ملك الحِوَار لقبٌ أطلقته الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية محلياً وخليجياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً، على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، انعكاساً لجهوده الحثيثة والواسعة التي رعت ودشّنت العديد من مبادرات الحوار داخل المملكة وخارجها، وعلى مختلف الأصعدة والمجالات، وبأسلوب مباشر وغير مباشر. على مدى خمسة عقود، وتحديداً منذ توليه رئاسة الحرس الوطني في 1962، اختار الملك عبدالله بن عبدالعزيز الحوار مبدأً حضارياً راسخاً، وقيمة أخلاقية يمتثل إليها في شأنه كله، ورؤية استراتيجية ينظر من خلالها إلى الماضي والحاضر والمستقبل، ومنهجاً يسير عليه فعلاً وقولاً. ولم تقتصر مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار على صورة نمطية واحدة، ولم تختزلها فترة زمنية محددة، بل تمكن من غرسها في مضامين مختلفة، واستطاع تمريرها في أشكال متنوعة، ابتداءً بمهرجان سنوي للتراث والثقافة، ومروراً بمركز فكري، وزيارات ميدانية، وبرنامج ابتعاث أكاديمي، وجائزة عالمية للترجمة، وجامعة مرموقة للعلوم والتقنية، وصولاً إلى مركز عالمي للأديان والثقافات، وغيرها من الصور التي شكّلت في مجملها واقعاً لرؤية استراتيجية على المدى الطويل. ... منصّة حوارية مبتكرة بدأ الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتطبيق مبادرته للحوار كحلقة وصل بين الماضي والحاضر، نشأ عنها المهرجان الوطني للتراث والثقافة الجنادريّة، الذي يتجاوز كونه فعالية سنوية متنوعة النشاط، إلى حوار تراثي ثقافي فريد من نوعه، يشكّل منصّة حوارية مبتكرة تجمع الأجيال السعودية الحالية إلى ماضيهم وتاريخ أسلافهم، سواءً من خلال قرية الجنادرية التراثية الحاضنة للإرث الوطني بمختلف صيغه العمرانية والحرفية، أم من خلال الأوبريت الغنائي الذي أصبح ملحمة تاريخية شعراً وغناءً، فضلاً عن معايشة الأجيال الناشئة وتفاعلها مع موروثات الزمن الجميل المتمثلة في سباقات الهجن والفروسية، والشعر اللهجي، والفنون والألعاب الشعبية، والرقصات الفولكلورية، والأزياء التقليدية، إلى جانب تحاور زوار المهرجان مع ثقافات العالم، من خلال استضافة دولة للمشاركة كضيف شرف، للتعرف على تقاليدها وعاداتها وحضارتها عن قرب. ومع اتساع رقعة النقاش الفكري بين أطياف المجتمع السعودي، بخاصة في وسائل الإعلام وتطبيقات الإنترنت، رعى خادم الحرمين الشريفين مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ليمثل مبادرة حوار فكري مع الذات، بهدف نشر ثقافة الحوار داخل المجتمع السعودي وترسيخها أسلوباً للحياة، والإسهام في تشكيل مفاهيم مشتركة بشأن النظرة إلى التحديات وكيفية التعامل معها، ومعالجة القضايا الوطنية وطرحها، من خلال توسيع المشاركة لأفراد المجتمع وفئاته في الحوار الوطني، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني بما يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير بما يحافظ على الوحدة الوطنية وتعميقها. زيارات الملك عبدالله لمناطق المملكة شكلت زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى مناطق المملكة حواراً تنموياً غير مسبوق لاستكمال المسيرة، ومشاركة المواطنين همومهم الحالية وتطلعاتهم المستقبلية، ودعم المساواة بينهم، والتوزيع العادل للتنمية، والتأكيد على أن الوطن للجميع، وأن بناء الإنسان مقدّمٌ على بناء المشاريع، وأن التكامل بين مشاريع الوطن هو الخيار الوحيد لتطبيقها. وحرصاً على التنمية المستدامة للموارد البشرية في المملكة، وإعداد أجيال مميزة لمجتمع مبني على اقتصاد المعرفة، أطلق مبادرته باستحداث برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي، الذي يوفد الكفاءات السعودية المؤهلة للدراسة في أفضل الجامعات في مختلف دول العالم، ليكون البرنامج قناة حوار للسعوديين مع المدارس الأكاديمية ومجتمعات العالم، وليصبح رافداً مهماً لدعم الجامعات السعودية بالكفاءات المميزة من أبناء الوطن، ولتصبح العقول والسواعد الوطنية منافسةً في أسواق العمل ومجالات البحث العلمي، ولتبادل الخبرات العلمية والتربوية والثقافية مع مختلف دول العالم.