سيرة وردة تعبّد طريق القرن العشرين في حالات النفس، وتطلعات الهوية في الحب لا الغزل. المأساة لا الطرب. الحالة لا الشهوة. بدا الوطن قلباً والحب وطناً. في الطريق الجديد لا يكتفى بالفوز والنجاة. بل الطموح والتحدي. تشابهت الطرق والظروف بين الفيروز والوردة. شرط المهنة شراكة عائلية. القبيلة تنكسر إذا أحلافها خالفت اقتسام الحلم والمستقبل. وعد"بترا"(1978) عزف الثورة في قلب الغابرين، و"آن الأوان" (2006) صيحة تجلى صداها نهاية العام 2010. "اللحظة خطيرة، دعوا الكراسي تسمع أصوات الشارع" قالت الوردة. تنكسر الأواني إذا لم تنضح. ولكن للفيروز لمعانه كما للوردة عبيرها.. العبير لم يكسر. والحلم لم يقتل. غربة بنت مدلج قالت: هناك ألف مدلج! "ناطورة المفاتيح"(1972)، وقالت "التمرحنة"(1975) في قلب الوردة أن الغريب " شاعر وطبيب". شاعر الصوت وطبيب الأيام. يموت عسكر وتنهار مدن. الأوطان لا تموت. الأصوات خالدة. جرح "لبنان الحب"(1983) هو جرح "سافرت القضية"(1968) الجزائرية. تمتحن القلوب في صدع الحب وشقائه. في رجائه وبلائه. يكابر العاصي ويندم البليغ. يَعْرق الفيروز بالذكرى، وتَشْقى الوردة المسامحة. حفر التعبير مساراته في المرئي يؤسِّس صورة العصر الذي صار لا الذي كان. عصر التحرر من الزمان والمكان الذي يختصره السماه في طرب في انفعال. إنه حوار جديد بين الذات والأمل، الروح والهوية، الممكن والمستحيل. قاد الحب والتجربة مسيرة الحنجرة. الإرادة تقهر الصعب حتى إن لم تكتمل المعجزة. تقبض الحنجرة على سيرة الإلهام. الحنجرة تقول الآلة. تقول الذهن. زياد سر العاصي"وحدن (1976)". الشرنوبي سر البليغ " بتونس بيك" (1992). الحنين عنوان الفيروز. التسامح عنوان الوردة. يجرح البيانو رنين الفيروز. تُسْقى الكمنجة عطش الوردة."إيه فيه أمل" (2010) يحمل قلب الفيروز إلى العاصي، و"اللي ضاع من عمري"(2011) حكاية الوردة في البد والختام. تنزل الظلال على الفيروز، ويجمد الزمن في قلب الوردة. "شادي" في حنجرة الفيروز لم يمت وإنما تجمد الزمن في القلب ثلوجاً. بينما الورد ينام داخلاً في الأسطورة. لا يسقط ولا ينكسر. لا يمرض ولا يحتجب. حين تركت الفيروز حنجرتها لجبران وحملت الناي. الوردة أنطقت الربابة شذا. سيرة الوتر في ذاكرة عبدالرحيم منصور في حيرة البليغ. الحنجرة صارت سيدة الظروف والحالات. الأميرة الوردة النائمة سيدة القرن العشرين. ملهمة الحناجر لقرون آتية. تفيق على العبير الخالد.