لمدينة ينبع وجهان كلاهما مشرق، الأول فخر للصناعة النفطية السعودية، والثاني ضارب في القدم ارتبط بعشق سكان هذه المدينة للبحر، حينما قسموا حياتهم بين توسد شطآنه أو ركوب أمواجه. ومثلما ترتفع سحب الدخان من مدينة الصناعات النفطية، لا تخطئ العين متحف الأحياء البحرية والتراث البحري في المدينة، وهو متحف أنشأته إدارة الثروة السمكية في محافظة ينبع داخل مقرها الرئيس، ويضم قسم الأسماك المحنطة الكبيرة والنادرة وقسم أدوات الصيد القديمة والوثائق البحرية الخاصة بمهنة الصيادين وأسماء الأسماك بأنواعها. ويحظى المتحف بزوار كثر من داخل ينبع ومن خارجها حتى في غير أوقات الدوام الرسمي، فينبع مدينة ساحلية تقترب جداً من البحر ويرتبط أهلها ارتباطاً وثيقاً به كونه مصدر رزق لهم طوال مئات السنين، ومن أجل ذلك أُسس متحف الأحياء البحرية والتراث البحري، والذي يهدف إلى تعريف الزوار بجميع أنواع الأسماك الضار منها والنافع وعلى جميع الأحياء البحرية المحنطة والمحفوظة مثل بعض الأسماك النادرة كفرس البحر وأسماك الزينة إلى جانب الأسماك الخطرة والسامة. ويوضح مسؤول المتحف البحري عاطف الفايدي أن المتحف يضم آثار محافظة ينبع البحرية كافة الغنية بموروثها وآثارها البحرية القديمة التي تعود إلى قرون عديدة مضت، وهو أحد الأماكن الذي يحرص زوار ينبع على زيارته خلال تواجدهم في المدينة. ويضيف الفايدي:"إن المتحف يعتبر أول متحف للأحياء البحرية والتراث البحري على مستوى منطقة المدينةالمنورة، والذي أصبح مرجعاً هاماً ومتكاملاً لهواة الحيوانات البحرية الذي يصل عددها إلى أكثر من 022 نوعاً، لعل من أهمها وأبرزها عروس البحر والقروش والأسماك الضخمة والأسماك السامة والسلاحف والقواقع والشعاب المرجانية". ويشير إلى أن قسم التراث البحري يحتوي على أدوات الصيد القديمة والحديثة مثل المراكب والشباك والرخص القديمة والحديثة إضافة إلى أدوات الغوص، وقسم المحفوظات وفيه يتم حفظ الكثير من الأسماك والأحياء البحرية مثل الأخطبوط وقنفذ البحر وبيض السلاحف وعقرب البحر وغيرها من الأحياء البحرية والتي يتم الإضافة إليها بين حين وآخر، وقسم بيئة الأحياء البحرية ويحتوي على الكثير من الشعاب المرجانية المختلفة ولوحات إرشادية للحفاظ على البيئة البحرية. ويحتوي القسم الثاني من المعرض على التراث البحري وما يندرج فيه من وسائل الصيد القديمة مثل"الشبك"و"المخدجة"و"العقد"و"الجلب و الخيوط"حسب مقاساتها و"السنارات"بأنواعها والطعم المستخدم لكل نوع من الأسماك وأدوات الغوص والسلامة، وأدوات النجارة لإصلاح أي عطل قد يصيب القارب أثناء الرحلة، كما يشتمل على نماذج لرخص الصيد والغوص القديمة وبعض الوثائق والتي يعود بعضها لأكثر من 581 سنة. ويقول الفايدي:"نستقبل الطلاب من مختلف مناطق المملكة، ونسعى لإضافة المعلومات القيمة لمعلوماتهم الشخصية، ونظهر لهم كافة محتويات المتحف لدينا، ومعلومات وافية مفصلة عن الموجودات، مع بيان الواجبات التي يجب أن يتبعها المتنزه والصياد وكيفية المحافظة على البيئة البحرية، وبيان لأنواع الأسماك المفيدة والضارة والخطرة، وكيفية التفريق بين السمك الفاسد والصالح مع توضيح للأشياء التي يعتقد الإنسان أنها لا تفيد ولا يلقى لها بالاً وهي مفيدة". ويلفت إلى أن المتحف البحري في ينبع يعتبر ذا قيمة كبيرة للمنطقة،"لذلك نحرص هنا للمحافظة عليه والعناية به، وقد شاركنا بجزء منه في مهرجان التراث والثقافة الجنادرية، ولقى اهتماماً كبيراً من الزوار، وارتفع عدد زواره يومياً، واطلعوا على المسميات و المعلومات على المعروضات كافة، وكان لافتاً للدهشة التي رأيناها على وجوههم عندما رأوا"عروس البحر".