المشكلة باختصار هي «أزمة سكن»، على لسان الجميع من جازان جنوبا إلى طبرجل شمالا، ومن الخبر شرقا إلى جدة غربا، تباينت التحليلات ووصف المشكلة بين الاختصاصيين وأهل المشكلة، واتفقوا على أن حلا سريعا يحتاجه جسد الوطن كي تخف وربما مستقبلا تنتهي الأزمة. ويأمل المواطنون في مناطق المملكة كافة أن تضع الموازنة «روشتة» علاج تضخ أملا في عروق المنتظرين أعواما طويلة يطاردون حلم بيت يؤويهم وذرياتهم ويكفيهم نار الإيجار أو السكن عند أب أو أم وحتى قريب. 40 % في مكة بلا منازل كشف رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية في مكةالمكرمة منصور أبو رياش أن «نسبة غير القادرين على تملك منازل في العاصمة المقدسة وضواحيها قد بلغت 40 في المائة»، مشيرا إلى أن الرقم يدل على وجود أزمة سكن فعلية في مكة نظير عدم إيصال الخدمات الأساسية والضرورية للمخططات السكنية الحديثة. وبين أبو رياش بأن «مكةالمكرمة تعيش أزمة حقيقية للمساكن والتي أثرت سلبا على المساكن، في الوقت الذي لا يجد فيه المواطن مسكنا بإيجار منخفض حتى يتسنى للمواطنين السكن فيها»، مشيرا بأن «بعض المخططات السكنية الحديثة كمخططات ولي العهد وخصوصا المنح لو تم إيصال الخدمات الأساسية لها كالكهرباء وتعبيد الطرق لتلاشت المشكلة». ارتفاع سعر المتر في المدينة أما المدينةالمنورة، فيؤكد مستثمرون وعقاريون عن وجود أزمة حقيقية في السكن في ظل وصول قيمة بعض الأراضي السكنية إلى أسعار فلكية، حيث وصل سعر المتر المربع في المدينةالمنورة إلى ثلاثة آلاف ريال. وأوضح المستثمر العقاري محمد فضل الله الزكزكي أن وجود أزمة حقيقية في المدينةالمنورة في ظل انحسار وقلة عدد المخططات السكنية في المنطقة في ظل عدم وجود مساحات خالية في المدينةالمنورة. وبين العقاري تركي السهلي أن أسعار المساكن والشقق السكنية وصل إلى معدلات مرتفعة، حيث وصل سعر إيجار الشقة السكنية ثلاث غرف إلى 25 ألف ريال، وهذا مؤشر خطير يؤكد على وجود أزمة سكنية في ظل معوقات البناء بسبب ارتفاع التكلفة الحالية للبناء، حيث وصل سعر تكلفة بناء منزل بين 800 ألف ريال إلى مليون ريال. توقف المنح في الشرقية في المنطقة الشرقية، أكد خبراء اقتصاديون ودراسات ميدانية أجريت في المنطقة بأن هناك مشكلتين رئيستين تواجهان المواطنين الراغبين في تملك سكن في المدن، وهما: ارتفاع أسعار الأراضي وتوقف منح الأراضي من قبل أمانة وبلديات مدن المنطقة الشرقية منذ أكثر من 30 عاما في الدمام، الخبر، القطيف والظهران. وفي الوقت الذي أشار فيه البعض إلى وجود عوامل أخرى حدت كثيرا من عمليات تملك المساكن بالنسبة للمواطنين ومن تلك العوامل غياب المشاريع الإسكانية الحكومية على غرار ما نفذته وزارة الإسكان قبل نحو أكثر من 25 عاما عندما شيدت مجمعات سكنية في كل من الدماموالخبروالقطيف، ووزعت آنذاك على المواطنين الذين لديهم أرقام في صندوق التنمية العقارية، وهي عبارة عن مجمعات سكنية مكونة من شقق ذات مساحات مناسبة للأسرة السعودية وساهمت بشكل كبير في حل مشاكل السكن في ذلك الوقت وبنسبة كبيرة جدا. إلا أن المطالبات بتدخل القطاع العام والقطاع الخاص أصبحت كبيرة حاليا لحل مشكلة السكن لدى المواطنين إضافة إلى عامل ارتفاع أسعار مواد البناء والتي يأتي على رأسها الحديد والذي تضاعفت أسعاره خلال الأعوام الأخيرة، كما أن غياب التمويل من البنوك بالشكل الملائم لوضع السوق ووجود عوائق كبيرة تواجه طالب التمويل العقاري سواء فردا أو مؤسسة حد كثيرا من عمليات الاستثمار في القطاع العقاري. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المساكن المشغولة في مدن المنطقة الشرقية في عام 2007 نحو 566 ألف مسكن، وذلك حسب المسح الديموجرافي الذي نفذ في ذلك العام وتحتاج المنطقة الشرقية حاليا إلى ما يوازي نصف هذه المساكن حاليا تقريبا لتلبية الطلب على المساكن. عضو مجلس الشورى السابق والاقتصادي المعروف الدكتور عبد الرحمن الزامل أكد ل «عكاظ» بأن المنطقة الشرقية تعاني من عدم توافر أراض صالحة لبناء مساكن عليها، مشيرا إلى أنه يمكن بالتعاون فيما بين الجهات الحكومية التي لديها أراض في مدن الدماموالخبر خاصة التي تقع على طريق الدمامالرياض أن يتم بناء مجمعات سكنية تستوعب آلاف الوحدات السكنية التي ستساهم وبشكل كبير في حل نسب عالية من مشاكل الإسكان في المنطقة الشرقية، مؤكدا بأن مسألة حل مشاكل السكان في المملكة تحتاج إلى تضافر الجهود من القطاعين العام والخاص. وكان أمين المنطقة الشرقية المهندس ضيف الله بن عايش العتيبي أكد في حديث سابق له مع «عكاظ» وجود ندرة أراض صالحة للسكن في مدن المنطقة الشرقية، مشيرا إلى أن الأراضي البيضاء غير المبنية تمثل نسبة كبيرة في المدن. وخلص إلى أن ارتفاع أسعار الأراضي في المنطقة الشرقية غير مبرر مطلقا على حد تعبيره . تبوك بين الغلاء وقلة العرض أما في تبوك، فيرى المواطنون أن مشكلة الإسكان تؤرق أهل المنطقة والعاملين فيها، مؤكدين أن المشكلة تتركز في قلة العرض وزيادة الطلب. وفي الوقت الذي تشهد مدينة تبوك إقبالا على الشقق والملاحق والأدوار السكنية بدأ المؤجرون برفع الأسعار حتى وصلت حاجز الألفي ريال في الشهر للأدوار في الأحياء الجديدة وتخطت حاجز الألف وخمسمائة ريال للشقق السكنية. وأرجع بعض العقاريين هذه الارتفاعات إلى ما أسموه جشع ملاك البنايات السكنية وقلة المعروض من الشقق وزيادة الإقبال من السكان ممن هم من خارج المنطقة، حيث إن المنطقة تشهد نموا تجاريا بالإضافة إلى كون المنطقة تحوي فروعا لأجهزة عسكرية. وبحسب إحصائية التعداد الأخيرة فإن سكان مدينة تبوك قاربوا المليون نسمة، وهذا الرقم مقارنة بالمعروض فإنه يعتبر رقما كبيرا. ولجأت بعض الأسر إلى الاتجاه للأحياء الشعبية وذلك لمواجهة تجار الغلاء، حيث إن المناطق الشعبية تعتبر أسعار السكن فيها مناسبة ومعقولة مقارنة بالأحياء الجديدة، حيث يستطيعون التكيف والتعايش معها مع موجة الغلاء الذي تشهده أسواق المملكة بشكل عام. ويعتبر العاملون في سوق العقار أن الأزمة ستكون أكبر لولا وجود جمعية برنامج الأمير فهد بن سلطان التي تبني المساكن في المنطقة ومحافظاتها وتزويدها بكافة الخدمات الضرورية من مرافق صحية، اجتماعية وتعليمية لغير القادرين. الباحة والطبيعة الجغرافية أما الباحة، فإن الأهالي يرون الحصول على أرض سكنية أمرا صعبا في ظل تكدس أفرع البلديات بقوائم الانتظار منذ ما يزيد عن 20 عاما، وما زاد من هذه الإشكالية صعوبة تضاريس وجغرافية المنطقة التي تكون أغلبها وعرة وفي مواقع جبلية صعبة، وبالتالي صعوبة الحصول على مخططات سكنية، الأمر الذي دعا الأهالي إلى الزحف باتجاه الأراضي الزراعية لبناء مساكنهم، برغم أن العديد منهم لا يملكون صكوكا شرعية عدا حجج استحكام، لكنها تظل حبرا على ورق بالنسبة لأنظمة صندوق التنمية العقارية ولا يعتد بها في الحصول على قرض سكني. وبين مصدر في صندوق التنمية العقارية أنهم تلقوا منذ عام 1394ه (14132) طلبا، تم صرف 3645 قرضا وما زالت القائمة تضم 10487 في الانتظار، لافتا إلى أنهم يواجهون إشكالية طلبات بعض المواطنين الذين يتقدمون بحجج استحكام ومسوغات غير رسمية لا تنسجم مع تعليمات الصندوق. من جانبه، أوضح أمين منطقة الباحة المهندس محمد بن مبارك المجلي أن الأمانة بالتعاون مع أفرع البلديات وبناء على طلب الهيئة العامة للإسكان وفرت العديد من المواقع في بعض محافظات المنطقة، في حين سلم لها موقع في مدينة الباحة تصل مساحته إلى قرابة 100 ألف متر مربع، مبينا أن العمل جار لتحديد مواقع أخرى، ورأى المجلي أن من شأن هذه الخطوة المساهمة في حل إشكالية انعدام المخططات السكنية في المنطقة. عرعر وأرض الحرس مشكلة الإسكان في عرعر تتفاقم خصوصا مع تزايد منازل الصفيح شمالي مدينة عرعر، ورغم شروع أمانة المنطقة الشمالية خلال الأعوام الأخيرة بتوزيع عدد كبير من الأراضي تجاوز العشرة آلاف إلا أن هناك الكثير من الأسماء والطوابير التي لم تمنح بعد منذ العام 1416ه. وطالب عدد من المواطنين بمنح أرض الحرس الوطني لغير الممنوحين، سيما وأن موقع الأرض استراتيجي وأصبح يقع في وسط المدينة. وتتسع أرض الحرس الوطني إلى أكثر من 48 ألف قطعة سكنية بحسب الإحصاءات والدراسات البلدية. وطالب المواطنون طلال الحمد وطلال المصرب وبندر المجلاد بمنح أرض الحرس الوطني للمواطنين المستحقين في عرعر، مؤكدين أن المساحة كبيرة جدا ولا فائدة مرجوة منها الآن للحرس الوطني. وقال كل من سلطان الرويلي ومطلق السعد إن المساحة الحالية الموجودة لم تستغل إطلاقا، وهي أرض فضاء يراها الجميع بل إن سور الحرس الوطني الذي يرتبط بأحياء النسيم والمنصورية والضاحية وشمال المنصورية، يشكل خطرا لسكان هذه الأحياء بسبب كثرة الثعابين والعقارب، وكذلك تجميع النفايات على السور القريب من الأحياء. من جانبه، أكد رئيس المجلس البلدي في أمانة الحدود الشمالية ماجد بن صلال المطلق أن المجلس درس احتياجات المواطنين للأراضي وتوصل إلى أن أرض الحرس الوطني أصبحت وسط الأحياء وأن المساحة الفارغة فيها كبيرة جدا وبالتالي تمت التوصية على الرفع للجهات العليات من أجل الاستفادة من هذه الأرض. حائل وتفاقم الوضع توقف المنح وتكدس المواطنين على قوائم الانتظار لسنوات طويلة في أمانة حائل وتجاوز أعداد المنتظرين أكثر من 70 ألف مواطن وبطء إجراءات الحصول على القروض العقارية التي تستمر لأعوام وتأخير وزارة الشؤون البلدية والقروية في اعتماد النطاق العمراني للمخططات الجديدة أسهم في رفع أسعار المساكن في حائل تمليك أو إيجار، الأمر الذي أثر سلبا على الشباب وأصحاب الدخل المحدود في المنطقة. وقدر عقاريون ومختصون أن نسبة عدد غير القادرين على تملك منازل في مدينة حائل تتجاوز 65 في المائة، وربما تصل لنسبة 75 في المائة مع القادمين من محافظات وقرى المنطقة نحو محور المدينة. وحذر عضو المجلس البلدي تركي الضبعان الحالي من استمرار المشكلة وبقائها دون حل، مطالبا إعادة النظر في سياسات وأهداف الإقراض في الصندوق العقاري. وطالب عدد كبير من المواطنين بتوضيح استراتيجية توزيع المنح والإسكان الجديد في حائل والتي يبلغ عدد وحدتها أكثر من 1200 وحدة سكنية، وقال أحمد العلي وفهد الشمري نحن لا نعلم آلية التوزيع ولا نعرف كيف سيتم تطبق ذلك، لكن أتمنى أن لا تظهر بوادر جديدة من الأزمة في حالة إعلان قوائم المنتظرين. النمو البشري في القصيم وفي بريدة، أصبح التملك أزمة مشابهة لباقي مناطق المملكة بسبب الارتفاع المتواصل في أسعار العقار للأراضي الخام وللمساكن، مما أوجد أزمة قد تهدد رغبة المواطن في التملك بالمستقبل ورغم أن صندوق التنمية العقارية ومنذ تأسيسه منح فقط 23596 مواطنا قروضا عقارية في بريدة وحدها إلا أن القائمة تتزايد موسميا فيما أدت ندرة الأراضي الحكومية إلى تعثر تام في منح الأراضي من قبل الأمانة. ويعود آخر منح للأراضي للمتقدمين في العام 1414/1415ه، فيما تطول قائمة المنتظرين بحثا عن أرض المستقبل، وركز العقاري فايز الفايزي المشكلة في بريدة إلى ندرة المعروض وتراجع عرض المخططات السكنية والنمو البشري الكبير، حيث تجاوز سكان مدينة بريدة داخل النطاق العمراني النصف مليون.