحقيق هذا المثل الأعلى". لكن ما افترضناه من أنه سيكون للإخوان معجم لغوي خاص بهم في التعامل مع أبناء هذا الشعب، وأنهم سيكونون عادلين، يلتف الناس حولهم، لأنهم شعروا قبل ذلك بالظلم والإقصاء عبر أعوام طوال، فلن يقدموا سوى العدالة على الأقل إذا أخفقوا في غيرها، وأن يكون لهم خطاب مميز ونظريات متفردة في ظل مشروع النهضة الذي اقترن بوعود مبهجة، إلا أن هذا النظام بما تضمنه من مساوئ اقتربت في التشابه مع نظام مبارك انتهى بالثورة عليه. وأن مرحلة الصياغة الراهنة سياسية أو قانونية التي نرى فيها تصحيحاً لمسار الثورة والمضي نحو تحقيق أهدافها، والتي جاءت متأخرة نظراً للصراع الشديد بين القوى السياسية والحزبية وتضارب المصالح الخاصة، ورغبة ما يسمون أنفسهم بتيار الإسلام السياسي في الحكم بعقيدة دينية من ناحية أخرى، على رغم أنهم نجحوا في الوصول إلى الحكم بتزييف إرادة البسطاء، وفشلوا في هذه التجربة، إلا أنهم يحاولون إلا أن تمر مصر بهذه المرحلة من خلال التعريض بممارسة العمليات الإرهابية، بهدف إرعاب الشعب وتخييره بحسب رؤيتهم الضيقة بين شرعيتهم المزعومة والاستقرار، ومحاولة التأثير في الحياة الاقتصادية، بالقضاء على السياحة وترحيل الاستثمار لتأخير عودتهما إلى مصر، ولا شك في أن تلك الممارسات تتم على الطريقة التي هدد بها الرئيس مرسي الشعب في خطابه الأخير، ولذلك نلاحظ تزايد الجرائم الإرهابية فى أماكن عدة مثل سيناء والدخول في سلسة الاغتيالات، والتي كان من أبرزها اغتيال الضابط المسؤول عن قضية تخابر مرسي وآخرون لا يسعنا المقام لذكرهم. ولا شك في أن ذلك دعا القاعدة الجماهيرية إلى مطلبين: إما إلى طلب إدراج جماعة الإخوان ضمن الجماعات الإرهابية، وإما العودة إلى الدولة الأمنية التي يترحم عليها كثيرون، بعدما شاهدوا عنفاً غير مشروع من جانب الإخوان أو غيرهم، ويرى جانب معتدل أنه قد يكون هناك عصف بحقوق الإنسان إذا حوسب الجميع على الإطلاق بخاصة أن تلك الأفعال تأتي من البعض، وليس من كل المنتسبين إلى هذا الفكر. وإن جوهر الاستراتيجية التي تعمل من خلالها الأممالمتحدة في مكافحة الإرهاب هي الدفاع عن حقوق الإنسان وإعلاء شأن سيادة القانون في سياق مكافحة الإرهاب، وحتى يحدث توفيق بين تحقيق المواجهة القانونية للإرهاب وحقوق الإنسان وحماية مصر وشعبها من هذه العمليات الخسيسة، وكذلك حتى نطرد كابوس الدولة الأمنية الذي بدا يظهر في الأفق، والذي دل على رجوعه مرة أخرى مشاهد كثيرة على أرض الواقع. فالمطلوب في ظل اعتراض الكثيرين على قانون التظاهر الذى قدمته الحكومة أخيراً، واعتبره البعض رداً على مبادئ ثورة 25 يناير، وعودة إلى قوانين دولة مبارك المستبدة أن يتم وضع تعريفات محددة وواضحة ل"الجريمة الإرهابية"، وتحديد أركانها وتفصيل عناصرها في قانون مكافحة الإرهاب الحالي، مستندين إلى تعريفات فقهاء القانون الدولي التي اتفقوا فيها على مكافحة تلك الظاهرة الخطرة مع وضع الضوابط القانونية في تعامل المعنيين بتنفيذ هذا القانون مع الجناة. [email protected]