رغم الذكريات الجميلة لدى كثيرٍ من سكان المنازل الشعبية في محافظة جدة، والتي لا تزال حاضرة حتى اليوم، إلا أن مشكلة صعوبة «التملك» أدت إلى هجرانها والهروب إلى وجهات أخرى من المحافظة أو تأجيرها على العمالة الوافدة إلى البلاد. وأصبحت مشكلة الصكوك الشرعية لتلك المنازل مشكلةً كبرى لدى هؤلاء السكان على رغم قضائهم الكثير من سنوات العمر وهم يعيشون فيها من دون منغصات حتى بدأ اليأس يدخل إلى قلوب هؤلاء بسبب رفض المحاكم الشرعية منحهم صكوكاً شرعية. وبعد فترة من العيش في تلك المنازل الشعبية التي لا تحمل سوى وثائق تملك لا يعتد بها رسمياً، ظهر ما يعرف ب«لصوص» المنازل الشعبية غير المثبتة في الكثير من الأحياء القديمة بجدة، إذ إن الشروط التي لا بد من تنفيذها أثقلت على المواطنين وجعلتهم يتركون ممتلكاتهم خصوصاً في ظل الإقبال عليها من الأجانب. وعلى رغم الأوامر الملكية التي تسعى إلى توفير جميع حاجات المواطنين، والتي تضمنت رفع قيمة القرض السكني من صندوق التنمية العقارية من 300 ألف ريال إلى 500 ألف ريال، واعتماد بناء 500 ألف وحدة سكنية في المناطق كافة، وتخصيص 250 بليون ريال لذلك الغرض، إلا أن الإقبال على تلك المنازل يتجه نحو الارتفاع. وتحدث عددٌ من المواطنين إلى «الحياة» حول مشكلة المنازل الشعبية وهجرانها من جانب بعض أصحابها أو بيعها من عائلات أجنبية، الأمر الذي أدى إلى تحول هذه المواقع التي تعج بتلك المنازل إلى مكانٍ غير صالح لسكن المواطنين. وقال أبو حسام: «إنه يجب على الجهات المختصة التدخل ومنع عمليات البيع غير النظامية، واستغلال المواطنين ببيع منازلهم أو تأجيرها من دون صكوك على أشخاص من جنسيات مختلفة بعضهم غير نظامي». وأوضح أن هجران أصحاب المنازل الشعبية يعود لأسباب عدة، أبرزها قرار شركة الكهرباء الذي يقضي بعدم إيصال التيار الكهربائي للمنازل إلا إذا كان على أرض المنزل حجة استحكام «صك شرعي». وقال محمد الزهراني: «إنه سبق وأن أعلن عن آلية جديدة لتمليك المواطنين منازلهم المقامة من دون صكوك، حيث إن الأوامر تنص على أنه إذا تمكن أحد المواطنين من إقامة منزل له في أرض غير مملوكة، وثبتت حاجته لذلك يمنح صكاً شرعياً». وأكد أنه كان يشترط توافر أربعة شروط تتمثل في عدم وجود سكنٍ آخر يملكه، وألا يكون المنزل معترضاً لخطوط التنظيم، وألا يكون المنزل مقاماً على أرض المرافق العامة، وألا يتسبب المنزل في ضررٍ لأحد أو يتسبب في إثارة المشكلات الاجتماعية أو كان القصد من إنشائه إحداث هجرة جديدة، وفي حال توافر هذه الشروط يتم تقدير قيمة الأرض من جانب لجنة مختصة، وأخذ قيمتها من المواطن مضاعفةً لتمليكه الموقع. ... و«الطائف» تنتظر درس أوضاع المناطق العشوائية