شهدت موائد كثير من السعوديين، أمس، تنافساً"محتدماً"بين الحلويات الشعبية، المصنع معظمها في المنازل، أو في محال شعبية متخصصة، وبين الحلويات الحديثة التي تباع بأسعار"باهظة"في المخابز ومحال الحلويات. ويجد المتنافسان إقبالاً كبيراً من"المعيدين"، على رغم التحذيرات التي يطلقها الأطباء من تناول كميات كبيرة من السكريات والدهون. وأمضى عبداللطيف عيسى، وزوجته، ساعات طويلة، مساء أول من أمس، في ظل الزحام"الخانق"التي عاشته شوارع الأحساء ليلة العيد، وقطعا مسافة"طويلة"من قرى الأحساءالشرقية، وصولاً إلى وسط مدينة المبرز، من أجل شراء تشكيلة منوعة من الحلوى"الفاخرة"التي دفع من أجلها نحو 630 ريالاً. ولم تفلح محاولاته"المضنية"لحجز وجبة غداء يوم العيد في أكثر من مطبخ، إذ رفعت معظم تلك المطابخ، وحتى المطاعم لافتة الاكتفاء من الحجوزات، ما جعل تلك الليلة"متعبة، ومن دون فائدة، في مسلسل الاستعداد ليوم عيد الأضحى"على حد قوله. في المقابل، لا تخرج رسمية علي، من منزلها ليلة العيد، إذ تستقبل نساء إخوة زوجها وأخواته. ويبدأ العمل مبكراً لإعداد أطباق حلوى العيد. فيما ينشغل الرجال في المزرعة بذبح"خروف العيد"، وتجهيزه ليكون الطبق الرئيس للغداء، في عادة تصرّ بعض العائلات على إحيائها. وتقول رسمية:"نجتمع في ساعات الليل الأولى، ليبدأ العمل في ساحة المنزل بتوزيع مهمات الطبخ، لتنطلق الدردشات والقصص التي تنسينا تعب العمل، ونبدأ بإعداد أطباق الحلوى التي ستستقبل المهنئين في العيد، ومنها"الخبيصة"، أو"الفتيت"وكلاهما يصنع من الدقيق والتمر والدبس، ولكن بطرق مختلفة، أو طبق"العصيدة"، وهي من الأطباق الرئيسة على مائدة العيد". وتكتفي النساء بإعداد أطباق الحلوى الصباحية التي تستقبل المهنئين. فيما ينشغل الرجال بإعداد وجبة"المندي"التي ستُقدم على الغداء. ويبدأ العمل بإشعال"الصلاخ"، وهي جذوع النخيل داخل التنور الطيني الذي سيستقبل قدراً من الرز المضاف إليه خلطة من المكونات الخاصة، وفوقه يفرش اللحم بطريقة مرتبة، ثم يغطى بغطاء حديد، ليفرش عليه الخيش المبلل بالماء، الذي يمنع خروج البخار، ليخرج"المندي"بعد مدة، جاهزاً للأكل. وتختص قرى في محافظة الأحساء، بأطباق شعبية خاصة بها، إذ تفضل عائلات أن تستحضر طبق"المحمصة"التي تسمى في القارة"حمبصيص". وتملك النساء الكبيرة في السن خبرة طويلة في إعداده. وهو شبيه ب"كبسة اللحم"، إلا أن السر في المرقة الخارجية التي تصاحبه، والتي يكون المكون الرئيس فيها البصل، إذ تغرق به، وتعرف بأنها"صحية جداً وتمد الجسم بالطاقة". ويعد هذا الطبق"الأبرز"في بعض قرى الأحساء. وقال عبدالله بطي:"كثيرون لا يستمتعون إلا بأكل الأطباق الشعبية في يوم العيد، ومنها"المحمصة"التي تصيبني شخصياً بتلبك معوي حاد، إلا أنني لا أستطيع أن أقاومها، وهذا الطبق بالتحديد لا يخرج إلا في ظهر يوم العيد ما يجعله من الأطباق التي نشتاق إليها من عام لآخر". وتسعى الحلويات الشعبية إلى مقاومة، الحلويات الحديثة، مثل"الكب كيك"و"الشوكولاتة"الفرنسية والسويسرية. فيما لا تزال اللقيمات المعروفة ب"لقمة القاضي"، والرطب بأنواعه، و"العصيدة"وغيرها من الأطباق، تتمتع بموقع الصدارة على موائد استقبال المهنئين في العيد، وفي قرى الأحساء، لا تزال تجمعات العائلات في صباح هذا اليوم تستحضر معظم الأطباق الشعبية وبشكل كبير. وتحاول محال ومطاعم حديثة، مغازلة الزبائن بأطباق شعبية، لفتح مسار بيع مضمون الربح، إلا أن المحاولة باءت بالفشل والسبب بحسب عبدالمجيد شبر، أن"الناس لا يزالون متشبثين بالعادات والتقاليد، والأطباق التي تخرج من مطابخ المنازل أفضل بكثير من تلك التي تصنعها أيدٍ أجنبية أو آلات، وحتى لو حاول الطباخون تقليد هذه الأطباق فلن ينجحوا"لأن هناك سراً لم يصلوا إليه في مكونات بعض الأطباق". وذكر شبر، أن"بعض أصحاب المجالس يعتبرون أن من المعيب استقبال المهنئين بالشوكولاتة، أو الكيك الفاخر. ويرون ذلك مناقضاً للكرم وحسن الاستقبال، إلا إذا كانت بعض الأطباق الشعبية حاضرة في وسط المجلس، وهي عادة لا تزال موجودة في قرى الأحساء. وتعرف عائلات من دون غيرها بأطباق محددة واشتهرت بها، حتى إن الناس يعرفون أين يتناولون الطبق الفلاني، إذا ما أرادوا ذلك". ويجتمع شبان في المزارع والنخيل عصر يوم العيد، ليتناولوا الطبق الشعبي الشهير"الودمة"، التي تتكون من سمك صغير مجفف، يخلط بعد إضافة الماء مع الليمون والملح. وتأكل بالخس أو الفجل، ويعتقدون أنها"تقوم بغسيل كامل للمعدة والأمعاء"، إلا أن هذه العادة بدأت في الانحسار الآن، ولم تعد متداولة بكثرة، كما كانت في الماضي. أحسائيون يعدون وجبة"المندي"الشهيرة في إحدى المزارع... وفي الإطار الحلويات لاستقبال المهنئين بالعيد. &