اعترف الكاتب مشعل السديري أن كثيراً ممّا يكتبه من قصص في مقالاته الساخرة"مختلقٌ وخيالات أفبركها"، إذ لا بد للكاتب أن يزوّر شيئاً لتبدو الأشياء منطقية. وكان قبلها قال:"بالفعل.. هناك قصص عايشتها أو سمعتها من آخرين أو قرأت عنها". وأشار إلى أنه يستفيد من"قراءاته المتنوعة"ومن"التراث"في كتابة مقالاته شبه اليومية. وأضاف: في"عكاظ"كنت أكتب عن الشأن المحلي والاجتماعي بطريقة ساخرة، وعندما انتقلت ل"الشرق الأوسط"اشترطوا عليّ ألا أكتب إلا في الشأن العام، ربما لأنها صحيفة دولية، لكني أحياناً أخالف ذلك". جاء ذلك في محاضرة ألقاها في منبر الحوار في النادي الأدبي بالرياض أخيراً، عن"فن الكتابة الساخرة"، والتي أدارها الكاتب محمد الهويمل، وحكى فيها السديري بعض مواقفه في الكتابة الساخرة وطرفه، بعد أن قدّم عرضاً موجزاً عنها، نفى بعده أن يكون من كتّاب المنطقة الرمادية، قبل أن يعترف أنه نهجه الكتابي، وإن كان فيه من البراءة الشيء الكثير إلا أن فيه بعض الخبث. وأشار إلى أن هذا النهج"سبب لوماً عليّ.. هناك أناس من العائلة يقولون"أنت تفشلنا"رغم أني لا أمثل أحداً! أنا أمثل نفسي". مشدّداً على أن الكاتب الساخر"يجب ألا يكون ملتزماً بخط فكري أو سياسي.. يجب عليه أن يكون حراً"، مؤكداً أنه تعرض لتهديدات وهجوم من مؤسسات وأفراد، نتيجة بعض مواقفه التي سطّرتها مقالاته. في المحاضرة قال إن الناس أحياناً يضحكون من صعوبة البكاء،"فهناك خيط رفيع بين ما يضحك وما يحزن"، لافتاً إلى أن الضحك هو أقصر مسافة بين شخصين، مضيفاً أن أفضل أنواع الكتابة هي كتابة الكوميديا السوداء"التي يكون فيها بعض الألم". وأضاف:"المفارقة تولّد الابتسامة المؤثرة، ويجب أن نضفي على الدنيا هذه الكوميديا، علينا أن ننبه الإنسان دائماً بطريقة ساخرة"، مشيراً إلى أن هذه الكوميديا"لا يجب أن تعتمد على التسلسل والتراتب، بل إن سرها يكمن في الاضطراب". ورداً على سؤال أحد المتداخلين حول مؤلفات له أجاب:"لم يخطر على بالي جمْع ما أكتب في كتاب.. أنا أكتب فقط، وأنشر مباشرة، ولا أطلب لما أكتبه الخلود". وحذّر السديري من وصف الكتابة الساخرة بالهزل، وقال إنها أعقد ممّا نتصور بكثير، مؤكداً وجود مناهج متعددة في الكتابة الساخرة،"لكن لا يمكن أن نطلق عليها مدرسة". وتابع:"ليس كل ما اتفق عليه الناس حقيقة. الإنسان لا يشاهد حقيقته إلا إذا رأى نفسه وأعماقها في مرآته الداخلية. في كل إنسان نقطة ضعف، وفي كل عمل يؤديه نقص، والحياة كلها متناقضات، لذا ليس كل الكتّاب ساخرين، كما أنه ليس شرطاً على الكتّاب أن ينحوا جميعاً منحى الكتابة الساخرة". واشترط السديري في كتابة المقالة الساخرة"ألا تكون رسالتها مباشرة مثل المقالة الجادة". وقال: من جهتي، أرى أن المقالة الساخرة أكثر جذباً للقارئ من الكتابة الجادة. لكني أحذّر من أن للضحك حدوداً لا يجب أن يتجاوزها الكاتب، وعليه أن يعرف متى يخفف جرعات السخرية، ومتى يقف، كيلا يجرح القراء. الكتابة الساخرة حقل ألغام، والسخرية بدورها سلاح ذو حدين". وحول تأثير الاتصالات الحديثة في الجانب الساخر بالمجتمع، قال:"كلما انفتح العالم كان مبدعاً أكثر"، ملمحاً إلى أن لكل شعب طريقته الساخرة التي قد لا تفهمها شعوب أخرى.