على رغم أن هزات أرضية قرب بركان خامد كانت سبباً في ترك أهالي قرية طابة مساكنهم، والانتقال إلى مكان آخر لتأسيس قرية جديدة، إلا أنهم لا يزالون يحنون إلى ذكرياتهم القديمة، ويأملون أن تعمل الهيئة العامة للسياحة والآثار على استغلال فوهة البركان في اجتذاب السياح إلى المنطقة. ويعد بركان طابة الخامد المعروفة أيضاً ب"فوهة هتيمة"واحداً من أشهر البراكين الخامدة في شمال المملكة، ويقع قرب قرية طابة 70 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة حائل، ولا يزال المكان يحتفظ بالكثير من مكوناته الطبيعية، وتتميز أرضيته بطبقة ملحية، وتعتبر فوهته الأكبر في شمال غربي المملكة بحسب البعثة الجيولوجية الأميركية التي زارت المنطقة عام 1989م. ويبلغ أقصى عمق لحفرة البركان 380 متراً وقطرها نحو 3 كيلومترات. وأشار المؤرخ حمد الجاسر إلى أن"الهْتَيْمَةُ"عبارة عن منخفض من الأرض، تحيط به آكام صخرية تقارب سعة قطره كيلومترين، وإذا جفت المياه في قاعه تركت ملحاً، وتقع شرق قرية سلمى على بعد 20 كيلومتراً. وذكر المصور الفوتوغرافي فهد المطلق أن البركان الخامد أصبح مقصداً للمصورين المحترفين منهم والهواة، لما تتميز به من منظر أخاذ صنعته قدرة الله على هذه الأرض، داعياً إلى زيادة الاهتمام بالمكان والترويج له سياحياً. وأبدى محمد الأسلمي أحد سكان قرية طابة استغرابه من عدم اهتمام جهاز السياحة بهذا المعلم الطبيعي كوجهة سياحية، مشيراً إلى أن سياحاً كثراً من داخل المملكة وخارجها يتوافدون بشكل مستمر لمشاهدة فوهة البركان على رغم وعورة المنطقة المحيطة بالفوهة، إضافة إلى أن أشجار النخيل والدوم وبعض النباتات المتسلقة تنبت بكثرة في الجبال المحيطة بالفوهة، وتعيش قربها أنواع من الحيوانات. وطالب بالاستفادة من هذا المكان سياحياً، خصوصاً أن سياحاً أوروبيين يتوافدون بشكل متواصل إلى المكان لتصوير الموقع وإعداد تقارير تلفزيونية عنه. وأوضح المتخصص في علم الجيولوجيا خالد الشمري أن التشقق الذي ضرب المدينة قبل 27 عاماً كان أكثر المشاهد رعباً، إذ استيقظ سكان طابة ذات ليلة من ليالي الشتاء على هزات أرضية في أطراف المدينة، فتجمع الكثيرون حول هذه التصدعات التي وصل عمقها إلى 200 متر غير مصدقين ما يحدث، وما لبثت هذه التصدعات أن أحاطت بالمدينة ما جعل الناس يسارعون بالخروج إلى المخطط الجديد الذي منحته لهم الدولة لإنقاذهم من بركان قد يثور في أي وقت. ولفت إلى أن باحثين أجروا دراسات أظهرت أن القرية تنام فوق بركان خامد، وبعدها تم وضع مقياس لرصد الزلازل، واكتشاف أي هزات قد تحدث ومنح مخططات بديلة للسكان، مشيراً إلى أن التصدعات والتشققات القديمة تسببت في انهيار منازل السكان، وكشفت عن قبور الموتى في المقبرة القديمة بعد أن تهدم سورها. من جهته، أكد مصدر مطلع في فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة حائل ل"الحياة"، أن جهاز السياحة في المنطقة خاطب إدارة الطرق في المنطقة أخيراً من أجل إيصال مسارات للسيارات من الطرق المجاورة للموقع لتسهيل الوصول إليه، وجعله متنفساً ومتنزهاً لأهل طابة والمجاورين له من المدن والقرى الأخرى وكذلك تسهيل زيارة السياح للمنطقة للاطلاع على آثارها ومعالمها السياحية المختلفة بما فيها فوهة البركان. وكانت أمانة منطقة حائل أخلت سكان القرية والبالغ عددهم 185 مواطناً قبل نحو 12 عاماً وجرى نقلهم إلى مخطط سكني آخر، وذلك بعد تكُونت أخاديد عميقة داخل منازل ومزارع سكان القرية، ما تسببت في حدوث انهيارات متتالية لآبار المياه، إلى جانب تزايد التصدعات الخطرة في أنحاء متعددة من القرية. وأصدر خادم الحرمين الشريفين أمراً بتعويضهم عن أملاكهم بمبلغ 167 مليون ريال، وتفاوتت قيمة التعويضات بحسب طول الأمتار، بحيث تم احتساب المتر الواحد ب130 ريالاً.