أصبح المقهى الشعبي مكاناً مفضلاً لكثير من النخب الثقافية والأدبية والإعلامية للالتقاء والجلوس، إذ ازدهر عن السابق كثيراً، بعد أن اتخذه الأدباء والصحافيون ملاذاً لنقاشاتهم وقراءاتهم، فصار لكل مجموعة مقهىً خاصاً سواء كانت أدبية أو فنية تتردد عليه من دون غيرها، ويتم فيها تناول الشيشة والأرجيلة، ووصل الأمر إلى تحليل النشرات الإخبارية حول الأحداث الأخيرة في بعض الدول العربية، حتى تحولت إلى"اوستديوهات"تحليلية. و على رغم الطابع الجديد لهذه الملتقيات إلا أنها لا تزال تحتفظ بالتقاليد السائدة، إذ تحتفي تلك المجموعات بالضيوف الزائرين وتتبادل معهم الأحاديث عما يدور من أحداث تتعلق بحياتهم اليومية، تتصاعد منها أدخنة الشيشة والأرجيلة المصاحبة لكل جلسة. واختصرت المقاهي الشعبية المسافات المتباعدة والتي كانت حاجزاً بين الأفكار والخلفيات الثقافية المختلفة، وأدت إلى تقارب واختلاط كبير لتكون مزيجاً من الحوارات والمناقشات الهادفة جعلت البعض يعبر إلى مجالات أوسع مما كان يدور في مخيلته، إذ إن محبي"الشيشة"من المثقفين من خلال حجز جلسات وغرف خاصة لهم تتسع لأكبر عدد من مدخني الشيشة وذلك للجلوس فيها وبدء مناقشاتهم الأدبية الهادفة ساعد في ذلك كثيراً. ويصف أبو عبدالرحمن المقاهي الشعبية بأنها المكان الأفضل لتبادل الحوارات والمناقشات الهادفة مع مختلف طبقات المجتمع، مشيراً إلى أن تنوع الأشخاص واختلاف ثقافاتهم، وطريقة تعليمهم تسهم في زيادة الأفق الثقافي لدى الكثير من مرتادي المقاهي. وأضاف:"كان المجتمع ينظر للمقاهي في وقت سابق على أنها أماكن غير صالحة للجلوس، بل ويعتبر مرتاديها من أصدقاء السوء، إذ يعتقدون أنها الأماكن المخصصة لغير الأسوياء". ولفت إلى أن المقاهي في الوقت الحالي أصبحت من الأماكن المفضلة للكثير من الناس الراغبين في نثر أحاديثهم سواء الثقافية منها أو تلك التي تحكي أحوال المجتمع والتطورات التي تحدث حول العالم من خلال متابعة شاشات التلفزيون، وفتح باب التحليل والمناقشة لكل ما يطرح حول أي متغير في العالم. وعلى رغم توجه عبد الله الزهراني إلى استراحة تجمعه مع أصدقائه في الكثير من أوقات فراغه، إلا أنه يرى أن المقهى الشعبي الذي استأجر بداخله غرفة، أصبح مكاناً للحوارات الثقافية الهادفة خصوصاً أن بعض المحيطين به في المقهى هم من فئة المثقفين والأدباء الذين لا تخلو الجلسة معهم من الفائدة. ويشير إلى أن موقعهم أصبح يتمتع بشيء من الخصوصية نتيجة امتلاكهم مفتاحاً خاصاً، مبيناً أنه يقضي داخل تلك الغرفة نحو ثلاث ساعات يومياً. وأشار إلى أن جلوسه في المقهى ساعده على كسر الروتين اليومي من خلال جلوسه مع مثقفين وغيرهم، ومناقشة مواضيع كثيرة، وإن لم يكن بينهم تواصل خارجها.