هل حدث في تاريخ العالم الحديث منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، ومن ثم أنشئت ما يسمى بهيئة الأمم الغالبة المنتصرة، ومجلس الوحوش الكاسرة، والغربان المعربدة الفاجرة التي سترت عوراتها الفاحشة المهينة... بأوراق الأمن والسلام زوراً وبهتاناً! هل حدث لهذه الهيئة المكونة من الدمى الكرتونية ذات الألوان الفاقعة الناشزة، أن اجتمعت وناقشت وبحثت وهاجت وكاسرت وضاربت لأجل قضية في العالم... كما فعلت لأجلك أيتها الثورة العظيمة؟ كم أنت كبير وعملاق أيها الشعب السوري! يا أحفاد بني أمية الذين مزقوا عرشَي كسرى وقيصر. وأنت الآن تمزق عروش الطغيان وتدك قلاع الاستبداد التي أنشأها ذراري كسرى وقيصر. لقد كشفت بثورتك زيف ودجل ووحشية وغباء وبلادة وحماقة العالم أجمع. فضحت أيها الشعب كل الدول التي تغنت وتبجحت وتشدقت بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان منذ أكثر من مئتي سنة، فأظهرتها أنها كذابة أفاكة. لقد أهلكت أيتها الثورة السورية أقواماً كثيرين... وكشفت سوء أناس أكثر وأكثر... وفضحت حكاماً ومحكومين... وهتكت أستارهم... وأزلت كل الأصبغة والطلاءات التجميلية التي كانوا يتبرقعون بها... وإذا بهم يظهرون على حقيقتهم... هياكل شبه آدمية، وليست بآدمية، مخيفة، مرعبة، وبعضها الآخر تافه، حقير ووضيع... ذات أشكال غريبة وعجيبة، تنتفخ أجسامها بغازات نتنة، ثم تفرغها في الجو فتنشر الفساد والأمراض. كم أنت رائع ومبدع أيها الشعب السوري. تحلق في أجواز الفضاء بأجنحتك الوردية المخضبة بدماء الشهداء الأبرار. تسمو عالياً... وتسبح في الفضاء اللامتناهي، بين الكواكب والنجوم والثريا. وتركل بأرجلك أغلب شعوب العالم التي رضيت العيش في الحضيض، ليلتصقوا بالتراب والطين اللذين خُلقوا منهما... ويعيشوا أبد الدهر بين الحفر وفي السراديب. لا تحزن أيها الشعب السوري العظيم، لأن أنظمة الطغيان العالمية مصرةٌ ومصممةٌ على الحفاظ على وليده المدلل نظام بشار. ولا تهتم ولا تغتم، لأن شعوب العالم تعشق حياة العبودية والذلة والمهانة، وقد ألفت العيش في جحور العقارب والثعابين وفي ثقوب الأرض. وأنفاقها... ولا تريد الخروج منها. وأنت الوحيد تصعد قمم الجبال، مرفوع الرأس، شامخ المحيا، تحيا حياة الحرية والعزة والكرامة. موفق مصطفى السباعي