يأتي تأكيد السلطات الأميركية على ضلوع «رتب عالية» من «فيلق القدس» التابع لجهاز «الحرس الثوري» الايراني في خطة اغتيال السفير السعودي عادل الجبير على الأراضي الأميركية، ليعكس وفق الخبراء «خطأ بالغاً» في حسابات ايران ودليلاً على «ضعف في موقعها» الإقليمي والدولي في شكل دفعها الى التخطيط لعملية «غير مسبوقة» بأبعادها الجغرافية وقد تترتب عليها اجراءات «غير مسبوقة» من واشنطن. ويشير الباحث في الشؤون الايرانية في جامعة تافت والي نصر الى أن الخطة «اذا كانت صحيحة فهي تعكس هفوة في صنع القرار في ايران». ويقول نصر ل «الحياة» إن اشارة السلطات الأميركية الى فيلق القدس كجهة ضالعة في التخطيط للعملية، يعكس «تورطاً مباشراً من النظام الايراني»، لكون «فيلق القدس» في أعلى الهرم السياسي وعلى اتصال مباشر بمرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي. ويستبعد نصر وجود انشقاقات داخل الفيلق المعروف بقدراته التنظيمية، ما يعني أن قرار العملية والذي نسبته السلطات الأميركية الى رتب عالية هو قرار يمثل المؤسسة العسكرية في النظام. ومن هنا يتحدث خبراء أميركيون عن خطورته وعن كونها المرة الأولى التي «تقدم فيها ايران على التخطيط لاعتداء يستهدف الأراضي الأميركية»، ما يحتم وفق نصر «فتح فصل جديد في العلاقات الايرانية - الأميركية». ولعل تفسير المسؤول السابق مدير «مركز صابان» التابع لمعهد «بروكينغز» مارتن أنديك يساعد في فهم ذهنية الجانب الايراني في هذه المرحلة. اذ كتب أنديك في مجلة «فورين بوليسي» أن قرار ايران بالموافقة على عملية داخل الولاياتالمتحدة يعكس «واقعاً أضعف للنظام ويثير مخاوف من اقدام طهران على عمل طائش لتنفيس الضغوط الداخلية والاقليمية». ويرصد أنديك تراجع نفوذ ايران في التطورات الاقليمية وتحديداً التغيير في مصر، والتي تفرض تحولاً في توجه حركات كانت قريبة من ايران مثل حركة المقاومة الاسلامية (حماس). وينوه المسؤول السابق بتوقيع «حماس» في اليوم الذي تم الاعلان عن العملية، على صفقة الأسرى التي «عرقلتها طهران مراراً في السنوات الأخيرة». كما يلفت أنديك الى الشارع السوري و «الذعر» الايراني من تهاوي النظام هناك، وكونه الحليف الأقرب لطهران في المنطقة، الى جانب التباعد الايراني - التركي حول قضايا جوهرية بينها الأزمة في سورية، وقبول أنقرة استضافة رادارات مضادة للصواريخ تابعة لحلف شمال الأطلسي على أراضيها. من هنا يحذر أنديك من «مخاطر أي عمل ايراني استفزازي» لاعادة خلط الأوراق الاقليمية. وكانت شخصيات في الكونغرس بينها النائب في لجنة الأمن القومي بيتر كينغ، اعتبرت أن الخطة الايرانية لاغتيال الجبير في مطعم في واشنطن هي «اعلان حرب»، فيما تمسك البيت الأبيض باعتبارها «محاولة تنفيذ عمل ارهابي». وأخذت واشنطن احتياطات أمنية بينها تحذير الأميركيين من السفر الى لبنان أول من أمس وبسبب مخاطر متعلقة «بزيادة في العنف وأعمال الخطف» هناك. وستمضي الادارة الأميركية في الحشد لعقوبات أقسى ضد ايران على المستوى الدولي، فيما دعت شخصيات من اليمين الأميركي بينها مستشار مجلس الأمن القومي السابق اليوت أبرامز الى «اجراءات غير مسبوقة» بينها مناورات للجيش الأميركي في العراق عند الحدود الايرانية.