كان الحلم أن أحيا عزيزاً، يطل على ملامحي البريق، ويحيا المرء في وطني كريماً، يشرق الشروق على وجهه قبل أن تشرق الشمس. هذا الحلم الكبير هل أستطيع أن أحققه من دون وطن كبير؟ هل أستطيع أن أحققه من دون قلب كبير هو الآخر؟ أيتها الروح التي تهيم باحثة عن سعادة وعن كرامة، هل الوطن إلا الإنسان؟ أتستطيع الأرض أن تؤتي ثمارها ونحن نجتثها من أسفلها؟ أم يستطيع الماء أن ينبت زرعاً ونحن نخترق الأرض بالأخاديد؟ أقبلتْ إليّ وفي يدها وردة وحيدة، وقلم وحيد، لا الوردة تستطيع أن تكون ورقة يكتب عليها القلم، ولا القلم يصح أن يكون أصيصة للوردة. حينما يقترف الإنسان هذا الجرم، يكسر القلم، ويصوّح الوردة، ويعود إلى الوطن بالغضب وإلى الناس بالكراهية. أي نكران تعيشه هذه النفس لذاتها حتى تريد أن ينكر الآخرون ذواتهم ويعرفونها؟ أقبلت إليها وأنا ألتمس منها حباً ورحمة وتضحية، وأقبلت إليّ وهي تريد أن تستخبر مدى صدق تضحيتي وحبي. ظللنا يرقب أحدنا الآخر، ويعاقبه على ما تقهقر فيه عن حب وتضحية، فيسقي ناره زيت الأنانية، وتمخض مشهد الحب عن ركام من الذكريات السيئة، والجراح التي لا تطيب. القلب هو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يعود إلى الوراء ليصبح صبياً بريئاً، وكبيراً في الوقت نفسه، لكننا نصر على أن نجعله يشيخ، ويشيخ ويشيخ. نعيش بلا قلوب، ونبحث عن الوطن الكبير، والحب الكبير. إبراهيم العمراني - مكةالمكرمة [email protected]