بدأت الحكومة المصرية حملة لاحتواء المخاوف من قانون جديد لمكافحة الإرهاب يمنح صلاحيات غير مسبوقة لأجهزة الأمن وترى المعارضة أنه "يفتح الطريق أمام الدولة البوليسية". غير أن منتقدي القانون الذي سيصدر بموجب تعديلات دستورية مثيرة للجدل أجيزت الأسبوع الماضي يشككون في تطمينات الحكومة ويؤكدون أن التشريع المرتقب سيكون سلاحاً ضد معارضي النظام. وتعكف لجنة يترأسها وزير الشؤون القانونية والبرلمانية الدكتور مفيد شهاب على صوغ"قانون مكافحة الإرهاب"منذ شهور، حتى قبل تمرير تعديلات دستورية تتضمن نصاً على استحداثه في استفتاء شعبي قاطعته المعارضة الاثنين الماضي. وأتاح تعديل المادة 179 من الدستور إحالة المتهمين في قضايا الإرهاب على محاكمات عسكرية بدل القضاء الطبيعي، إضافة إلى منح أجهزة الأمن سلطة تفتيش المنازل ومراقبة الاتصالات واحتجاز المشتبه بهم. واعتبرت منظمات حقوقية دولية ومحلية التعديل"أكبر تراجع لحقوق الإنسان في مصر منذ فرض قانون الطوارئ في 1981". وتسعى الحكومة إلى التقليل من المخاوف من القانون المرتقب. وبدأ شهاب ورئيس البرلمان الدكتور فتحي سرور جولات مكوكية في المحافظات لعقد لقاءات جماهيرية لشرح فحوى التعديلات وأهميتها واحتواء المخاوف المتعلقة بقانون مكافحة الإرهاب وإلغاء الإشراف القضائي المباشر على الانتخابات. وكثف شهاب، وهو"عرّاب التعديلات"، ندواته ولقاءاته الصحافية لهذا الغرض، مؤكداً أن القانون المرتقب"سيعمل على تحقيق التوازن بين حقوق المواطنين وحرياتهم مع الحفاظ على أمن الوطن وسلامته في وجود ضمانات تحفظ للمواطن حقوقه وحرياته". وأكد شهاب أن القانون"سيتضمن تعريفاً للجريمة الإرهابية يضع ضوابط تضمن عدم تطبيقه إلا على جرائم الإرهاب". غير أن هذه التعهدات لم تبدد مخاوف المعارضة والمنظمات الحقوقية. ويرى رئيس المكتب السياسي في جماعة"الإخوان المسلمين"الدكتور عصام العريان أن اللقاءات التي يقوم بها شهاب هي"اعتراف منه بخطورة تلك التعديلات". واعتبر أن هذه اللقاءات"هي محاولة للتقليل من هول تأثير التعديلات على الحياة السياسية". وحذر من قانون مكافحة الإرهاب، متسائلاً:"إذا كان النص الدستوري معيباً بهذا الشكل، فكيف سيكون النص القانوني؟". ولفت إلى أهمية تعريف"الإرهابي"في القانون الجديد، محذراً من اعتماد النص الموجود في المادة 86 من قانون العقوبات التي تشمل"تعريفاً فضفاضاً جداً للفعل الإرهابي هو الترويع والإخلال بالنظام العام". واعتبر ان اعتماد هذا النص"من شأنه الزج بجميع المتظاهرين في السجن ومحاكمتهم بتهمة الإرهاب". وأكد أن التعديلات التي ستدخل على قانون المحاكمات العسكرية للسماح بالطعن في أحكامه"لا تمس جوهر المشكلة، فمن الضروري أن يمثل المدني أمام قاضيه الطبيعي. هذه القوانين تأتي في إطار حزمة متكاملة لخداع الشعب". ويتفق معه المنسق المساعد لحركة"كفاية"جورج إسحاق الذي يرى أن التعديلات"جاءت في غير مصلحة الوطن". وقال:"من ينظر إلى الطريقة التي تمت بها التعديلات الدستورية يمكنه أن يتوقع مدى السوء الذي سيلحق بنا بعد إقرار قانون مكافحة الإرهاب"، محذراً من استغلاله"في ضرب قوى المعارضة وتوجيهه للخصوم السياسيين والاهتمام بأمن النظام على حساب أمن البلاد".